|
مستكشف الأضواء الخافتة
الحسن علاج
الحوار المتمدن-العدد: 6349 - 2019 / 9 / 12 - 03:43
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
مستكشف الأضواء الخافـــــــــــــــــــــــــــــــــــتة بقلم : إ ليزابيث رودانيسكو (Elisabeth Roudinesco) ترجمة : الحسن علاج
بعد عشرات العقود من الكراهية والِقداسة (hagiographie) ، بعد القراءات المتعددة لفرويد (Freud) التي طبعت تاريخ النصف الثاني من القرن العشرين ، فقد غدا من المستحيل إعادة رسم لمسار الرجل الذي شكل في الآن نفسه - بواسطة مذهبه والإشعاع العالمي لابتكاراته السريرية – محافظا مستنيرا ، محررا للنساء والجنسانية (sexualité) ، مزيلا لوهم الخيال (l’imaginaire) الإنساني ، وريثا للرومانسية الألمانية ، مفجرا ليقينيات الوعي وباختصار يهوديا نمساويا ، مفككا لليهودية ولهويات الأمة ، ذلك كله كان مرتبطا بتقليد المآسي الإغريقية بقدر ارتباطه بإرث المسرح الشكسبيري . هذا هو الإنسان الذي تخيل نفسه كريسطوف كولومبوس (Christophe Colomb) وأعجب بميكيلا نجيلو (Michel-Ange) ، ليوناردا فنشي، هانيبعل (Hannibal) ، نابوليون ، داروين (Darwin) . هذا هو الإنسان الذي يستدير كليا نحو العلم الأكثر صرامة ، تناول مخدر الكوكايين لإشفاء نوراستينياه (Neurasthénie) ظنا منه – في سنة 1884 – أنه اكتشف منافعها الهضمية . هذا هو الإنسان أيضا الذي لم يتردد في المخاطرة بنفسه في عالم اللامعقول (l’irrationnel) . بدلا من تفسير الثلاثة وعشرين كتابا أو المائة والثلاثة وعشرين مقالة للأعمال الكاملة ، وبدلا من تقديم تأويل لآلاف الرسائل المضمنة في مراسلاته ، أفضل استحضار بعض لحظات وجود بهدف رسم حدود لفرويد جديد في القرن العشرين ، فرويد أقل تحجرا كما لم يكن من قبل ، بواسطة المدارس التحليلنفسية أو بواسطة مغتابيه . إني أتوخى ، والحالة هذه ، مجازفة السعي وراء فرويد آخر ، واقعي ، مستغرق في اليومي : النمساوي ، الطبيب السريري ، المفكر السياسي ، الرحالة ، صديق الحيوانات ، الابن المحبوب من لدن أمه ، الغيور من ابنته ، والمصارع دوما للجنسانية الأنثوية ومع الصداقة التي يكرسها للنساء المثقفات ، أخيرا الرجل الذي اعتبره النازيون كأكبر عدو لهم . إلى درجة أنه ، منذ طوماس مان (Thoms Mann) ، الذي كان أول من قام بمقابلة مصيره بمصير هتلر ، من المألوف مقارنة حياة العالم الشهير بحياة الدكتاتور الحقير . في غضون سنة 1909 ، استقر المقام بالرجلين بالنمسا . في عمره الثالث والخمسين ومحاطا بتلامذته الذين كانوا يشكلون حوله نوعا من مأدبة أفلاطونية (banquet platonitien) ، كان فرويد بصدد غزو العالم بأفكاره بخصوص النفس الإنسانية . لايفقه شيئا عن تلك الثورة ، كان هتلر يسير هائما على وجهه في الأزقة ظنا منه أنه فنان وراشقا اليهود بسيل من اللعنات ، الشيوعيين ، البورجوازيين ، النخب . مسكونا بشهوة الشر ، سيصبح ، زهاء ربع قرن فيما بعد ، مخربا للتحليل النفسي الأوروبي ، للغته ، لمذهبه ، لممثليه ، لمؤسساته ولأخوات فرويد الأربع – مارية (Maria) ، أدولفينا (Adolfine) ، باولا (Paula) ، روزا (Rosa) – اللائي تلاشين في غياهب الإبادة الجماعية . حرر فرويد ، في سنة 1895 ، مجمل علم النفس العلمي ، عبارة عن مقالة مخصصة لأطباء الأمراض العصبية وفيها قام بمد علائق بين البنيات الدماغية والجهاز النفسي . وقد اقتنع آنذاك بإمكانية التعبير عن السيرورات (processus) النفسية كحالات محددة من حيث الكمية بواسطة جزيئات مادية : الخلايا العصبية . بناء على ذلك فقد كان طموحه يتمثل في رد اشتغال النفس (psyché) إلى نموذج فيزيولوجي عصبي : الرغبة ، الهلوسات (hallucinations) ،الأنا (le moi) ، الحلم ، إلخ . كذلك فقد شكلت تلك الحاجة إلى «أعصبة» الجهاز النفسي فرضية مغلوطة مثلما هي اليوم ، تأكيدات أولئك الراغبين في أن يجعلوا من التحليل النفسي علما للطبيعة ، وهو ما لن يكون أبدا . بعبارة أخرى ، إذا كان صحيحا أنه بدون دعامة دماغية لن يكون للكائن الإنساني وجود ، فمن الصحيح كذلك أن اشتغال النفسية الإنسانية ليس بشيء ذي أهمية قصوى إذا ما قورن بالنموذج الفيزيولوجي العصبي الذي هو شرط لوجوده . فأي دماغ لن يصبح قادرا أبدا ، باعتباره دماغا ، على تحرير [رواية] مدام بوفاري أو أميرة كليف (princesse de clèves) . وحسنا فعل ، فقد تخلى فرويد عن تلك البرهنة غير المعقولة إذ أنه تمكن من بناء نظرية تأويلية للاشعور لم تكن تمت بصلة أبدا بمقاربة الدماغ ، موضوع مبحث الأعصاب الحديث . مما لاريب فيه أن فرويد سوف يلبث ، عالم نفس زمانه ، مفتونا بالهستيريا ، التنويم المغنطيسي (l’hypnose) ، الإيحاء (suggestion) ، التطهير والجنسانية – وريث جان – مارتان شاركو (Jean- Martin Charcot) ، هيبوليت برنهايم (Hippolyte Bernheim) أو جوزيف بروير) Josef Bruer) – لو لم تتوفر لديه فكرة تحويل الألفة البورجوازية في نهاية القرن – في 15 من أكتوبر 1897 – إلى رواية مصير قاتمة : فقد كتب إلى صديقه ولهلم فليس (Wilhelm Fliess) بأن « الأسطورة اليونانية قد ولدت إكراها يقر به الكل لأن الكل يحس به . كل مستمع كان في يوم من الأيام مكونا من بذرة ، من خيال ، من أوديب من ثم يصاب بالذعر أمام واقعية حلمه المترجم في الواقع . يرتجف أمام قدرة الكبت بأتمها الذي [الكبت] يفصل حالته الطفلية عن حالته الراهنة . » قبل انصرام أسابيع ثلاثة ، في 21 شتنبر ، يتخلى فرويد ، في رسالة أخرى ، تحت عنوان « عن اعتدال الربيع » ، عن « نوروتيكا » ه (neurotica) ، تصوره الأول عن الجهاز العصبي . اعتقد ، في مرحلة أولى ، أن أصل العصاب الهستيري هو اعتداء جنسي تستمر المعاناة منه طيلة الطفولة . مقتنعا بصحة تلك الفرضية ، فقد اشتبه بأبيه العجوز ، يعقوب فرويد (Jacob Freud) ، كونه كان منحرفا أرغم أحد أبنائه بمص عضوه التناسلي . غير أنه عدل من بعد ذلك ، عن تلك الفرضية كي يثبت أنه حتى وإن كانت بعض الاعتداءات موجودة ، فهي ليست سببا وحيدا للعصاب . وحينذاك شرع في الحديث عن الاستيهام (fantasme) من أجل البرهنة على أن المشاهد الجنسية الشهيرة ، التي تساءل بخصوصها علماء عصره ، يمكن أن يتم أختلاقها وأن الواقع النفسي لم يكن شبيها بالواقع المادي . بعبارة أخرى ، فقد أكد بأن الصراع اللاشعوري كان تكوينيا للحياة النفسانية ، وليس الصدمة (le trauma) . وهكذا ابتكر نموذج الإنسان الأوديبي في ذات الوقت حيث أسس نظرية جديدة للنفس . كان الموقفان تكميليين وكانا في صلب نشأة التحليل النفسي ، حتى وإن كان مصطلح – تحليل – نفسي – قد ظهر لأول مرة في سنة 1896 : بالإضافة إلى ذلك فقد اعترف فرويد باستعارته من بروير ، الأستاذ والصديق ، الذي اتخذته برتاببنهايم (Bertha Pappenheim) (آنا o.) طبيبا لها ، [وهي] شابة يهودية نمساوية تعاني من اضطرابات هستيرية ، لم تشف منها لكنها توصلت إلى تصعيد أعراضها المرضية منخرطة في قضية كبرى لصالح العمل الاجتماعي وحقوق المرأة .
قراءة جديدة في التراجيديا اليونانيـــــــة
من المعروف أن التراجيديا اليونانية لم تستلهم تاريخ السلالات البطولية الحاكمة ثم بنيات القرابة إلا بهدف إظهار الصراع بين الناس والآلهة . يعتبر أوديب ، في عرف سوفوكليس (Sophocle) بطلا تراجيديا لأنه كان عملاقا بعد أن تمكن من حل لغز السفنكس (Sphynge) وأنقذ طيبة (Thèbes) .كان يظن نفسه ملكا عظيما ، حكيما وحاذقا ، في حين أنه سليل – دون معرفة منه – عائلة « مضطربة » ومرتكبة محارم : اللابداسيون (labdacides) . تزوج جوكاستا (Jocaste) ، الملكة المهداة ، دون أن يفطن إلى أنها كانت أمه ودون أن يكون قد رغب فيها . وقتل أباه ، لايوس (Laïos) ، في أثناء مبارزة ، عند مفترق طريق . إنه والحالة هذه ، ليس مذنبا في شيء : لا في رغبة غير موجودة ، ولا في اغتيال لم يكن راغبا في ارتكابه ، بما أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس . في نهاية بحثه ، اكتشف عكس ما كان يعتقد أنه كذلك ، [اكتشف] خطيئة ، ثم فقأ عينيه . فقد غابت عن فرويد تلك المسألة وكان له الإيمان بصلابة الحديد بوجود عقدته ، أصبحت عقيدة لترجمة علم نفس عائلي حديث . كان يبدو أن فرويد ، بابتكاره « رجلا أوديبيا » ، قد شوه الدلالة العميقة للتراجيديا اليونانية . فلأجل ذلك كان في حاجة إلى التوجه نحو هاملت (Hamlet) ، في مقابل تفاوت جديد يكمن في تحويل ذلك الأمير المالنخولي (mélancolique) ، المسكون بالأشباح والعاجز عن الأخذ بالثأر لوالده ، إلى مريض هستيري أكثر « أنوثة » من ملك طيبة . بعبارة أخرى وضمن المنظور الفرويدي ، فإذا كان أوديب سوفوكليس هو اللاشعور في الحالة الخالصة – بمعنى فعالية رمزية منفلتة من الذات (sujet) - ، فإن هاملت شكسبير هي وعي شقي ، بطل مسيحي . لايتملك فرويد هذا الأمير الدانماركي كي يجعل منه هستيريا نمساويا فقط ، لكنه يجعل أوديب «هامليتيا » بهدف بناء ، عقدته : هاملت ، هو أوديب مكبوتا . خلف العقدة التي توسل بها مثل تحول سريري – إن رغبة الطفل اللاشعورية الشهيرة تلك تجاه الوالد من جنس مخالف - ، قد شكلت لسان حال الوعي الأوروبي في نهاية القرن التاسع عشر ، وهو الوعي الذي شهد هيغل مطلعه عند سنة 1806 عند إنهائه – في يينا(Iena) – تحرير [كتاب] فينومينولوجيا الروح وهو يرى إلى مرور نابوليون بالقرب منه ممتطيا صهوة جواده : « روح العالم » ، مدمر الإقطاعيات القديمة . لم يقرأ فرويد سطرا من العمل الهيغيلي ثم قارن الفلسفة بنسق ذهاني (paranoïaque) ، كما قارن الدين بعصاب استحواذي . ومع ذلك ، وبدون علم منه ، فقد أجاب فلسفيا على الرعب أمام هجمة الأنثوي وعلى وسواس انمحاء اختلاف الجنسين ، اللذين هيمنا على المجتمع الأوروبي في الوقت الذي اضمحلت فيه قوة ومجد آخر الملكيات الإمبراطورية في النمسا . أولج فرويد شأنه في ذلك شأن هيغل (Hegel) ، الإنسان الحديث في عالم تاريخي – عالم الديموقراطية – عالم تتفوق فيه جدلية الصراع ، أكان صراعا نفسيا أو اجتماعيا ، على مبدإ سيادة أبدية ، جامدة ، تكرارية . متوسلا بالأسطورة المحولة إلى عقدة ، جدد فرويد رمزيا تباينات ضرورية للإبقاء على نموذج عائلي حيث يخشى الديموغرافيون ، علماء النفس وآخرون مبشرون بخراب العالم ألا يزول مع انطلاق النسوية (féminisme) ، الاشتراكية ، الشيوعية ، لكن أيضا مع عزل الجبروت الأبوي وظهور حقوق جديدة لصالح النساء والأطفال . باختصار ، فقد أسند إلى اللاشعور السيادة المفقودة بواسطة الله الأب ، كي يجعلها تسود قانون الاختلاف : بين الأجيال ، بين الأجناس ، بين الأبناء والآباء . يعتبر فرويد منتوجا قحا لنموذج قرابة مركز على العائلة الموسعة وعلى تنظيم الحياة الخاصة حيث تم تطبيق المبدإ بدقة والذي بحسبه كانت النساء تمررن عبره من وضع الفتاة إلى وضع الزوجة والأم . كما يدل على ذلك العلاج الذي قام به مع إيدا باور (Ida Bauer) (حالة دورا) ، فقد فهم جيدا ثورة الأبناء ضد الآباء وثورة البنات ضد وضعهن المستعبد . مواجها في أكتوبر 1900 لتلك الفتاة العذراء في الثامنة عشر من عمرها ، إذ حاول أحد أصدقاء أبيها الاعتداء عليها جنسيا ، بدا فرويد مشغول البال في الدفاع عن فرضياته بدلا من تقديم المساعدة لمريضته للثورة ضد أسرتها . فقد شكل العلاج كارثة ومع ذلك فإن فرويد لم يحكم لا للأب ولا للمغتصب . بالرغم من تلك التناقضات ، فإن فرويد لم يكن أقل تأييدا لحركة التحرر الجنسي التي انتشرت في أوروبا . امتدح فرويد ضدا على تلامذته النمساويين ، في وقت مبكر جدا ، حق المرأة في منع الحمل وفي الاختيار الحر للعمل ، وثار ضد إجبار اليافعين في الإبقاء على عفتهم في غضون سنوات قبل الزواج . فقد عانى هو نفسه من ذلك الحرمان . إنجاز علاجات على وجه السرعة باعتباره ممارسا ، أنجز علاجاته على وجه السرعة بمقدار خمس جلسات أسبوعيا ، مدة ساعة ، منذ شهر أو أشهر عدة . أحيانا كان يوقف العمل بهدف توضيح وضعية معينة . كان يقدم نصائح ، يركز نفسيا ، يستنبط تأويلات صادمة ، منشغل البال باختبار صحة فرضياته مع تقديم يد العون إلى المريض كي ينخرط على وجه السرعة للمثول إلى الشفاء . فبدلا من الخلود إلى الصمت منذ عدة ساعات في انتظار أن يسلم المريض برغبته ، كان يثير ، عبر ألفاظ ثاقبة ، انبثاق رغبات ، غرائز ، صراعات . كما أكد بأن الأداء لم يكن ضروريا في خطة العلاج وأن السعادة الحقيقية بالنسبة لطبيب ممارس ستتمثل في القدرة على إنجاز تحاليل مجانية . في سنة 1907 ، لما كان يعالج إرنست لانزر (Ernst Lanzer ) (رجل الجرذان) ، الذي أبدى تطابقا كبيرا معه ، حرر يومية العلاج بغية تقديم الحوار في وضعه الصحيح . أثناء سرد قصة التعذيب الشرقي ، المتمثلة في إيلاج جرذ جائع في إست سجين ، ترك لانزر الأريكة (divan) جانبا ، مأخوذا بالرعب ومتوسلا إلى فرويد أن يعفيه من تلك المهمة . أمره هذا الأخير بمتابعة الحكاية . وجعله يقر بآلامه كي يبين له بطريقة مثلى بأن ليس لديه أي ميل إلى الوحشية بما أنه عبر ، في حكايته ، عن «متعة مرعبة يجهلها هو نفسه » . قبل لانزر ذلك الإيعاز ، ما يساعده على استحضار طفولة أخرى . لم يحرر فرويد أي كلمة ، صحبة سرغاييف بانكاييف (Sergueï Pankejeff) ، الذي استقبله في سنة 1910 ، مفضلا الاشتغال على عمل إبداعي روائي . لقد حلم الشاب الروسي بذئاب بيضاء واستنتج فرويد أنه شاهد فيما مضى في مهده ، المتموضع في قاعة أبوية ، جماعا من الخلف (coït a tergo) (الرجل خلف المرأة ) . بالرغم من أن سرغاييف قد أقر من بعد بأن ذلك المشهد ال«أصلي » لم يحدث أبدا ، فإنه صادق على صحة الخيال الفرويدي . فقد حمله [المشهد] على التماهي مع «حالت» ـه إلى درجة تفضيل أن يكون رجل الذئاب بدلا من بانكاييف : بطل الأسطورة التحليلنفسية . استقبل فرويد ، بعد الحرب العالمية الأولى بفيينا العديد من التلاميذ الأجانب الراغبين في تحليل [شخصياتهم] من لدنه . قام البعض منهم بنشر تقرير علاجه ، مسهمين حينئذ بإضاءة جديدة على ممارسة المعلم . فقد سمحت كل تلك الحكايات ودراسات الحالة (cas) للمؤرخين كي يبرهنوا كيف أن الوعي الذاتي للعالم(بكسر اللام) ، الذي يعيد بناء متخيل بهدف إثبات صحة فرضياته ، ربما يكون [الوعي الذاتي ] مختلفا ، ليس فحسب عن وعي المريض – بما أن غالبية الوقت ، لايجد هذا الأخير نفسه فيما يرويه الطبيب المعالج - بل أيضا عن الواقع التاريخي . مما نتج عن ذلك الجدال اللاينتهي ، الخاص بالتأريخ التحليلنفسي ، بين المؤرخين النقاد الذين يتهمون فرويد بتحريف الحقيقة وكتاب سير القديسين (hagiographes) الذين يرون في النص الفرويدي عقيدة مقدسة ، فيما يتعلق بشهادات التلاميذ ، والتي لم يقم فرويد بنشر أي شيء يمت إليها بصلة ، فإنها [الشهادات ] ذات طبيعة أخرى : في منتصف الطريق بين تجديد البناء العالم (بكسراللام) والشهادة الوجدانية . إذا كان فرويد ليبيراليا ، إلا أنه يتقاسم ، مع منظري تفوق البطريركية (patriarcat) ، يقين أن اللوغوس (logos) (العقل) كان ذا طبيعة ذكورية وأن الإنسانية أنجزت خطوة فاصلة بالمرور من نظام الأمومة (mariarcat) إلى البطريركية ، أعني من عالم مسمى «عاطفيا» إلى عالم مسمى «معقولا» . إلا أنه ، وخلافا لعدد كبير من معاصريه ، فهو لم يكن يتصور بأن تحرير النساء قاد العالم إلى انحطاط للعقل . لم يعمل فرويد أبدا من عقدة أوديب هراوة قضيبية مهمتها تجديد نموذج الأب . فهو يدرك أنه كان ممثلا لقدوم نظام اجتماعي جديد ، وهذا ما يجعله يثمن رمزيا الوظيفة الأبوية في ذات الوقت الذي تتقوض فيه في الواقع : كان يفضل آلهة الأولمب (L’olympe) على الجبابرة (Titans) وزيوس (Zeus) على أورانوس (Ouranos) . لذلك فإن التحليل النفسي كان في مستوى ذلك التيار . مسنودا بواسطة التصنيع وبضعف المعتقدات الدينية ، إنه ظاهرة حضرية في كل مكان من العالم . ينشر تعليمه ، يؤسس جمعياته وينشئ معاهده للتكوين في كبريات الحواضر حيث السكان هم في الغالب مفصولون عن جذورهم غارقون في المجهول . كما أنه [التحليل النفسي] يتغذى على مفهوم الذاتية (subjectivité) الذي يفترض عزلة الإنسان في مواجهة ذاته : عدول عن كل هيمنة قبلية . ليس جهاز الأريكة سوى تعبير سريري لذلك الوضع عن بعد : سبر أغوار الذات أمام غيرية (altérité) مختزلة في تعبيرها الأكثر بساطة . بالنسبة للتحويل (transfert) ، تصور رئيس ابتكره ساندرو فيرنزي (ٍSandro Ferenczi) ونظر له من قبل فرويد ، لم يكن سوى نقلا ، على صيغة بينذاتي (intersubjectif) ، لنفوذ تفكك في الواقع و أن الذات يعاد بناؤها خياليا لغايات علاجية . على الشاكلة ذاتها يمكن القول بأن التحليل النفسي لم يعرف لاوطنا ، ولا حدودا ، وإن كانت أشكال استنباته تحمل ملامح خاصة بثقافات البلدان التي تبنته . لم يعرف سلطة مقدسة ، ولو أن طرائق نقله كانت تمتلك مبدأ الانتساب كدعامة ، أعني نسق تلق (initiation) للمعرفة وللممارسة التي يتم تنفيذها بين المعلم وتلميذه عبر تجربة العلاج الديداكتيكي . فذلك جيد تمام الجدة لأنه لا يقر بأي تفوق إلهي إذ أنه يفترض إزاحة لتمركز الذات ، منفى داخليا ، يمر ، مثلما قال فرويد ، عبر ثلاثة إذلالات (humiliations) نرجسية : لم تبق [الذات] متواجدة في مركز الكون ، لم تبق خارج عالم الحيوان ، لم تبق سيدة على مسكنها الخاص . كان فرويد يفضل الملكية الدستورية الإنجليزية على السيادة الجمهورية للسنة II التي تأسست باتفاق (24 يونيو 1793) : فقد شكلت الأولى بالنسبة إليه أنا (moi) طهرانية ، قادرة على كبح أهوائه ، إنصافا أخلاقيا ، إيثيقا (éthique) إكراه : أما الأخرى فقد مثلث بالنسبة إليه ، خلافا لذلك ، منطقة الهو (le ça) ، استتيقا الفوضى ، الليبيدو (libido) والجمهور - بإيجاز اقتحام قوى لاتضبط لكنها ليست مجردة من الإغواء . فالذكر ، من جهة ، مع الإعجاب بكرومويل (Cromwell) ، الأنثى ، من جهة أخرى ، مع الافتتان بنساء المبرودة (Salpêtrière) – أولئك الهستيريات بجمال تشنجي – منومات مغناطيسيا بواسطة المعلم شاركو (Charcot) . القانون لمجاوزة الغرائــــــــــــز لقد شدد فرويد بلا كلل ، فيما وراء تلك الطوبيقا (topique) ( (الأنا ، الهو ، الأنا الأعلى) وتلك الثنائيات القطبية (انجلترا/ فرنسا، ملكية / جمهورية ، مذكر /مؤنث) من [كتاب] الطوطم والحرام (Totem et Tabou) إلى [كتاب] الإنسان موسى ، أن اغتيال الأب كان ضروريا لتشييد المجتمعات الإنسانية . إلا أنه ، يقول فرويد ، حينما يكتمل الفعل ، لن يخرج المجتمع من الفوضى ، إلا حينما يكون هذا الفعل متبوعا بعقاب وغفران مع صورة الأب . يؤمن فرويد في ذات الوقت بضرورة الاغتيال و [ضرورة] تحريم الاغتيال ، بضرورة الفعل وبالاعتراف بالجريمة التي يعاقب عليها القانون . ويعتقد بأن كل مجتمع إنساني كان مخترقا بواسطة غريزة تدمير لكنه يؤكد أيضا بأن كل مجتمع قانون يتوجب عليه الارتكاز على مبدإ العفو ، الفقدان ، الخلاص . كما كان معارضا لعقوبة الإعدام ومقتنعا بضرورة إلغائها . خلافا لصورة سلبية منتشرة جدا ، كان فرويد متسامحا نحو الجنسية المثلية (homosexualité) . فقد عمل على إدخالها ، بالطريقة نفسها ، مثل الخنثوية (bisexualité) ، ضمن كلية الجنسية الإنسانية . كما رفض النظريات الجنسية (sexologique) معتبرا أن الجنسية المثلية ليست فطرية ، و لا طبيعية لكنها ناتجة عن اختيار نفسي لا شعوري . لذلك نجده يرفض كل أشكال التمييز . فالمثليون بالنسبة إليه هم أناس مثل الآخرين و لا ينبغي التعامل معهم كزمرة شاذة : لا «منحلين» ، و لا «غير أسوياء» ، لا موسومين باسم العرق . زد على ذلك فقد أدان المناهضين للسامية و مبغضي النساء بالقدر الذي أدان به مشنعي المثليين . وعليه ، فقد أكد أيضا على المستوى الإكلينيكي ، أنه من العبث ابتغاء تحويل مثلي إلى مشته للمغاير (hétérosexuel) بدلا من الخضوع إلى إجراء عملية معكوسة . إلا أنه لم يجد الفرصة السانحة لنشر حالة تروي بتفصيل علاج رجل مثلي . بالمقابل ، فقد عمل على عرض المغامرة الفاشلة لسدونيا زيلاغ (Sidonie csillag) في سنة 1920 ، فتاة سحاقية (lesbienne) نمساوية ،كانت مغرمة بسيدة تمنعت عنها ، و أن أبويها كانا يرغبان في تزويجها لتفادي الفضيحة . لأجل ذلك قدم تعريفه المعياري للجنسية المثلية النسوية ، الناتجة ، بحسبه ، لتعلق طفلي بالأم وبخيبة أمل بخصوص الأب . بدون أدنى أي شك ، فقد كان من السهل جدا عليه مقاربة الجنسية المثلية النسوية بقدر [مقاربته] للجنسية المثلية الذكورية . فمن جهة ، لأن النساء المثليات كن ثنائيات الجنس أكثر من نظرائهن الذكور ، وبناء عليه ، فإن اختيار الموضوع كان أكثر تذبذبا ، ومن جهة أخرى ، فإن المثلية النسوية كانت أشد تكتما – حينما كانت لا تعتبر كنمط حياة متمرد لدى الكتاب وشعراء الأندية الأدبية الحديثة . أكثر من هذا ، فإن الرجال المثليين قلما كانوا يقبلون على التحليل بما أن ممارساتهم ، المحكوم عليها بالانحراف ، تسقط في قبضة القانون . تمت تنشئته بواسطة نساء ، دلل طيلة طفولته بواسطة أمه و أخواته ، بلغ فرويد سن الرشد ، يعيش بفيينا ، في شقة برغاس (Berggasse) ، محاطا بنساء ثلاث : مارتا (Martha) ، عقيلته ، ربة بيت . مينا برنايس (Minna Bernays) ، أخت هذه الأخيرة ، ظلت عزباء والتي تابعت تطور أشغاله حتى صارت تناديه «frau professor Freud» ، و أخيرا آنا فرويد (Anna Freud) ، ابنته الأخيرة ، سادسة إخوتها ، والتي اتخذ منها تلميذته الرئيسة . نشأت آنا (Anna) في سنة 1895 ، و التي لم يكن مرغوبا فيها لا من طرف أمها و لا من أبيها ، الذي قرر ، بعد ولادتها ، أن تظل عفيفة ، لعدم القدرة على استعمال مانع للحمل . كما قاومت ثاني إخوتها للاعتراف بأهم صفاتها : ومن أجل الاقتراب من أبيها اختارت الإنضمام إلى نادي مريديها لتصبح مدرسة . في سنة 1913 ، أثناء رحلة إلى لندن ، تمت مغازلتها من قبل إرنست جونز (Ernest Jones) – تلميذ إنجليزي ومنظم للحركة الفرويدية (الجمعية الدولية للتحليل النفسي IPA) – ما كلف هذا الأخير تأنيبات قوية. فيما بعد ، قام فرويد ، بشكل منهجي ، بصرف ، كل الطالبين يد ابنته ، الملقبة بأنتغونا (Antigone) العائلة . بيد أنه كان قلقا وهو يراها وقد أصبحت عانسا ، فقد أدرك على الفور أنه بقوة الممنوعات ، كانت تصد الرجال رغبة منها في أن تصبح أما . ومن أجل أن «يوقظ ليبيدو» ها اقترح عليها أن يتخذها موضوعا للتحليل: بين 1918 و1920 ، ثم بين 1922 و 1924 . وكلما تأكدت جاذبيتهما المتبادلة ، المدعمة بالعلاج ، كلما كان نأيها يزداد عن الرجال . كونها كانت تشعر بنفسها منجذبة من قبل النساء ، باحت آنا (Anna) باضطرابها إلى لو أندريا ـ سالومي (Lou Andreas- Salomé) ، الصديقة الوفية للعائلة ، المشهورة بصداقتها مع نيتشه وبالإعجاب الذي يخصها به فرويد : «لأول مرة ، كان لدي حلم نهاري حيث برز فيه بطل نسوي . فقد شكلت ، علاوة على ذلك قصة حب لم أتوقف عن التفكير فيها .» مرعوبا بفكرة أن ابنته كان بمقدورها أن تصبح سحاقية بالفعل ، عمل فرويد على صرفها عن رغبتها بسبر طبقات لاشعورها العميقة . وقد حثها بالأحرى أن تلعب دورا مهما في الحركة التحليلنفسية إذ كان يتمنى أن يراها تنخرط في عمل ثقافي مكثف . انتهى علاج آنا إذا من قبل والدها بطريقة ملفتة للنظر . وبالتأكيد فقد سمح للمرأة الشابة بأن تحقق ذاتها كمديرة مستقبلية لمدرسة ، غير أنها في المحصلة جعلتها أيضا تمقت جنسانيتها الخاصة ،إلى درجة أنها ، على طول وجودها ، أبدت معارضة ضد فكرة أن بعض المثليين قادرون على ممارسة التحليل النفسي .
شيخ قبيلة ومعرض وحوشـــــه فيما بعد ، ثأرت آنا لنفسها من ذلك الأب المحرم (بكسر الراء وشدها) ، حينما ستلتقي دروتي تيفاني برلنغهام (Dorothy Tiffany Burlingham) ، التي أصبحت رفيقتها طيلة حياة بكاملها . ترعرعت بنيويورك ، حفيدة مؤسس مستودعات تيفاني وكو (Tiffany et co) غادرت الولايات المتحدة مع أبنائها الأربعة بهدف النجاة من الجنون القاتل لزوجها لتصبح محللة نفسانية . استقرت بفيينا ، عاشت مع آنا ، التي أصبحت مدرسة فمحللة نفسانية لأبنائها . كان ينظر إلى آنا ودوروتي مثل توأمين ، تلبسان ملابس مماثلة وتربطان علاقات صداقة حميمية تشبه إلى حد كبير علاقات زوج سحاقي . تحولت آنا إلى «قريب - مساعد» لأطفال دوروتي ، هكذا تمر من وضع الفتاة إلى وضع الأم ، على أن تكون قادرة بالمقابل على إثبات أنها ليست مثلية بأي حال من الأحوال . فيما يخص فرويد ، لم يكن مستاء ، بهدف رعاية ابنته بالقرب منه ، أن يكرس نفسه مثل شيخ قبيلة جديدة : «إن روابطنا التكافلية مع أسرة أمريكية (بدون زوج) ، كتب في سنة 1929 ، إذ تمت متابعة الأطفال تحليليا من قبل ابنتي بصرامة ، حتى إن إيجاد حل للصيف كان مشتركا . يمثل كلبينا الاثنين ، وولف (Wolf) والصينية اللطيفة لان – يو (LÜn-you) ، النمو الأكثر حداثة للأسرة .» شأنه في ذلك شأن الأميرة ماري بونابارت (Marie Bonaparte) ، حيث شكل علاجها عملا رائعا ونجاحا باهرا – بما أنه قادها إلى العدول عن فكرة الانتحار وارتكاب زنى المحارم (inceste) - ، كان فرويد مولعا ب[كلاب] الشوشو (Chow Chow) ، مخلوقات ذات وبر طويل شبيهة بليوث منمنمة . كان يفضل الشقر على السود. بعد نفوق [الكلبة] لان – يو ، أخت هذه الأخيرة ، يوفي (Yofi) ، أصبحت رفيقة الأيام السعيدة والنحسة . كانت تقعى عند قدم الأريكة أثناء جلسات التحليل ، كما تشهد على ذلك الشاعرة الأمريكية هيلدا دوليتل (Hilda Doolittle) ، عشيقة الشاعر عزراباوند (Ezra Pound) ، في وصف جميل لعبورها بفيينا : «تقعى يوفي كالعادة أرضا ، شعارية ، رمزية ... كان البروفيسور يوليها عناية كبرى أكثر من قصتي ... فقد قال لي فرويد بأن يوفي وضعت جروا أسود ، نفق عند ولادته ، كان أسود كالشيطان لأن زوجها كان أسود ... فإذا ما وضعت ، في الوقت الراهن ، جروين بلون مغاير ، فإنه سيكون لأصحاب الأب جروا واحدا ، أما إذا ما وضعت جروا واحدا فقط ، فسيبقى « فرويدا واحدا » .» حينما نفقت يوفي ، في سنة 1937 ، قبل سيدها بعامين ، هذا الأخير الذي تأثر تأثرا شديدا . إلا أن لان أنثى شوشو أخرى ، قد حملت له تعزية جديدة . فيما يخص طوبسي (Topsy) ، شوشو ماري بونابارت ، أكد أن الكلاب هي مخلوقات استثنائية والتي لم يكن للتمدن (kultur) أي تأثير عليها ، وعليه فإنه بالإمكان محبتها بدون تجاذب وجداني (ambivalence) بما أنها تجسد « وجودا تاما في ذاته » ، مجردا من التجاذب الوجداني ، حياة لا إنسانية ، إلا أنها ، والحالة هذه ، تساعد الإنسان على تذكر شيء ما لحالة سابقة عليه هو ذاته . أليست الكلاب مستعدة عند كل لحظة للإحتفاء بأسيادها وعض أعدائهم ؟ لم يتردد فرويد في وصل الحب الذي ألهمته إياه السلالة الكلبية (canine) بلحن الدون جيوفاني (Don Giovanni) لموزارت (Mozart) . كما أنه بالتأكيد يفكر في تلك الكلاب المصرية التي يحب الإكثار في تجميعها أو في تلك التماثيل الصغيرة نصف – رجال نصف – بهائم الموضوعة على مكتبه والتي يعتبرها مثل كائنات حية . الحق يقال ، أنه حينما كان يعرض لأسرته ، كان يضع على المستوى ذاته ال « محتلين الإنسانيين » و « دولة الكلاب » ، حيث تشكل الأنثيات ، التي يلقبها ب « السيدات » الأغلبية . أثناء تحليلها ، الذي جرى بشكل متقطع من 1925 إلى 1938 ، طلبت ماري بونابارت من فرويد إذا ما كانت – من وجهة نظره الخاصة – ملاحظة التسافد الموجود لدى الحيوانات : « لانعرف ، أجاب ، لأنه من الصعب تعرف موضع الأعضاء التناسلية لدى الحيوانات زد على ذلك فإن ما ينتج عن الحيوان غير قابل للتطبيق على الإنسان . » على طريقة الدارويني الحقيقي ، البعيد جدا عن السلوكيين (comportementalistes) وإيثولوجيين (éthologues) آخرين للتكييف ، والذين يخلطون بين الإنسان والحيوان ، كان فرويد يدرك أنه من العبث ، في هذا الميدان ، عبور حاجز الأنواع . أصيبت بالسرطان ذاته الذي أصيب به فرويد – الفك - ، أجريت لطوبسي عملية بفيينا بمصحة مخصصة للإنسان . وعندما خصصت لها ماري بونابارت كتابا ، قام فرويد بنقله إلى الألمانية وسأل : « هل تدرك طوبسي أنها ترجمت ؟ » بلندن ، أيام معدودة قبل رحيله ، نأت لان عنه ، بقيت متوارية في زاوية من غرفته المتحولة إلى غرفة تمريض . كانت لاتطيق الرائحة المنبعثة من فم فرويد على الإطلاق إذ استخلص هذا الأخير أنه قد آن الأوان للتخلص من حياة لم تكن أكثر من معاناة وتعفن . كان فرويد شغوفا بالسيكارات (cigares) ، بالأثريات ، بتجميع الأشياء ، بالجنسانية ، بالحلم ، بالنكتة ، بالعلاقات الرسائلية ، بالكلاب ، بالأسفار كذلك ، كما أنه كان يعاني من رهاب (phobie) الانتقالات منذ اليوم حيث ، طفلا كان ، حدث أن قضى ليلة على متن قطار مع أمه الشابة ، وبدون شك الكشف على عورتها . فيما يتعلق بحمى سفره ، فقد ترك رسائل وبطاقات بريدية ملأى بالنوادر ومكتوبة بأسلوب تليغرافي : أكل ، شرب ، اغتسال ، نفقات ، توفير ، عد، سرد، وصف أمكنة (مدن، تصميمات ، استشارة أدلة (Beadeker ذائع الصيت)) ، إلخ .
الانتحاء الإيطالــــــــــــــــــــــــــي شكلت روما مدينة كل الرغبات : روما العتيقة ، أكثر من روما الباروكية ، كانت ماثلة في أحلامه ، في قراءاته . لذلك فقد اتجهت نظرته صوب تلك المدينة ، التي ستفتح له من ثم طريق الجنوب – نابولي ، بومبي (Pompéi) ، رافيلو ، بيستوم ، بوزيتانو (Positano) ، ثم باليرمو (Palerme) وأغرجونتا (Agrigente) . فقد مثلت روما لفرويد ما كانت إسرائيل تمثله لموسى وصهيون (Sion) لتيودور هرتزل (Theodor Herzel) .حينما تأمل نصب ميكيلا نجيلو ، سنة 1912 ، بكنيسة سانت – بيار – أوليان (Saint- Pierre – aux -Liens) ، فقد كتب إلى مارتا : « إني أذهب كل يوم للتملي برؤية موسى (Le Moïse) بسان بيترو (San Pietro) بفانكولي (in Vincoli) ، والذي سأخط بخصوصه بعض الكلمات . » مضيفا : « طبعا فقد شكلت روما بالنسبة إلي أفضل شيء يكون . سأفيد من ذلك مثل أي وقت مضى ، فأنا على الأرجح أقطن في ظروف رائعة جدا . إن مخطط شيخوختي قد توقف : لا بيت ريفي بل روما . » لمرات عديدة قبل الإقامة بروما ، كان فرويد يعود أدراجه . شأنه في ذلك شأن هانيبعل ، البطل المفضل لسنوات الثانوية ، فقد كان ممنوعا من تحقيق أمنيته ، الأكثر تأججا . لم يتوقف الجنرال القرطاجني ، كما هو معروف ، أبدا في الوصول إلى المدينة الإمبراطورية . كان فرويد يرغب في إغواء روما كما تغوى امرأة ، كذلك فقد كان يرغب في السيطرة عليها على طريقة فاتح إفريقي ، مشغول البال بمقاومتها مع الكراهية التي يوحي له بها كل شكل من أشكال معاداة السامية . أثناء استحضاره للرحلة البحرية لهانيبعل تذكر ، في سنة 1900 ، واقعة من طفولته أصبحت شهيرة . في يوم من الأيام روى له أبوه ، يعقوب ، طرفة قديمة كي يبرهن له بأن الحاضر أحسن حالا من الماضي . فيما مضى ، قال يعقوب ، هناك مسيحي قام ب « قذف قلنسوت[ــه] في الطين صائحا : « انزل أيها اليهودي من على الرصيف ! » حينئذ سأل فرويد والده ماذا كان رد فعله . فأجاب هذا الأخير : « التقطت قلنسوتي .» قابل الطفل هذا المشهد الذي أغاظه ، بمشهد آخر أكثر تطابقا لطموحاته : مشهد ، تاريخي ، حيث حمل أميلكار (Hamilcar) ابنه هانيبعل على أن يعاهده كي يثأر له من الرومان وأن يدافع عن قرطاجنة إلى آخر رمق من حياته . حين احتلت روما ، تقدم فرويد كثيرا نحو الجنوب ، بحثا عن ذلك العالم القديم حيث استمد ابتكاره للعائلة الأوديبية . ففي شتنبر 1904 ، في إبان الأيام الخمسة التي قضاها بأثينا ، وبعد عبور طويل بحرا قاده من تريستا (Trieste) إلى كورفو (Corfou) ، رتب قميصه « الأكثر أناقة » لزيارة أكروبوليس (Acropole) . عند قدم البارتينون (Parthénon) ، تذكر والده مرة أخرى . حينئذ همس ، تحت المطر المتساقط ، في أذن أخيه الإسكندر (Alexander) ، الكلمات التي تلفظ بها بونابارت في يوم التكريس (sacre) متوجها أيضا هو الآخر إلى أخيه : « ماذا كان سيقول والدنا ؟» غير إنه في ذات الوقت الذي تماهى فيه مع بونابارت راوده إحساس بأن ذنبا عظيما يجتازه . منخرطا بحماس في تلك الثقافة الكلاسيكية ، ألم يكن قد خان هويته اليهودية ؟ قطع ، في سنة 1909 ، المحيط الأطلسي صحبة كارل غوستاف يونغ (Carl Gustav Jung) ، الذي ما يزال وريثه ، وفرينزي (Frenczi) ، تلميذه الهنغاري الأساسي . تلبية لدعوة من قبل ستانلي هول (Stanley Hall) الذي التمس منه القيام بإعطاء محاضرات بجامعة كلارك (Clark) الساحرة لوورسيستر (Worcester) بما سا شو ستس (Massachusetts) ، فقد كان يدرك أنه يتوجب عليه غزو جمهور جديد مختلف شديد الاختلاف عن جمهور أوروبا العجوز . طيلة الرحلة ، على متن باخرة جورج واشنطن ، كان الرجال الثلاثة يحللون بالتبادل أحلامهم . لقد سبق لفرويد أن حاز على شهرة ذاع صيتها ، وعليه فقد كان مفترا عليه شيئا فشيئا . بالرغم من أنه كان ميالا ، أمام الحملات ، إلى إضفاء قلقه مبديا بكبرياء عن نوع من اللامبالاة ، فقد كان يعاني من ألا يفهم ويكرم بشكل جيد . مثل العديد من المثقفين الأوروبيين في بداية القرن العشرين ، كان يحلم بأمريكا متمنيا أنه فوق قارة بكر وأقل ميلا إلى العودة إلى الماضي ، سيكتشف أرضا موعودة تتسع لابتكاراته . فضلا عن ذلك ، فقد كانت تجتاحه رغبة جارفة لرؤية الشيهمات (Porcs -épics) ... سيكتشف القارئ الفرنسي ، بلا شك ، خائب الظن ، أنه عند وقوفه أمام تمثال الحرية ، لم يتلفظ فرويد أبدا بتلك الجملة : « هم لا يعرفون أننا نقلنا إليهم الطاعون .» وفي الواقع فإن جاك لاكان (Jacques Lacan) هو من سيسندها له ، في سنة 1955 ، في نهاية نقاش مع يونغ ، الذي ابتكرها . بناء على ذلك ، فإن أسطورة انتشار الطاعون هي لاكانية وفرنسية . ومع ذلك فإنها تستجيب بشكل كبير جدا إلى صورة أن إيديولوجيي العالم الجديد استغلوا المذهب الفرويدي في بداية القرن العشرين . وبالفعل ، فقد كانوا يرون في ال « غريزة الجنسية » قوة شيطانية ، شبيهة بوباء . قصة ناجحة مربكـــــــــــــــــــــــة بعد أن تأمل مليا في مجابهته مع صفوة المهن الحرة وجامعيي الساحل الشرقي ، قرر فرويد ألا يقرأ أي نص. فقد قدم بالألمانية لمستمعيه المنذهلين تركيبا جليا لمذهبه الذي كان ، فيما مضى ، موجها أساسا حول الطب التطبيقي ، الجنسانية ، الحلم والعصاب (névrose ) ، حول تقنية العلاج ، الرغبة والمقاومة ، حول الهستيريا »(hystérie) والكبت »(refoulement) ، وأخيرا حول بناء جهاز نفسي مجرد من كل ميتافيزيقا (أو نفسانيات نظرية (métapsychologie)) : مهارة حقيقية . في غضون صبيحة من الصبيحات ، شبه فرويد المحلل النفسي بوسيط قادر على التفاوض مع مشوش بهدف حمله على العودة إلى المدرج هادئا ومصمما على ألا يزعج المستمعين . إن مهمة المحلل النفسي يتم تعريفها ، والحالة هذه ، كمحاولة لإرجاع العرض من حيث أتى : نحو الفكرة المكبوتة . كانت استعارة المزعج مفهومة ، بما أن إيما غولدمان (Emma Goldman) ، الفوضوية الأمريكية الشهيرة ، قامت ، يومه الجمعة بعد الظهيرة ، بدخول صاخب ، مصحوبة ببن رايتمان (Ben Reitman) ، « ملك المتسكعين». سنوات فيما بعد ، أصبح التحليل النفسي ال « علاج العقلي » الأكثر شعبية للقارة الأمريكية . فقد عمل على كنس المذاهب العضوية البالية ، متأصلا في مكان وموضع طب الأمراض العقلية وعلم النفس ، هازئا من المبادئ الكبرى للأخلاق المتحضرة لاقيا استحسانا لدى الطبقات المتوسطة . عندئذ يدرك المرء الهيجان الذي خرج عن السيطرة ، فيما بعد ، ضد هذا الأوروبي المتشائم ، أقل ميلا إلى التموضع على محور الخير والشر بصدد الجنسانية . ألم يكن قد تجرأ ، في سنة 1909 على زرع البلبلة في الوعي المضطهد للطهرانيين ؟ وفي الواقع ، فإن التحليل النفسي لم يحابي لا قمع الليبيدو ، ولا الاعتقاد في خاصيته الخيرة . لذلك السبب ، وفي ظل سياق أمريكا موزعة بين ذينك الطموحين المتطرفين ، تم تلقي ما لم يكنه : وعد لتفتح الذات ، للتكيف مع الواقع وللا ستئصال النهائي للصراعات العصابية ؛ نقيض للسعادة في معناها الأوروبي ، التي تفترض الارتباط السياسي بمصير جمعي وليس حصرالحياة بفردانية ناكصة . في حوالي 1960 ، بالغا قمة مجده ، سيصبح والحالة هذه ، مقدوحا فيه ، ومستنكرا ومشيطنا بسبب أنه لم يف بوعده ، إزاء الشعب الأمريكي ، التزام لم يكن أبدا ملكه . استوعب فرويد الطريقة التي فهمت بها رسالته فيما وراء الأطلنطي . كذلك ، طيلة ما بين الحربين ، وفي الوقت الذي يتم فيه استبعاد التحليل النفسي وأن ممارسيه كانوا مجبرين على أن يتغربوا في العالم الناطق بالإنجليزية ، أصبح معارضا شيئا فشيئا للطريقة التي استحسنت بها الولايات المتحدة مذهبه من أجل تحويل محتواه . فقد جعل من لندن ، سنة 1939 ، عاصمة عالمية للتحليل النفسي ، كما لو أن بلد الملكية الإنجليزية التي طالما تم الإعجاب بها كانت في نظره الوحيدة القادرة على الصمود أمام « الغول » الأمريكي . كثيرا ما واجه فرويد طريقتين من كبريات الطرائق لللامعقول الخاصة بتاريخ العلوم . من المعروف أن الأولى تظهر لما يصادف عالم ما عقبة تتكون من مجموعة من مذاهب تحكم فكر حقبة فأصبحت عقيمة . أما الثانية ، فقد برزت حينما تحجر فكر ما ضمن عقلانية ضيقة . آنذاك توجب على العالم أن يمدد الفعل المبدع الذي خلقه كي ينفخ فيه قوة جديدة . تنضاف إلى ذلك طريقة ثالثة ، تحدث لما يتخلى عالم عن كل شكل من أشكال العقلية (rationalité) بقصد الانخراط في علوم مزيفة . حينما انتقل فرويد من الميثولوجيا الدماغية إلى مقاربة نفسانية للاشعور ، فقد قام باختبار تلك الطريقة الأولى للامعقول (l’rrationel) بتأثير من ولهلم فليس ، طبيب برليني ، الذي مارس عليه تأثيرا ديونيزيا عاملا على خلط الأطاريح الضاربة في اللامعقول في زمنه . تلك المجابهة ، التي انتهت إلى قطيعة عنيفة بين الرجلين ، شكلت في الأصل ، مثلما قلت آنفا ، ولادة التحليل النفسي . زهاء ربع قرن فيما بعد ، عندما بدأ مذهبه في التحجر ، تخلص منه فرويد متظاهرا بالتسكع في علوم السحر والتنجيم . تلكم كانت المغامرة الغريبة للتخاطر (telépathie) ، دراسة نقل الفكر . بالرغم من أنه كان يكره ال« مد الأسود للإخفائية (l’occultisme )» ، وفي الواقع فقد ظل مفتونا بالظواهر ذات الصلة باللامألوف والمستغلق . وقد أعاد الكرة إلى ذلك دوريا ، وجها لوجه أمام كبار عقلانيي تياره ، إرنست جونز على الخصوص ، الذي سعى إلى إقصاء المشعوذين وأطباء دجالين آخرين عن الطائفة الفرويدية رغبة منه في استبقاء التحليل النفسي في حوزة الأطباء وحدهم . أمام تلك السياسة ، قام فرويد بتقديم تفسير لفائدته بخصوص التخاطر مستندا في ذلك إلى كون أن التحليل النفسي والإخفائية خضع كل منهما لعلاج محتقر من قبل ممثلي الخطاب العلمي . إن تقدم العلوم والحالة هذه ، - اكتشاف الراديوم (Radium) والنسبية – كان بإمكانه ، بحسبه ، أن يجتاز نتيجة مزدوجة : جعل ما عملت العلوم السابقة على الإلقاء به في المستور (occulte) قابلا للإدراك ، والعمل على إيقاظ قوى ظلامية جديدة . بناء عليه ، فقد انشغل فرويد بتلك الظواهر من أجل البرهنة بشكل جيد بأن التحليل النفسي لم يكن مغامرة للعقلية الحديثة إلا لأنه عرف كيف يسمي ، بهدف استخراج الجزء المظلم للإنساني ، دون أن يستسلم لا إلى العلموية (scientisme) ولا إلى اللاعقلانية . مما لاريب فيه أنه ينبغي تذكر تلك الرسالة اليوم ، في زمان كان متعصبو السلوك يختزلون الإنسان إلى آلة بدون روح ، متناسين أنهم يفضلون ، نفوذا – مضادا مما ثلا ، انطلاق رؤية إخفائية للجسد والنفس . وهكذا فإن [أنواع] الطب الموازي ، من الطب البديل (naturopathie) إلى الإيحاء (suggestologie) ، لم يسبق لها أبدا أن ازدهرت في الغرب إلا حينما تمت المطالبة بإنكار قوة الابتكار الفرويدية . فيما وراء العلاج بالكلام ، الذي بقي الطريقة الوحيدة المقبولة للتبادل بين طبيب ومريض يعاني ، حمل فرويد إلى العالم تصورا معينا للديموقراطية ، للحرية وسبرا للحس الداخلي ، بعيدا كل البعد عن كل شخص في ذاته الذي يميز المجتمع ما بعد الصناعي (post industrielle) ، مصدرا للبؤس النفسي وتورطا في متعية (hédonisme) قاتلة . مما لاريب فيه أنه كان ينبغي ، من أجل حمله [التصور] على التوهج ثانية ، إذ أن مسالة النفس (psyché) ، الرغبة (désir) واللاشعور (l’inconscient) تصبح ، بالطريقة نفسها مثل [مسألة] السعادة والثورة ، فكرة جديدة في العالم .
ـــــــــــــــــــــ عن المجلة الفرنسية : ( Le Monde – hors – serie) وقد خصص هذا العدد (بدون ذكر رقمه !) لمؤسس مدرسة التحليل النفسي ، سيغموند فرويد تحت عنوان : Sigmund Freud La revolution de l intime إليزابيث رودانيسكو : (1944 ـ ) . جامعية ، مؤرخة ومحللة نفسانية فرنسية ، وكاتبة لسيرة حياة لاكان وفرويد ، ألفت بالاشتراك مع ميشال بلون كتاب معجم التحليل النفسي .
#الحسن_علاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العود الأبدي ديانة مشركة وميتافيزيقا مادية ؟بعض التساؤلات حو
...
-
للخطإ أسبابه
-
حوار مع مارسيل غوشيه
-
رسالة غلى شاب نيتشوي
-
شمس الحقيقة
-
آدم
-
من يكون آدم وحواء ؟ - حوار مع طوماس رومر
-
حوار مع ميشال سير
-
إسلام وحداثة معالم مسار تاريخي
-
شعرية الإخصاء في رواية - عرس بغل-
-
قراءة تحليلنفسية - يقدم هذا المحكي أسس العلاقة بالآخر
-
مفخرة نيتشه
-
فوكو ، الملغز
-
موريس بلانشو والكتابة الشذرية :- زمن غياب الزمان -
-
فرويد ، أسلوب واقعي
-
الطوفان : أسطورة أم كارثة مناخية ؟
-
الأبطال المُحضِّرون ، محسنون وقطاع طرق
-
فرويد أو الذات باعتبارها نصا
-
عزلة الفيلسوف
-
فن المالنخوليا
المزيد.....
-
-ساعد نساء سعوديات على الفرار وارتد عن الإسلام-.. صورة ودواف
...
-
ماذا تكشف الساعات الأخيرة للسعودي المشتبه به قبل تنفيذ هجوم
...
-
الحوثيون يعلنون حجم خسائر الغارات الإسرائيلة على الحديدة
-
مخاطر الارتجاع الحمضي
-
Electrek: عطل يصيب سيارات تسلا الجديدة بسبب ماس كهربائي
-
تصعيد إسرائيلي متواصل بالضفة الغربية ومستوطنون يغلقون مدخل ق
...
-
الاحتلال يقصف مدرسة تؤوي نازحين بغزة ويستهدف مستشفى كمال عدو
...
-
اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق
...
-
مقربون من بشار الأسد فروا بشتى الطرق بعدما باغتهم هروبه
-
الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|