أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - شهادة الزوج الثاني في المحكمة














المزيد.....

شهادة الزوج الثاني في المحكمة


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6326 - 2019 / 8 / 20 - 21:06
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


حضرات القضاة ورجال القانون، أقف أمامكم لأطلب البراءة الكاملة لزوجتى فاطمة، صاحبة الفضيلة، هى أفضل من عرفت من النساء والرجال، هى حب حياتى وأم أطفالى، تحبنى وتخلص لى كما أحبها وأخلص لها، هى أعظم أم لأطفالنا، لكن قانونكم الذكورى الظالم يقف ضدنا، وتسمونه قانون الله، وهو قانونكم أنتم يا رجال القانون، يا منتهكى العدالة باسم العدالة، يا من تسمون أنفسكم، أصحاب الفضيلة، وتنتهكون الفضيلة، أقف أمامكم مع زوجتى «صاحبة الفضيلة»، هذا اللقب لا يمنح إلا للرجل منكم، وأنا أمنحه لزوجتى التى حكمتم عليها بالفسق والرذيلة، نشأ الحب بيننا قويا واعيا، لها شخصية قوية محترمة، تتمتع بالصدق ونبل الأخلاق، وقع فى حبها الكثيرون، لكنها كانت تبتعد عنهم، متفوقة فى الدراسة، لديها طموح فكرى وكان يمكن أن تكون أستاذة أو كاتبة مبدعة فى العلم أو الفن، لكن أسرتها فرضت عليها الزواج مبكرا، هددها أبوها بحبسها بالبيت إن لم تتزوج ابن عمها، الذى يكبرها بثلاثين عاما، تجارته رابحة، تضاعفت أرباحه مع زيادة الشراسة الرأسمالية والغش باسم الشطارة فى السوق الحرة، والمضاربات فى البورصة، والتلاعب بالأخلاق تحت القبعة والقفطان أو العمة والحجاب،

عاشت مع زوجها بقوة قانون الطاعة، تسعة أعوام، فرض عليها النقاب، كان عقيما لمرض تناسلى أصابه فى المراهقة من معاشرة المتاجرين بالجنس، تزوج أربع سيدات دون أن ينجب، حرمت زوجته، فاطمة، من الحياة ومن الأمومة ومن التعليم العالى ومن العمل المبدع، أصبحت عجوزا قعيدة البيت وهى فى الثلاثين من العمر، التقيت بها بعد الغياب فى العزاء العائلى لموت أبيها، خفق قلبى لها كأنما لم أفترق عنها أبدا، لم أحب غيرها ولم أتزوج سواها، هالنى ما أصابها من تدمير لشبابها، انطفأ جسدها لكن روحها ظلت مشتعلة بالحياة، وعقلها متوهج بالأفكار، رغم فداحة الألم لم تعرف اليأس، وظل الأمل فى أعماقها متقدا، بعد موت أبيها زالت السلطة الأبوية، أكبر عقبة فى طريقها للخلاص من العبودية، زوجها كان ضعيف الجسم والعقل، لكن القانون الذكورى الظالم كان يقف بجانبه ضدها. لم تحصل على الطلاق أبدا، ولم تحصل على الخلع أيضا، كان زوجها يغدق الرشاوى والهدايا على الجميع فى المحاكم، من أصغر البوابين، للحاجب، للمحامى، للقاضى وأكبر المستشارين، بقيت قضيتها فى سراديب المحاكم السنة وراء السنة، ثمانية أعوام، أصبحت فاطمة فى التاسعة والثلاثين من عمرها وأنا فى الأربعين، لم تتحرر فاطمة من زوجها المستبد، قررنا معا الانتصار على الطغيان رغم القانون المدعم للطغيان، ذهبنا للمأذون لكنه رفض تحرير قسيمة الزواج حين عرف أن فاطمة لها زوج آخر، ولا يمكن لها (حسب القانون المزدوج) الجمع بين زوجين، شرحنا له الوضع لكنه رفض قائلا، لا يمكن خرق قانون الله، قلنا له إن الله شاهد على حبنا وإخلاصنا، وشاهد أيضا على فساد زوجها واستبداده وقهره لها ضد العدل والأخلاق، رفض المأذون، خرجنا من عنده وتزوجنا فى العلن أمام الناس، وكان الله فى سمائه شاهدا على زواجنا، يطل علينا ويباركنا. أيها القضاة والمستشارون، كيف يمكن أن تعلو شهادة رجل منكم (تسمونه المأذون) على شهادة الله سبحانه وتعالى؟ وكيف تلصقون بالله قانونا ظالما، مزدوجا متناقضا بهذا الشكل؟ لا يلزم الرجال بالأخلاق واحترام حقوق الزوجة والأم؟ يطلق الرجل زوجته شفهيا ويتزوج أربعة ليشبع نزواته، ويكبل المرأة الفاضلة بالقيود لتظل تحت سطوة زوجها الفاسد؟ كيف يمكن لرجل أن يتزوج امرأة ويعيش معها رغم أنفها وهى تكرهه كالعمى، وله أربع زوجات غيرها، وهو أيضا عقيم يحرمها من الاستمتاع بالأمومة والأنوثة والحياة كلها؟ ليس هذا قانون الله، لأن الله عادل، إنه قانونكم يا رجال، تدافعون عنه لتضمنوا لأنفسكم حقوق إشباع شهواتكم حتى الثمالة دون مسؤولية أخلاقية، وأنا رجل من جنسكم الأدنى، لكنى استطعت ترقية أخلاقى والجنس الذى أنتمى إليه بالثقافة الرفيعة، فما الفرق بين الرجل والحيوان؟، يقفز الحيوان على الأنثى دون مسؤولية أخلاقية أو ثقافية أو اجتماعية، لهذا أيها القضاة والمستشارون أقول لكم، زوجتى فاضلة بريئة من الإثم بشهادة الله، بقانون الله العادل وليس قانونكم، ولتصدروا ما تشاءون من الأحكام، بتفريقنا بالقوة المسلحة، لكن قوة الله أكبر من سلاحكم، وسنذهب أنا وزوجتى فاطمة إلى بيتنا وأطفالنا، الذين ينتظرون عودتنا، لنتناول معا العشاء، ونستمع إلى الموسيقى، وننام فى سلام، وعين الله ساهرة ترعانا.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوال السعداويأمر الله والانفجار السكاني
- الصراع الدامي التاريخي بين الآلهة والبشر
- مذكرات طبيبة بعد 63 عامًا من القهر
- أنت مختلفة.. أنت مختلف موسيقى أو نشاز؟
- ثمن العبودية أفدح من ثمن الحرية
- لجنة القصة بالمجلس الأعلى الدائم
- تجديد الفكر الدينى.. ماذا يعنى؟
- الأنانية الموروثة وروابط الدم
- القدم فوق الرأس والعقل بلا ثمن
- الحجاب والنفط والسلاح ونيوزيلندا
- منابع الإبداع فى عيد الأم المصرية
- تجربتى الذاتية والجدل حول الدستور
- أيامى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة
- جائزة الاستغناء عن الجوائز
- الوزيرة وسلطة الزوج المطلقة
- الإنسان نعمة وليس نقمة
- عنب لذيذ فى احتفال العام الجديد
- الديمقراطية الرأسمالية تتهاوى فى فرنسا
- القانون والنقاب
- الأم الكبرى للعلم والفن


المزيد.....




- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - شهادة الزوج الثاني في المحكمة