أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد زكريا السقال - الوطن العمارة














المزيد.....

الوطن العمارة


محمد زكريا السقال

الحوار المتمدن-العدد: 1549 - 2006 / 5 / 13 - 10:51
المحور: الادب والفن
    


في روايته "عمارة يعقوبيان" الصادرة عن دار مدبولي للنشر عام 2002 والتي أعيد نشرها للمرة التاسعة خلال أربعة أعوام، يقوم طبيب الأسنان الدكتور علاء الأسواني بأكثر من مهمة في نفس الوقت ، فمن عالم اجتماع إلى عالم في التاريخ والاقتصاد ، يسبر اغوار المجتمع المصري مبتدأً فيه قبيل الثورة المصرية في 23 / يوليو/ 1952 إلى المرحلة الحالية، حيث الاقطاع وعالم البشوات وتقاليد المجتمع المصري ، من العمل كتوزيع اجتماعي طبقي ، إلى الخاص الفردي كمعاش يومي ، يتداخل ويتناقض ، ولكن ليس بالطرق التي يمكن رصد تحولاتها وترتيب فئاتها الاجتماعية .
تتداخل السلطة في هذا الترتيب عاملة على طمس المجتمع وحدوده وتشويه بنيته من خلال تشويه إنسانه .
عالم محشور ضمن دائرة، انسانها عاجز عن الخروج منها إلا عبر قدرته على كسر ذاته من خلال تملق وتزلف قيوده ، والتحايل باستنباط مفاهيم فردية تسمى عادة بالشطارة .

ان عمل الدكتور علاء الأسواني "عمارة يعقوبيان " يتميز بالاتقان وهو شامل في تناولة لتفاصيل وخصوصيات الحياة اليومية لسكان العمارة – الوطن – والدخول في عالم أبطاله. امتلك من القدرة والمعرفة مما منحه ثقة استثنائية جعلته يمزق كل الأقنعة والستائر التي غالبا ما تلتف بها مجتمعات شرقية لاترصد حركاتها غالبا إلا بقدر ما تنعكس صور انكساراتها وتخلخلها بطريقة تبدو للخارج بمدلولات وتعابير مجردة وكأنها حوادث فردية ، بينما هي في الرواية نسيج اجتماعي سياسي اقتصادي ، يفرض نفسه ويضغط على الفرد فيتشظى بين واقع هش وضاغط وحاجيات لاتلبى إلا بالسرقة والتزييف والخداع .
أبطال لفظتهم الثورة الانقلاب وأبطال جدد في المسرح الذي يطلق كل أضوائه ويسلطها على اللانظام على سلطة لاتظهر إلا لتقمع وتزور وترتشي ، وبذلك تغض النظر عن الواقع الذي يصبح شظايا مرآة لاتحدد قاعه من سطحه ، لدرجة أن الفعل الانساني يتقمص أيضا شكل السرقة .
يتطاول الجنس في الرواية ويغطي أكبر قدر من العمل ليس باعتباره تفاعل وفعل إنساني بل يأتي على شكل جوع ، جوع مزمن ، لهذا فهو بدائي وغير متسق ، فاجر وغير طبيعي، ومتسلع يمارسه القادرون على الشبع بالقدر الذي هم فيه قاد رون على الأكل ، بينما تبدو طرق الخلاص ممهورة بالغيبيات وتأخذ فعل المطهر فيتجسد حلاً فرديا متخلفا ممهورا بالهزيمة والغواية والثأر، بالفترة التي تتزاوج الاتجاهات وتختلط الألوان.
من الأنصاف القول أن هذا العمل يشكل بكليته قراءة سياسية لمصر ضمن سياق مرحلة شوهت التطور الطبيعي لآدمية البشر وحطمت أنسانيتها بأجهزتها ، وكأن هذه الأجهزة صنعت لهكذا أمر ، أجهزة عملت على أن يكون المجتمع تربة طيعة للدمار والتشوية ، للشواذ والمتصابين وسجنته أسير شعارات تأخذ فعل الاغتصاب .
عمارة يعقوبيان عمل متقن يبشر ويطمأن على مستقبل الرواية العربية لايستطيع القارئ إلا أن ينفعل فيه ويغمره شعور طاغ لقراءته مرة ثانية وثالثة. عمل لم يكن فيه الدكتور الأسواني طبيب أسنان بالقدر الذي كان فيه جراح مختص بالأعضاء الدقيقة ، فدقة تشريحه للواقع المصري وتسليطه الضوء على الجوانب المتعفنه والسوداء فيه. يعطيك الفرصة لترى أبطاله وارتباطهم مع كل ما يحيطهم على حقيقته ويتيح لك النظر لدقائق انسانية بكل فجاعتها وقساوتها وتعهرها ، تلزمك في أثناء القراءة لطرح السؤال تلو الآخر. في تناولة للأحداث يكسر كثيراً من حدود المألوف ويقحمك في عوالم تبدو طرقاتها ضيقة مظلمة مكثفاً فيها كل اللحظات الانسانية. يقدم كل هذه اللوحة المعقدة بسلاسة تمنحك متعة متابعة القراءة و الاكتشاف ، لذا فهذا العمل جدير بأكثر من قراءة .


برلين 12/05/200



#محمد_زكريا_السقال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمن اختصاص وطني غبر قابل للتصدير
- الشعر والانتصار على الحياة
- رحلة مع نزار قباني
- الإخوان المسلمون في سوريا والحوار المطلوب
- أي سياق تسلك المعارضة في خطابها


المزيد.....




- عائشة القذافي تخص روسيا بفعالية فنية -تجعل القلوب تنبض بشكل ...
- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد زكريا السقال - الوطن العمارة