|
تحليل بسيط لخطاب الملك -- ne petite analyse du discours du Roi
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6327 - 2019 / 8 / 21 - 09:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحليل بسيط لخطاب الملك – Une petite analyse du discours du roi الخطاب الذي القاء الملك بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب ، فيه تناقضات غير مفهومة بين ما جاء في الخطاب ، وبين ما ينطق به الواقع ، ليس منذ اعتلاءه الحكم ، بل منذ نهاية ستينات القرن الماضي . كذلك يعتبر الخطاب ، بمثابة اعتراف صريح بالأزمة التي تجتازها البلاد ، بسبب سوء التسيير ، والتذبير ، وبسبب الاستهتار وانعدام المسؤولية من جهة ، ومن جهة يعتبر خطابا خطيرا ، لأنه اغلق الباب على أبناء الشعب المغربي لتولي الوظائف السامية التي ستبقى مقتصرة على أبناء آل الفاسي ، و ( علّية ) القوم ، أي ان الدولة أصبحت موزعة بين الأقلية المرتبطة بالكمبرادور ، التي منها يتكون ( رجالات الدولة ) ، وبين الرعايا الذين يجب الاّ يتجاوز وضعهم السو- سيو اقتصادي ، والوظيفي ، والاجتماعي ، خدمة الملك ، وخدمة حاشيته ، والطبقة المرتبطة به . فلأول مرة يخرج الملك بخطاب صريح يميز فيه طبقياً بين أبناء نفس الشعب . فهل اصبح البديل المفروض لمعالجة فشل السياسات المختلفة ، هو التكوين المهني ، والعمل اليدوي ، بالنسبة لأبناء الشعب الذي يجب الاّ يتجاوز وضعهم ، وضع المستخدم ، والعامل ، والرعية ، والعبد ؟ ان قول الملك ، بان الحصول على شهادة البكالورية ، وولوج الجامعة ليس بامتياز ، هو سياسة او دعوة ، للقضاء على مجال الفكر والابداع ، ومن ثم هي دعوة مبطنة للقضاء على الجامعة ، لأنها لا تُعلم أبناء الشعب ، غير لغة الرفض ، والتحدي ، والمطالبة بالحقوق ، وبالدولة الديمقراطية " لكل حراك جماهيري شعبي ، صداه في الجامعة " . لكن المحير في الخطاب ، انه غيّر من استعمال مصطلح الجهوية كخيار في التسيير والتبذير، فبعد ان كان يردد مصطلح الجهوية الموسعة الاختصاصات ، وهي التي تكون نوعا ما اكثر ديمقراطية إذا لم يتم ربطها فقط بالمجال الأمني الضيق ، نجد الملك في الخطاب يستعمل لأول مرة مصطلح الجهوية المتقدمة . ان هذا الاستعمال المقصود ، قد يعتبر نوعا من الندم عن التسرع ، عند طرح بديل الجهوية الموسعة الاختصاصات ، وخاصة وانّ المخاطب بهذا النوع من الجهوية ، ليس الشعب المغربي ، بل انّ المخاطب هو الجماهير الصحراوية ، التي تطالب بالاستفتاء وتقرير المصير ، لحل نزاع الصحراء الغربية ، والنظام عندما طرح حل الجهوية الموسعة الاختصاصات ، فذلك ليغطي بها عن فشل حل الحكم الذاتي الذي تقدم به في خطاب 2007 . لذا فالبقاء على هذه الجهوية الموسعة الاختصاصات ، وامام موت مبادرة الحكم الذاتي ، هو سلاح فتاك سيكون بيد أي معارضة ديمقراطية ستتكون مستقبلا ، في مواجهة الاختصاصات التي يتمتع بها الملك في تدبير الشأن العام . كما انها وامام اتساع جبهة الرفض والمعارضة ، ستصبح هذه الجهوية ، مستقلة استقلالا أكيدا عن العاصمة الرباط في تدبير الشأن العام ، وخاصة إذا تبلورت معارضة ذات اتجاه اسلاموي .. إذن لتفادي كل هذه الاخطار والمخاطر المتوقعة ، كان لا بد من التخلي عن مصطلح الجهوية الموسعة الاختصاصات ، لصالح مصطلح الجهوية المتقدمة ، مثلما تم التخلي عن حل الحكم الذاتي بعد فشله ، لصالح الجهوية الموسعة الاختصاصات . واتساءل بالنسبة للذين حرروا خطاب الملك ، عن استمرارهم في الربط بين هذه الجهوية المتقدمة ، وبين اللاّتمركز الإداري ، الذي انتهى منه المغرب في أواخر الستينات . فهل يعلم من حرر الخطاب الذي قرأه الملك ، ان مجرد القول بالنظام الجهوي ، يعني الإلغاء التام لنظام اللاّتمركز الإداري ؟ وهل يعلم من حرر الخطاب ، انّ المغرب اعتمد منذ 1957 نظام المركزية الإدارية ، ثم بعده انتقل الى نظام اللاّتمركز الإداري ، وبعد ان فقد هذا النظام أسباب وجوده ، انتقل الى نظام اللامركزية في أواسط السبعينات ، وبعد ان استنفذ هذا النظام زخمه ، انتقل المغرب الى نظام الجهة ، وكان عددها محصورا في ستة عشر جهة ، وبعد ان مات حل الحكم الذاتي الذي بشر به النظام في سنة 2007 ، بدأ يتحدث عن الجهوية الموسعة الاختصاصات ، للتغطية عن فشل حل الحكم الذاتي ، والى الآن لا تزال هذه الجهة يتغنى بها في المناسبات ، ولم تنزل الى الأرض لتطبيقها ... فكيف يمكن الجمع بين متناقضات اللهم في الاستثناء المغربي .. ان القول بنظام اللاّمركزية ، وان القول بنظام الجهة ، والقول بنظام الجهوية الموسعة الاختصاصات ، وان القول الآن بنظام الجهة المتقدمة ، يفرض ان يلغى اتوماتيكيا نظام اللاتمركز الإداري ، الذي عمل به المغرب منذ الستينات من القرن الماضي .. ان قول الملك باستمرار العاصمة الرباط ، في البث في المشارع العامة التي كان من المفروض ان توكل الى الجهات ، هو اعتراف صريح باستبداد الرباط بكل القرارات ، لان الدافع لذلك ، ليس اقتصاديا ، او اجتماعيا ، بل ان الدافع هو امني ضيق . كما يعتبر خطاب الملك باستحواذ العاصمة على سلطات الجهات ، هو اعتراف صريح ، بان كل ما عرفه المغرب من تجارب ، ومحاولات للديمقراطية ، كانت كلها مغشوشة وفلكلورية ، وانّ الطابع الذي يميز النظام السياسي المغربي ، هو الملكية المطلقة التي يستحوذ فيها الملك ولحده على كل السلط ، بمقتضى دستوره الذي منحه للرعية ، وبمقتضى عقد البيعة الذي يجعل منه سلطات استثنائية جبرية ، تجعل الدولة هي الملك ، والملك هو الدولة . اما حديثه عن الطبقة الوسطى المقتولة أصلا ، والغير الموجودة ، لأنها أصبحت مثل الشعب الفقير والمفقر ، بمثابة طبقة افقر ، فهو يجسد شعور الملك بالألم ، من فاقة الشعب الذي عبر عنه في الخطاب الأخير ، بمناسبة مرور عشرين سنة على توليه الحكم حين قال " ....يعلم الله انني اتألم شخصيا ، ما دامت فئة من المغاربة ، ولو أصبحت واحدة في المائة ، تعيش ظروفا صعبة من الفقر والحاجة ... " . والسؤال هنا . هل فقط واحد في المائة من المغاربة تعيش الفقر ؟ في حين ان الاحصائيات الدولية تؤكد العكس .. كما يعبر عن احساسه بهموم وافراح الشعب ، حين قال في خطاب 2015 ، بمناسبة مرور ستة عشر سنة على توليه الحكم " .. كل ما تعيشونه يهمني .. ما يصيبكم يصيبني .. ما يسعدكم يسعدني .. وما يشغلكم اضعه دائما في مقدمة انشغالاتي .. " . لقد مرت عشرين سنة على تولي الملك محمد السادس الحكم ، ومرت عشرين سنة على تولي فلاديمير بوتين الحكم ، بعد ان ورث روسيا منكوبة . فهل من أوجه المقارنة بين روسيا اليوم ، وبين مغرب اليوم . بل هل من أوجه مقارنة بين المغرب في عهد الحسن الثاني ، والمغرب في عهد محمد السادس ؟ اللهم كثر حسادنا ...
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدكتاتور -- Le dictateur
-
القرصنة -- La piraterie
-
جيل السبعينات
-
الاعتقال السياسي
-
الشعب المُفترى عليه
-
إبراهيم غالي يهدد بالحرب ويعتبرها محطة اجبارية
-
لا ثورة بدون ازمة ثورية
-
مقتل قايد تابع لوزارة الداخلية
-
الشعب المغربي -- le peuple Marocain
-
حيّا على الثورة ، وحيّا على الثوار
-
Est ce la ( gauche) va gouverner هل سيحكم ( اليسار ) ؟
-
قرار تاريخي لملك المغرب ( منع رجال الدين من السياسة )
-
حزب من اجل الجمهورية المغربية
-
العلمانية والديمقراطية ( 3 ) La laïcité et la démocratie
-
La laïcité : العلمانية ( 2 )
-
العلمانية – اللاّئيكية ( 1 ) La laïcité
-
جبهة البوليساريو في مفترق الطرق
-
أية نكسة اصابت الجمهورية الصحراوية ؟
-
تناقضات النظام المغربي
-
L’échec de l’autonomie interne – فشل الحكم الذاتي
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|