وكأنهم من كوكب اخر

فارس الكيخوه
(Fares Al Kehwa)

الحوار المتمدن-العدد: 6337 - 2019 / 8 / 31 - 21:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

يقولون : عندما تكون في روما.تصرف كما يفعل اهلها…
في بداية تسعينات القرن الماضي كنت أعيش في دمشق .مدينة عاشت ولاتزال في ضميري وملكت حبي واحترامي،وكنت في بعض الأحيان أخرج مع سواح اجانب الى احياء دمشق .وكنت أعرفهم بالمدينة العريقة ،وكانوا يسألونني أحياناً ،ماذا نستطيع أن نلبس وما لا نلبس.فنحن لا نريد أن نكون شاذيين في لباسنا ولا في تصرفاتنا…. فأقول لهم .كل شئ جيد وجميل ،فقط عندما ندخل الى الجامع الأموي، علينا جميعا أن نخلع الأحذية عند المدخل وعلى النساء أن يضعوا قطعة قماش فوق الشعر وطبعا بدون ال Short .هذا كل شئ…..
...في ايطاليا ،وخلال رحلتي الأخيرة هذا الصيف. أجرت مكانا صغيرا في أحد المنتجعات الصيفية ،وكان للمنتجع مسبح كبير ...درجة الحرارة تقارب الأربعين . حاول الكثير أن يستغل الفرصة ويستمتع بالمسبح ...وهكذا فعل أحد المسلمين والذي جاء بسرواله القصير مع ابنه، أما زوجته فكانت تتبعهم بملابسها الثقيلة الطويلة ومحجبة الرأس ...الزوج يلقي نفسه في المسبح مع ابنه ويستمتع نظره بالجميلات حوله وببرودة الماء ..أما الزوجة المسكينة .وكأنها من كوكب اخر.تتحسر على نشوة أجواء المسبح ونشوة الماء ، والاهم ،مشاركة زوجها وابنها في المتعة ،فأخذت شيئا فشيئا تقترب من المسبح حتى جلست على حافة المسبح ووضعت رجليها المغطاة بالملابس الطويلة لتستمتع هي الأخرى بنشوة الماء.وهنا ناد عليها احد المسؤولين قائلا .هذا ممنوع رجاءا.فاخذت المسكينة نفسها ورجعت الى كرسيها وجلست لتأكلها حرارة الشمس بينما زوجها يستمر باستمتاع نفسه ونظره وكأن الأمر لا يعنيه… ...أليست هذه إنسانة أيضاً ؟ أم أن جلدها يختلف عن جلد زوجها ؟ لماذا الرجل يستمتع بينما المرأة حرام ؟ وما علاقة اللباس الطويل والحجاب في الإيمان بالله ؟ وهل إيمان المرأة يختلف عن إيمان الرجل ؟ أم أن الإسلام دين متعة وكن للرجال فقط ؟
** في براغ .عاصمة التشيك.في الساحة القديمة حيث يتجمع مئات السياح لمشاهدة الساعة المشهورة والقديسين الذين يظهرون لعدة ثواني ..ترايت أن اشرب فنجان قهوة .وانا انتظر دوري شاهدت إحدى المنقبات وهي جالسة في مطعم خارجي يعج بالسياح.نعم رأيت هذا المشهد على you tube .ولكن هذه المرة اختلف الأمر، فهي أمامي صورة حية وليست على الشاشة . المرأة تحاول أن تأكل حالها حال العالم ولكن مع البرقع ،لا اعرف ماذا اقول !!! ولا أعرف كيف يتصرف انسان هكذا وسط عالم متحضر.وماذا يفعل هناك أصلا ،وهو يعتبرهم كفارا !!! المرأة تأكل والسياح يصورون المشهد .والحقيقة ورغم أنه مشهد ممتع لهم ،او ربما لكونه فريد ، وكأن هذه المرأة من كوكب اخر…ولكني شعرت بالحزن لتلك المرأة وكم هي مخدوعة ومسلوبة الحقوق، في تراث كله خدعة من أوله إلى آخره…..
** في كندا..وفي الطريق السريع.جلسنا في إحدى محطات الاستراحة المبردة في يوم حار لتناول القهوة.المحطة مكتظة بالمسافرين وبالمطاعم المختلفة .وهنا قرر أحد السلفيين أن يجلب سجادة صلاته ويصلي داخل البناية...طبعا الكنديين مؤدبين ولكن هكذا منظر لا يحبه أحد وخاصة أمام المارة وجلوس المسافرين .فقررت ثلاثة شابات وهن لابسات الشورتات القصيرات أن يقفوا أمامه.ولا اعرف هل عمدا ام أنهم كانوا يتطلعون إلى شاشات المطاعم .ولكن صديقنا السلفي وأمام أنظاره احلى الافخاذ في حياته الدنيا قرر أن يستمر بالصلاة .والله اعلم كيف !!!!!!!!!!!!!!…وكأن صاحبنا من كوكب آخر……….
** دعوني أقولها لكم اعزائي القراء..المسلم يخاف الله ، بينما العالم كله يحبه…...وهذه مأساة المسلم ...
الدين مهما كان جهته ووجهته ومنشأه يجب أن يكون في خدمة الإنسان. وليس العكس.الدين لا علاقة له بملابس الإنسان ولا بماذا يأكل ويشرب ،وكيف يدخل الحمام وياي يد يجب أن يأكل ولا حتى بعدد الصلاة وكيف يؤدي الصلاة .ولا يجب أن يتدخل في أتفه الأمور ..الدين هو مبدأ ،فهو لا يخاطب الأشياء .ولا يخاطب حتى الناس .بل يخاطب المبادئ والقيم والأخلاق والتي من خلالها تكون الطريق السليم والصحيح لذلك الإنسان...وهكذا يتبين الإنسان من أعماله قبل أقواله، تأثير ذلك الدين على تصرفاته اليومية…
المسلمين في رأي هم أسرى لتلك الأيديولوجية ،والتي جاءت من بيئة صحراوية ولمجتمع قبلي انتهيت صلاحيتها اليوم.، .أسرى لذلك الزمان والمكان .أسرى لذلك الفكر والذي ضل يقيد تفكيرهم وتنويرهم وحتى استقلال شخصيتهم...النفاق والازدواجية في الشخصية والتعامل ظلا يلازمهم منذ نشوء الإسلام .واليوم يتصرف بعض المتدينين أو كما يتظاهرون أمام الناس ،الله اعلم ،بانهم اولاد ذلك الأمس ,ذلك الامس الذي أصبح جلدهم و يسري في دمائهم،رغم فشله الذريع. عكس العالم كله،الذي ينظر إلى الماضي ويتعلم منه الدروس ولكنه يعيش اليوم….
فهل أنت يا سيدي الكريم .ابن الامس ام اليوم ؟ والى متى تصدق خرافات الأمس الذي لم تكن أنت جزءا منه وتكذب اليوم الذي هو حقيقة تعيشها ! وإذا كنت ابن اليوم، ألم يحن الأوان لفتح العقول والعيون ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تحياتي…..
نعم التنوير..لا للتخدير.

#فارس_الكيخوه (هاشتاغ)       Fares_Al_Kehwa#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات