أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - أدعياء وحصدوا الشهرة والنجومية (2)















المزيد.....


أدعياء وحصدوا الشهرة والنجومية (2)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 6359 - 2019 / 9 / 23 - 13:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أدعياء وحصدوا الشهرة والنجومية (2)
طلعت رضوان
استغلّ الفقهاء وكل أعضاء الكهنوت الدينى، النصوص الدينية بهدف استرضاء السلطة الحاكمة..وكان من بينهم الإمام أبوحامد الغزالى (1058م- 1111م) الذى وصل بفكره الأشعرى لدرجة إغلاق عقله، فكان نموذجـًـا للفقيه الذى يعمل فى ((خدمة السلطان..ونموذجـًـا (للمتفلسف- المُـعادى للفلسفة)..والذى يرسم صورة لعالم أدناه العمال المُـسخرون فى خدمة الملوك..ووسطه (أهل الدنيا) المُـسخرون لخدمة (أهل الآخرة)..وهؤلاء الفقهاء يستشهدون بآية ((نحن قسّـمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا..ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضًـا سخريـًـا)) (الزخرف/32)
وفى مناقشته لكتاب نصرحامد أبوزيد (مفهوم النص) ذكرد.جابرعصفورإنّ تقديم (مفهوم للنص) لم يكن الغاية الأولى للكتاب، لأنه يظل- فى المحل الأول- قراءة جديدة للمادة التى يحتوى عليها كتاب (الإتقان) للسيوطى وكتاب (البرهان) للزركشى..وكان قصد أبوزيد أنْ يـُـثبت أطروحته المركزية، من خلال وضع المادة القديمة لعلوم القرآن، تحت عدسات القراءة الحديثة..وعلى إثبات الكيفية التى وقع بها التناص، بين القرآن والواقع..واقتضتْ دراسة معنى الوحى..وعلاقته بالمرسل الأول الذى تلقاه..وخصائص المكى والمدنى..والناسخ والمنسوخ..وأضاف إنّ كتاب (مفهوم النص) استخدم (جدل النص والواقع)..وهذا الاستخدام يثيرالسؤال عن الكيفية التى تتناول الجدل (تناولامجانيـًـا وزخرفيـًـا) لأنّ ما نراه فى الكتاب من علاقة بين النص والواقع لايدخل فى باب الجدل الدياليكتيكى..وإنما يدخل فى باب علاقة السبب والنتيجة أوالعلة والمعلول. بمعنى أنّ القرآن تشكل بواقعه أولا ثـمّ عاد ليـُـسهم- مؤولا- فى تشكيل الواقع..وتساءل عصفور: وهل وُجد حقــًـا (جدل) بين النص والواقع؟ أم استجابة من النص للواقع؟ وهل وُجد حقــًـا جدل بين النص والواقع، فى حالة عودة النص لتشكيل الثقافة (العربية) أم وَجد تأويلا للنص بهدف فرض معنى بعينه على الواقع؟
ومن رأى عصفورأنّ كتاب (مفهوم النص) جعل من الحضورالسنى حضورًا ميتافيزيقيـًـا أخلّ بمبرراستخدام مصطلح الجدل الذى يتكررفى الكتاب..كنغمة متكررة الرجع..ويحب أنْ أذكرأنّ ما أطلق عليه أبوزيد (الوعى العلمى) حيث جاء فى كتابه صراحة ((إنّ البحث عن مفهوم للنص بحث عن البعد الذى يمكن أنْ يساعدنا فى الاقتراب من صياغة الوعى العلمى بهذا التراث..وأنّ الدراسة الأدبية هى الكفيلة بتحقيق وعى علمى))..وكان تعقيب عصفور: وهنا لايملك القارىء سوى أنْ يسأل: أليس قلبًـا للأمور..ووضعًـا للعربة أمام الحصان؟ إنّ الوعى العلمى هوالمنظومة التحتية أى الأساس المعرفى الذى ننطلق منه لنقترب من مفهوم النص..وبالقدرنفسه فإنّ الوعى العلمى هوالكفيل بتحقيق الدراسة الأدبية وليس العكس..وأضاف أنه مما يـُـلفت النظرهوعلاقة هذا الوعى العلمى بالأيديولوجية. إنه يظل نقيضًـا لها طوال صفحات الكتاب..كما يـُـناقض الوعى الصحيح الوعى الزائف..ولكن هذا التناقض يهتزحين يـُـحدد الكتاب (معيارالموضوعية العلمية) أوالموضوعية الثقافية، فيؤكد نسبيتها..وذلك أمرمقبول، غيرأنه يجرهذه النسبية إلى (منطقة إنشائية غائمة مراوغة) عندما يتحدث عن (استغراق) القارىء فى النص، دون أنْ يوضح المستويات المعقدة لعلاقة الذات بالموضوع فى هذا الاستغراق..ومن زاوية أخرى: علاقة الذات بالموضوع فى مستوياتها الجدلية التى لابد من تحديدها..وبعبارة أخرى: أليس الفكرالسنى (الموضوع) هوجزء من مكونات لاوعى الباحث (الذات) بحكم التربية والتعليم والنسق الثقافى المهيمن، الذى لايفارق لاوعى الباحث حتى فى حالة نقده له؟ وهل يمكن أنْ نتوقع حضورالنص القرآنى بعيدًا عن النصوص التى أعادتْ إنتاجه (تأويلا وتفسيرًا)..ومنعزلاعنها؟ وهل يمكن أنْ نـُـحدد المفهوم الموضوعى للإسلام بعيدًا عن علاقات التناص المعقدة، فى شبكة لايفارق فيها النص تأويلاته؟
ولاحظ عصفورأنّ الباب الثالث فى كتاب أبوزيد مخالف للبابين الأول والثانى، لأنّ الباب الثالث (بحث عن الغزالى) أضيف إلى الكتاب من خارجه، دون أنْ يتشكل عضويًـا مع بنائه..والأهم من ذلك: لماذا انتقلنا من رصد الظاهرة الجماعية التى تعكس واقعًـا إلى (فرد- أى الغزالى) الذى صارنسقه مهيمنـًـا على الفكرالدينى؟ وعندئذ يأتى السؤال الأخير: أهونسق الغزالى وحده؟ أم نسق مؤسسات أشمل انتسب إليها الغزالى فى علاقتها بالتاريخ؟ ألم يكن الأقرب إلى الوعى العلمى أنْ نترك السؤال: لماذا هيمن فكرالغزالى على الخطاب المسيطرهيمنة كاملة؟ إلى السؤال: لماذا تغلب الخطاب الإسلامى التقليدى على سائرأنواع الخطاب الاجتماعى؟ (جابرعصفورفى كتابه: هوامش على دفترالتنوير- هيئة قصورالثقافة- عام1983- من ص71- 82)
أعتقد أنّ ما كتبه عصفورعن (نصرأبوزيد) يـُــثيرموضوع (الحول الثقافى) لدى بعض المتعلمين المصريين، المحسوبين على الثقافة السائدة..وفى طب العيون يعنى الحول: حالة لايلتقى فيها محورالرؤية فى العينيْن عند نقطة واحدة، فيؤدى إلى اضطراب الرؤية..وأحيانــًـا إلى الرؤية المزدوجة أوالمشوّشة..وأعتقد أنّ هذا التعريف الطبى لحول العيون، ينطبق على أغلب المتعلمين المصريين أمثال د. نصرحامد أبوزيد الذى حازعلى شهرة واسعة..وصنــّـفته الثقافة المصرية السائدة على أنه أحد (الليبراليين الكبار) وأنه (تنويرى) ووصلتْ المُبالغة لدرجة الكتابه عنه أنه (امتلك جرأة الافتئات على الدين الإسلامى)
وزادتْ شهرته بعد أنْ رفضتْ جامعة القاهرة منحه درجة الأستاذية لأسباب دينية..ومنها وفق ماجاء بتقريراللجنة المُـشكلة برئاسة د.عبد الصبورشاهين ((أنّ الباحث يضع نفسه مرصدًا لكل مقولات الخطاب الدينى حتى لوكلفه ذلك إنكار البديهيات أوإنكارما عُـلم من الدين بالضرورة)) والجملة الأخيرة تعنى لدى الأصوليين الكفر، وبالتالى استباحة دمه..وكذلك ما ورد بالتقريرمن أنّ الباحث ((يعمد إلى تشويه القرآن)) ووصف التقريركلام الباحث بأنه ((يكشف عن خلل فى الاعتقاد..ويُمثل إساءة إلى القرآن ذاته)) (مجلة القاهرة– إبريل1993) بإختصار فإنّ هذا التقريردعوة أوفتوى صريحة لاغتيال د.نصرأبوزيد على يد الأصوليين الإسلاميين..وذلك بالرغم من التأويل المُغرض لكتاباته..وفق شهادة د.عبد الجليل شلبى (وهومُـدافع عتيد عن الإسلام) الذى تعرّض لكتاب نصرأبوزيد (مفهوم النص) فكتب ((صاحب الكتاب يحمل على المُـطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية، ولكنه لاينكرها..وإنما ينكرعلى من يحملون اسم الجماعة الإسلامية أنهم لم يُمهـّـدوا لقبول هذه القوانين (الإسلامية) ولم يُـهيئوا الشعب لقبولها)) (مجلة فصول- إبريل93) أى أنّ نصرأبوزيد مع تطبيق الشريعة الإسلامية..ولكن (بعد التمهيد) لإقناع الشعب بها.
ورغم محنة د.نصرأبوزيد مع الأصوليين الذين أقاموا دعوى قضائية للتفريق بينه وبين زوجته..وهى محنة هزّتْ مشاعرذوى الضمائرالحية فى مصروكل الشعوب المتحضرة..وبالرغم من التعاطف الصادق الذى بلوره أغلب الكتاب المصريين فى شكل مقالات وندوات تضامنـًا مع د. نصر..ومع حرية البحث وحرية النشر، رغم كل ذلك– وبعد صدورالحكم بالتفريق بينه وبين زوجته- كان المُـتوقــّع أنْ يزداد تماسكــًا وصلابة (بعد الالتفاف حوله ومسانته من أغلب المُـثقفين المصريين) إذا به يُـقــدّم تنازلامجانيًا فيصف نفسه بأنه ((رجل من غمارالموالى)) ( النص بالكامل فى جريدة الأهالى 1/12/93) فإذا كان تصنيف البشرإلى (موالى = عبيد) وأحرار..وهوتصنيف دشــّــنته الثقافة العربية/ الإسلامية، فهل هى مصادفة أنْ يلتقى هذا التصنيف مع هجوم د.نصرعلى المذهب الشافعى (وهومذهب غالبية شعبنا المصرى) بدلامن نقد الوهابية؟ ولماذا لم يتوقف د.نصرأمام سخرية شعبنا من أى إنسان مُـتعصّب بالقول ((ما تبقاش حنبلى))؟ وإذا كان محمد بن عبد الوهاب قد استمدّ توجهاته من ابن حنبل..وإذا كانت الجماعات الإسلامية تستمد توجهاتها من الوهابية التى تــُـكفــّـرالمجتمع المصرى، فإنّ الأمركان يقتضى من د. نصرمواجهة هذا (الغزوالوهابى) فإذا بسيادته يكتب كتابًا ينتقد فيه الإمام الشافعى (وهذا حقه) ولكن لماذا لم يكتب كتابـًـا ينتقد فيه الوهابية؟ بينما شيخ الإسلام أحمد بن زينى دحلان أصدركتابه (الدررالسنية فى الرد على الوهابية) تحقيق وتقديم شيخ الطريقة العزمية السيد عزالدين ماضى أبوالعزايم (طبعة دارالمدينة المنورة بالقاهرة) وتكمن أهمية هذا الكتاب فى أنّ مؤلفه يُحذرمن خطورة الفكرالوهابى القائم على التعصب والعنف المؤسس على لغة التحريم والتكفيرلكل من يُخالف تعليمات الوهابية، بما فيها زيارة المقابروالاحتفال بالأولياء إلخ..ويستطيع قارىء هذا الكتاب أنْ يستخلص بسهولة أنّ الوهابية مُـعادية لمجمل ثقافتنا المصرية (القومية) المؤسسة على التعددية والتراحم والاحتفال بالبشروبالطبيعة إلخ لأنّ شعبنا– عبرثقافته القومية- لم ينشغل بالتحريم والتكفير..وعبّرتْ أمثالنا المصرية عن عدم التدخل فى معتقدات الآخرين، من ذلك المثل المصرى ((سيب المُـلك للمالك)) كما سخرتْ أمثالنا المصرية من مُـدّعى التدين ((عمايم على روس بهايم)) و((بق يسبّح وإيد بتدبح)) ورغم أنّ الإسلام أباح تعدد الزوجات فإنّ شعبنا الأمى فى أمثاله التى أبدعها أدان تعدد الزوجات فى 17مثل..وفق إحصاء د. سيد عويس منها ((جوز الإتنين يا قادريا فاجر)) و((عقربتين على الحيط ولاستتين فى البيت)) و(جوز الإتنين قفا بين كفين)) وكل هذا لم ينتبه إليه د.نصرلأنه مشى وراء الثقافة المصرية السائدة التى تبنــّـتْ توجهات نبى العروبة (عبد الناصر) عن (الوحدة العربية) وتوأمتها (القومية العربية) فى محاولة لوأد (القومية المصرية)
نقد كتاب (مفهوم النص)
كتاب (مفهوم النص– دراسة فى علوم القرآن) هوالكتاب الأكثرشهرة من بين كتب د.نصرأبوزيد..وأنا أعتمد على طبعة هيئة الكتاب المصرية- عام 90 ومُـكوّن من 355 صفحة من القطع الكبير..وفى الصفحات الأولى فإنّ د.نصرلا ُـخفى توجهه الأيديولوجى المُـعادى لحضارة جدوده (أوهذا هوالمُـفترض) فتناول الحضارة المصرية- بعيدًا عن موضوع كتابه- فكتب ((الحضارة المصرية حضارة ما بعد الموت..أما الحضارة العربية فهى حضارة النص (ص14) ومثله مثل أى أصولى إسلامى كتب ((وإذا كانت الامبراطورية الإسلامية المُـترامية الأطراف قد تهاوتْ وسُـلبتْ أطرافها، فإنّ وحدة الحضارة مازالتْ تؤكد للمسلمين تفوقهم على أعدائهم)) (ص14) وهوكلام مُـتطابق مع كلام د.رؤوف شلبى فى كتابه (حسن البنا ومدرسة الإخوان المسلمين– دارالأنصار- عام 78- من ص324- 343)
والدكتورنصرأبوزيد مثله مثل الإسلاميين والعروبيين يعتبرأنّ كل الشعوب غير العربية (أعاجم) (ص15) مع مراعاة أنّ لفظ (أعاجم) يعنى (بهائم) وحتى المرأة (العربية) أعجمية (مختارالصحاح- المطبعة الأميرية بمصر- عام 1911- ص440) ومثله مثل كل العروبيين والإسلاميين أشاد بمؤسس الأصولية الإسلامية والعنف جمال الدين الإيرانى الشهيربالأفغانى (ص19) واعتبره أنه من ((مُـفكرى النهضة والتجديد)) ومثله مثل العروبيين والإسلاميين ساوى بين عميد الثقافة المصرية (طه حسين) والعقاد فكتب ((بدأ طه حسين والعقاد مُـجـدّدين على مستوى اللغة والفكروالأدب..وانتهى كل منهما مُـحافظــًا رجعيًا يقف فى وجه تيارات التجديد)) (ص20) وما كتبه نصرأبوزيد عن المساواة بين العقاد وطه حسين هو النشيد الرسمى للثقافة المصرية السائدة، رغم الاختلاف الكبيربينهما، حيث أنّ العقاد كان مُـدافعـًا عن العروبة والإسلام (بالحق والباطل) ومن يرجع إلى سلسلة (العبقريات) سيكتشف ذلك بسهولة. بل إنه كان يقوم بدور(الماكيير) لتجميل وجه الشخص الذى يؤرح له، مُـتغاضيًا عن أخطائه التى ذكرها المؤرخون العرب والمسلمون. فهو- مثلا- حاول تبريرقتل الأسرى فى غزوة بدر، بحجة أنهم ((كانوا معروفين بتعذيب المسلمين)) (طبعة كتاب الدوحة- ص73) ولذلك تجنــّـب الإشارة إلى قول أبى بكرالذى كان من رأيه إطلاق سراحهم مع أخذ الفدية. بينما كان رأى عمربن الخطاب قتلهم فنزل الوحى بتأييد رأيه، وهى الواقعة التى وردتْ فى (كل) التراث العربى/ الإسلامى..وذكرها طه حسين..كما ذكرأمرمحمد بإجلاء بنى قينقاع عن المدينة..ولم يرزأهم إلا السلاح..وفى يوم الأحزاب فإنّ فريقــًا منهم امتنعوا عن نصرالمسلمين..وانضموا لحلف قريش ((فحاصرهم النبى والمسلمون حتى أنزلهم على حكمه. ثم حكــّـم فيهم سعد بن معاذ وأمره بأنْ ((تقتل المقاتلة وتحتازالأموال وتسبى الذرارى والنساء)) (مرآة الإسلام- دارالمعارف بمصر- عام 59- ص77، 120) وكتب فى المقدمة (فى أواخرالقرن السادس للمسيح كانت الأمة العربية متخلفة أشد التخلف بالقياس إلى الأمم التى تــُـجاورها)) ولأنه كان يستخدم طريقة فى التفكيرأقرب إلى (المادية التاريخية) لذلك كان عنوان الكتاب (مرآة الإسلام) دالا على محتواه: أى أنّ (هذا الإسلام) تعبيرعن (هذا) الواقع الاجتماعى لتلك البيئة الصحرواية/ الرعوية.
والعقاد مثله مثل كل الإسلاميين يُردد كلام الديانة العبرية بشعبها الثلاث فكتب ((كان فرعون وشعبه يشربون دمًا أحمرمن نيلنا العذب لأنهم لم يشاءوا أنْ يدخلوا فى دين بنى إسرائيل)) (خلاصة اليومية والشذوذ- مكتبة عمار-عام68- ص23) يعنى كان المفروض- فى رأى العقاد- أنْ يتخلى جدودنا عن ديانتهم القومية، ويتبنوا ديانة أعدائهم (بنى إسرائيل) فى حين أنّ طه حسين له رأى مختلف تمامًا حيث كتب ((مصراليوم هى مصربالأمس. أى مصرالفراعنة. المصرى فرعونى قبل أنْ يكون عربيًا..ولا تطلبوا من مصرأنْ تـُغيرفرعونيتها..ومصرلن تدخل فى وحدة عربية ولا اتحاد عربى..إلخ)) وكتب إنّ الفرعونية متأصلة فى نفوس المصريين..وستبقى كذلك بل يجب أنْ تبقى. إنّ المصرى مصرى قبل كل شىء فهولن يتنازل عن مصريته مهما تغلــّـبتْ الظروف..ولاتصدقوا ما يقوله بعض المصريين من أنهم يعملون للعروبة. فالفرعونية متأصلة فى نفوسهم وستبقى كذلك..وأنّ الأكثرية الساحقة من المصريين لاتمت بصلة إلى الدم العربى. بل تتصل مباشرة بالمصريين القدماء..وتاريخ مصرمُستقل عن تاريخ أى بلد آخر)) (المجلة الجديدة- ديسمبر1938) وكتب أنّ اليونانيين ((كانوا فى عصورهم الراقية كما كانوا فى عصورهم الأولى يرون أنهم تلاميذ المصريين فى الحضارة وفى فنونها الرفيعة بنوع خاص)) (مستقبل الثقافة فى مصر- دارالكاتب اللبنانى– عام 73- ص31، 32) وكل هذه المعانى تجعله مُـختلفــًـا تمام الاختلاف عن العقاد..وهوما لم ينتبه إليه د. نصرأبو زيد بسبب إيمانه بالإسلام والعروبة..ودفاعه عنهما.
يرى د.نصرأنّ الأخطارالتى واجهتْ العرب- مع بداية الدعوة الإسلامية- تركــّـزت فى هدفيْن: مُواجهة الصراعات الداخلية والخطرالخارجى المُـتمثــّـل فى أعداء العرب من الفرس والروم..ومن الطبيعى ألاّتــُحقق المسيحية- وهى أيديولوجية مطروحة- أحد هذيْن الهدفيْن. فقد كانت دينـًا غازيًا مُـعتديًا)) (ص73) فهل هذا الكلام يستحق صاحبه وصفه ب (التقدمى) و(الليبرالى) إلى آخرتلك الصفات المجانية؟ وإذا كانت المسيحية (دينـًا غازيًا مُعتديًا) فلماذا لاينطبق نفس الوصف على غزوات العرب بحجة نشرالإسلام؟ ومثله مثل أى أصولى إسلامى كتب ((صارتْ معرفة الله هى غاية الغايات..وأصبح الوصول إليه هوالهدف الأسمى من الحياة ومن المعرفة والعلم)) (ص284) وبالتالى– بمفهوم المخالفة- فلا حاجة للبشرللعلوم الطبيعية..ولا للفلسفة طالما أنّ ((معرفة الله هى غاية الغايات والهف الأسمى من الحياة ومن المعرفة والعلم))
وتوقــّع د.نصرأسئلة المُعارضين لمنهجه فكتب ((كيف يمكن تطبيق منهج تحليل النصوص على نص إلهى؟ إنّ هذا الاعتراض إنْ صدرفإنما عن ذلك النمط من الفكرالمثالى الذى وصفناه ب (الديالكتيك الهابط) إنّ الله سبحانه وتعالى ليس موضوعًا للتحليل أوالدرس وأنه سبحانه شاء أنْ يكون كلامه إلى البشربلغتهم، فإنّ المُـتاح الوحيد أمام الدرس (العلمى) هودرس (الكلام الإلهى) من خلال تحليل معطياته فى إطارالنظام الثقافى الذى تجلى من خلاله..ولذلك يكون منهج التحليل اللغوى هوالمنهج الوحيد الإنسانى الممكن لفهم الرسالة ولفهم الإسلام)) (ص30) فى تلك الفقرة يتوقف العقل الحرأمام تعبيره (الدياليكتيك الهابط) فماذا يقصد بهذا التعبير؟ وهل لفظ (هابط) يعنى به الهبوط من أعلى لأسفل؟ أم بمعنى التدنى والاسفاف؟ لم يُـفصح وترك الاجتهاد للقارىء..ولكن باقى الفقرة تــُـساعد العقل الحرعلى معرفة مقصده حيث كلامه عن أنّ ((الله سبحانه وتعالى ليس موضوعًا للتحليل..إلخ)) ويتأكــّـد ذلك عندما كتب ((كان الوحى بالنسة لمحمد حقيقة لاشكّ فيها)) (ص81) وكتب ((إنّ الحقائق الإمبريقية المعطاة عن النص (القرآنى) أنه نزل مُـنجمًا على بضع وعشرين سنة..وتؤكد أيضًا أنّ كل آية أومجموعة آيات نزلتْ لسبب خاص استوجب إنزالها)) (ص109) وهذا الكلام ليس فيه أى جديد حيث كتبه كثيرون من الإسلاميين.
الشىء الإيجابى الوحيد فى كتاب نصرهونقده لبعض رموزالتراث الإسلامى مثل الإمام الغزالى فى كتابه (إحياء علوم الدين) خاصة ما كتبه الغزالى ((إنّ أقل درجات العلم أنْ يُدرك حقارة الدنيا وخسّـتها وعظم الآخرة ودوامها وصفاء نعيمها)) وما ذكره الزركشى فى كتابه (البرهان فى علوم القرآن- ج2- ص152) حيث كتب ((تأويل الروافض لقوله تعالى (مرج البحريْن يلتقيان) (الرحمن/19) أنهما على وفاطمة. يخرج منهما اللؤلؤوالمرجان (الرحمن/22) يعنى الحسن والحسين..وكذلك قالوا فى قوله تعالى (وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل) (البقرة/ 205) إنه معاوية)) ولكن خلاف ذلك فإنّ كتاب د. نصر(مفهوم النص) هودفاع عن الإسلام..وتثبيت لكل ما كتبه الأصوليون الإسلاميون عن (الوحى) وعن صاحب الرسالة (محمد) فإذا كان الأمركذلك فلماذا هاج عليه أعضاء الكهنوت الإسلامى..وصنعوا منه (أسطورة) تناقلها العروبيون وأغلب الماركسيين وأدعياء الليبرالية؟ هل هناك سبب آخرغيرفساد المنظومة الثقافية التى ترفع من تشاء وتهبط بمن تشاء؟ وقد تأكــّـدتْ الأسطورة عندما سافر د. نصر– بمُساعدة أجهزة الأمن المصرية- للعمل فى إحدى جامعات هولندا لينشر الإسلام (الصحيح من وجهة نظره) وتأكــّـدتْ الأسطورة– ثانية- عندما هاجم الروائية البنجلاديشية (تسليمة نسرين) لأنها انتقدتْ الجماعات الإسلامية فى رواياتها..ووصفها بألفاظ يُعاقب عليها القانون..وتأكــّـدتْ الأسطورة– للمرة الثالثة- عندما أرسل برقية من هولندا– نشرتها صحيفة الأهالى- قال فيها ((أشهد أنّ لا إله إلاّ الله وأنّ محمدًا رسول الله)) فلماذا هذه الشهادة التى لم يطلبها أحد منه بعد أنْ غادرمصر؟ وأصبح بعيدًا عن المُـتعصبين الإسلاميين المصريين، أم أنه كان يخشى من أتباعهم فى هولندا..ولذلك تملــّـقهم بالهجوم على المُبدعة تسليمة نسرين؟ وإذا كان ليبراليًا كما وصفته الثقافة السائدة..فكيف رضى على نفسه أنْ يكون من (العبيد) عندما وصف نفسه بأنه ((رجل من غمارالموالى)) (صحيفة الأهالى 1/12/93) ؟ وإذا كان د.نصرمُـدافعًا عن الإسلام فلماذا كفــّـره الإسلاميون؟ هل لمجرد أنه انتقد بعض الجماعات الإسلامية وأطلق عليهم (مُـتطرفين)؟ وانتقد شركات توظيف الأموال (نهب الأموال) التى دافع عنها الإسلاميون أمثال الشيخ الشعراوى؟ أسئلة مسكوت عنها فى الثقافة المصرية السائدة..وأعتقد أنّ تأمل هذه الأسئلة يُـؤكد (الواقع/ العبثى/ الكابوسى) الذى يعيشه شعبنا..وهوواقع يحتاج لمُـبدع له موهبة كافاكا أويوجين يونسكوأوكامى أوآرتوآداموف ليـُـبدع عملا خالدًا حول أسطورة نصر أبوزيد، تلك الأسطورة التى مازالتْ مُـعشـّـشة فى أدمغة المُـنخدعين بالثقافة المصرية السائدة.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأدعياء رغم تخصصهم فى الفلسفة
- العداء العربى لرموز التنوير
- أحمد أمين: عرب اليوم هم عرب ما قبل الإسلام
- الأدلة المضادة للرواية الأمريكية عن11سبتمبر
- العلاقة الملتبسة بين المثقفين الملتصقين بالسلطة
- هل الأرض ((بتتكلم عربى))؟
- السلطة فى الإسلام مثل أى منظمة استبدادية
- البحرية المصرية فى الحضارة المصرية والعصرالحديث
- التقسيم الناصرى للأنظمة العربية
- تاريخ الملكة الأمازيعية المسكوت عنه
- لماذا تجاهل تجفبف منابع الإرهاب؟
- الفرق بين تسليمه نسرين ونصرأبوزيد
- ثمن النجومية: التنازل عن الكرامة الشخصية
- المجلس العسكرى السودانى ومبررالمحاكمة الجنائية
- الشعب الفيتنامى وتجربته الرائدة فى الكفاح المسلح
- اليسارالمصرى والعربى والولع بالمرجعية الدينية
- المغزى الحقيقى وراء نشرالتعليم الأزهرى
- لماذا ينفرد النظام المصرى (بظاهرة الدونية القومية)؟
- أليستْ مبادرة روجرزبروفة السلام مع إسرائيل؟
- إسرائيل تحارب بالسلاح النووى والحمساويون بالسكاكين


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - أدعياء وحصدوا الشهرة والنجومية (2)