أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - أسماء غريب - (12) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غريب : حوار أجراه من ستوكهولم الأديب والتشكيلي صبري يوسف














المزيد.....


(12) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غريب : حوار أجراه من ستوكهولم الأديب والتشكيلي صبري يوسف


أسماء غريب

الحوار المتمدن-العدد: 6333 - 2019 / 8 / 27 - 10:03
المحور: مقابلات و حوارات
    


لو استعرضْتِ طفولتكِ الّتي ترعرعتِ فيها، كيف تبدو لكِ أهم فضاءات الطُّفولة حول السَّلام؟!
*
ربّما لأنّي وُلِدْتُ ونشأتُ في مدينة عريقة تاريخيّاً وجغرافيّاً، ومتعدّدة الثّقافات والدّيانات واللّغات، فإنّي وَجدتُ في قلبي منذُ البداية الاستعدادَ الكاملَ لولوج تعدّديّة الكون واختلافاته الَّتي تزيده ثراءً وعمقاً، إلّا أنّ هذا النّوع من التّجربة لا يُمكن تعميمه على الجميع، ولا يمكنُ حصر كلّ إنسان في طفولته البيولوجيّة فقط، لذا، فإنّ الطّفولة قد تكتسبُ معاني أخرى جديدة كامنة في قدرة الإنسان على التَّخلّص من رواسب بداءة العمر الّتي عادة ما تكون ممتلئة بالكليشيهات والأحكام الجاهزة والأفكار المُسبقة الّتي يرثُها الإنسان من والديْه وأسرته الصّغيرة ثمّ المجتمع الكبير. الطّفولة مفهوم فضفاض وواسع، يجب التَّعامل معه بحذر: الكلّ يدّعي أنّ أجمل ما في حياة المرء طفولته، في حين أنّ الحقيقة يجب أن تكون مخالفة تماماً؛ أعني أنّه من المُفترض أن يرى الإنسانُ طفولتَه كأصعب مرحلةٍ في حياته باعتبارها البداية والخطوات الأولى الخجولة والمتردّدة والمتعثّرة، وبالمقابل ينبغي أن تكونَ أواخِرُ العُمر هي أجمل مراحل حياةِ الإنسان باعتباره يكون قد اكتسبَ خبرةً واسعة، وعمِل على تصحيح أخطائه وتصويب مساراته وتعميق تجاربه وبالتَّالي الوصول إلى سدرة المنتهى وسعادة الرّوح والقلب، لكن الّذي يحدث هو العكس، إذ أنّنا نرى النّاس جميعاً تعساء جدّاً في شيخوختهم ويبكون أيّام فرح الطّفولة. ألا ترى معي أنّ الأمر فيه نوعاً من التّناقض والعبثيّة؟!
أنا مثلاً، أشعرُ أنَّني كلّمَا تقدّمَ بيَ العُمُر، ازدادَ فرَحِي، لأنّنِي أكتشفُ كلّ يوم شيئاً جديداً في تجربتي الرّوحيّة الدّاخليّة. إنّني كلّ يوم في شأنٍ، كلّ يوم أغوص في أعماقي، وأرحلُ في دواخلي بصبرٍ وسعادة وتأمّل، وهذا ما يُمكنُ أن أسمّيَهُ بسلوك طريق أهل الحركة والتّفاعل: لا يُمكنُ للإنسان أن يكتفي بعقله، لأنّ العقلَ خَدّاع كبير، ويجب الحذر منه جدّاً، لا سيّما وأنّه ليس لديه القدرة الكافية على إدراك الحقيقة في وجهَيْهَا، المُشرقِ والمُظْلم، وهو لأجل هذا لا يمكنه أن يدركَ ماهيّة الحياة وسرّ الوجود الأكبر.
لا بدّ من الحركة للوصول إلى طفولة القلب حينما يشيخُ الجسَدُ، لن يُجديَ في شيء أن يبحث الإنسانُ عن الحقيقة وهو مُعتزلٌ في قمّة جبل، ولا أن يذهبَ ليفكّرَ في شؤون الوجود في كوخ أو بيت مهجور داخل غابة نائية. الحقيقة تفاعلٌ وانفعالٌ، والطّفولة لا تقتضي منكَ أن تكون مفكّراً أو فيلسوفاً أو حتّى عالماً، وإنّما أن تكون رحّالة: على قلبكَ أن يرحلَ في أعماقه، عليه أن يكتبَ كثيراً، إذا كنتَ من أهل الكتابة مثلاً، وبهذا يكون قد دخل إلى الكون من باب الحرف، عليه أن يرسُم أيضاً أو يعزفَ إذا كنتَ من أهل الفنّ والموسيقى، وهلمّ جرّاً. القلبُ الرّحالة في فيافي الجسد والرّوح يكتشفُ أبهى معاني الطُّفولة، ولكي يحدثَ هذا يجبُ التَّحلّي بالجنون الواعي، الّذي أعني به هنا الوعيَ العرفانيّ، أيْ ذاك الّذي تكتشفُ به أنّ الحياةَ لا تكتملُ، والوجودَ لا يلتحِمُ إلّا في حضرة المتناقضات والمتضادّات. العقل الكامل لا ينفع، فماذا فعلنا يا ترى بهذا الكمّ الهائل منَ المفكّرين والفلاسفة في العالم؟! لا شيء، لا أحد فيهم يستطيع أن يقول لكَ إنّك حينما تُحِبُّ مثلاً فإنّك تتجّهُ أيضاً إلى الكراهيّة، أو إنّك حينما تكتسبُ صديقاً فإنّك تكتسبُ في الوقت نفسه عدوّاً، أو أنّك حينما تكون في حالة ِسلام مع نفسك فإنّ الحربَ تكون أيضاً على الأبواب! الأمر يُشبهُ حركةَ بندول السّاعة حينما تراهُ يتّجهُ نحو اليمين فاعلم أنّه في حركته هذه يستجمع الطّاقةَ الّتي ستدفعه بعد قليل نحو اليسار، لكنّ العقل لا يرى هذا الأمر، فهو لا يؤمن سوى بالحركة إمّا نحو اليمين أو نحو اليسار، كذلك بالنّسبة للحبّ، أنتَ حينما تحبّ لن تصدّق نفسكَ بأنّك أيضاً تتّجه نحو الكراهيّة، لكن الأمر هو هكذا حقيقة، وحينما تصادقُ إنساناً لا يمكنك أن تتصوّر أنّك أيضاً عدوّه في الوقت نفسه، هذه هي الحقيقة وإن لم تتقبّلها. لكن اسأل نفسك ماذا يمكن أن يحدث لو أنّك رأيتَ الحقيقة بوجهيْها المتناقضيْن؟ أعتقدُ أنّك ستكفّ عن التَّساؤل، لأنّك ستكون قد حلَّلْتَ لغزَ الحياة الّذي يقتضي منك أن تتقبّل السّرّ بقلبِ طفل، لا بعقل فيسلوف ولا مثقّف ولا عالِم!



#أسماء_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (11) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء ...
- (10) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء ...
- (9) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (8) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (7) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (6) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (5) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (4) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (3) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (2) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غريب ...
- حَجَرُ باخ
- هيكل سليمان
- ما تصنعُهُ العتمة: زوي فالديس (كوبا): ترجمة أسماء غريب
- ثلاثُ قصائد للشّاعرة البرازيلية أديليا برادو: ترجمة أسماء غر ...
- اللّيل: أليخاندرا بيثارنيك (الأرجنتين) / ترجمة أسماء غريب
- المُعلّمُ في الطّريق
- لا أطلبُ منكِ - ماريو بينيديتّي (الأوروغواي) - ترجمة أسماء غ ...
- امرأة البحر
- مطرٌ من الألماس


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - أسماء غريب - (12) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غريب : حوار أجراه من ستوكهولم الأديب والتشكيلي صبري يوسف