بعلي جمال
الحوار المتمدن-العدد: 6359 - 2019 / 9 / 23 - 15:09
المحور:
الادب والفن
مسح على جبهته وهو يرتب بضاعته على طاولة بشارع المدينة الرئيسي . نحيفا ،يشبه عود زيتون بقامته القصيرة ، بعينين حادتين تثيران فيك توترا كالذي يحدثه الصقر بنظرته القاتلة .لا يحب القهوة ولا ينغمس في ترثرة الكسالى المندسين في المقاهي التي تنساب كجعل لزج في الشارع الرئيسي .بضاعته يصفّها كفنان بنظام يساعدك في إختيار ما تريد ،يخبر المشترين بسرّه قائلا:
- النظام الجيد هو الحياة .
تقترب منه الحاجة شامة ،إمرأة صلبة عنيدة رغم بساطتها ،لا تشتكي لأحد تقول : الحياة نحن نصنعها و نكتفي منها بما حصلنا عليه . شامة لم تحج ،تتلهف لزيارة قبر الرسول ،تعجز عن وقف دموعها وهي تتحدث عن رؤيتها :
-يأتيني طائر أبيض عند الفجر يحط عند كتفي و يهمس في أذني : ستحجين.
يخرج منتصرمن باب صغير لغرفة ملتصقة بمقهى العوفي ،غرفة قديمة بقرميدها الأحمر و رائحة التراب و الحجر و سقف القصب ...تشم منه عبق ممزوج بمجد .
_ لقد وجدته.
تدنو منه الحاجة شامة بفرح
_لا ..
_ نعم .
تأخذ صندوقا بني من خشب الزان عليه نقوش لآيات قرآنية .
تدمع عيناها ،تتحسس الصندوق ،هل يمكن ان يكون هو ؟ يشبهه تماما ،يا الله هل يمكن ان يكون هو صندوق زوجها ؟
_هو مغلق قالت الحاجة شامة .
يعطها منتصر المفتاح بغبطة حارة .
_ والمفتاح .
تهم ان تفتح الصندوق ،لكنها تحتضنه و تمشي منعطفة إلى زقاق ضيق يؤدي إلى الحي الذي تسكنه ،بيت قديم عبارة عن غرفتين ضيقتين و مرحاض غير مغطا ...شامة تعيش لوحدها على إعانات المحسنيين و البسطاء الطيببن . يظل الباب مفتوحا ،في العادة هي لا تغلقه ،تجلس على كرسي خشبي ،كم تحب الجلوس على هذا الكرسي و لا تسمح لأحد ان يجلس عليه هو لزوجها ..في المساء تخرجه امام الباب و تجلس تتمتم بما وقر في قلبها من قرآن حتى تغفو وكثيرا ما نامت ليلتها . في الحي يقولون ان روح زوحها تحرسها !
#بعلي_جمال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟