هل يترك الأمازيغ هذه اللغة المصرية سبب تخلفهم ؟

كمال آيت بن يوبا
كاتب
(Kamal Ait Ben Yuba)

الحوار المتمدن-العدد: 6323 - 2019 / 8 / 17 - 10:12
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

حرية – مساواة – أخوة




نشر موقع العالم الأمازيغي المغربي مقالا ، بتاريخ 5 أغسطس 2019 ، لرئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي رشيد الراخا بعنوان "كلنا أمازيغ" و المقصود بها أن كل سكان الأرض "أمازيغ"...إن هذا المقال الموقع بإسم السيد رشيد الراخا و المترجم من الإسبانية من طرف إحدى الأخوات هي فاطمة مع إحترامي لها يبدو بعيدا كل البعد عن مجال العلوم الحديثة و يرتكب أخطاء جسيمة في نقل المعلومة العلمية ناهيك عن الاخطاء الجسيمة في الترجمة والتي سنعزوها عن حسن نية فقط للجهل و ليس لأي سبب آخر مثل التدليس و إنعدام الأمانة الأدبية و عدم إحترام ذكاء المغاربة و غيرهم و إستغلال الأمية المنتشرة في المنطقة التي يستهدفها المقال ..


و السؤال الذي يطرح نفسه هو إذا كان كاتب المقال الموقع بإسم رئيس كونغرس "أمازيغي" و عالمي كما يسمونه بهذا الجهل فماذا عن الباقين ؟(من المحتمل أن لا يكون السيد رشيد الراخا هو كاتب المقال بالعربية أو ربما تكون هذه الترجمة نقلت أخطاء في المقال الاصلي بالاسبانية للسيد رشيد الراخا .احتمال وارد جدا)


المهم ، لقد إبتدأ المقال كالتالي (أقتطف هنا المقدمة مع الرابط الذي أخذ منه معلوماته وجعله مع النص في المقال هكذا ) :


رشيد الراخا*

نشرت صحيفة إلبايس ديجيتال الاسبانية يوم 5 يونيو مقالًا بعنوان «الأندلس يمحو علم الوراثة في جنوب إسبانيا»، وذلك استنادًا إلى دراسة وراثية أنجزتها جامعة غرناطة، مفادها: «أن سكان ألميريا وغرناطة وملقا يتشابهون مع الأفارقة مثل أهل غاليسيا وكاستيا. فعلى الرغم من وجود العرب وسكان شمال إفريقيا في هذا الجزء من إسبانيا، فقد أظهرت دراسة وراثية حديثة أن بصماتهم الوراثية في الجنوب لم يعد لها وجود.
. «(Elpais.com/elpais/2019/06/04/ciencia/1559654994_049558.html ) »
ت
إنتهى المقتطف .

لما وضعت الرابط أعلاه دون الاقواس التي في طرفيه في محرك البحث غوغل وجدت نص المقال بالكامل أقتطف منه فقط ما يهم المقدمة التي وضعتها كمثال أعلاه و هو التالي:
Al-Andalus no dejó rastro en la genética del sur de España
Almerienses, granadinos y malagueños tienen tanto de africanos como los gallegos o castellanos. A pesar de la larga presencia árabe y norteafricana en esta porción de España, un estudio genético muestra ahora que su huella genética en el sur apenas ha pervivido. Ni siquiera hay diferencias genéticas significativas con otros pueblos europeos.


أولا العنوان باللغة الاسبانية للمقال في الجريدة الإسبانية و الذي هو :
Al-Andalus no dejó rastro en la genética del sur de España

ليست ترجمته الصحيحة هي "الأندلس يمحو علم الوراثة في جنوب إسبانيا" كما ورد خطأ في مقال السيد رئيس الكونغرس الأمازيغي العالمي و إنما هي :

"الأندلس لم يترك أي أثر في الذخيرة الوراثية لجنوب إسبانيا "

و المقصود هنا هو أن الإحتلال العربي الاسلامي لم يترك أي أثر في جينات (أي الذخيرة الوراثية لِ) سكان جنوب إسبانيا ..

و بما أنهم يقولون عندنا في التاريخ المدرس في المدارس أن طارق بن زياد الذي يصفونه بأنه امازيغي هو من فتح الأندلس بمعية أمازيغ آخرين بإسم الإسلام ، فمعنى ذلك أنهم يقصدون الوراثة الأمازيغية بالضبط إذا كانوا يقولون ان طارق بن زياد امازيغي ..

هذا هو المقصود ...

بقية المقدمة :

إن الترجمة الحقيقية والصحيحة أو الأصح إحدى الترجمات الصحيحة للنص الاسباني لهذه المقدمة البسيطة هي التالية و ليقارن القراء الذين لهم بعض الإلمام باللغة الاسبانية هذه الترجمة مع النص الوارد في مقال السيد رشيد الراخا المكتوب أعلاه :

إن سكان ألميريا Almeria و كرانادا Granada و مالكا Malagaفيهم كثير من الأفارقة تماما مثل سكان كاليسياGalicia و كاستيا Castilla.و رغم الحضور الطويل زمنيا للعرب و الشمال إفريقيين في هذا الجزء من إسبانيا ، فقد بينت دراسة في علم الوراثة الآن على أن البصمة الوراثية لهؤلاء في الجنوب لم تُعمِّر إلا قليلا ...و ليس هناك حتى أي فروق وراثية ذات أهمية كبيرة مع الشعوب الأوروبية الأخرى ...

إنتهت ترجمتي للنص أعلاه ...

و إذا كان يقال أن النهار ظاهر من صباحه و المقال ظاهر من عنوانه فلا داعي للإستمرار في فرضية السيد رشيد الراخا التي يريد إيصالها للعالم أجمع في المقال الموقع بإسمه و هي ما يوجد في آخر مقاله و يقول فيها :

"" وخلاصة القول، فان أسلاف الشعوب الحالية في إسبانيا والبرتغال وجنوب إيطاليا ليست لوحدها القادمة من تامازغا، بل حتى جميع شعوب البشرية على كوكبنا! ""

هذه المعلومات علميا خاطئة ...

أولا : لأن مصطلح " تامزغا" الذي يعني كل شمال افريقيا زائد نيجيريا و شمال مالي ليس صحيحا..هذه أكاذيب ..

فكلمة "تامزغا" هو تحوير أو إخفاء لكلمة"تامصرا" أي مصر و كلمة "تامزيغت" هي تحوير و اخفاء لكلمة" تامصريت" أي اللغة المصرية القديمة كما ورد في مقال سابق لي هنا بالحوار المتمدن بتاريخ و ليس هناك أي شك في ذلك ...و بالتالي فتامزغا هي فقط دولة مصر القديمة الفرعونية ...رابط المقال :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=645841

ثانيا : لأنها تدلس على معلومات موجودة فعلا في نظرية علمية محترمة قلناها منذ 2010 و مفادها أن أسلاف كل البشر هم أفارقة من الشرق الافريقي وفق نظرية East side story.و هذا ليس محل خلاف في مجموعة العلماء العصريين لأصل الإنسان أينما كان ...كل الموجودين في العالم أصلهم الأول من إفريقيا ...

ثالثا : شخصيا لم أكن أعرف قبل نهاية يونيو 2019 أن أصل تامزغا هو تامصرا أي مصر و أن هذا الإسم قديم وأن تامزيغت هي تامصريت .و لكن البحث الذي قمت به و نشرت بعضه في المقال السابق على عجل نظرا لما اصبحنا نراه منشورا من حرب ضد الآخر في عدة مواقع هدفها زعزعة إستقرار و أمن شمال إفريقيا لن تبقي لا على الامازيغي و لا على غيره ، هو ما جعلني أنتبه لخطورة سلوكات هؤلاء المتطرفين اللغويين و أنصحهم لما في صالحهم بالحوار والمنطق و المعلومة الصحيحة .أنا لا أمارس السياسة التي يباح فيها كل أنواع التضليل و الأكاذيب بل أمارس العلوم الحديثة .

لا يمكننا إلا أن نكون أمناء و موضوعيين في نقل المعلومة الصحيحة للناس خاصة إذا كانت علمية .فهذا المجال ليس مجالا للمزاح أو اللعب أو الهزل .لأن التاريخ لن يرحم الكاذبين و سيرمون في مزبلة التاريخ ...

إن إحترامي للأمازيغ كما لغيرهم لايسمح بغير نقل المعلومة الصحيحة إليهم مهما كانت .لأن تقديم المعلومة الصحيحة للناس يشبه تقديم مصباح ينير الدرب المظلم و طريق العقل لمعرفة السلوك الصحيح والسليم .

و لقد قلنا أن كل البيض المتواجدين اليوم في كل إفريقيا هم أحفاد مهاجرين هجرة ثانية لمهد البشرية أي افريقيا بعد هجرة اجدادهم هجرة أولى نحو باقي القارات ...

و إذا كان السيد رشيد الراخا المحترم طبعا يريد رفع معنويات الأمازيغ الذين هاجروا في فترة ما من التاريخ من تامزغا أي تامصرا و هي مصر للمغرب والجزائر و تونس و ليبيا و بقي منهم القليل في مصر ، فليس هناك من حل غير قول الحقيقة الأنثروبولوجية التي قلناها منذ 2010 و التي مفادها أن سلالة الأمازيغ الأنثروبولوجية هي السلالة القوقازية .لأنهم كناس ذوي بشرة بيضاء ينتمون للسلالة التي تسمى ايضا البيضاء أو الأوروبية .و بالتالي فأصلهم القريب تاريخيا هي أوروبا الشرقية ... من هناك جاؤوا لمصر و منها لباقي دول غرب شمال افريقيا ...

و اخيرا فإن دراسة تشابه اللغة المصرية القديمة أو بالامازيغية تامصريت مع ما يسمى تامزيغت أي اللغة الامازيغية تثبت أن أصل الامازيغ اللغوي أو أبناء (مازغ أو ماسي- رع باللغة المصرية القديمة أي مصر ) هو مصر الفرعونية أي تامصرا أو تامزغا بنطق مختلف فقط ...هذا الأصل لا شك فيه الآن و لا جدال ...طالما ان الكثير من الامازيغ النشطاء قد صاروا لا ينكرونه ...

و بما أن الاصل البيولوجي كسلالة هو اصل أوروبي شرقي فمعنى ذلك أن لغتهم الأصلية ليست هي تامصريت أو تامزيغت و إنما هي لغة أوروبية أو أسيوية - أوروبية كالعبرية مثلا أو الفينيقية أو غيرهما ضاعت في مصر الفرعونية أو تمازجت مع لغتها....

و هذا ما يفسر بقاء الامازيغ طيلة كل هذه القرون لا يعرفون بأي أبجدية سيكتبون اللغة المصرية القديمة أي تامصريت التي هي تامزيغت و تصارعوا مؤخرا فيما بينهم حول كتابتها بالحروف اللاتينية أو الفينيقية ؟

ببساطة لأن تعلم التامزيغت او التامصريت كان شفويا في مصر .و لأن الحروف الهيروغليفية لم يكن مسموحا لهم بتعلمها في مصر القديمة أو ربما لم يستطيعوا ذلك .و المرجح ربما ان تعلمها كان مقتصرا فقط على البعض القليل الذين يدورون في فلك الفرعون و حاشيته دون الآخرين .و لما انتهت الدولة الفرعونية و انتهى أولئك بقيت تلك الحروف الهيروغليفية المقدسة مجهولة حتى كشف اسرارها الفرنسي شامبوليون في سنة 1830 ربما ...

و كيف لهم ن يكتبوا برموز و رسوم تُقرأ من اليمين لليسار و من اليسار لليمين و من الأعلى للأسفل ؟؟؟

الاقباط انفسهم الذين هم الورثة الشرعيون للغة المصرية القديمة لما أرادوا كتابة اللغة القبطية الشبيهة باللغة المصرية القديمة كتبوها بحروف يونانية ثم اضافوا لها حروفا اخرى ...

أما بالنسبة لسكان العالم فأصلهم البعيد هو إفريقي بكل تأكيد حسب نظرية East side story و ليس أمازيغي أي مصري مثل ما يقول المصريون الشرقيون أن مصر أي تامصرا أو تامزغا هي (أم الدنيا) كما ورد في مقال رشيد الراخا الموغل في العنصرية دون أن يدري ربما . وأكرر هنا كأن كاتبه كتكوت حين فتح عينيه وجد أن أمه دجاجة فإعتقد أن كل الأمهات دجاجات ...

إن كل البشر هم انسان ينتمون للنوع اومو سابيانس .فلا داعي لاي حركات عنصرية أخرى أو كراهية تجاه الاخرين ...لان هذا لن يؤدي إلا للمآسي ...

الواجب هو ان يكون الامازيغ اكثر صدق و انسانية لاحتواء الاكاذيب الشرقية بالحوار وبالعقل والمنطق في سبيل التعايش والتساكن و الحفاظ على الامن والاستقرار ...لا أن يفعلوا مثلها ....لأن البديل لهذا هي الحرب والفوضى..

و من اجل هذا أعتقد أنه على النشطاء الامازيغ اليوم اتخاذ قرار تاريخي و جدي و شجاع بالتخلي عن هذه اللغة الامازيغية أي تامازيغت أو تامصريت المحنطة منذ قرون و ذات الاصل الشرقي و عن تلك الاعلام المبنية على الاكاذيب و المفبركة و تبني أي لغة اوروبية أخرى سواء الفرنسية او الاسبانية او أي لغة اوروبية تبعا لسلالتهم القوقازية البيضاء اذا كانوا يريدون التقدم و بناء الدولة الديموقراطية العلمانية .

لأن الشرق الاوسط للاسف يعج بالديكتاتوريات بسبب هذه اللغات الشرقية التي جاؤوا باحداها للمغرب و يتناقضون حين يزعمون محاربة لغة شرقية اخرى مثلها و هم يريدون دولة ديموقراطية علمانية .

إن سبب تخلفهم هو بالضبط هذه اللغة الشرقية التي ليست لغتهم في الاصل و تمنع عنهم التفكير الصحيح ووضوح الرؤية . و لن تحقق لهم سوى المزيد من الخيبات و الإنتكاسات و الانتظار والخراب ....

و من يُكذب هذا فما عليه سوى تجريب هذا الاقتراح الجدي ...و لينظر ماذا سيحصل فيما بعد ..

لأن ارتباطهم لن يكون مع دول شرقية فاشلة و انما مع دول ديموقراطية علمانية قوية في الشمال من البحر الابيض المتوسط قريبة لها قيم مبينة على عقلانية و على ما لقيصر لقيصر و ما لله لله و لهم معها علاقات منذ قرون .و لأن خطأ الاقدمين منهم هو بالضبط ارتماؤهم في حضن الشرق الاسيوي و إهمال علاقاتهم بالغرب القريب منهم والمتقدم ...

مع تحياتي

ملحوظة : في المقال السابق عن أصل براعم أثداء الذكور ورد خطأ مطبعي يتعلق بالسطر 20 من المقال الذي وردت فيه كلمة Embryogenesis عوض كلمة Embryology كمقابل لمصطلح علم النمو الوارد قبلها .لأن كلمة Embryogenesis هي مراحل النمو و ليس علم النمو .و قد كتبت هذا في التعليقات في حينه عندما أعدت قراءة المقال بعد نشره مباشرة .
فمعذرة لموقع الحوار المتمدن و للقراء الغاليين.

#كمال_آيت_بن_يوبا (هاشتاغ)       Kamal_Ait_Ben_Yuba#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات