|
الحاضر ، طبيعته ومكوناته وتفسير استمراريته بشكل تجريبي ، ربما
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 6362 - 2019 / 9 / 26 - 21:27
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
الزمن _ مشكلة الحاضر ( طبيعته ، حركته ، واتجاهه )
1 طبيعة الحاضر ؟ ما يزال الحاضر مفهوم فلسفي فضفاض وغامض ، وغير محدد بوضوح . لكن ، وبفضل اينشتاين وستيفن هوكينغ من بعده ، حدث تقدم لا يستهان به في فهم الزمن . حيث تحول ( الزمن ) إلى مصطلح فيزيائي يقبل الاختبار والتعميم ، أو _ يكاد . وهذه المحاولة ، هي نوع من المجازفة العلمية ( المعرفية ) إن جاز التعبير ، للتقدم خطوة جديدة على طريق فهم الزمن بشكل منطقي وتجريبي بالتزامن ، والحاضر خاصة . في نصوص سابقة ، ومنشورة على صفحتي في الحوار المتمدن ، تعرضت للاختلاف بين فهم نيوتن واينشتاين للحاضر . حيث يعتبر نيوتن الحاضر _ فترة لا متناهية في الصغر _ تفصل بين الماضي والمستقبل ، وبالتالي يمكن اهمالها . وبالنتيجة الزمن هو المستقبل أو الماضي . بينما يعتبر اينشتاين أن الحاضر محدد بدقة ووضوح ، عبر المسافة التي تفصل بين الملاحظ والفاعل وبين مركز الحدث والفعل . والاثنان يكرران الخطأ الموروث ، والسائد علميا وعالميا إلى اليوم ، الذي يعتبر أن اتجاه حركة الزمن ...من الماضي إلى المستقبل ، مرورا بالحاضر . الفهم الحالي العلمي والعالمي معا ، للحاضر ، يعتبره ثنائي البعد هنا _ الآن ( مكان وزمان ) فقط . بينما الحاضر ثلاثي البعد في الحد الأدنى ، وربما يتضمن أكثر من ثلاثة أبعاد !؟ لكنه بالحد الأدنى ثلاثي الأبعاد : 1 _ البعد المكاني 2 _ البعد الزمني 3 _ البعد الحي ( أو الوعي بعبارة أكثر دقة ) . لا وجود للحاضر بدون وعي . .... الوجود والحاضر بالتزامن : زمن ومكان وحياة . بعد الانتقال من المستوى والمنطق الثنائي ، إلى المستوى التعددي يختلف المشهد ويتضح . العلاقة بين الزمن والحياة جدلية وعكسية على الدوام ، حيث اتجاه حركة الزمن من المستقبل إلى الماضي مرورا بالحاضر _ على النقيض تماما من اتجاه تطور الحياة : من الماضي إلى المستقبل مرورا بالحاضر . وهذه الفكرة / الخبرة ظاهرة ، وتقبل الملاحظة والاختبار والتعميم بلا شروط . والآن يمكن فهم حقيقة الحاضر ، وتفسير ظاهرة استمرارية الحاضر غير المفهومة من قبل . الحاضر دينامي بطبيعته ، وهو ثابت ومتغير بالتزامن ؟ حيث المكان ثابت بطبيعته ، بينما الزمن والحياة متعاكسان ، .... الحاضر الجديد يتضمن الماضي كله ، والمستقبل مصدر الزمن الثابت . بينما الحياة مصدرها الماضي وغايتها المستقبل . .... موقف كل من نيوتن واينشتاين من الزمن ، والحاضر خاصة متتامان ، بالفعل . الاختلاف بينهما ، سببه المنظور الأحادي لكلا الموقفين . اختار اينشتاين ( شبه فرويد ) الموقف الذاتي والفردي ، على حساب الجانب الموضوعي . على النقيض من نيوتن ( شبه ماركس ) والموقف الموضوعي ، على حساب الجانب الذاتي . تركيز نيوتن على الجانب الموضوعي من الحاضر ، حيث اللامتناهي في الكبر . بعدها ، يمكن منطقيا اهمال الجانب الداخلي للحاضر ( أحجية زينون أو مغالطته ) . على النقيض من موقف اينشتاين وتركيزه على الجانب الداخلي للحاضر ، حيث المسافة بين الذات والموضوع لا يمكن انكارها أو تجاوزها . بكلمات أخرى ، الزمن غامض بطبيعته ، وغير محسوس بشكل مباشر ، ومعرفتنا الحالية بالكاد تقارن بما نجهله بشكل فعلي عن حقيقة الزمن ... مصدر المستقبل مثلا ، أو نهاية الماضي ، وإلى متى تتكرر ظاهرة استمرارية الحاضر !؟ يضاف إلى ذلك غموض من نوع آخر ، سببه الفجوة بين الكلمات والأشياء ( بين الدال والمدلول ) وهو موضوع محوري في ثقافة القرن العشرين . .... 2 حركة الحاضر في كل لحظة ، يتحول الجانب الزمني من الحاضر إلى الماضي . ( خلال فترة قراءتك لهذا النص ، صارت عملية القراءة نفسها في الماضي ، وبعد يوم تصير من الأمس ،.... وهي تبتعد في الماضي بسرعة ثابتة ) . بالتزامن ، أنت نفسك ما تزال _ين في الحاضر . حيث قوة الحياة تدفعك بعكس اتجاه حركة الزمن ، وتثبتك في الحاضر الدائم ، ويستمر الأمر حتى لحظة الموت . ( ما يزال حدث استمرارية الحاضر ، غير مفهوم بشكل علمي وتجريبي ) ، مع أنه بعد _ تغيير وتصحيح الموقف العقلي من حركة الزمن ، حيث اتجاه الزمن من المستقبل إلى الماضي مرورا بالحاضر _ بعدها تتوضح بالفعل عملية ( استمرارية الحاضر ) حيث يتجدد الزمن من جهة المستقبل والحياة من جهة الماضي . بكلمات أخرى ، توجد حركة مزدوجة ، وتتكرر بشكل دوري ، حيث ينقسم الحاضر بين اتجاهين متعاكسين : اتجاه الأحداث والأفعال : من الحاضر إلى الماضي . على العكس من اتجاه الأحياء : من الحاضر إلى المستقبل . وهذه الحركة المزدوجة ، تقبل الملاحظة والاختبار والتعميم بدون شروط . .... هل للحاضر بداية ونهاية ، وهل يمكن تحديدهما ؟! هذه الفكرة مصدرها ستيفن هوكينغ ، ومحاولته _ المفيدة وغير الناجحة _ لتحديد بداية الزمن أو نهايته . مشكلة البداية أو النهاية فلسفية ، وميتافيزيقية ، وربما تستمر كذلك لعقود وقرون ! مع ذلك يتعذر أن يتجاهلها المرء ، ليس فقط خلال الهواجس الوجودية ، بل في حياتنا اليومية أيضا ، لعلاقتها المباشرة بالصحة العقلية . وهذا سبب اهتمامي بالحاضر والزمن بالعموم ، والسعي إلى الفهم الصحيح لطبيعة الزمن وحركته وخاصة الحاضر الآن _ هنا عبر الوعي . وهدف هذا النص المساهمة في تحويل _ ونقل ، مصطلح الحاضر من الفلسفة ... إلى العلم . .... 3 كل لحظة يتجدد الحاضر ، ويتكرر بالتزامن ؟! وهذه الفكرة الخبرة ، المتناقضة منطقيا ، مشتركة بين العلم والفلسفة ... وتتجسد من خلال نوعين من العبارات ، المتفق عليها : النوع الأول ، يمثله موقف نيتشه في التكرار والعود الأبدي ، أيضا فرويد في قانون الاجبار على التكرار ، ويتفقان مع اتجاه ثابت في الكتاب المقدس " لا جديد تحت الشمس " . والنوع الثاني ، يتمثل بأثر الفراشة ، وكل لحظة يتغير العالم ، كما يتفق مع خبرة التنوير الروحي وموقفه المعروف ، الذي تكرره فنون اليوغا وبوذية الزن على وجه الخصوص . بعبارة ثانية ، الحاضر جديد _ ومتكرر كل لحظة يبدأ الحاضر ، عبر التقاء الحياة ( القادمة من الماضي ) مع الزمن ( القادم من المستقبل ) في مكان محدد : الآن _ هنا . بالتزامن كل لحظة ينتهي الحاضر ، عبر انقسامه إلى اتجاهين متعاكسين : 1 _ الأحياء ( الانسان ، والحيوان ، والنبات ) في اتجاه المستقبل ...اتجاه الحياة والتطور . 2 _ الأحداث ( مختلف أنواع التفاعلات الحية ) في اتجاه الماضي ... اتجاه الفناء والعدم . هذه الفكرة / الخبرة ، يمكن إدراكها بشكل مباشر من خلال التأمل والتفكير المركز والهادئ . كما أنها تقبل الاختبار والتعميم بلا شروط ( شرحتها بالتفصيل في نصوص سابقة ومنشورة على الحوار المتمدن ) . .... الصعوبة في فهم ما سبق ، وصعوبة تقبله أكثر ، سببها بالإضافة إلى العادة والكسل العقلي ، التناقض المستمر بين اتجاه حركة الزمن وبين اتجاه تطور الحياة . أيضا فكرة الحاضر هي بذاتها غامضة وغير محددة ، وهذا ما سأحاول معالجته في الفقرة القادمة . حركة الزمن موضوعية بينما حركة الحياة مزدوجة : موضوعية وذاتية بالتزامن . وبالنسبة للإنسان الجانب الذاتي هو الأكثر أهمية من الجانب الموضوعي ، وبما لا يقاس . مصدر الصعوبة في الحياة نفسها ، وخاصة في المراحل العليا من التطور ( الوعي ) . السلوك الإنساني ( الجديد _ والمتجدد بطبيعته ) يختلف ، عن بقية أنشطة الحياة بشكل جوهري . يمكن تصنيف السلوك الإنساني ، بحسب مصدره وأسبابه عبر 3 أنواع مختلفة : 1 شعور ( أو غريزة ) _ فعل ، هو المستوى الأولي والمشترك بين جميع الأحياء . 2 عادة _ فعل ، وهو المستوى الثانوي ، مشترك بين الانسان والرئيسيات العليا . 3 فكر _ فعل ، هو المستوى الخاص والنخبوي ، وأكثر ما يمثله فعل الانتحار ( لكن من الجانب السلبي فقط ) . المستوى الثالث يرتبط بالإرادة الحرة _ حرية الإرادة ، المهارة الإنسانية الأكثر تعقيدا ونخبوية ، وهي بطبيعتها مكتسبة وفردية . .... ما هو الحاضر ؟! يوجد خلط والتباس مزمن ، بين المصطلحات .. الحاضر والوجود والواقع ، والزمن أكثر ؟! أفترض أن الحاضر هو الوجه المباشر ، للزمن ، أيضا للواقع والوجود . الحاضر يمثل الوجود بالفعل ، بينما المستقبل يمثل الوجود بالقوة ، ويمثل الماضي الوجود بالأثر فقط . بسهولة يمكن إدراك وفهم اتجاه حركة الزمن ، من خلال التقسيم الفلسفي الكلاسيكي للزمن ، بعد إضافة المستوى الثالث أو الوجود بالأثر . الحاضر مرحلة الزمن الثانية ، وهي تتضمن البداية والنهاية معا . من ناحية اتجاه الزمن ، فهو بوضوح يبدأ من المستقبل ( المرحلة 1 ) ، إلى الحاضر ( المرحلة 2 ) ، وأخيرا الماضي ( المرحلة 3 ) . يتضح الأمر بصورة مدهشة ، عندما نغير الموقف العقلي من الفرد إلى الأجيال : الأجداد أين هم الآن : في المستقبل أم الحاضر أم الماضي ؟ _ بديهي في الماضي . وبالمقابل ، الأحفاد أين هم : _ في المستقبل بالطبع . يولد الانسان في الحاضر ، ويموت في الحاضر ( النهاية والبداية ) . قبل ولادته يكون في المستقبل ، وبعد موته يصير في الماضي . .... ملحق لفهم طبيعة الحاضر ، واستمراريته بالأخص ، مع ازدواجه المتناقض والمحير ، يلزم بعض الافتراضات والمقتضيات المسبقة _ بحسب تجربتي الشخصية : _ مصطلح " الحاضر " يستخدم على أكثر من مستوى ، ويمكن تشبيه ذلك باسم ( س ) يطلق على عدة اشخاص من جانب ، وبالمقابل هو أحد أسماء شخصية مفردة لديها العديد من الأسماء المتنوعة . الحاضر هو عنصر في الزمن ، ويمثل المرحلة الثانية أو الوجود بالقوة . أيضا هو عنصر في الواقع الموضوعي كما يشار إلى ذلك عادة : الحاضر في الآن _ هنا . والأمر الثالث هو عنصر أساسي في الوجود . _ الوجود مضاعف بطبيعته ، وهذه النقطة بغاية الأهمية والصعوبة معا . مثال على ذلك ، الوجود الموضوعي ثلاثي الأبعاد ( مكان ، زمان ، حياة ) . وكل بعد منها مركب بدوره ، من مستويات أو أبعاد متعددة ....مثال المكان هو ثلاثي البعد بطبيعته ( طول ، وعرض ، وارتفاع أو عمق ) . أيضا الزمن مزدوج على الأقل ، عبر الحركتين التزامنية والتعاقبية ، بالإضافة إلى مراحله المتسلسلة ( 1 المستقبل أو الوجود بالقوة ، 2 الحاضر أو الوجود بالفعل ، 3 الماضي أو الوجود بالأثر ) . والحياة بدورها ، ما تزال المعرفة العلمية بها متواضعة للغاية وفي بدايتها .
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشكلة الاحترام
-
مشكلة العيش في الحاضر
-
العيش في الحاضر مهمة الانسان الأصعب
-
البطولة مشكلة تتطلب الحل المناسب
-
فكرة البطولة حاليا
-
المشكلة العقلية تختلف عن النفسية
-
نظرية المؤامرة _ أمثلة تطبيقية
-
فوائد نظرية المؤامرة
-
تكملة الفلسفة الجديدة
-
الفلسفة الجديدة
-
مشكلة العيش في الحاضر هنا _ الآن .... تكملة
-
مشكلة العيش في الحاضر هنا _ الآن
-
الحاضر جديد _ متجدد بطبيعته
-
علاقات الاحترام والحب ، وتعذر تحقيقها
-
الكذب قيمة أخلاقية أيضا ...تكملة
-
الكذب قيمة أخلاقية أيضا ؟
-
الصحة العقلية بدلالة الزمن ، أو العكس الحاجة العقلية الخاصة
-
خلاصة بحث حرية الارادة
-
نظرية المعرفة الجديدة _ تكملة وملحق
-
نظرية المعرفة الجديدة 2
المزيد.....
-
-لا توجد تفاصيل واضحة-.. رئيس وزراء قطر يعلق على مفاوضات الم
...
-
فيديو وصور استقبال محمد بن سلمان لأحمد الشرع في الرياض بأول
...
-
الهند تختبر بنجاح نظاما للدفاع الجوي قصير المدى
-
الشرع يبدأ زيارة للسعودية هي الأولى للخارج منذ تسلمه الرئاسة
...
-
ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الي
...
-
توافد اللبنانيين إلى مداخل ميس الجبل وحولا في جنوب لبنان وسط
...
-
وكالة الصحة الأفريقية: غوما الكونغو بؤرة انتشار جدري القردة
...
-
عاجل | مصادر للجزيرة: مصابون برصاص الاحتلال الإسرائيلي خلال
...
-
لحّن إحدى أغانيه الأيقونية.. محمد عبده يرثي ناصر الصالح بحفل
...
-
فرنسا: بايرو يعلن أنه سيلجأ للمادة 49.3 من الدستور لتمرير مش
...
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|