العياشي الدغمي
الحوار المتمدن-العدد: 6332 - 2019 / 8 / 26 - 01:14
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
العبث ... وهناك من يقول "الفوضى" أو désorganisation .. أو desorder
شكل من الوجود الذي لا معنى لأي شيء فيه حيث يوجد وحيث علاقاته بباقي الأشياء ... وجود بلا منطق .. ولا تفسير محتمل .. ولو بناء على آخر صيحة في المناهج العلمية المبتكرة لفهم العالم والإنسان معا ...
بخصوص العالم .. هناك ظواهر تم تفسيرها وبدقة متناهية .. وتم فهم كيفيات عملها وكذا سبب وجودها .. ومدى تأثيرها أو تأثرها بباقي الظواهر .. لكن هناك من الظواهر والموجودات لم يتم لحد الآن الوصول لأي فهم بخصوصها ... ويبقى وجودها -حسب البعض- عبثيا أو فوضويا أو بدون معنى... وقد ذهب البعض إلى درجة إضفاء صفة "العبثية أو الفوضوية" على الوجود ككل فيما يسمى بمبدأ "الفوضى" ... الأمر الذي يستدعي القول أنه من الصعب إذن فهم جميع ظواهر الكون .. ومنه عدم إمكانية فهم الكون في كليته وشموليته .. وهو ما تحاول منذ زمن العديد من الأدمغة "اللامعة" إنجازه على أرض الواقع تحت العديد من المسميات ك " النظرية الكلية للكون" أو "الكون في معادلة" أو غيرها ... غير أنهم اصطدموا دوما بعدم وجود حل لذاك المجهول "x" والذي يدفعنا في كثير من الأحيان للتسليم فعلا بمبدأ "الفوضى" من جديد ...
أما بخصوص الوجود الإنساني والعلاقات الإنسانية .. فقد حاول ولازال يحاول فهم كيانه وتموجده ضمن هذه الفوضى التي يساهم من جانبه في تزكيتها وتضخيمها .. بشتى الطرق .. بالانجاب العشوائي .. وبتدمير الطبيعة .. وباستزاف الأرض والحياة ... إن الإنسان يسعى دوما لتنظيم وجوده وتجاوز العبثية والفوضى .. ولكن محاولاته تلك وإن أصابت في حدها الأدنى .. فإنها تتسبب في اعتلال باقي التوازنات .. وفي دحرجة أقوى لكرة الثلج الفوضوية ... إن الإنسان هو أكبر فوضوي في الكون "الأرض على الأقل" وهو بذلك يحفر قبره بيده ... يحاول بناء التوازن والتنظيم لذاته ولبني جنسه .. ولكنه في المقابل يقضي على البصيص المتبقي للنظام الطبيعي .. الذي أخذ من عمر الأرض والكون ملايير السنين كي يكتمل ويوجد كما نعرفه قبل قليل من حاضرنا على الأرض والذي لم يتجاوز الدقيقة الأخيرة من عمر الأرض وأجزاء من مليارات الثانية لعمر الكون ...
إن العبثية والفوضوية .. لم تعد فقط بعضا من التفسيرات المحتملة للكون ولظواهره ... وإنما أضحت عملا ممنهجا ومثابرة نحو الفناء الجماعي الذي بات قاب قوسين أو أدنى ..
#العياشي_الدغمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟