أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سليم نزال - تفكيك الاسلاموفوبيا















المزيد.....

تفكيك الاسلاموفوبيا


سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 6323 - 2019 / 8 / 17 - 16:55
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تفكيك الاسلاموفوبيا
قدمت محاضرة فى مركز موزاييك الثقافى اوسلو 2017

سليم نزال


هذا هو الجزء الاول من دراسة من جزئين تسعى الى فهم وربما تفسير ما أمكن ظاهرة الاسلاموفوبيا. وهي ظاهرة كثر الحديث عنها في المجال الاعلامي في السنوات الماضية التي اعقبت بروز ظاهرة اليمين المتطرف في اوروبا. والتي تم تتويجها فى النرويج بالمجزرة الوحشية التي أقدم عيها أندرس بيرفيك النرويجي لاجل معاقبة حزب العمل!! (الذي حول النرويج الى مجتمع متعدد الثقافات).

المشاكل التي تعترض المرء في الدراسة التاريخية والانثروبولوجية وهي متصلة بطبيعة الحال في ما اسماه محمد اركون الوصول الى الفكرة الطازجة الاولى التى كونت الظاهرة المعنية بالدراسة. وبالفكرة الطازجة اعني هنا بداية تكون الظاهرة قبل ان تتجه الى التعقيد بسسب عوامل متعددة.

ومنبع هذه الاشكالية اعتبارات عديدة منها تعدد وتشعب اسباب ومصادر تشكلها عبر ظروف تاريخية قد تمتد او تقصر في الزمن. الى ان تصل مرحلة النضج بحيث يمكن وصفها وتعريفها على الرغم ان مسألة تعريفها بدقة ليست دوما بالامر السهل. وهذا ما جعل مرتا ميشيلين تتساءل في مقالة فى صحيفة "الافتن بوسطن" النرويجية بعنوان (ماذا يمكن ان نسميه؟) تشكك اذا ما كان تعبير الاسلاموفوبيا هو التعبير الأدق لوصف هذه الظاهرة لأن هذا التعبير كما هو معروف مستمد من علم النفس وليس من علوم السياسة او الانثروبولوجيا.

على اية حال تخلص الكاتبة الى القول انه بغض النظر الى دقة هذا التعبير من عدمه الا انه بات يعبر عن الصور النمطية Stereotyping في الغرب تجاه العرب والمسلمين والتي يغلب عليها الشك والخوف والسلبية.
وعلى كل حال نحن نعرف ان الافكار لا تنمو على الشجر كما يقال. والافكار نتاج بيئة معينة لها خصائصها وظروفها، ولذا يصعب دراسة هذه الافكار والتصورات الثقافية بمعزل عن البيئة المنتجة لهذه الظاهرة كما تعلمنا من تروتسكي.
ولما كنا نعرف ان الصور الثقافية Cultural images تولد في بيئة تنتج رؤيتها لذاتها ورؤيتها للآخر. ونعرف ايضا ان الصور الثقافية يمكن ان تموت مع الوقت ومن الممكن ايضا ان تستمر وان تتحول لصور نمطية يتم تعزيزها من خلال التعليم والاعلام الى ما كل ما يساهم في خلق التصورات العامة.

وعندما اتحدث عن التصورات العامة بهذ الصدد فانا اعني هنا الافكار العامة التي تسود مجتمعا ما بحيث تصبح معها افكارا مقبولة للجميع.
وهذا لا يعني بطبيعة الحال صحة هذه القوالب الثقافية لكن اهميتها انه تصبح موضع اجماع وقبول لدى المجموعة الثقافية المعنية.

وعلى سبيل المثال نعرف من خلال علم الانثروبولوجيا ان المجتمعات تحدد قوالب ثقافية لمفهوم الصديق ومفهوم العدو. وهذه المفاهيم تتغذى عادة من الصراعات والمنازعات بحيث يصعب تغييرها الا اذا توقف الصراع الذي سمح لمثل هذه الصور النمطية بالتداول كالصراع الانكليزى الفرنسي الذي استمر لقرون عديدة والذي بلور صورا نمطية سلبية لدى كليهما عن الآخر. او الصراع التركي اليوناني الذي بات معه حتى تدخين النارجيلة امرا غير مقبول فى اليونان لارتباطه بالثقافة التركية وبذكريات الاحتلال التركي.

وتعبير( الصورة النمطية) مستمد من اللغة اليونانية والتي تشير الى فكرة او مجموعة افكار ثابتة لا تتغير ترتبط عادة بالسلبية حول شعب او مجموعة ثقافية.

وبهذا المعنى لا تعترف هذه بحركة التاريخ القائمة على التغيير لان الصور النمطية تكون عادة مختزلة وعامة وهذا ما يؤكد عدم استنادها الى رؤية معرفية حقيقية وبالتالي لا تتطلب أي جهد عقلي بسبب طبيعتها التي عادة ما تختزل شعب او ثقافة ببضع كلمات يسهل انتشارها بين عموم الناس.

وربما يكون والتر ليبمان في كتابه (الرأي العام) 1922 اول من سعى لشرح هذه الظاهرة التي يشير فيها ان المجموعات الثقافية غالبا ما تملك قوالب جاهزة لدى مقاربتها للحقيقة.

أهمية كتاب (الرأي العام) انه طرح بصورة علمية اشكالية الصورة النمطية ومدى تأثيرها في المجتمع عندما تتحول الى يسمى في العلوم الاجتماعية باليقينيات.

في الفصل السادس المعنون (الصورة النمطية كحالة دفاع) يشرح ليبمان أهمية الصور النمطية في المجتمع التي تساهم حسب تعبيره في خلق نوع من الوحدة الجمعية. وبالتالي أي تشكيك في الصورة النمطية التي باتت من اليقينيات مسألة يهب الجميع للدفاع عنها بكل قوة. فالمشكلة كما يقول ليبمان ان الافراد عادة لا يفرقون بين العالم (كما هو) وبين رؤيتهم للعالم (كما يرونه) او بين ما يمكن تسميته بالحقيقة الموضوعية والحقيقة الذاتية وهذا بطبيعة الحال يخلق اشكالية لدى الافراد بسبب هذا الخلط ما بين المفهومين.

لكن من وجهة نظري فان اهم عمل نقدي لنقد ظاهرة الصورة النمطية خاصة تجاه المنطقة العربية كان بلا شك كتاب ادوارد سعيد (الاستشراق).
لذلك لا بد من العودة لافكار ادوارد سعيد لأجل فهم هذه الظاهرة. لقد كتب سعيد كتابه قبل ان يصبح مفهوم الاسلاموفوبيا متداولا كما هو الآن وذلك عبر تحليله العميق للآليات اشتغال وتطبيقات الفكر الاستشراقي.
قام ادوارد سعيد بتفكيك طبيعة عقلية الاستشراق في كتابه المسمى بهذا الاسم العام 1978. عرف سعيد الاستشراق بانه مجموعة من الافكار والتصورات الافتراضية حول الشرق الاوسط. واعتبر ان اهم ما يميز هذا الفكر انه ينظر نظرة استعلاء على مجموع الثقافة العربية الاسلامية الأمر الذي مهد في رأيه للاحتلال الأوروبي لمنطقة الشرق الأدنى في مراحل لاحقة.

اهمية الاشارة لسعيد في هذا الصدد انه قام بتفكيك الصور الذهية الغربية تجاه المجتمعات العربية المسلمة، هذه الصور هي التي تغذي الآن الاسلاموفوبيا باعتبار ان الاستشراق الذي شكل في السابق قوالب ذهنية سلبية حول العرب والمسلمين هو الأب الشرعي لللاسلاموفوبيا بل واكاد اجزم انه يحمل ذات جينات الـ DNA لذات التصورات الثقافية التي من اهم خصائصها ثقافة الشك والاستعلاء والكراهية لعموم العرب والمسلمين.
اما في اوروبا حيث تنتشر ظاهرة الاسلاموفوبيا فان بريطانيا أول دولة شكلت لجنة باشراف البروفيسور Gordon Conwayلأجل دراسة هذه الظاهرة وتعريفها وصدرت في وثيقة أسميت (الاسلاموفوبيا، التحدي لنا جميعا).
ومن المؤكد انه ما كان من الممكن تشكيل لجنة خاصة لدراسة هذه الظاهرة لولا أن حجمها قد بدأ يتسع ممهدا الطريق لبروز احزاب يمينية متطرفة مثل الحزب الوطني البريطاني الذي يجاهربعدائه للاجانب المقيمين في بريطانيا تحت ذريعة الدفاع عن الثقافه الانكليزية.

تحدد وثيقة (الاسلاموفوبيا، التحدي لنا جميعا) سبع صور نمطية اساسية حول الاسلام اهمها ان الاسلام دين لا عقلاني ومتصادم بالضرورة مع القيم الغربية ولا يؤثر في الحضارات الاخرى ولا يتأثر بها، لأنه دين جامد غير قابل للتكيف او التغير، والمتصور عنه في الغرب انه ايديولوجية سياسية اكثر منه دين ..الخ من الصور التي تربط ما بين الاسلام والتخلف والارهاب.

وكنت قد اشرت في مقال باللغة النرويجة نشر في موقع جامعة أوسلو بعنوان (الرد النرويجي والتحديات اللاحقة) الى ضعف او قلة الدراسات الاكاديمية في مجال دراسة ظاهرة اليمين المتطرف. لم أكن الوحيد بطبيعة الحال الذي قال ذلك إذ قرأت هذا الرأي من طرف آخرين. وهذه الآراء التي اتفق معها جزئيا ركزت على ان المبالغة او التركيز على دراسة الاسلام السياسي، خاصة النوع المتطرف، ربما أضعف من الاهتمام الأكاديمي بظاهرة اليمين المتطرف. ولكن على الرغم من وجاهة هذه الآراء لكني لست مقتنعا انه التفسير الوحيد لظاهرة باتت واضحة كل الوضوح في أوروبا الى الدرجة التي تم تشكيل لجنة من طرف الإتحاد الأوروبي لدراستها، وهذا بحد ذاته اعتراف بخطورة هذه الظاهرة. لكن لدى تساؤلات حقيقية اذا ما كان الايغو الأوروبي Egocentrismيقبل بسهولة الاعتراف ان مجتمعه الديمقراطي الذي انتهى معه التاريخ حسب فوكوياما يمكن ان ينتج ثقافة الكراهية التي عادة ما كان يتم ربطها بالشعوب المتخلفة والبربرية والمتوحشه وهي اصطلاحات استخدمت من طرف الانثروبولوجيا الاوروبية خاصة في المراحل السابقة.
فمنذ ثمانينيات القرن الماضي بدأت ظاهرة اليمين المتطرف تظهر في أوروبا مع بداية ما كان يقال في وسائل الاعلام حول استبدال مقولة الخطر السوفياتى بالخطر الإسلامي بحيث باتت لا تخلو دولة اوروبية واحدة من وجود حزب يعتبر المسلمين خاصة، والأجانب عامة، خطر محتمل او مقبل على البلاد..!!
وعلى الرغم من استخدامي الحذر لتعابير مثال (استبدال العدو بعدو آخر) كونها تحتاج الى فحص وتدقيق لكن لا يوجد شك ان تلك المرحلة، أي مرحلة الثمانينيات، قد شهدت أحداثا كبرى أدت الى اختفاء أحد القطبين العالميين وزواله الأمر الذي أدى الى اختفاء الصراع الايديولوجي ما بين الفكر الرأسمالي والفكر الماركسي كما كان سائدا في أوروبا الشرقية. كما شهدت تلك المرحلة نشاطا كبيرا كان الاسلام فيها هدفا رئيسا للدراسات الأكاديمية ولوسائل الاعلام بحيث اننا ما كنا نتتهي من ضجة اعلامية حول الاسلام حتى ندخل بأخرى، والأمثلة متتعددة من موضوع سلمان رشدي الى موضوع الكاريكاتير الى مسألة الحجاب .. الخ.

وبالفعل بدأنا نرى انتشارا متزايدا لمصطلح الاسلاموفوبيا الذي بدأ يظهر بقوة خاصة في الحرب الأمريكية - العراقية الأولى. وبدأنا نلمس تركيزا غير اعتيادي على طرح الإسلام والمسلمين كاشكالية انتقل تداولها من النخب الأكاديمية والإعلامية الى مختلف شرائح المجتمع.
ولا شك ان ذلك ترافق مع ما بات يعرف بالعولمة التي فتحت افاقا غير مسبوقة لتدفق المعلومات بحيث بات بوسع المواطن العادي ليس فقط ما يجري في العالم بل ايضا أن يكون له رأيا فيما يدور في العالم.



#سليم_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن اقدار الشعوب المغضوب عليها !
- لاجل انفتاح عربى على الثقافات المجاورة للعرب !
- من هيفا الشاهدة على التاريخ الى اورسولا التى اصبحت التاريخ ذ ...
- قال لى استاذ دانماركى حسنا ماذا تخططون انتم !
- نحو حواراسلامى غربى شامل نحو عولمة قيم الحوار و الاخوة الانس ...
- نهاية الايديولوجيا !
- من اجل تجديد روح عصر النهضة !
- التغيير الثقافى هو الاساس!
- الصمت هو لغة الله و ما عداه ترجمة بائسة!
- اهمية حب الاستطلاع المعرفى
- عن الزمن!
- الغرب فى العالم العربى ,تاريخ من الاكاذيب و الخداع
- فى سوسيولوجيا الاسلام السياسى !
- .اسئلة فى الفضاء المعرفى !
- لاجل التصدى للمواقف المائعة
- ماساة جيل و ربما اكثر !
- من هنا بدات الكارثة !
- كيف بدا الاضطراب يسود المنطقة العربية
- نحو حل دائم لاشكالية الهوية فى العالم العربى !
- من رسائل الادباء!


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سليم نزال - تفكيك الاسلاموفوبيا