أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - فضفضة في مسوغات الانتحار















المزيد.....

فضفضة في مسوغات الانتحار


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 6341 - 2019 / 9 / 4 - 15:33
المحور: القضية الفلسطينية
    



الحياة غريزة قوية لدى أعضاء منتدى الكائنات الحية جميعاً، بوصفهم أفراداً أو جماعات. صدقوني لو لم يكن الأمر كذلك لما بقي فلسطيني واحد على قيود الحياة. كنا قتلنا أنفسنا جميعاً. إذ ما الذي يبقينا على قيد الحياة؟
بعد "اللي صار، كل اللي صار" تطل علينا من كوكب آخر فروسية أبناء المحاور السعودية/الإماراتية والقطرية/التركية. طيب يا إخواني الفلسطينيين، وكالات الأنباء تحمل أخباراً مزعجة: يمكن الولايات المتحدة فقدت الأمل في فاعلية الدور القطري، وربما تطلب من قطر العودة إلى بيت الطاعة السعودي. ماذا يفعل عزمي ويوسف وخالد وإسماعيل وبقية الأحبة الذين قفزوا منذ بعض الوقت في إحدى عربات أردوغان وتميم الثورية؟
يمكن ما يظل في تنويعات في المدارس الأمريكية الشرق أوسطية، يعني بصراحة "خايف" ما يظل ألوان من الثورات الأمريكية المتنازعة. ماذا نفعل في تلك الحالة: بمعنى كيف سنجد أسباباً مقنعة للتنازع على من صنع النصر، ومن السبب فيه من الحلفاء التابعين للولايات المتحدة زعيمة الحرية والديمقراطية والديمقراطيين والأحرار؟ مشكلة، لا شك أنها مشكلة برسم البحث عن مخرج. (قال مظفر: يا رب كفى حكاماً قردة...). "بعد اللي صار، كل اللي صار،" الموت والدمار، والصمود والبطولة، المأساة في قمة تجلياتها، يصر هذا وذاك على تحويلنا إلى أضحوكة.
ترى ما الذي يمنع أحدنا من الخروج على الناس شاهراً سيفه؟ وما الذي يبقيه على قيد الحياة؟
الأجهزة التي تتنمر على المواطن في كل مكان، وتنتهك حقوقه ولا تفعل شيئاً تجاه المحتل. بل إن "الطوشة" بين حزب الله وإسرائيل يتم تجاهلها على وجه التقريب. لكن شكراً للبحرين والجامعة العربية، فقد خرجا عن الصمت وأدانا بشجاعة ووضوح أعمال حزب الله العدائية غير المشروعة.
كذب توماس هوبز: ليس من مهام الدولة حماية الإقليم وسكانه من العدوان الخارجي. لا نعرف ما هي مهماتها بالضبط، خصوصاً في بلادنا. لكن ماركس على الأرجح وجد طريقة لتطبيق النظرية: إن مهمة الدولة هي أن تحمي نوم الأغنياء من أرق الفقراء. كم يبعد الأمعري عن المصيون؟ بل كم تبعد رام الله عن غزة؟ أمتار تفصل المكان عن المكان، لكن مسافات ضوئية طبقية تفصل السكان عن السكان.
لكن ما مسوغ البحث عن الوطن المفقود؟ هل قال ابن أبي طالب: الفقر في الوطن غربة؟ والغنى في الغربة وطن. مرة أخرى ماركس: "رأس المال لا وطن له." شكراً سيد ماركس، نحن في هذه البلاد أكثر من غيرنا نعرف أن رأس المال لا وطن له. وطنه هو الربح حتى لو ضاع الوطن كله أو تفكك أو تمت مصادرته لأغراض الاستيطان. تعلمون الإشارات كلها تقول إن الضفة كلها سوف يضمها المشروع الصهيوني، لكن رأس المال يواصل جمع ما يستطيع قبل أن تنتهي "الجمعة المشمشية".
ما دام هناك بقايا قطعة أرض لإدارة الشركات التي تجني الأرباح من بيع الهواء، فلتلحق المدن والقرى بأخواتها التي سبقتها إلى جوف الدولة الصهيونية.
ترى ما الذي يمنع أحدنا من الخروج على الناس شاهراً سيفه أو يبقيه على قيد الحياة؟
ربما المشافي وخدمات الأطباء الذين يطبقون الأغنية الكوميدية الكئيبة: "طبيب جراح، جيوب الناس أفضيها." ثم يصطفون في وحدة حديدية ضد أية محاولة "مشبوهة" للمساءلة: الطبيب حر، وما يفعله كله عدل وحق وخير، ولا ُيسأل عما يفعل، إنه ظل الله وإرادته كما صورها أبوحامد الغزالي.
قال الطبيب: "هناك بقعة في الصدر، نحتاج إلى مزيد من الصور لكي نتحقق من الوضع." قلت متهكماً: "هل تعتقد أن هناك سرطاناً في رئة الرجل؟" قال بلهجة تصطنع الجد: "كل شيء ممكن." قلت لنفسي (مثلما هو المعتاد في مثل هذه المواقف): "في المال ولا في العيال." على الرغم من أنني كنت متأكداً أنه يسعى إلى انتزاع مئة شيكل أخرى من جيب الرجل. عندما ظهرت النتيجة، قبل أن يخبرني بها قلت له بالإنجليزية التي يعشقونها: ( lungs are clearالرئة نظيفة) فابتسم وقال: كيف عرفت؟ تجاهلت السؤال، وقلت له: أنا صديقي الدكتور فلان..... فقال: "خلص إذاهيك بلاش ناخذ منك." قلت بسخرية: "كيف يا رجل هو الوقت اللي ضيعناه انت وانا والمريض، وبعدين جرعة الأشعة التي تلقاها جسده دون سبب، يمكن أن تذهب دون ثمن، لا والله لندفعن الأجرة وفوقها بوسة." بدا مرتبكاً ولكنه لم يعتذر. ألم يقسم الطبيب قسماً أخلاقياً عند مزاولته المهنة؟ بلى، ولكنه يقول لنفسه: "كلهم يخون الأمانة فلماذا أنا من دون الناس لا أخونها؟"
هل نتحدث عن المؤسسات العلمية العامة والأهلية والرشاوى والفساد وغياب الكفاءة والمحسوبية في التعيين والبيروقراطية الشكلية القاتلة التي تنشغل بكل شيء ما عدا العمل الأساس الذي يجب أن تنشغل به. مرة أخرى لا بد من إزعاج ماركس: إن البيروقراطية عندما لا يكون لديها عمل، تنشغل بالناس، وتشغلهم، فتخترع تفاصيل لا تفيد في شيء، بل تقتل الرغبة في الإبداع، والرغبة في الفعل، بل الرغبة في الحياة ذاتها. من الصعب للأسف إقناع البيروقراطي أن تفاصيله التافهة تافهة. فهو يظنها السبب في الاختراعات العظيمة كلها منذ النار والعجلة والهجاء، وحتى الذرة، والإلكترون، والإنترنت. البيروقراطي قادر على الانخراط في التفاصيل التي تحتاج ساعة من الوقت، مدة سنوات. ويستطيع أن يقتل الوقت، ويقتل الحماسة، بل ويقتل الوطن كله ببلادته وبطئه، وعدم حساسيته ويقظته تجاه القضايا الأكثر أهمية.
همسة ناعمة: البيروقراطية في بلادنا ليست سمة القطاع "العام" فحسب، فهي موجودة في القطاع الأهلي، والجامعة، والمشفى، وأينما ذهبتم.
ترى ما الذي يبقينا على قيد الحياة؟
هل تصدقون أن أهلي من مدينة القدس الذين يتعلمون –لحسن الحظ أم لسوئه؟- من المحتل احترام النظام، والانضباط...الخ يتركون ذلك كله خلفهم، ساعة وصولهم حاجز قلنديا، فينقلبون عرباً أقحاحاً خارجين من الصحراء تواً. يرتكبون الموبقات كلها في شوارع رام الله مستشعرين قوة معينة كونهم يحملون بطاقات زرقاء ونمراً صفراء، حتى أن البعض يقول مداعباً: ما الذي يمنع شرطة رام الله من منعهم من الدخول إلى البلد مثلما تقوم "إسرائيل" بمنع سيارات الضفة من الدخول إلى أرض 1948؟ أمر مضحك، ربما، ولكن السائل يفكر: كم مرة في اليوم في ذهابه إلى عمله وعودته في مسافة لا تزيد عن سبعة كيلومترات يتعرض لمخالفات أبناء شعبنا المقدسيين؟
أشياء، وأشياء، وأشياء ........ ونساء مثل إسراء وإيمان وسحر وجميلة... قوائم طويلة من الإناث المقتولات من أجل الشرف. يا لسخافة الكلمات! أي شرف بعد الذي قلناه أعلاه!
رأيت أماً في أواخر العمر تبكي أمام مدير المدرسة، وترجوه أن لا يرسب ابنها في الصف، لأن ذلك لن يفيد الطفل في شيء، وسوف يدمره، ويدفعه إلى ترك المدرسة، وربما يتحول إلى مجرم. يا الله ما أذكى هذه المرأة، كأنها عالم نفس تربوي. لكن المدير أصر: "ابنك يا أختي تيس (تيس كلمة لطيفة شائعة في المدارس) والموضوع طلع من ايدي." ظلت الأم تبكي، وأشار المدير بطرف عينه ساخراً من غباء الأم التي لا تقدر على فهم الحكمة العميقة لنظام التعليم الفلسطيني الذي كان يمكن لهذا الطفل أن يكون رائعاً فيه لو أنه حفظ بضعة أسطر تافهة، أو حتى لو أنه قام بنقل الإجابة عن زميله أو عن الكتاب. لا فائدة، لا فائدة.
قبل بعض الوقت نشرت جريدة القدس المقدسية خبراً فحواه أن دولة عربية شقيقة (من هي؟ بجد لم أعرف. ربما قطر أو الإمارات) اشتكت من أن امتحان التوظيف للتعاقد مع معلمين من فلسطين اعتوره أعمال غش من جانب المعلمين طوال الوقت. ولكن الأشد مرارة أن نسبة الرسوب بين المعلمين –بعد ذلك الغش كله- كانت عالية جداً.
شكراً للنظام التعليمي الذي يواصل تقديس الامتحان، وتحويل الناس إلى ماكينات غبية تحفظ بغرض بث المحفوظات لحظة أن يكبس أحدهم على الزر، مع التقدير الخالص للقتل المنظم لذكاء الأطفال وقدراتهم الفطرية على التفكير.
ما الذي يبقينا على قيد الحياة؟ شهوة للعيش لا يطفئها البطش والظلم والغباء وعدوان العدو والغريب والقريب؟ ربما، ولكن موجة طوفان الفساد، والتردي، والغباء، وعدم المسؤولية الذي يجتاح ميادين حياتنا كلها يحتاج إلى قرع الجدران، ثم قرعها، ثم ثقبها إن تطلب الأمر.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفراغ والبحث عن العجائب
- المغرب يطلق العربية والعروبة
- دردشة في الفيتشية وفي سحر المطبوع
- أكذوبة القرن
- تفسير الظاهرة الكويتية
- صفقة القرن أو المحطة الأخيرة لأسلو
- النزام الدكتاتوري ومقتل مرسي
- صفقة القرن والخيارات الممكنة
- فلسطين قبل عشر سنوات
- ألمانيا والتفوق النووي الإسرائيلي
- مازق الاعتدال الفلسطيني
- في تقريظ التبرج العربي/الفلسطيني
- معنى التفكير بالنسبة للاهالي والمدارس
- آمنستي وأوهام العدالة الدولية
- حزب الله وأمينه العام والسياق العربي المريب
- الأجهزة الذكية والتربية الغبية
- ماذا بعد الانتخابات الإسرائيلية؟
- روسيا والصراع العربي/الفلسطيني ضد الصهيونية
- تسارع الهجوم الصهيوني ونهاية أوهام السلام
- المراة المستعملة والرجل الطازج أبدا


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - فضفضة في مسوغات الانتحار