أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى الخباني - الجوع في بطني يقتل حتى الجوع.














المزيد.....

الجوع في بطني يقتل حتى الجوع.


هدى الخباني
كاتبة

(Houda El Khoubani)


الحوار المتمدن-العدد: 6355 - 2019 / 9 / 19 - 09:47
المحور: الادب والفن
    


جلست على مائدة الطعام جائعة، أنتظر ما تعده جدتي في المطبخ، كم أنا جائعة إلى اللحم المشوي وظامئة إلى البرتقال، أملي في أن يكون أكل اليوم مختلف تماماََ هذه المرة، في نفس الوقت خائبة، فما الذي سيتغير اليوم، إذا لم يتحسن وضعنا المادي؟ لا شيء سيتغير، لا جديد، لقد تعودت.
أجلت نظري إلى البعيد، تراءى لي الوجه المتجعد الهادئ، المُحَنّک الرصين، يدان تحملان صينية الشاي، والخبز المحروق، وضعت جدتي الطعام على المائدة العرجاء، شعرت بالشبع الفارغ بعد رؤيتي هذا المشهد التراجيدي، عِفتُ هذا الطعام ونادراََ ما أستسيغهُ.
خرجت من الدّار، متوجهة إلى منزل صديقتي شيماء، طرقت الباب، نزلت عندي مسرعة، حالها لا يَقلّ عن حالي، نعيش حرب الجوع والشبع في بيوتنا، ينتصر الجوع دوماََ جرّاء فقرنا المذقع، فنكون ضحايا طاعتنا للجوع وعبادته.
توجهنا نحو المسجد، متظاهرتان القيام بخطوات الوضوء، توضأنا كما يتوضأ المؤمنون، كي لا نلفت الأنظار إلينا، دخلنا المسجد، رغم أننا لا نؤدي طقس الصلاة، فإننا قلدنا الحركات الروتينية للجماعة، دعونا الله بأن يخلصنا من جوعنا وأن نفلح في السرقة.
انتهى طقس الصلاة، أصبح الشارع مكتظاََ بالمصلين، كان هدفنا الاختلاط بهذا الحشد، نمارس ما يسميه غوفمان التفاعل غير المركز مع الآخرين في هذا الوضع الاجتماعي، نتواصل من خلال الأساليب غير الشفوية، بُغية سرقة الفواكه اللذيذة التي يجتمع حولها الناس، حيث يتشتت انتباه الباعة، سرقنا كمّاََ كبيراََ من الفواكه المتنوعة، رغم ذلك، لم نشبع، مازلنا نعيش الجوع والجوع يعيشنا، خطونا نحو السوق، علّنا نجد السيد البورجوازي الشبع الذي ينكرنا كل مرة ويرمينا للرجل البروليتاري الجوع، محاولاتنا في السرقة تبوء بالفشل مع أولاد الكلاب، هؤلاء الرجال الحمقى يجهلون منفى وعِلّة وكُفر الجوع، قاموا بلعننا، لعن أصلنا ومفصلنا.
_ أ بنات القحبات، بَرّا الشيطانات، الله يخليها سلعة.
- القحبة هي مُّک أ الزّامل.
- سَد گراجک أ عمي .
انحنى على الأرض، أمسك حجرة، نوى رميها على وجوهنا، لكن هربنا هلعاََ من السوق.
أحسست بالحقد تجاه الباعة في السوق، حقد الطفولة حقاََ كبير، لكنه عادل، ستخرأون في سراويلكم عندما تبلغون ذروة جوعنا يا أولاد الكلاب، عافاكم الله رغم أنكم خبثاء.
أمسينا نتوه ونتسكع في الشوارع، حافيتان وعاريتان، نتقاسم الجوع والفقر وقسوة الحياة والتهميش والعفونة والحقد والألم.
فكرت أن أقصد دكان عَلي، وقفنا أمامه، طلبنا ما اشتهينا شراءه، حانت لحظة منح المال للبائع، أعطانا الكيس، أمسكته جيداََ، أعطيته الحجر، وهرولنا مسرعتان إلى الخلاء، أكلنا بشراهة حدّ الامتلاء، نتابع حيث الشبع، هناك من يتعرفنا هنا، نصيح: شبع.. شبع.. لقد صفحنا عنك أيها الجوع، ننفجر ضحكاََ وابتهاجاََ إلى حد الجنون على حالنا.
دخلت إلى الدّار، استلقيت على الزربية منهمكة بعد مشقة البحث عن الشبع من أجل البقاء، رفعتُ بصري إلى المائدة، تراءت لي صورة الصينية والخبز المحروق، فقررتُ اعتناق السرقة من الآن.



#هدى_الخباني (هاشتاغ)       Houda_El_Khoubani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثانوية التأهيلية محمد الزرقطوني: هرطقة في هرطقة
- عبد الله: الحنين إلى مجهول
- حبنا يا حبيبي
- لقاء
- يوميات
- نص شعري: مسافة عشق
- نص شعري: امرأة


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى الخباني - الجوع في بطني يقتل حتى الجوع.