محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 6333 - 2019 / 8 / 27 - 16:16
المحور:
الادب والفن
لم أخشي يوماً ما , في حياتي منذ الطفولة , ما كانوا يخوفوننا ويرهبوننا به من مسميات في المخيال , كالجن والعفاريت والمارد والشياطين , وأبو رجل مسلوخة وأمنا الغولة ..
منزلنا القديم ؛ كان بالقرب من مقابر القرية التي كانت تحيطها المنازل والأراضي الزراعية , وكانت المقابر بجانب الأجران والوسعيات والرحبات , والميادين علي أطراف القرية , بمثابة المتنفس للأطفال والشباب والنساء والرجال , وكان الجميع علي مستوي كافة الأعمار يمارسون الألعاب بداية من المرجيحة الخشب ( الوزة ) أو المرجيحة الحديد بالقوارب , أو مرجيحة الحبال التي كانت تصنع علي الأبواب الخشبية أو بين شجرتين , وكانوا يلعبوا صلح , وضربونا بونا وطيارات حربية , والسبع طوبات , والأولي المرسومة بخطوط علي الأرض بعصا خشبية , وكانت المقابر بها أشجار التوت والنبق والجميز والنخيل , فكيف نفارقها , وهي تتأبي أن تفارقنا , فهل نترك أشجار التوت والجميز والنخيل والنبق ونذهب لأماكن اخري ؟!
كانت قطعن الماعز والغنم ترعي في المقابر , وكنا نجري وراء الكباش وننطحها , وتنطحنا , وكنا نسرق الطيور من المقابر أو من حولها , فقد كانت كثيرة , وكان أصحابها يتركون البط والأوز والدجاج بلا حارس , وتحديداَ في درب سيدي مسعود , فكانت الطيور تعرف العشش المبنية ببيوت أصحابها وتخرج منها , وتعود للمبيت أو تبات حول المقابر أو حول مقام سيدي مسعود ..
كانت هناك العديد من المقابر المفتوحة , وكنت تحديداً , اهبط إليها , وأسرق الجماجم , لأخيف بها الأقارب الذين كانوا يأتون في الأعياد والمناسبات لزيارتنا , وأربط الجمجمة بالدوبارة , واشوح بها في الهواء , في وجوههم وبإتجاه أجسادهم لأرهبهم بها , وذات مرة أخذت عظام الأموات لأشتري بها عسلية , ورفض الرجل شراء عظام الأموات , وطلب عظام حيوانات , وتجمعنا حوله بعد خطة مدبرة , لسرقة العسلية التي كانت ملفوفة علي عصا خشبية طويلة , إلا أنها كانت شديدة التماسك بالعصا , واستحالت سرقتها وفشلت الخطة المدبرة التي قررنا ونحن أطفال أن يشاغب الرجل البعض منا , واقوم انا بتسلق العرة الخشب , وسرقة العسلية ..
كنا نلعب لعبة ( طير ) , ولعبة الأستغماية , وكانت النعوش من ضمن الأماكن التي كنا نختبيء بها , ولم يظهر لنا عفريت أو جنيه أو شيطان أو مارد , أو حتي لم نلتقي ذات مرة بأمنا الغولة , ولم نلتقي بالأخ أبو رجل مسلوخة !!
بصدق : كنا نحن العفاريت .. لالا .. كنا نحن الشياطين .. !!
لاتخشوا من سرد طفولتكم , فسردها يجعلكم أصحاء نفسياً وعقلياً .. بل بصدق : يجعلكم سعداء !!
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟