أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدربه العنزى - جامعة الأزهر.. نموذج لأزمة وطن















المزيد.....


جامعة الأزهر.. نموذج لأزمة وطن


عبدربه العنزى

الحوار المتمدن-العدد: 6330 - 2019 / 8 / 24 - 06:56
المحور: القضية الفلسطينية
    


جامعة الأزهر.. نموذج لأزمة وطن
عبدربه العنزي
كان يُقال –وهو قولٌ راجح- أن الفلسطينيين في سنوات الستينات والسبعينات كانوا مداميك البناء وطلائع النخبة في مؤسسات الدولة الحديثة في بلاد الخليج. ويُقر المحبون والكارهون أن الفلسطينيين في هذه البلدان وغيرها كانوا صناع التحضر والتمدن. يميزهم التفوق والإجادة في كل المهن والأعمال من قمة هرم الدولة حتى أدناها. فلما جاءت أوسلو وعاد من عاد –وهم كثر- من بناة هذه الدول حتى عجزوا في وطنهم عما فعلوه في أوطان الأشقاء.
ويقُال أيضأ: أن نسبة التعليم في فلسطين هي الأعلى عالمياً، بل تتفوق على دول عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية، رغم ذلك، فشل الفلسطينيون المتعلمون في كل تجاربهم الحضارية، خصوصاً في ثقافة الحوار واحترام الآخر، وانتكس وعيهم بغرابة وشذوذ حين اختلفوا وأراقوا دماء بعضهم البعض.
هذه المقدمة مدعاة للتساؤل عن المحركات النفسية والثقافية التي تُصاب بالعطب في تجاربنا الوطنية الخاصة. وتدعو للاستغراب والدهشة عن سر هذا الجمود والعجز والحيرة في التعايش مع واقع مشكلاتنا وأزماتنا وتفاصيل حياتنا.
جامعة الأزهر أكبر جامعات قطاع غزة، تملك نخبة متميزة وقديرة من الأكاديميين المتميزين، ولكوادرها الأكاديمية مساهمات علمية اقليمية ودولية في العديد من التخصصات، ويحظى خريجوها بتقدير تعليمي متقدم، ورغم ظروفها المالية الصعبة –تاريخياً- استطاعت أن تسجل باستمرار نجاحات مطردة مقارنةً بظروفها وامكانياتها.
وهي المؤسسة التي تقدم نفسها على أنها حيز ديمقراطي أصيل تقبل بالاختلاف والحوار والمنطق والاعتدال، لكن في لحظة ما نجدها تصطدم بجدار أصم، وتعيش القطيعة والادراك الخاطئ للواقع وعدم القدرة على المواجهة، وتتموضع باعتبارها وجهاً من وجوه الأزمة الفلسطينية العامة. وتغرق في بيئة تعيسة مشابهة للبيئة الوطنية الفلسطينية التي يُفسد فيها كل نجاح، ويتعطل فيها كل تفوق، ويسقط فيها كل تقدم.
أزمة تغرق فيها جامعة الأزهر، ويترتب عليها اغلاق أبوابها في وجه طلبتها وتطورها ومستقبلها، وهي أزمة تشتم في رائحتها فكرة السقوط الفلسطيني الذي نعايشه أكثر من عقدين، السقوط المتطابق في جوهره في الفشل العام للمشروع الوطني برمته. والعجز في إدارة الأزمات بطريقة علمية.
وبدون عناء يمكن لنا أن نرصد معدلات التدهور في حياتنا عموماً، وجامعة الأزهر خصوصاً، ونتبين بوضوح أوجه للمقارنة بين أزمة الوطن وأزمة جامعة الأزهر. وفي المعالجات الاعتباطية للأزمة، مثل: انكارها، وعدم تحديد القوى المسببة والمحركة لها، أو تغيير اتجاهاتها، أو التقديرات الخاطئة لأسبابها.
ولو بدأنا في المرجعيات القانونية باعتبارها الإطار الناظم قانونياً لمسارات الفعل والإنجاز والمسموح والممنوع، وبالإشارة إلى المرجعية العليا في حالة جامعة الأزهر، فلن تجد مرجعية قانونية ثابتة ومؤصلة تؤول إليها الاختلافات، وتفصل في قضايا الحق والواجب، فلو افترضنا أن مجلس الأمناء هو الإطار المرجعي، فهو في غالب أمره وفي كل سنوات خبرته، افتقد إلى الاختيار السليم، وإلى الشفافية، والكفاءة، وفي غالب تجاربه اقتصر الاجتهاد والعمل على البعض القليل، وعلى الكثير المستفيد، فضلاً عن أن قرارات تكليفه يكتنفه الشك والريبة.
هذه المرجعية باستمرار سبب في المشكلة، ولم تكن باباً للحل، وهي كذلك في أزمة الجامعة الراهنة، وهو أمر يدعو لضرورة مراجعة عمل هذه المرجعية في اختيارها وعملها واعتماد وصفاً محدداً لدورها الذي ينبغي ألا تتجاوزه.
ما يطفو على السطح في مشهد الجامعة يشير أن قدراً من العنف تم استخدامه –اللفظي المعنوي أو الجسدي- وهو ما يعني أن أطراف الأزمة –وهم نخبة- لم يتمكنوا من تجاوز أزمة العقل السياسي والاجتماعي الفلسطيني التقليدي الذي يلجأ للقوة والعنف حين يفشل الاتفاق. وهو ما جعل –في العموم- فلسطين ومشروعها التحريري والتنويري –على كافة الصعد- ضحية للفاعلين السياسيين والحزبيين والمتناحرين والمتاجرين بالشعارات.
ما يشهده الأزهر ليس أزمة طارئة، فالمشهد يمنح المتأمل اسقاط للحالة الوطنية الفاشلة، فالأزمة تشهد تعدد في الأطراف الفاعلة، فهناك أطراف مباشرة، وهناك أطراف غير مباشرة، ويتداخل في الأزمة خليط من المركبات المعقدة، ونمط متغير للتحالفات، فانقسام فتح التنظيمي حاضر وبقوة، وحالة الانقسام الفلسطينية حاضرة وبقوة، الانتهازيون حاضرون وبقوة، وأصحاب النفوذ حاضرون وبقوة، والمستفيدون من الأزمة حاضرون وبقوة، المضللون حاضرون، والخبثاء حاضرون. هذا الخليط يُنبىء بأن الأزمة عميقة، تشبه حالة الوطن المتمزق، الغارق في مصيبته. وبدون أمل. وأختلف مع الذين يرون أن المشكلة محددة وواضحة، فلو كانت كذلك لكان حلها سهلاً ويسيراً، لكن تداخل الأسباب الداخلية والخارجية، التنظيمية والسياسية، والذاتية والموضوعية، والانقسام وأخوته، وفتح بشرعيتها ودحلانها، كلها جزئيات أصيلة من حالة الأزمة الراهنة.
يظل السؤال المطروح –الشبيه بسؤال الوطن ككل- من المسؤول عما وصلت إليه الأوضاع في جامعة الأزهر. هل فعلاً أن كل هذه الأزمة تتعلق بشخص رئيس الجامعة الذي تم التجديد له؟ أم أنها محاولة لإصلاح منظومة العمل ككل في الجامعة؟ أم هي تصفية حسابات حركية فتحاوية؟ أم كونها ردة فعل تراكمية لإشكاليات كثيرة وجاءت لحظة الغضب القاسي؟
في تقديري، أن الأزمة مركبة، لكن ما أجزم به أن السبب الأكبر في هذه الأزمة هي غياب المعايير. غياب المعايير في اختيار مجالس الأمناء، وفي مجالس الجامعة، والتعيينات، وازدواجية السلوك الإداري، والتدخلات الخارجية، والاصطفافات الفئوية الداخلية، وتصفية الحسابات الحزبية، والشخصانية، وعدم احترام النظم الضابطة لعمل المؤسسة، والمحاباة.. الخ.
غياب المعايير هي من أوصلت أن تقف نقابة العاملين –في غياب آخر للمعايير- على أبواب الجامعة ليمنعوا بالقوة الطلبة من دخول الحرم الجامعي. فكل المقدمات الخاطئة قادت إلى النتائج الكارثية هذه.
أعتقد أنني أرى صورة الوطن الكبير الموجوع بالفشل، في هذه الجامعة العظيمة الحبيبة الموجوعة بنا وبسببنا.
وأظن أن هذه الجامعة رغم كل ذلك، تشبه الوطن، تتوجع، لكنها لا تموت. وأن الأدعياء لن يستمروا في تضليلهم، فسقوطهم قريب.



#عبدربه_العنزى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصائليون الفلسطينيون
- النظام (البترومونيالي) الفلسطيني
- مناقشة في مستقبل حركة فتح - الحلقة الاولى
- الجزائر تبارك ميلاد الثورة الفلسطينية
- -كيف غزة اليوم..؟-
- من الآخر..التسوية السياسية الصهيونية مشروع جريمة
- الكيان الجريمة


المزيد.....




- مصدر لـCNN: حماس وإسرائيل وافقتا على وقف إطلاق النار وإطلاق ...
- أول تعليق من ترامب وروبيو على التوصل لصفقة وقف إطلاق النار ف ...
- تيرورغرام -حرب البيض-.. ماذا نعرف عن الجماعة التي وضعتها أمر ...
- بعد أن -ضحكت خوفا- من صوت قصف النظام السوري، تحتفل سلوى إثر ...
- رئيس الوزراء البولندي يتهم روسيا بالتخطيط لـ-أعمال إرهابية- ...
- متى يستريح رجال الإطفاء في لوس أنجلوس من تسونامي الحرائق وأع ...
- دفعة لا تشبه سابقاتها.. كلية الشرطة السورية تخرّج أول جيل بع ...
- فيدان والشيباني يؤكدان من أنقرة: لن نسمح بتقسيم سوريا (فيديو ...
- ترامب يسبق الجميع ويعلن التوصل لاتفاق وقف النار في غزة
- برلمانية أوكرانية تدعو واشنطن إلى وقف المساعدات العسكرية واس ...


المزيد.....

- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدربه العنزى - جامعة الأزهر.. نموذج لأزمة وطن