|
الزمن _ مشكلة الماضي ، طبيعته واتجاهه
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 6363 - 2019 / 9 / 28 - 19:34
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
موقف الانسان من الماضي بدلالة علاقته مع الحاضر ، أحد اتجاهين : 1 _ الحاضر في خدمة الماضي ، اتجاه الجنون ومصدره الدائم ( الفردي أو الاجتماعي ) . 2 _ الماضي في خدمة الحاضر ، محور الصحة المتكاملة _ العقلية والنفسية ، بالتزامن مع الصحة الفردية والاجتماعية والإنسانية بصورة عامة . .... 1 ما هو الماضي ؟ تتكرر مشكلة المصطلح ، بطريقة مشابهة لكلمة الحاضر ، حيث تستخدم كلمة الماضي بمعنيين مختلفين ، الأول يعتبر الماضي أحد مكونات الزمن ، وأحد مراحله فقط . وتستخدم الكلمة بالعكس أيضا ، حيث يعتبر الماضي مفهوما متعدد الأبعاد يطابق الوجود والواقع ، والزمن أحد أبعاده فقط . وما يزال الموقف السائد علميا وعالميا ، يعتبر أن الماضي ليس مصدر الزمن وحده ، بل مصدر الحقيقة والحاضر معا ! وفي هذا النص ، سوف استخدم المعنى الأول " الماضي كمرحلة أخيرة للزمن ، وأحد عناصره الثلاثة وهي بالترتيب ، التسلسلي : 1 المستقبل 2 الحاضر 3 الماضي " . وفي حال استخدام الماضي الموضوعي ، والشامل كمصدر للحياة والخبرات الإنسانية والحيوانية أيضا ، وليس فقط كمرحلة أخيرة من الزمن _ سأشير إلى ذلك بوضوح . الموقف التقليدي ، المشترك بين الدين والفلسفة والعلم ، يعتبر الماضي مصدر الزمن وبدايته ، بينما الصحيح هو العكس . حيث المستقبل بداية الزمن ومرحلته الأولى ( الوجود بالقوة ) ، والماضي هو النهاية والمرحلة الأخيرة للزمن . .... الزمن ثلاثي المراحل (وليس الوجوه فقط ) ، والماضي يمثل المرحلة الثالثة والأخيرة منه . الماضي نتيجة الحاضر ، والعكس غير صحيح ( بالنسبة للزمن ) . لكن الماضي العام هو مصدر الحياة بالفعل ، حيث اتجاه الحياة يعاكس اتجاه الزمن : من الماضي إلى المستقبل ، مرورا بالحاضر . وهذه ظاهرة ثابتة ، ويمكن اختبارها بشكل فردي ومباشر ، كما تقبل التعميم بدون شروط . ما تزال المعرفة العلمية ( التجريبية أو المنطقية ) بالزمن في بدايتها ، للأسف الشديد . أعتقد أن الزمن يمثل الطاقة الكونية ، والمطلقة . وهذه فرضية سأعمل وفقها حتى يثبت بطلانها أو يتحقق اكتشاف علمي ( حقيقي ) في مجال الزمن . وليس تلك الرطانة العلمية أو الفلسفية التي تروجها وسائل الاعلام التجارية في العالم ، وفي العربية خاصة . عندما يحدث تقدم معرفي في مجال الزمن ، أو غيره ، وتكون الأفكار الجديدة التي أقدمها عبر هذه الكتابة غير صحيحة أو لا تنسجم مع العقل والتجربة والمصلحة الإنسانية _ عندها سوف أكون أول من يعترف بخطئها ، ...وسأكون في مقدمة المرحبين بالاكتشاف الجديد . .... الماضي نتيجة الزمن ، ومصدر الحياة . هذه الحقيقة المزدوجة ، وغير المفهومة بنفس الوقت ، يمكن ملاحظتها واختبارها معا . لحظة الحاضر تتحول إلى الماضي ، بشكل دوري ، ومتكرر . بالمقابل _ وعلى النقيض : الخلية الحية تنتقل من الماضي إلى الحاضر ، بشكل دوري ، ومتكرر ، مع بقية الأحياء . هل يمكن تفسير ذلك ؟! لا أعرف . .... لا يوجد في العلم والمعرفة بالعموم أسوأ من العجلة في التفسير ، أو الاستعجال لقبض الثمن . والمثال الأشهر على ذلك ، تقدمه فيزياء الكم منذ أكثر من قرن : نتائج الفيزياء الفلكية ثابتة ومتكررة ، وتقارب اليقين . على خلاف نتائج الفيزياء المجهرية ، احتمالية ، وغير متكررة ، وتقارب العشوائية . كيف فسر العلم والفلسفة ذلك ؟ بتأثير المجرب على المشهد والتجربة بالعموم . ماذا يعني ذلك ؟ عودة إلى الموقف البوذي التقليدي ، ورفض فكرة التقسيم بين الذات والموضوع . مع فرق واضح ، لصالح البوذية والتنوير الروحي بالعموم : الانسجام التام بين الفعل والقول . وعلى العكس من الموقف العلمي _ والفلسفي حيث الرطانة ، تغطي الشره وقصر النظر . مثال فظ على ذلك : برنامج الدكتور أحمد برقاوي " كلام جديد " ؟! يزعم أن كلامه المكرر والمبتذل جديد ! ماذا يبقى للكلام الجديد بالفعل ، بعدما يزعم كل مريض بالثرثرة القهرية أن كلامه جديد ؟! .... حركة الماضي مزدوجة ، وهو مصدر الحياة ونهاية الزمن . وعلى المستوى الفردي ، وخلال الحياة اليومية ، تحدث مفارقة عامة ومشتركة : المبالغة اللفظية في احترام الماضي ، وعلى النقيض من اهمال الماضي بالفعل ( كما حدث ) . بالنسبة للصحة العقلية ، وهي محور اهتمامي وموجهي الثابت لهذا البحث والسلسلة عامة ، يمثل الماضي _ أو العلاقة مع الماضي بعبارة أوضح _ عامل هام ويتعذر تجنبه أو اهماله . للصحة النفسية في الجانب الزمني ، ثلاثة مكونات : سدس للأمس ( والماضي الشخصي ) ، وثلث للحاضر ( القرارات والعلاقات الحالية المختلفة ) ، ونصف للغد ( والمستقبل ) . الماضي الشخصي ، مصدر راحة البال أو انشغال البال المزمن . لا أحد يجهل الأمثلة العديدة ، النجاح الحقيقي نتيجة الجهد والاجتهاد بالضرورة . والفشل حتمي في حياة البلادة والكسل . نتيجة النجاح رضا عن النفس ، مع التقدير الذاتي المرتفع والمناسب بالفعل . ونتيجة الفشل تبكيت الضمير ، مع شعور الخزي المزمن والتقدير الذاتي المنخفض . وهذه الفكرة أيضا ناقشتها بشكل موسع خلال نصوص سابقة ومنشورة . وبالنسبة للحاضر ، فهو مصدر الاهتمام والقرارات والسلوك بوجهيه الإيجابي أو السلبي . ولا تحتاج أهمية ذلك للشرح والكلام الكثير . وأما الغد والمستقبل _ مصدر الزمن والحقيقة بالتزامن ، ما يزال بحثي في بدايته . واعترف ، بأن ما أعرفه بالكاد يلحظ ، بالمقارنة مع ما أجهله ، وهو اجتهاد يحتمل الصواب مع أنه يحمل من الأخطاء الضمنية الكثير ، بالإضافة إلى التكرار والركاكة . مع أنني أبذل قصارى جهدي ، لتقليل الأخطاء والركاكة معا . 2 الماضي مستويين ونوعين ، الماضي الشخصي وهو الأهم بالنسبة للفرد ، والماضي الموضوعي وهو الأهم بالنسبة للحياة والمجتمع والإنسانية أيضا . الماضي الشخصي أيضا مستويين : أولهما وهو الأقل أهمية ما حدث بالفعل . والثاني وهو الأهم ، الماضي القادم ( يذكر بعنوان مجموعة شعرية لأنسي الحاج " ماضي الأيام الآتية " ، والعنوان يوضح طبيعة الماضي القادم ) . .... تحدث مفارقة مع ولادة كل طفل _ة ، حيث يبدأ الماضي الجديد الشخصي والموضوعي بالتزامن . كل مولود _ة يرث تاريخ الجنس البشري بالقوة . ويبقى عليه ، تحقيق ذلك بالفعل خلال حياته أو حياتها الفعلية . بالطبع لا أحد يمكنه تفعيل مختلف جوانب حياته وإمكانياته المفتوحة . لكن الاختلاف بين فرد ( إنساني ) وآخر ، هو أكبر واعمق من الاختلاف بين فرد إنساني وآخر حيواني . ( هتلر وغاندي عاشا بنفس الفترة ...) . .... كل لحظة يتحول الحاضر بالعموم ، وحاضر الفرد (...) بوجه خاص إلى الماضي ، بشكل موضوعي ومنفصل عن رغبته وإرادته .... ويمتزج بالماضي الموضوعي والمطلق . وهنا تكمن المغالطة الكلاسيكية _ الانسان مخير أم مسير _ حيث الجدل الفلسفي والديني كان عنيفا ودمويا خلال عشرات القرون ، وانتصر الموقف الذي ينفي الإرادة الحرة للأسف . لا يستطيع الانسان تغيير الماضي الموضوعي ، ومحاولة تغييره جنون أو تزوير مقصود . ونحن في هذا اليوم المبارك 28 أيلول ، صار كل ما سبق من الماضي الموضوعي والمطلق ، ويتعذر تغيير أي ذرة منه وفيه سوى بالتزوير ، أو الخداع الذاتي أو الغيري . لكن ، وبنفس الوقت هذا اليوم نفسه 28 / 9 / 2019 ....يستطع كل فرد بالغ ، ان يعيشه بطرق عديدة ، وغير منتهية في تنوعها . لكن هذا الأمر نظريا فقط . المدخنون بيننا سوف يدخنون اليوم وغدا ، ومعهم بقية أصحاب العادات الانفعالية سوف يكررون عاداتهم بنسبة تزيد على 99 ، 99 بالمئة الصحيحة والدقية هنا . تستطيع سوزان مثلا أن تتسامح أكثر وتفتح صفحة جديدة بالفعل ، بنفس الوقت تستطيع أن تكمل حياتها الروتينية على إيقاع الماضي . لكن الغد مفتوح بطبيعته ، يستطيع كل فرد تغيير الغد بسهولة نسبيا. .... هذا اليوم يصلح كبداية . هذا اليوم جديد بالفعل .
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحاضر ، طبيعته ومكوناته وتفسير استمراريته بشكل تجريبي ، ربم
...
-
مشكلة الاحترام
-
مشكلة العيش في الحاضر
-
العيش في الحاضر مهمة الانسان الأصعب
-
البطولة مشكلة تتطلب الحل المناسب
-
فكرة البطولة حاليا
-
المشكلة العقلية تختلف عن النفسية
-
نظرية المؤامرة _ أمثلة تطبيقية
-
فوائد نظرية المؤامرة
-
تكملة الفلسفة الجديدة
-
الفلسفة الجديدة
-
مشكلة العيش في الحاضر هنا _ الآن .... تكملة
-
مشكلة العيش في الحاضر هنا _ الآن
-
الحاضر جديد _ متجدد بطبيعته
-
علاقات الاحترام والحب ، وتعذر تحقيقها
-
الكذب قيمة أخلاقية أيضا ...تكملة
-
الكذب قيمة أخلاقية أيضا ؟
-
الصحة العقلية بدلالة الزمن ، أو العكس الحاجة العقلية الخاصة
-
خلاصة بحث حرية الارادة
-
نظرية المعرفة الجديدة _ تكملة وملحق
المزيد.....
-
-الشامي- يغني شارة مسلسل -تحت سابع أرض- في رمضان
-
وزير داخلية فرنسا يحذر من -تسونامي الكوكايين-
-
الجيش السوداني يهاجم القصر الجمهوري لحسم معركة السيطرة على ا
...
-
ليبيا تقتاد مهاجرين إلى سجونها وتحذيرات من كارثة قرب مالطا
-
كتاب عبري يكشف ممارسات الجيش الإسرائيلي خلال حرب غزة
-
مصراتة الليبية تستعد لإطلاق سفينة إغاثية ثانية إلى قطاع غزة
...
-
إسرائيل.. كاتس يجري مشاورات أمنية حول خيارات تهجير سكان قطاع
...
-
وزير الكهرباء السوري يبحث مع وفد إماراتي مشاريع توليد الكهرب
...
-
السفير الروسي لدى هلسنكي: السلطات الفنلندية تحث مواطنيها على
...
-
مصر.. حبس راقصة متهمة بالتحريض على الفسق من خلال فيديوهاتها
...
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|