زكرياء محمد العباسي
الحوار المتمدن-العدد: 6321 - 2019 / 8 / 15 - 09:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التقية في موروثنا الديني هي إخفاء معتقد ما خشية الضرر المادي أو المعنوي ، و كثيرا ما نسمع هذا المصطلح في التلاسنات بين أتباع الطوائف الدينية فيقول قائل لصاحبه أنه يمارس التقية يأتي بكلام يخالف الواقع و يخالف نواياه رغبة منه في تجنب شر غيره أو إخفاء شر يكنه في نفسه .
هنا يطرح القارئ التساؤل المنتظر ، ما علاقة اليسار عامة و العربي خاصة بمصطلح ديني و ما الذي يمكن أن يربط الفكر اليساري التقدمي بالصراعات الطائفية ؟ الجواب بسيط ، اليسار - جله طبعا كي لا نقع في التعميم - صار لصيقا ممارسة و ليس فكرا لهذا المصطلح ، ليس في بعده الديني و لكن تطبيقا قد يمارس اليساري في بلادنا التقية يوميا وهو لا يشعر فمثلا نادرا جدا ما ترى يساريا يجاهر أمام الملأ بتبنيه لفكرة مساواة المرأة بالرجل مخافة فقدان بعض الزخم الجماهيري في مجتمع ذكوري قد لا يقبل الإختلاف معك فقط بل قد يحاربك إذ أنت قررت يوما ألمس بمعتقدات بائدة توارثها من أسلافه ، و هنا قد يكتفي اليساري إنصافا للمرأة ببعض الكلمات المنمقة في قبة البرلمان و المحافل الرسمية ، قس على ذلك مواقف اليسار من الدين فكن متأكدا صديقي لو دخلت أي نقاش ديني مع يساري في بلادنا ستجده يخلع عنه جلباب الفكر المادي و يرمي بكل أسس و مناهج التحليل العلمي ، ليس قصدا منه طبعا و لكن مخافة أن يلتصق به وصف الإلحاد من جاهل أو حاقد ، أما ذكر أمر كالحرية الجنسية فصار من سابع المستحيلات .
يسارنا اليوم حصر إرتباطه بالجماهير في ما هو مادي بالأساس كي لا نقول خبزي ، فكسب تعاطف الشعوب أهم من توعيتها و التشبت بمبادئ اليسار الحقيقي ، كل هذا ليس إنتقاصا من اليسار العربي بتاريخه الزاخر بالتضحيات الجليلة و لكن تحليل لواقع أصبح فيه الربح الوحيد المرجو عند البعض منا هي أصوات معدودة في صناديق الاقتراع بغض النظر عن قناعات و إرتباط أصحابها بفكر اليسار .
#زكرياء_محمد_العباسي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟