أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كريم رضي - إذا نطقت مصر أصغى العالم














المزيد.....

إذا نطقت مصر أصغى العالم


كريم رضي

الحوار المتمدن-العدد: 1549 - 2006 / 5 / 13 - 11:17
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


كأنه لم يكن شيء قبلها ولن يكون شيء بعدها. كأن كل ما عداها سراب وهباء منثور. كأن كل ما جرى ويجري في الوطن العربي من مشروعات إصلاح سياسي ومصالحة وطنية وتبييض للسجون ورفع للظلم والحيف ودمقرطة للمجتمع وانفجار في تشكيل المجتمع المدني وإطلاق للحريات العامة وفضح للقطط السمان وتوسيع دائرة الحرية الصحفية وحرية الرأي والتعبير واصطفاف ليبرالي وديني في مواجهة الدكتاتوريات ودخول المجتمع الدولي على خط الإصلاح الوطني وتداول مفردات جديدة مثل الحكم الرشيد والحكم الصالح والشفافية وتحالف قوى الديمقراطية وغير ذلك من الظواهر الجديدة، كأن كل ذلك لا قيمة له ما لم يكن في مصر.
مصر التي في خاطرنا قبل أوطاننا وبعدها. مصر التي منها تعلمنا يوم كانت بلادنا تتهجى حروف الحضارة وبقياداتها اهتدينا يوم خطونا أولى خطواتنا على طريق فهم مبادئ السياسة وغنينا مع أصواتها الرافضة للقهر والمؤمنة بالحرية والمستقبل، ورددنا مع شعرائها قصائد النضال والتضامن الأممي والعربي.
أترانا ظلمنا مصر كثيرا حين استبطأنا يقظتها؟ كنا نقول حتام يا مصر؟ استيقظ العرب من البحر إلى النهر، مشروعات إصلاح متعثرة لكن سائرة إلى الأمام في الخليج، مصالحة وطنية وعدالة انتقالية وديمقراطية تعددية في المغرب، ديمقراطية خجولة في الأردن، تبييض للسجون في البحرين وديمقراطية شكلية لكن مع هامش نسبي من الحريات، حركة مجتمع مدني ناشط في سورية وتونس وفلسطين، جدل حول النظام السياسي في لبنان. ديمقراطية يحميها الاحتلال في العراق. (وانتي ولا هنا).
كنا مع كل ما نراه في بلادنا نشعر أنه منقوص دون مصر. وأن كل إصلاح مهدد بالتراجع ما لم يكن له من مصر سور يقيه من الانهيار.
وأنها - مصر - لجغرافيا وتاريخ هذه الأرض العربية كالصلاة، إن صلحت صلح ما سواها وإن ردت رد ما سواها.
كنا نرى ما يحدث في بلادنا من تقدم خجول فنقول حسنا إذن، ولكن ماذا عن مصر؟ لم يفارقنا الشعور بالخوف لحظة واحدة من انفضاض السامر وانقضاض الكاسر على انجازاتنا الهشة العود الطرية القوام ما دامت مصر بعيدة عن انجاز ما تريد.
هكذا تربينا على الخشية على كل جميل لم يكن لمصر فيه نصيب. كأن كل إصلاح في غير مصر عبث، مجرد حلم ليلة صيف سرعان ما ينقضي مع هجير أيلول.
وكأن مصر كانت تجيبنا بلسان حالها صبرا قليلا يا بني وطني. لعلي تأخرت لأني لا آتي ناقصة. لا آتي إلا كاملة بهية مستديرة ككرة الشمس الذهبية التي تسطع فجرا على ضفاف النيل.
لقد تحركت مصر. أحرار مصر، بنات مصر، شباب مصر، عمال مصر، قضاة مصر، اللحى المؤمنة والشوارب العلمانية والنظارات المتعبة بالبحث والسهر، المثقفون ورجال العلم والشباب، الأفراد والمنظمات، الجغرافيا والتاريخ، الفن والثقافة، الشعر والنثر والخطابة.
مرحى أيتها الأم التي جاءت في موعدها تماما. الأم العميقة في آلامها الواسعة في آمالها.
قضاة أجلاء يقفون خلف القضبان رافضين نتائج الانتخابات. عمال يطالبون بنقابات حقيقية معبرة عن شجونهم. فنانون يرفعون قبضاتهم بوجه درك الدكتاتور. شيوخ دين يحملون مصاحفهم بأيديهم ويطالبون برغيف للفقراء. إسلاميون و ليبراليون وشيوعيون يطالبون بقطع يد الفساد ورفض توريث الحكم. شعب اختصر كل مطالبه في كلمة واحدة (كفاية). تماما كعادة البلاغة المصرية التي تختصر القصة بأكملها في دعابة واحدة.
منذ الآن وحتى أجل غير مسمى لن أنشغل كثيرا بما يحدث هنا أو هناك من بلدان العرب. الآن همي الأكبر هو أن أرى ماذا يحدث في مصر.
كأني لم أعرف و لا أعرف لي بلدا غيرها. كأني مصري أسوح في قراها البعيدة ومدنها الهائلة، أكون جزءا من قلوب شبابها ودموع أمهاتها وضحكات صباياها وهيبة شرفاءها وأمسح بخجل حبات العرق والدم عن جباه أحرارها، واسألهم متى الفرج.
الآن أطمئن على ما جرى في بلدي من إصلاح جاء على استحياء. الآن أشعر أن التراجع عما جرى في بلدي وغيرها من أوطان العرب غير ممكن. أن التقدم في الحقوق المدنية قد قطع خط الرجعة. لا لشيء إلا لأن مصر قد تحركت كعملاق يمشي على ضفاف النيل الخالد.
لنوافذ سجونها، وصباح أطفالها وأعراس بسطاءها وتواريخها العريقة والغريقة أغني طوال الليل حتى يتلاشى الصوت.
أقول: من عرفكِ فقد عرفكِ ومن لك يعرفكِ جهلا أو تجاهلا، فأنا أعرّفه بك. أهدي له قصيدة الشاعر عطية الويشي:
(عذر الكفيف يا بلد / إنه ما لوهش عينين / لكن ضميره ان صحي / يطلع له مليون عين / ماشـي بنور فطرته / يسعى بغير رجلين / بس الملام والعتب / على اللي ربه عَطيه / قـفـة عيون وعَميه / عن سكة الفالحين)

وعجبي


كريم رضي
البحرين



#كريم_رضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدد يا شيخ إمام مدد
- وقائع يوم عادي - الى الماغوط
- تلويحة خاسر لعام مضى
- في مديح الاصلاح من الخارج
- خواطر
- حكاية ثيران العصور والأسد الهصور - نظارات وشوارب وعمائم ولحى ...
- ما الذي يفعلون بحرية فات ميعادها
- يعيش الطريق ..تسقط الغاية
- ضحية ترأف بجلادها
- إن لم نستطع منع الحروب فلا أقل من أن نكرهها- نحو ثقافة مضادة ...
- كم أحتقركِ أيتها الحرب
- رسالة لأصدقاء بغداديين
- توبة الغراب


المزيد.....




- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
- عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط ...
- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كريم رضي - إذا نطقت مصر أصغى العالم