اسامه شوقي البيومي
(Osama Shawky E. Bayoumy)
الحوار المتمدن-العدد: 6323 - 2019 / 8 / 17 - 00:55
المحور:
كتابات ساخرة
كان السجال بين جان بول سارتر وأباطرة الأستدلال المنطقى والماديون الجدليون شديدا قاسيا مثلما كان بين موسي وفرعون الخروج. ولعل أستهجان أ.د عبد الرحمن بدوي مما ورد فى كتاب سارتر المسمى بأنطولوجيا الوجود والعدم عندما قرئه للمرة الأولى سنه 1946 سببه أن بدوي كان وقتئذ متشبع بمنطق أرسطو والماديه الجدليه لنيتشه وهيدجر. وأول ما لفت نظر بدوى هو أستخدام سارتر لمصطلحات ونظريات علم النفس فى أنطولوجيا أو فلسفه الموجودات. ويوضح سارتر موقفه فيما بعد بأن معتنقى نظريات الأستدلال المنطقى والماديه الجدليه قد حادو عن الطريق حيث عبدوا التفسير وجعلوه سببا فى الوجود. لقد ألغوا الذات والرغبه والشعور كدافع للوجود. فنحن لا نكون سعداء بمجرد أن نعرف معادله رياضيه للسعادة مثل معادله الدائرة ، لكننا نكون سعداء لأننا أردنا ذلك. وأكبر تفسير للوجود هو أنه ببساطه موجود. وهذا ما يفعله الفقه والقضاء حيث أنهم يبحثون أولا فى الدوافع والنزعات كأساس أو أحتمال وجود ثم يستخدمون الأستدلال المنطقى فى صياغه الشكل والأسلوب التعبيري أو التمثيل الذهنى. والمثل والعبرة ليس ندا للحقيقه التى ينشدها العدل. وأيضا كل الظواهر الطبيعيه موجودة لأنها موجودة وليس وجودها بسبب التفسير العلمى لها. وما التفسير العلمى ألا محاوله لوضع أطار تقريبى أو تمثيل ذهنى لتلك الظواهر . والمثل ليس سببا فى الوجود وليس ندا لحقيقه الموجود.
لقد حرمت البشريه من الأستفادة من معادلات ماكسويل فى الكهرومغناطيسيه لأكثر من 100 عام فى محاوله لأيجاد التفسير النظرى لها , حتى جاء فارادي وأعطاهم ظهره ليخترع لنا المحرك الكهربي...
بتلك المفاهيم السارتريه نستطيع أن نبطل حجج الماديين الجدليين ممن أنكروا وجود الله كلانهائى فائق , لا يمكن أدراكه أو تصوره. فعند هؤلاء مالا يمكن أدراكه أو تصورة ذهنيا هو غير موجود منطقيا. وعند سارتر التفسير ليس سببا فى الوجود. فحضور الوجود المنطقى لا يعنى بالضرورة الوجود وأيضا غياب الصورة الذهنيه لا يعنى بالضرورة العدم. وقد منعنا القران الكريم عن أن نجعل لله أندادا مكافئين له لا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ..
فكل ما تفكر فيه فالله أكبر وأعز وأجل وأقدس منه . لكن لماذا أخفى الله ذاته عن عقولنا ؟ لأنك ببساطه عندما تفكر وتستغرق فى التفكير مثل أبراهيم (عليه السلام) فى كل ما تعرفه وما هو حولك ثم تجعل الله أكبر من أي شئ تخيلته ، سيتعب عقلك الواعى وسترهق الأنا المكبله بالمنطق والمادة ، حينئذ ستشعر بلطف الله فيك (أو الروح) يلمس قلبك و ذاتك. وأذا لمس ذاتك قبس من نور الله تحققت أنت من وجودة , وأوجدته داخلك.
سارتر أيضا يقول ذلك ، ولعلك تفهم بتلك الابيات للشاعر الوجودي المتصوف صلاح جاهين:
يالي بتبحث عن أله تعبده
بحث الغريق عن شئ ينجده
الله جميل عليم , رحمن رحيم
أجمل صفاته وأنت راح توجده..
#اسامه_شوقي_البيومي (هاشتاغ)
Osama_Shawky_E._Bayoumy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟