أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - أنوثة الفلاحة في الحقل.. وأنوثة الطبيبة في المدينة














المزيد.....

أنوثة الفلاحة في الحقل.. وأنوثة الطبيبة في المدينة


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6346 - 2019 / 9 / 9 - 23:02
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



شهوة العقل إلى المعرفة هى أعنف شهوات الإنسان، رجلا كان أو امرأة، وهى تفوق الشهوة إلى الطعام أو الجنس. وهذا هو السبب أن الإنسان وحده دون سائر المخلوقات كلها يمكن أن يضحى بطعامه وشرابه ومتعته الجنسية، بل بحياته كلها، من أجل إرضاء عقله وفكره. إن قصص هؤلاء النساء والرجال الذين ماتوا واستشهدوا فى الزنازين لفترات طويلة بدون طعام أو شراب أو جنس هى دلائل على مدى عظمة العقل الإنسانى الذى يفضل شهوة المعرفة لخلق حياة أكثر عدلا، حتى لو كان الثمن حياته.

ومأساة المرأة منذ زمن العبودية وحتى الرأسمالية الحديثة هى أن عقل المرأة قد حُرم من شهوته الطبيعية للمعرفة، والخلق، والإبداع، والتفكير الحر، من أجل توفير الأكل والشرب والراحة والنظافة والخدمة للرجل فى البيت،حتى يفكر، ويبدع، ويتفلسف. حتى الرواد من النساء والرجال الذين نادوا بحق المرأة فى التعليم، والعمل، خارج البيت الذكورى، لم يعتبروا أن عملها، وتعليمها، ضرورتين لتحقيق إنسانيتها، وشرفها، وكرامتها كإنسان، مثلما هو الحال مع تعليم وعمل الرجل.

وإنما طالبوا بتعليمها وعملها، حتى تتقن دورها الأساسى أكثر، وهو دور الزوجة ودور الأم. وحتى اليوم، لا يساوى المجتمع بين المرأة والرجل، فى نظرته إلى التعليم والعمل. والدليل على ذلك أننا نشترط على المرأة العمل لو استطاعت «التوفيق بين البيت والعمل. أما الرجل فهو يعمل فى كل الأحوال، ولا أحد يسأله هل يستطيع التوفيق بين بيته وعمله. ويصل الأمر بكثير من النساء والرجال الذين يعتبرون أن خدمة بيت الزوجية وظيفة أساسية للمرأة أن يعتبروا النظافة والغسيل والطبيخ- أعمالا عظيمة لا تقل عظمة عن الخلق الفنى، والتفكير المبدع. ويذهب البعض إلى أن الأنوثة الطبيعية تجد فى مثل هذه الأعمال سعادة، ولذة، وتحقيقا للذات، مثلما يسعد ويستلذ ويحقق ذاته العالم، والموسيقار، والأديب، والفيلسوف.

حب النظافة، هكذا يقولون، فطرة الأنوثة. وقد تصبح المرأة، طبيبة، أو مهندسة، أو وزيرة، أو أستاذة جامعية، لكنها حين تعود إلى البيت تمسك بالمكنسة لتنظف البيت. وما زال البعض من الرجال يعتبرون أن عمل المرأة خارج البيت يؤدى بها الى الانحلال الأخلاقى. إذن بقاؤها فى البيت سترة لها وحماية لأخلاقها، وشرفها الذكورى الذى هو شرف الرجل، الزوج، أو أى ذكر فى الأسرة، والعائلة، وأيضا حفاظا على أنوثتها الناعمة الرقيقة. لقد نسى هؤلاء الرجال أن الأغلبية الساحقة من نساء مجتمعاتنا يخرجن فجر كل يوم للعمل فى الحقول، ولم أسمع أن واحدا من هؤلاء المدافعين عن الأنوثة، والشرف، قد عارض خروج الفلاحات إلى الحقول. فهل العمل فى الحقول، فى نظرهم، يتفق مع الأنوثة، والشرف، وطبيعة المرأة؟ هل الخروج إلى الحقل مختلف عن الخروج إلى المصنع أو المكتب أو الجامعة أو المستشفى، أم أنهم يتصورون أن أنوثة المرأة الفلاحة فى القرى غير أنوثة المرأة الطبيبة فى المدن؟! إن حقيقة الأمر ليست أن الرجل يدافع عن أخلاق وشرف وأنوثة المرأة، لكنه يخاف على نفسه من أمرين أساسين هما:

1- استقلال المرأة الاقتصادى بعيدا عنه. 2- تفتح عقل المرأة لشهوة المعرفة، فخروج ملايين الفلاحات إلى الحقل يوميا على مدى الزمان لم يحقق لهن أبدا الاستقلال الاقتصادى عن الرجل أو الزوج. فالفلاحة تعمل فى الحقل، أو هكذا أغلبية الفلاحات، بدون أجر، فهى تعمل لحساب زوجها رب الأسرة، أو لحساب أبيها أو أخيها أو أى ذكر فى العائلة، كذلك عمل المرأة داخل البيت من كنس وتنظيف وطبيخ هو عمل بدون أجر. كل هذه الأعمال اليدوية والجسدية هى أعمال أو أنشطة لا تفتح شهوة العقل إلى المعرفة، بقدر ما ترهق، ومع مرور الوقت تصبح تكرارًا رتيبا، كما عمل الآلات، يبعث على الملل، والكآبة. وهى لا تعطى العقل فرصة للتفكير الحر، ولا دافعا للخلق والإبداع.

ولا يختلف أحد على أن الاستقلال الاقتصادى، هو أول خطوة تجاه الإنسانية السليمة. جميع النظريات العلمية تدل على أن الصفات التى نطلق عليها الصفات الطبيعية للمرأة، أو الرجل ليست إلا صفات مكتسبة من البيئة، والتربية، ودور الشخص فى المجتمع. فالرجل الذى يفرض عليه الفقر أن يكون كناسا أو جامعا للقمامة يصبح مع مرور السنوات أقل قدرة على التفكير الحر المبدع، من الرجل الذى يعمل فى مجال البحث العلمى. والمرأة التى يُفرض عليها مكنسة التنظيف، تصبح أقل قدرة على إعمال عقلها من المرأة الأستاذة فى الجامعة. إن قضية تحرير المرأة لن تحدث فى يوم وليلة، أو فى عقدين من الزمان. هى قضية كبرى تتطلب جهودا كثيرة من النساء والرجال معا. وقضية تحرير المرأة ليست معركة ضد الرجل كما يحاول البعض سهوا، أو عمدا تصويرها. هى معركة ضد الأفكار المتخلفة وأفكار استعباد البشر، سواء حمل هذه الأفكار رجال أو نساء.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتبة ورئيسة الحكومة
- حملة شعبية ضد التجارة بالطب
- وتبقى البؤرة الفاسدة المتوارثة دون مساس
- مأساة المفكرة المبدعة في عالم ديني ذكوري
- شهادة الزوج الثاني في المحكمة
- نوال السعداويأمر الله والانفجار السكاني
- الصراع الدامي التاريخي بين الآلهة والبشر
- مذكرات طبيبة بعد 63 عامًا من القهر
- أنت مختلفة.. أنت مختلف موسيقى أو نشاز؟
- ثمن العبودية أفدح من ثمن الحرية
- لجنة القصة بالمجلس الأعلى الدائم
- تجديد الفكر الدينى.. ماذا يعنى؟
- الأنانية الموروثة وروابط الدم
- القدم فوق الرأس والعقل بلا ثمن
- الحجاب والنفط والسلاح ونيوزيلندا
- منابع الإبداع فى عيد الأم المصرية
- تجربتى الذاتية والجدل حول الدستور
- أيامى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة
- جائزة الاستغناء عن الجوائز
- الوزيرة وسلطة الزوج المطلقة


المزيد.....




- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
- روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت ...
- فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح ...
- السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب ...
- تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
- -دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة ...
- مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - أنوثة الفلاحة في الحقل.. وأنوثة الطبيبة في المدينة