|
مدارس فن الروايس بين الامس و اليوم
مهدي مالك
الحوار المتمدن-العدد: 1552 - 2006 / 5 / 16 - 17:47
المحور:
الادب والفن
مقدمة قد يعتقد البعض انني لا احب الفن بمختلف مكوناته و ابعاده الجميلة كالرسم و السينما و الموسيقى التي تحمل اجمل المعاني مثل السلام و الوئام و كذلك تحمل هذه الاخيرة مجموعة من الهموم و القضايا ذات ابعاد اجتماعية و سياسية و هوياتية و الحضارة الامازيغية تتميز بانها حضارة فنية بامتياز منذ قرون غابرة و في هذا الاطار ساهتم بفن الروايس العريق ببلادنا بصفة عامة و منطقة سوس بصفة خاصة . مدرسة الحاج بلعيد التاريخية يعتبر الحاج بلعيد من الروايس القدماء الذين عاشوا في اوائل القرن الماضي أي في فترة الحماية و كما نعلم فالاحتلال الفرنسي دخل الى المغرب سنة 1912 بعد توقيع عقد الحماية في مدينة فاس و الحاج بلعيد هو رجل عصره و هو يتميز بانه متدين و اغانيه الرائعة تتحدث عن خصوصياتنا الدينية كطلبة العلم الشرعي و رحلته الحجازية و هذا الفنان اعطى اهمية كبيرة للدين باعتباره مكونا اساسيا من مكونات مجتمعنا المحافظ و كما اهتم بالغزل الرمزي أي ان الحاج بلعيد استعمل لغة الرموز في اغانيه الغزلية كالحمام الابيض او اتبير اوميل في لغتنا الامازيغية الرمزية و الرمزية في الشعر الامازيغي تعتبر مهمة و اساسية على اعتبار انها تضيف قيمة اضافية لهذا الشعر و تسمح له في التطرق الى مواضيع حساسة كالغزل و الهوية الامازيغية كما سنرى لاحقا في هذه المقالات. و يعد الحاج بلعيد رمزا للتقاليد المحافظة التي نحترمها لانها ساهمت بشكل كبير في تربية أمهاتنا و في سنة 1930 سافر الحاج بلعيد الى العديد من البلدان كفرنسا حيث وجد مجتمعا مختلفا عن مجتمعه الامازيغي المسلم و تحدث عن هذا الاختلاف في اغانيه المعبرة عن معاني التشبث بقيم حضارتنا الاسلامية و هذا لا يعني بضرورة ان نترك التقدم الحضاري و الفكري في الحضارة الغربية لاننا نحتاج الى هذه الحضارة في تطوير مجتمعاتنا الاسلامية فكريا و ديمقراطيا . و مات هذا الرجل العظيم في سنة 1945 لكن بقيت مدرسته الغنائية و التاريخية و الحاج بلعيد ليس رجلا عاديا بل هو مؤرخ عصره التقليدي الذي علمنا الكثير من معانينا الجميلة كالاعتزاز بهويتنا الامازيغية و الدفاع عنها من الاكاذيب السخيفة .
مدرسة الحاج محمد الدمسيري الواقعية يعتبر هذا الرايس من الروايس الاوائل الذين أدركوا ان الامازيغية كلغة و كثقافة اخذت تموت بدون شهادة وفاة بسبب الذي نعرفه جميعا. و هو محمد بن لحسن الدمسيري و ازداد سنة 1937 في تامسولت قبيلة البنسيرن بامي تانوت اقليم شيشاوة و تلقى تعليمه الاول بالكتاب القراني كما يفعل عامة الروايس و هذا يفسر بان فن الروايس يعطي اهتماما كبيرا للنصائح ذات ابعاد دينية و اخلاقية . و في سنة 1961 هاجر الدمسيري الى ألمانيا حيث كان يحيي سهرات خاصة للعمال المغاربة المنحدرين من الجنوب المغربي و بقي هناك حتى عاد الى وطنه العزيز و في سنة 1964 حيث بدا مساره الفني المتميز و في سنة 1969 التي ستعرف تحولا كبيرا بالنسبة لهذا الفنان اذ في هذه السنة ستقع له حادثة سير خطيرة و كانت هذه الحادثة شكلت بالنسبة له منعطفا خطيرا و نتيجتها كانت اصابته بكسور في عموده الفقري و هو الامر الذي تطلب عملية جراحية و قام بها حسب عائلته طبيب امريكي ورغم ذلك فقد بقى مقعدا أي معاقا في اللغة المعاصرة منذ ذلك التاريخ لكنه واصل طريقه التي اختارها فكان ان ابدع المئات من الاغاني الخالدة في شتى مواضيع هذه الحياة كالدين و النضال من اجل ترسيخ الوعي بان الامازيغين لهم عدة حقوق على مستويات مختلفة كالاعلام الذي يلعب دورا اسياسيا في التعريف بخصوصيات الشعوب الدينية و الحضارية . و كما اهتم هذا الرجل المناضل بقضايانا الاسلامية كالقضية الفلسطينية و خاصة قضية المسجد الاقصى الذي يدخل ضمن مقدساتنا الاسلامية و ليس العكس و الدمسيري كان يتمنى في احدى اغانيه ان يصلي في ذلك المكان الشريف و العظيم في قلوبنا كمسلمين في العالم . و مات هذا الرمز النضالي في صمت رهيب و يقول استاذنا محمد مستاوي في كتابه الحاج محمد الدمسيري شهادات و قصائد مختارة من اغانيه حقا ففي صمت رحل هذا الفنان الذي له شعبية كبرى يوم السبت الاخير بعد دخوله في غيبوبة استمرت لمدة 24 يوما تاركا وراءه ارثا فنيا ضخما و تاريخ مواقف شجاعة لا يعملها الا الفنانون الصادقون مع انفسهم و مع محيطهم و الحاج الدمسيري من فناني سوس القلائل الذين حملوا هم الثقافة الامازيغية و دافعوا عنها و مرة قال في امسية شعبية بالجنوب انني لا يهمني ان اضطهد او اعتقل لاني اعرف انه في نهاية المطاف لا بد من الموت . و هكذا سيبقى الدمسيري مدرسة اسست على قواعد الواقعية و التوعية بمختلف ابعادها الدينية و الاجتماعية و الهوياتية . و في ختام هذا المقال الاول اعلن انني ساتطرق في مقالي القادم الى مدرسة فاطمة تاباعمرنت الوجدانية فكونوا في الموعد
#مهدي_مالك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|