أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - المنصور جعفر - ضد البراغماتية















المزيد.....

ضد البراغماتية


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 6336 - 2019 / 8 / 30 - 06:24
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


طرح حمدوك نوعاً وطنياً ديموقراطياً من فلسفة "البراغماتية" كمخرج لحكومته المنشودة من أزمة عدم القدرة على مواصلة ديكتاتورية السوق وتحكم تماسيح السوق والبنوك في معيشة الناس وكذلك عدم قدرة حكومته على تفضيل الأسلوب التعاوني الإشتراكي كأسلوب مفيد لتقدم السودان.

على مستوى تخيل حمدوك يبدو حسناً هذا النوع الوطني الديموقراطي من البراغماتية، لكن بشكل تاريخي عام لا تبدو البراغماتية فلسفة حسنة، وذلك للأتي:


من أسوأ معالم "البراغماتية" أو فلسفة "النفعية" هو ابتعادها عن النظرة الإستراتيجية العامة إلى الأمور، وانحصارها في بعض جزئياتها الأصغر لدرجة أو درجتين.

في الواقع، تتشكل كتل الأمور العملية والأمور النظرية من عناصر وعلاقات وبنى، متغيرة، كبرى وصغرى، مختلفة القوى، والقوات، والأشكال، والتأثيرات والاتجاهات، والمواقع، وكلها في حالة حركة جدلية. تبعاً لهذا الوضع فإن أي نظرة معينة إلي نظرية أو إلى إقتصاد أو إلى مشروع يحب أن تتناول سمات وتغيرات وعلاقات العام والكلي، والخاص والجزئي. وهذا الواجب المنطقي البسيط تفتقده البراغماتية لكون عياراتها مجرد تبريرات مفتوحة للقائم بها، فهي على كيف المتكلم بها، يزجوها حسب طلب دافع الثمن.

مثال على تجارية النظرة البراغماتية إنها قد ترى الحفرة في الطريق مكسباً لتجارة قطع غيار السيارات، بينما نظرة برغماتية أخرى قد ترى نفس الحفرة إهداراً للأرواح والجهود والعملة الصعبة.

كذلك في مجال الديون قد تحتفي نظرة برغماتية بدين دولي لبناء محطة طاقة شمسية بحجة أن توليد الطاقة منها أرخص، رغم ان حجم الديون وفوائدها سيزيد في المستقبل على قدرة الدولة على سداد فوائد الديون، وان معدل تراكم الديون قبل سدادها سيخرب معدل توازن الأجور والأسعار، وبالتالي سيخرب إمكانات الإستهلاك والإنتاج، إلخ.

كون البراغماتية آراء فردية فإن خبيراً برغماتياً قد يرى ان بناء محطة طاقة شمسية، بقرض منظوم بواسطة صندوق النقد الدولي للدولة أفيد للدولة أو لمجتمعها، حتى لو كان بإمكان الدولة إجراء تخفيض فوري لسعر بيع الطاقة للمستهلكين أو تخفيض بعض نفقات أو أرباح الحكومة، أو وجيه جزء ثابت من عائدات الدولة إلى الإستثمار في مجال الطاقة، أو تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في توليد الطاقة.

لكن في نفس موضوع بناء محطة الطاقة الشمسية قد برى خبير براغماتي آخر شيئاً آخر مرتبط إما بحجم أو بنوع أو بموقع المحطة، أو بجنسية/سعر/كفاءة بعض مكوناتها، أو بعض أجزاء مشروعها المادية أو الإدارية أو التجارية، أو بزمن بناءها أو بسعر بعض أجزائها، أو بسعر بيعها للطاقة أو بتنويع أسعار البيع، إلخ. بينما قد يرى خبير براغماتي ثالث ان بناء مصدر آخر للطاقة في مكان آخر أفيد للدولة والمجتمع من بناء محطة الطاقة الشمسية هذه في مكان بعيد عن مراكز الإنتاج والاستهلاك الرئيسة في الدولة، ..إلخ.

جملة هذه الاختلافات في رؤى البراغماتيين، أن "البراغماتية" كفلسفة لتحقيق المنفعة بأي شكل، رؤية لا ضابط ولا رابط لها في مجالات الإقتصاد أو المجالات الأخرى، سوى رأي الخبير المتعاقد ومصلحته المالية في تقديم رأيه مقابل ثمن من الجهة الطالبة رأيه أو كأتعاب ( أو رشوة) من الشركات المتعاقدة معه، مقابل ترجيحه عروض خدماتها ومنتجاتها.

بشكل عام، تبدو وهماً فكرة وجود أو عدم وجود "نظرية" اقتصادية أو غير إقتصادية فمن جهة سلبية فإن كل النظريات هي مجرد تخيل ناظم لتفاصيل أو لتجميع إحداثيات فكرة ومغامرة سفينة ذهنية في بحر من الظروف! أما إيجاباً فكل النظريات تبدو صحيحة! سوى ان الدراسات الانتقادية اثبتت ان في كل نظرية نقص أو جانب لم تهتم به.

نسبة للتفارق المألوف بين تغيرات الواقع وسكون النظرية، فإن التفكير يتجه عند التعامل مع الإقتصاد بكل جذوره وتنوعاته الكبرى والصغرى، وجدلياتهم إلى الاسترشاد بأسئلة تبيين تساعده في تصنيف نوع الإقتصاد الذي يتعامل معه، ومن ثم يسهل على المتعامل تحديد أزمات الإقتصاد وحلولها مثل:

1- ماهي طبيعة الانتاج وطبيعة قوى الانتاج وطبيعة علاقات الانتاج في الاقتصاد؟

2- ما هو الجهاز الرئيس الناظم في المجتمع لأهم عمليات الانتاج والاستهلاك؟ (الحكم؟ أو السوقين: السوق العالمي والسوق المحلي؟).

3- (أ) طبيعة التنظيم الحكومي للاقتصاد:
تخفيض أنانية التملك الخاص لموارد المجتمع + تخفيض التخلف + تخفيض أو منع التحكم الاجنبي،
والقوة الرئيسة في الحكم الإشتراكي هي (الحسابات الإجتماعية لخطة التنمية)
(ب) طبيعة السوق:
تعامل تجاري بتبادل بضائع بنقود مقابل ربح
الموجه الرئيس للتجارة هو "الربح الفردي" وعشواءه العامة.

4- القوة الرئيسة في التعاملات التجارية:
نظام العمل بالأجرة ونظام البنوك القوة الرئيسة في السوق والبنوك هي الإيداعات الصغيرة والرساميل والتمويلات


من معرفة النشاط المركزي في الاقتصاد ونمط علاقات الانتاج فيه بالإمكان تحديد الطبيعة العامة الإقتصاد وتناقضاته سواء كانت رأسمالية أو حكومية أو مشتركة. وتتحقق هذه المعرفة بفحص عناصر وعلاقات وبنية الإقتصاد والمجتمع والدولة والمنطقة والمشروع، ومن ثم تتحدد طبيعة وأولويات معالجة أزمة الإقتصاد.

ضد هذا التسلسل المنطقي يأتي التعامل البراغماتي التجزيئي مفرداً مع كل مشكلة على حدة، كما يحدث منذ عشرات السنين في غالبية الدول النامية الضعيفة، فنتيحته العامة كانت ولم تزل هي تكرار الفشل.

في الأمور والأزمات المتداخلة يبدو أن التفكير الجمعي الشمولي الاستراتيجي المنهج ذو الميسم التاريخي الإجتماعي وجدلياته أكثر منطقية في معرفة أسباب وتفاقمات وحلول الأزمات الإجتماعية الإقتصادية السياسية وثقافاتها. ويتفوق على التفكير الأحادي الجزئي وأسلوب تعامله المحدود (بالقطاعي) مع الأزمات الكبرى في معيشة غاليية الكادحين.

من قراءة التاريخ وتحليل تكون ونشاط فئات المجتمع وأسباب اختلاف معيشتها ونوعية حياتها نتعرف على أسباب تكون السلبيات وعلى أسباب تكون الموجبات، ومن تراك هذه المعارف يتبلور أسلوب منهجي في معرفة أسباب الأزمات ومعرفة حلولها وكيفية تحسين أو استدامة التنمية، بشكل أفضل من أسلوب البراغماتية القائم على الانحصار في جزء ضيق من ظاهرة أو أزمة كبرى وعلى تجريب فردي غير أمين هدفه البيع السريع لخدمة أو بضاعة دون إهتمام بالآثار السلبية لهذا الييع في المستقبل الزماني المتوسط أو البعيد.


بطبيعة الحال قد تختلف البراغمانية في حالة البيع عن البراغماتية في حالة الشراء، بين براغماتي يعدد المحاسن والمزيات وبراغماتي يعمل لصالح الشركة المنافسة يكشف العيوب، لكن مع سيطرة المؤسسات الإمبريالية على عمليات القروض وما يرتبط بها من بيع ومن شراء، وتعاقد، وخبراء تعاقد، وخبراء تقييم، من المهم لتحرير السودان من حالة التبعية للتمويل الأجنبي، ومن حالة تكرار إنتاج التخلف أن نهتم ببناء ديموقراطية متكاملة في كل المجالات الإقتصادية السياسية والإدارية والاجتماعية والثقافية، خاصة بعد ان جربت غالبية دول العالم منذ ما قبل استقلالها وإلى اليوم. فشل التفكير البراغماتي الجزئي في كل المجالات.

الزيت:
1- أن التفكير الجمعي الشمولي المنهجي ذو الميسم التاريخي والاجتماعي الجدلي أكثر منطقية وعملية وفائدة إجتماعية من أسلوب تفكير الأحاد الفردي البرغماتي الجزئي وما عليه من إنتقاء لاتاريخي ولاإجتماعي ذو خط واحد قوامه السريع لفكرة أو خدمة أو بضاعة.

2- أن الامان في الإقتصاد ضد التحيزات الضارة والسلبيات والفساد هو تكريب وتكامل الديموقراطية في كافة المجالات الإقتصادية الاحتناعية والسياسية وثقافاتهم، فبدون مصالح الغالبية ورقابتها وسيطرتها على تنظيم موارد معيشتها، ستتحكم وتتصارع فيها الشركات والهيئات العظمى التي تستطيع بملايين الدولارات استئجار مجموعة من الخبراء البراغماتيين، يوجهون الدولة والمجتمع اتجاهاً اقتصادياً قد يكسبهما كموكونات وطنية عشرات بلايين بينما تستفيد منه هذه الشركات الإمبريالية مئات بلايين الدولارات.

لا للتبعية
لا للإستعمار الداخلي



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة قد تؤسس الدولة أو تفشل
- أوليات في حل الأزمة
- كسر الأزمة الإقتصادية
- أي نوع من الدول ستختارها؟
- أي دولة سننتهي إليها؟
- دسترة الثورة، المهنية والصراع الطبقي
- نحو الثورة الإدارية
- نوع الديموقراطية المناسب لمن ؟
- في إختلاف أفعال أمريكا عن أقوالها
- يوسف حسين، الجبل ليس له ضجيج
- من جدليات ثورة 23 يوليو 1952
- الليبرالية والإجتماعية والإشتراكية
- نقاط من 19 يوليو 1971
- السودان، دماء السياسة والقداسة
- نقاط في الشيوعية والإعلام
- إسقاط المعالم الأخيرة للحكم الحاضر
- قصقصة التغيير
- تحرير وتأثيل القيمة التاريخية لعبدالله بولا
- فشل الإسلام السياسي
- خمس نقاط تحقق التغيير الجذري


المزيد.....




- بوتين يصف ترامب بـ-الذكي-.. ويرد بـ-مزحة- سوفييتية حول إمكان ...
- العفو الدولية تتهم شرطة نيجيريا بإطلاق النار المميت على المت ...
- بيان فرع النهج الديمقراطي العمالي بخربكة
- على طريق الشعب: في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. ...
- لماذا انهار الائتلاف الحاكم في ألمانيا؟
- م.م.ن.ص// هل كان ممكناً ألا تسمع اصواتهم؟ ...انتفاضة العاملا ...
- عمر محمد علي يقضي عيد ميلاده العاشر خلف القضبان
- الهدنة تعيد الجنوبيين إلى قراهم اللبنانية
- مكافحة الإرهاب في لندن: ستة أشخاص رهن الاعتقال بسبب صلاتهم ب ...
- مسلمو بريطانيا قلقون من اليمين المتطرف


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - المنصور جعفر - ضد البراغماتية