أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل فضة - طقوس الإنحطاط














المزيد.....

طقوس الإنحطاط


فاضل فضة

الحوار المتمدن-العدد: 1553 - 2006 / 5 / 17 - 03:54
المحور: الادب والفن
    


من الصعب جدّاً ان تقنع الصغير ان يكون كبيراً..لإنه مقيّد في مواصفاته بغريزة تدفعه نحو الإنتحار، المعنوي..

في هذا الوقت من فصل الربيع، لم تخضّر الأرض هذه السنة، ومازالت السماء مكفهرّة بسحابها الرمادي، وكأنها تنذرنا كل يوم ان ماوراء تلك الغيوم، عاصفة مخبأة، قد تنفجر في أية لحظة، وإن تجاوز المطر حدّه المعتاد في ارض اصبحت مبلله. ومع ذلك يبقى الأمل في فكِّ حصار الغيوم من سماء مونتريال أملاً للحياة وبهجتها خلال الشهور القادمة.

إنها طبيعة الطقس الكندي، المتغير من شرقه إلى غربه، حيث يختلف لكبر المساحة، المقدّرة الثانية في العالم بعد روسيا. لذا لا بد له ان يولّد طقوس إنسانية، ايضاً مختلفة لدى "نحن" أبناء الحلم الغائب، والأحلام المنتظرة على شاطئ غريب، أو مطار اغرب، في تركمات سنوات الغربة، السائبة مرات، أو في خلافات الأخوة الأعداء، الصغار منهم والكبار، على حافة الزمن.

في تلك الزوايا المظلمة، والمشرقة نادراً، لا بدّ أن تثار الزوابع في فنجان قهوة، أو اكبر بقليل، لتشّوه أو تغبّر على البعض مصداقيتهم او سلوكهم من قبل الذين لم يتعلموا وغير قادرين على اكتساب الحضارة بسلوك وليس بخطاب، لم يعد مقنعاً.

لكي يظهر البعض انه مهم، وأنه مناضل "بحجم الجامبو" أمام الأخرين، لإنه لا يستطيع ان يقيس الظاهرة بمعايير سليمة، إذ لو استطاع بتفكيره تجاوز الحالة المهيمنة عليه "البحث عن عظمة وموقع، وفلوس كمان"، فإنه لا بد سيتعلم القياس عبر المعايير والتجربة واللقاء، لكنه ولإنه لا يملك هذه الإستطاعة، فإنه سيستخدم معايير البقاء البدائية، عبر تجنيد واتفاق مصالح لأخر "أمّي أو عشائري"، وينشر عرضاً وطولاً كل همسة، او واقعة تخميناً. وما سياسة الهجوم الشخصي إلا إحدى الوسائل الناجعة "بإعتقاده"، وأفضل من الصمت الذي قد يكون اغلى من الذهب مرات.

اصيبت مونتريال بحمى طارئة، وما زالت.
اصرُّ على هذه الظاهرة الغريبة، التي لم تٌجرّب في فترات الهدوء النسبي، أو الغياب الفعلي عن أي نشاط، لجالية، او ابنائها. ومازالت رحى "الحروب الصغيرة" تشتدُّ للدفاع عن مصالح اصغر، وعن أوهام اكثر من خلّبية. يحاول البعض إدخال من لا علاقة لهم، ونشر غسيل غير نظيف. مع أن هذا البعض ينأى عنها في متاهات الأوكار، والظلام. حيث لا فائدة ترتجى ولا إضافة إلى تجربة الوطن في الداخل والخارج. لكن السلوك الذي لم تسعفه، تجربة الإغتراب، ولم تقدم له، إلا صورة ضخمة عن ظروف عاشها، في فراغ ذاتي، مازال حاضراً، لن ينضج، ولن يملك في أي يوم قدرة على رؤية واضحة لمعنى الشفافية والإلتزام الحضاري بإهداف اسمى من أي تشخيص فردي، أو أي فريق، تصارع مع نفسه، أم مع الأخرين.

إنها الحياة الماضية "والتاريخ" الذي لا يتجدد في عقول من خشب، إنها الذكرى الأليمة التي صاغتها ظروف الجهل المدعّي العلم، بدون ان يدري. إنها حكايات اصغر من ان تثار لذكرى التجربة. لكنها وللإسف الشديد مزروعة حتى العظم في نخاع "إنتهازية" اللحظة، وقناصي المواقع، وكأن الهدف الأسمى، حريق الغابة ومن فيها، من اجل توّتر أو نقص، أو عقدة، او خسارة.

نعم سيخسر الذين لا يعرفون مدى إستطاعاتهم، ولا يملكون من واقع مصداقية الجهد، إلا خطاب الماضي، "وحرتقات" الطاولات المنفية. إنهم مع كل هذا معنونون، ابناء المنفى لوطن النفي، وابناء القهر، لقهر التجربة، وابناء جغرافية المسحوقين، لعدم وعيهم لإذاها الرابض على صدورهم.

في هذه السحابة الأرضية، نعود إلى الأشجار المقابلة، لمجلس صيفي، لم يحن أوانه، وإلى نظرات امل بشمس اطول لم يطل نورها كالمعتاد، على ان تعود الحقيقة إلى واقعها ويهدأ البعض من غلوّه المحموم "تذاكي" على رقمية النتائج.
إنها حياتنا الجديدة، والقديمة، محملّة، بكل رواسب الأرض والتاريخ، وعقل بشري، كان مفروضاً ان يكون السباق، لإمتحانات المواجهة مع الحياة والمستقبل.

أبناء الوطن، يحملون النار الحارقة، يصبوها في غضبهم على ارض لم تعد خصبة، تصحرت في بعض العقول، وغير قادرين على القيام بنقد اعمق، لحياة كان من المفروض ان تكون مدرسة جديدة في كل ثناياها الكندية، إنسانياً وحضارياً، قيماً وسلوكاً وحصاداً. لكنها مازالت متعثرة على ابواب الفقر الفكري اولاً والمادي ثانياً، مما كثف الإرتباك في المواقف لطموحات اكبر، فعاد إلى رمادية اللحظة التائهة على ابواب الظلام.

لعل هذا الظلام ينقشع اخيراً...



#فاضل_فضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنه الوطن لا تعبثوا به مجدداً
- ايران والحاجة إلى التكنولوجيا النووية
- تراكمات
- في العالم العربي فقط
- من اجل حفنة من الدولارات
- زمن البؤس
- إنهم يحرثون العقول
- في هذا الشرق الراكد
- في زمن التحولات والركود الأصعب
- موقف الإغتراب السوري سياسياً
- من اجل بناء وطن سوري للجميع
- إلى المبدعين السوريين، أين مهرجانكم الخاص بكمزز!!
- من أجل بناء وطن سوري للجميع
- الخروج من تجني الزمن
- انقذوا سورية قبل أن يفوت الأوان
- سريالية بدون عاطفة
- كندا وطن الإنسان
- سعادة السفير الجديد
- احباط أخر الليل
- عندما تحرقنا الشموع


المزيد.....




- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل فضة - طقوس الإنحطاط