|
نظرية المؤامرة _ أمثلة تطبيقية
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 6349 - 2019 / 9 / 12 - 23:40
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
المسؤولية الذاتية أو المشتركة _ الشخصية والاجتماعية تناقض نظرية المؤامرة . 1 تقوم نظرية المؤامرة على فرضية وجود جماعة سرية ( ماسونية ، صهيونية ، امبريالية ...) ، تتحكم بكل كبيرة أو صغيرة في هذا العالم . وهي بطبيعتها ضد الانسان ومصالحه على المستويين الفردي والاجتماعي . وتلك الحكومة الخفية ، التي يعرفها جيدا هذا الكاتب أو المتكلم العارف بالغيب ، تتحكم بالأديان الكبرى والأحزاب ، وعلى القارئ أو المستمع ( القاصر ) مواجهتها والتنبه جيدا لخطرها الثقافي _ السياسي بالتحديد . 2 الحقيقة والواقع العالمي على النقيض من ذلك للأسف .... الوضع العالمي والدولي _ الحالي والمستقبلي أكثر سوءا ، وبأضعاف ما يتصوره أصحاب نظرية المؤامرة ، حيث يكفي عداء الحداثة والغرب لتصحيح المسار ! الحقيقة والواقع لا أحد مسؤول ، لا أحد يهتم ، لا أحد معني . بعبارة ثانية ، يتمثل الموقف العالمي الحقيقي بفقدان الاهتمام بالمستقبل والمعرفة . فقدان الاهتمام الكامل ، بكل ما هو غير شخصي . لولا الإرهاب الإسلامي ، لاستمر صدام وعائلته وأشباههما في الحكم .... عشرات وربما مئات السنين . 3 فقدان الاهتمام مقلوب نظرية المؤامرة ، وليس نقيضها . المسؤولية الحقيقية ، على النقيض من فقدان الاهتمام الكلي أو الجزئي ومن نظرية المؤامرة . 4 بعض الأمثلة التطبيقية... مثال 1 ، حدث حقيقي ، ويجسد الحاجة القهرية ( اللاشعورية ) إلى عدو ثانوية بيت يا شوط 1978 بعد زيارة الرئيس المصري السادات إلى القدس ، جرت المحادثة التالية بين أستاذ مادة التاريخ حينها المسيو بابلو سعيدة مع احد الطلاب الغاضبين من الرئيس المصري ( الخائن ) ... كان الوقت شتاء والبرد شديد ، والطالب لا يرتدي سوى قميص خفيف وهو في مقدمة التظاهرة ويصرخ بشكل هستيري ضد الزيارة ، سأله الأستاذ : _ ألا تشعر بالبرد ؟ _ أجاب الطالب بالإيجاب طبعا . _ عندما هتفت ضد السادات ، هل شعرت بالدفء ؟ _ كلا ، أجابه الطالب . تعال معي ، وأشار إلى غرفة المعلمين وتبعه الطالب . بعدما جلس الطالب على كرسي قرب المدفأة لعدة دقائق ، سأله الأستاذ ثانية : هل تشعر بالدفء الآن ؟ _ نعم ، أجاب الطالب . فقال له الأستاذ وهو يضحك ، يبدو أن مشكلتك مع البرد وبسببه اليس كذلك ؟ ضحك التلميذ وأجاب بالموافقة . .... مثال 2 بين سلفادور دالي وبيكاسو .... تنافس الاثنان على زعامة الفن الحديث طوال القرن العشرين . لكن الزمن اعطى حكمه لصالح بيكاسو ، ولوحاته الأقرب للواقع . الخروج على المألوف ، ومعاداة المجتمع وغيرها من صفات التطرف ، قد تحقق لصاحبها _ ت الشهرة السريعة والمباشرة . ولكن ، غدا لا يصح إلا الصحيح . تفوق بيكاسو على دالي ، ليس بالموهبة والاجتهاد ، بل بموضوعاته الأقرب للواقعية _ مقابل ابتعاد دالي في الهلوسة واللامعقول ...ثنائية الموضة والابداع الحقيقي . .... مثال 3 الفرق النوعي بين النزوة العاطفية والحب ؟! نحن جميعا خبرنا النزوة ، وكنا ضحيتها لمرة على الأقل ... لكن ، قلة نادرة من البشر تدرك الحب الحقيقي ، ولو تجاوزت المئة . تمثل النزوة مختلف أشكال الإدمان .... الشره إلى الطعام بعد الجوع الشديد ، أو الظمأ إلى كأس ماء ، والأكثر وضوحا التلهف إلى سيجارة بعد المنع الخارجي لعدة ساعات . كلها تمثل النزوة العاطفية ، أو سيطرة العادة والغريزة على الوعي والإرادة الحرة . كما تجسد الفرق النوعي بين الحب الحقيقي وبين الحاجة اللاشعورية والتعلق ( حالة العجز عن الحب ) . ما هو الحب الحقيقي ؟! العلاقات العاطفية المختلفة _ والتي تستمر بالفعل _ تتضمن أربع مكونات أو عناصر أساسية ولا يمكن اختزالها ، وهي بالترتيب : 1 الحاجة 2 الجاذبية 3 الاحترام 4 الثقة . الحاجة والجاذبية لا يجهلها أحد ، وهي تشكل الدوافع الثابتة للنزوة العاطفية . بينما الاحترام مستوى خاص بالإنسان والعلاقات الإنسانية . وما يزال نادرا حتى اليوم . بدورها الثقة أكثر ندرة من الاحترام ، وهي بالضرورة تلي الاحترام ، ولا يمكن أن تسبقه . هذا الموضوع ( الحب الحقيقي رباعي البعد ، ويتضمن الثقة بعد الاحترام ) شديد الأهمية ، وقد ناقشته سابقا في نصوص منشورة على الحوار المتمدن أيضا . والاضافة الجديدة ، عنصر الاحترام الذي يشكل الفرق بين نوعي الحب السلبي والانفعالي _ والايجابي الحر والارادي . المغالطة الشعورية ( الخداع الذاتي ) ، تتضح تماما بعد فعل الخيانة العاطفية خصوصا ، عبر شعور الندم أو الغضب ( الجرح النرجسي ) . .... مثال 4 وهو الأسوأ في عقلية المؤامرة ، غير مباشر : أسطورة المستبد العادل ! عقلية المؤامرة تتمحور حول الدمج السحري للمتناقضات . وبكلمات أخرى ، تتمثل عقلية المؤامرة بتواجد النقيضين معا : الغرق في التفاصيل _ بالتزامن مع القفز فوق المتناقضات وعبر حركة واحدة . فكرة المستبد العادل ، تحوي رغبتين متعاكستين : شهوة الخضوع مع هوس السيطرة . وهي تمثل التناقض الوجداني ، أو ازدواج المشاعر لدى الشخصية نفسها تجاه موضوع واحد ( شخص أو حدث أو شيء ...) . .... .... ملحق 1 مشكلة الحاضر... لدى الفرد الإنساني ( ... ) دوما أضعاف حاجته من الماضي دوما . والعكس تماما بالنسبة للمستقبل ، يحتاج الفرد أضعاف ما لديه من المستقبل _ وذلك يجسد معضلة الحاضر : تراكم الماضي وزيادته المستمرة مقابل تناقص المستقبل الحتمي ، وغير القابل للتعويض . هل يوجد حل ؟! بعد فهم استمرارية الحاضر ، تتقدم المعرفة الموضوعية خطوة في اتجاه حل المعضلة . استمرار الحاضر ، مصدره مزدوج : لجهة الزمن ، يتم تجديد الحاضر من جهة المستقبل ، ومن جهة الحياة يتم تجديد الحاضر من جهة الماضي ( وهذه الفكرة ناقشتها سابقا بالتفصيل ). ملحق 2 مشاعر الحاجة والجاذبية منفصلة عن موضوعها ( انسان أو حدث أو غيرها ) . مثال عام ومشترك في المستوى الأول وضمن علاقات الحاجة فقط ، تنتهي المشاعر الإيجابية لحظة اششباع الحاجة أو تغييرها ، ومثالها النموذجي مشاعر الجوع والظمأ بعد الاشباع . أعتقد أن اختبار ذلك الشعور المتناقض بشكل متكرر ، قبل اشباع الحاجة وبعدها ، يقدم خبرة نوعية للفرد وهي جديرة بالاهتمام الفعلي . هذا المثل يوضح قوة مشاعر الحاجة في العلاقات الإنسانية ( حب المرضى للأطباء ، والجوعى للطباخين ...وغيرها ) . نفس الشيء يحدث في بقية جوانب الحياة ، وفي مختلف العلاقات الإنسانية ( الحاجة هي الدافع الأول والأقوى للسلوك _ وتكون لا شعورية في حالات متعددة ) . البعض يتوقفون عند هذا الحد والمستوى . الجاذبية في المستوى الثاني من العاطفة السلبية أيضا . الجاذبية تتضمن الحاجة والعكس غير صحيح . الاحترام ، وهو المستوى الإنساني الحصري ويتضمن ما سبقه . بعد الاحترام تتشكل الثقة ، بشكل احتمالي ، وهي الرصيد الإيجابي والثابت للحب . الثقة تتضمن الاحترام بالضرورة والعكس غير صحيح . لا حب بدون ثقة ، ولا ثقة بدون حب ....هذا رأي ....
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فوائد نظرية المؤامرة
-
تكملة الفلسفة الجديدة
-
الفلسفة الجديدة
-
مشكلة العيش في الحاضر هنا _ الآن .... تكملة
-
مشكلة العيش في الحاضر هنا _ الآن
-
الحاضر جديد _ متجدد بطبيعته
-
علاقات الاحترام والحب ، وتعذر تحقيقها
-
الكذب قيمة أخلاقية أيضا ...تكملة
-
الكذب قيمة أخلاقية أيضا ؟
-
الصحة العقلية بدلالة الزمن ، أو العكس الحاجة العقلية الخاصة
-
خلاصة بحث حرية الارادة
-
نظرية المعرفة الجديدة _ تكملة وملحق
-
نظرية المعرفة الجديدة 2
-
نظرية المعرفة الجديدة
-
البديل الثالث ضرورة ولكن
-
البديل الثاني مشكلتنا
-
الفكر العلمي جديد بطبيعته
-
الحب والزمن _ تكملة وخاتمة
-
الحب والزمن ، تكملة
-
الحب والزمن _ مقدمة عامة
المزيد.....
-
رأي.. عمر حرقوص يكتب: وداعاً قصة -الحرة-
-
ترامب يصف جولة رئيس الصين بجنوب شرق آسيا بأنها فرصة -للعبث-
...
-
مبعوث ترامب: المحادثات مع إيران تركز على -التحقق- من برنامجه
...
-
الأول منذ 30 عاما.. اكتشاف مضاد حيوي يواجه سلالات مرض السيلا
...
-
من هو الداعية نبيل العوضي الذي سُحبت جنسيته الكويتية مرتين؟
...
-
عاصفة رملية تتسبب بأكثر من ألفي حالة اختناق، وإغلاق مطارات ج
...
-
بيربوك: -الموت حاضر في كل مكان في أجزاء واسعة من السودان
-
وارسو: لا مساعدة لأوكرانيا دون أن نتربح منها
-
فرنسا تقدم مساعدات للجيش اللبناني (صور)
-
مراسل RT: مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في جنوب لبنان
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|