|
ظواهر طبيعية ومشاهد اسطورية وقوانين انسانية في اعمال الفنان احمد خليل
سيروان شاكر
الحوار المتمدن-العدد: 6362 - 2019 / 9 / 26 - 22:23
المحور:
الادب والفن
ظواهر طبيعية ومشاهد اسطورية وقوانين انسانية في اعمال الفنان احمد خليل الجمال نظام يخلقه النتاج الفني
تجربة لاسيما انها معيار المعرفة الحقيقية معرفة الاحساس والقوانين الانسانية تتخذ الخط والالوان عناصر تكوينها في مشاهد اسطورية و طبيعة خيالية، تجربة ذاتية نجد ان المنطلقات الاساسية للعمل الفني وان تبدلت وسائلها التعبيرية وعلى اتساع نطاقها الا ان النتاج الفني عند خليل قد اكتسب قيمة بهذا الاسلوب وطريقة معالجته للشكل على غرار هذه التجربة المعاصرة لقد اقام هذا المبدع في اعماله حدا فاصلا بين الفضاء والارض ليكون ارتباطا روحيا بها في درجات لونية وفي فضاء محسوس بضبابية اشبه ما تكون الهدوء بعد العاصفة، فما يخفيه هذا الفنان هو شيء اخر اقوى مما يستوعبه المشاهد العادي هو صراع داخلي انتجه كي يغزو زمنه بكل حرية ويغزو زمن الواقع بمفاهيم ميتافيزيقية يترجم به ذاتيته وهكذا يظهر في اعماله وصفا جديدا للتعابير باعتماده على اسلوبه وخصوصا في الاعمال الاخيرة التي اشبه ماتكون بتعاريج زمنية تحدث في الطبيعة كلما هبت عاصفة رملية او ثلجية على ارض خالية من مظاهر اشكال الطبيعة، فاعتماده على هذا الفضاء المنقسم الى جزأين، جزء يتحدث الى الذات وجزء بصري يظهر لنا مدى قوة الالوان المستخدمة في العملية الفنية، فهو قادر بكل جدارة على تخطي مراحل استكشاف اللون في عالمه الداخلي فسيعرض الميتافيزيقيا ليساير الوضعية المنطقية في اختراقه عالم التجريد من مضمونه فيسبق مجاله التقليدي ليحقق نمطا جميلا ان جاز التعبير نمط اوسع من محيط الذات معرفة وفكرا واحساسا- افكاره متواصلة في تفسير الظواهر والنظريات السيكولوجية والعملية، وهذه التجربة تكشف لنا ضمنيا امكانيات هذا المبدع من التصورات المستقبلية والاسطورية والفكرية لتصبح عملية تاملية بحتة تنطوي على المتذوق من افكار وخيالات في ضوء عناصر تجربة هذا الفنان فهي تعد حلقة وصل بين المنطق والخيالات وبين الواقع التجريبي والتاملات، غايات لاتكتمل الا وتظهر معالم الانسانية والابداع والذات في كل موضوع عندما يختنق في اعماق اللون ليصنع شكلا يتخطى به قوانين الذاكرة، لوحات واعمال ملأت تاريخ الانسانية بشكل مثالي فمرة طبيعة فضائية ومرة تجريدات فضائية قيمته في ذاته واخرى اشكال ترقص على السحاب فتحمل في ذاتها تحقيقها الفعلي الى قانون لغوي تقرأه البصر او بقانون ابداعي نتأمله الخيال الفلسفي، حقائق داخل الوعي هي نتاج تطور ينتقل من التراكم التدريجي للواقع ويؤدي الى تغيرات ذاتية وحسية وعقلية تقوم على العلاقة الجدلية بين الانسجام والتضاد وبين الحقيقة والخيال وبين الوهم والواقع. يعد خليل من الفنانين الاكاديميين والحديثين تحت مظلة الفكر يخدم الفن , فاستجابته لاي فكرة موجهة بطريقة مثيرة للدهشة يجعل من العمل الفني شكلا شاملا في العمليات التجريبية والفكرية التي تخدم نطاقه المثالي في فهم الطبيعة والصفات التجريدية منها ليضع مسرحه العالمي في دولته الحاضرة فيزداد ترابطا بين الحالة الاجتماعية في سياقاته الفكرية وبين الرؤية الابداعية بتأملات منفصلة عن التحولات الدينامية ليعد هذان المفهومان فكرتان رئيسيتان في ثقافة هذا الفنان منذ ربط ذاته بالضربات الجرئية من الفرشاة على اللون والى اللوحة منعزلا الى حالة تثير المفاهيم في نظام ثقافي فني لاشكال جديدة حديثة ومعاصرة، ثورات مستمرة تنبع منه وتوثيق نحو المستقبل بطرق جديدة، يغير ويبدع بنظامه الحسي ليشعر تجاه عالم انه لامحال يكون جزءا منه- اصبح من المؤكد على احمد ان يوازي مشاعره لما يطبق نظريته على الواقع ان يمارس حالته اللاوعية بان لايتوقف عند موضوع معين واسلوب محدد لتتعدى طبيعة الهيئات المتخيلة عن فرض ذاته على المادة في تحقيق هدفه فيحول كل ما في ذهنه الى بعد جمالي بنغماته اللونية ويعكس تلك النغمات الى تدرج سحري في نمط وشكل اللون على قماشته مزيجا من الاحمر والازرق والاخضر، فانه لايريد لهذا المزيج ان يكون بمثابة علامة محددة تشير الى دلالة خاصة، وانما هو يريد ان يضع امام انظارنا شيئا لايحليا بصراحة الى موضوع اخر سوى ما يعبر مشاعره، وصحيح ان ثمة روحا معينة تنبعث من خلال هذا المزيج من الالوان والاشكال وهذا ما يدفعنا الى القول بان الموضوعات التي ابدعها الفنان على هذا النحو انما تعكس ميوله الذاتية والذهنية فتكون انفعالاته المصدر الاساسي لصراحته وان يشعر بها المشاهد بوجدانه وعواطفه ومهما صعب على المشاهد الفهم الا نظراته الصامتة يقدم له اشارات حسية ودلالات انسانية بمعان اختلف عن كثير من الفنانين من حيث فلسفته الجمالية او دراسته الدقيقة للون وان يوسع من مداخل البحوث الجمالية بمعناها الدقيق في مضمار طبيعته الخاصة. هكذا وضع هذا الفنان صورته الابداعية بكل استقلالية عندما يحدث في واقعه مؤثرات تجعل منه ان يبحث في جوهره ويعكسه برموز مصورة وبالحان موسيقية هارمونية منسجمة تنطوي على معان واشكال متعددة فهو يكشف وجود الموضوع ان لم نقل بانها تضمن قيام هذا الموضوع من الطبيعة باعتباره حقيقة ماثلة في عالم الوجود الخارجي ومن هنا فان المشاهد يحس بانه يقوم بعملية مزدوجة قوامها الاكتشاف والخلق وكانما هو يبدع الموضوع الجمالي حين يكتشفه او كانما يكتشفه حيث يبدعه. بحيث تبدو اعماله وكانما هي امتدادات لعالمه في الواقع الخارجي فهو يرى صورا خرافية لبعض مظاهر الطبيعة ومن هنا فان لوحاته تتكون بفعل الارتباطات الذاتية والسحرية القائمة على التوافق والتضاد. وهكذا ان عمل هذا المبدع هو تكييف بين الطبيعة وبين الهدف الذي يرمي اليه، وبناءا على مقاييس يقبلها الفنان وتعمل على اضفاء الجمال عليه، فمقاومته ضد المادة الى حدود يفرضها اشكاله الطبيعية على هذه الخامات في قوانين الظل والضوء والانسجام والتضاد، سلسلة من الانتصارات يحققها خليل تجعله يتحرك بحرية في عالم الفضاء اللوني لايخضع لاي عقبة وانما يكافح في اعماله عملا تلو الاخر كي يسيطر بكل سهولة على مادته ويعزو موهبته زمنا ومكانا ليعلن انه قد انجز مسيرته بثورة من الاحاسيس والعواطف والانفعالات بكل جراة وخبرة ليبني في الاخير اساسا يشرع به قوانينه الذاتية بتدرجاته اللونية الى ان يصل الى اجواء باللون الابيض يخترق ذهن المشاهد بكل حرية ويتجول في عالمه الروحي دون ان يحدد منطقة يتوقف عندها، خضوع بكل مفاهيمها الانسانية فقوة رؤية المتلقي يغيب عنه مدركات الحياة من شكل ومضمون وفكرة وتعبير- ان قوته في التنفيذ جعله يضغط على حرية المشاهد، فأصل قوة الفنان ما يدركه في الحانه الذهنية وتصوراته التحليلية ليستطيع ان يعبر ما خبئه ذاته في اشكال خالدة. موهبة احمد تتضح من طريقته في تذوق معنى الطبيعة واشكالها من اشجار بالتحديد, زاد من تقدير قيمة اعماله، فهو يقتني المشاهد برغم التقرب بين الاشكال الا ان حساسيته تجعل من هذه الاعمال كل لها خصوصية متعارضة مع الاخر رغم تقرب الفكر بين كل عمل ولكن لمجرد اللذة تظهر معانيها وشكلها المخفي، فاما يخلق المشاهد لنفسه حالة من الهذيان عند تعمقه لهذه الابداعات السحرية اواما يصنع احمد جوهرا صحيحا يخاطب وجدان البشرية، لعل حضارته اسمى بكثير من حضارة الواقع، وهكذا يلعب بالالوان في مبادئه الرفيعة الى انشاء شكل ينصب فيه ذاته وتظهر حقيقته في كل لوحة باختلاف طريقة تصويره للواقع الطبيعي فما يتاثر به يوضح بروزها لينزلق في سيولة من الالوان او يخترق مسافة لاتتوقف على المادة المصورة بل على اللاحدود وفي الذاكرة لفهم الطبيعة والحياة. الكاتب سيروان شاكر
#سيروان_شاكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخيال والمبادىء والذاتية في اعمال الفنان كوهدار صلاح الدين
-
زيرفان علي عبدي بين التعبير والحقيقة وجوه اصيلة
-
سلمان اسماعيل (الشهيد سلمان) ورحلة العمر الصامتة مع الفن
-
سمير دوسكي- تصنيع اشكال تجريدية بملصقات من الذاكرة
-
البحث عن الجمال في رحلة المجهول
-
مريم البحايري في رحلة الى فضاء الكون عبر الالوان)
-
الفنان - دادفان محمد شريف وعاصفة الالوان
-
كاليري دهوك اسطورة اليوم وحضارة للمستقبل
-
تحديات الزمن من وجهة نظر فنان
-
تحديات الزمن من وجهة نظر فنان 3-4
-
تحديات الزمن من وجهة نظر فنان 2-4
-
تحديات الزمن من وجهة نظر فنان 1-4
-
(السلام) يخترق عالم الخيال
-
انظمة جديدة في فوضى النظام
-
تراث واصالة وحقيقة تأريخية في اعمال الفنان خالد النعيمي
-
اعمالي هي مرحلة للتطور في الجدل الروحي
-
جمال سليم ونظريته في البحث الشكلي
-
النحات (فمان اسماعيل) ورحلته الخالدة في ادراك الحقيقة...
-
تجارب طبيعية واستقلالية ذاتية في اعمال النحات حميد عجيل
-
كل عمل فني هو مرحلة من مراحل عمري وتجربتي مع الحياة
المزيد.....
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|