أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - الكوميديا الفرنسية في طبعة جديدة في الفيلم الامريكي -ذا أب سايد -















المزيد.....


الكوميديا الفرنسية في طبعة جديدة في الفيلم الامريكي -ذا أب سايد -


علي المسعود
(Ali Al- Masoud)


الحوار المتمدن-العدد: 6315 - 2019 / 8 / 9 - 14:46
المحور: الادب والفن
    



Film" The Upsid"

بعد القفزة الكبيرة التي حدثت في مجال التقنيات البصرية والصوتية وبالتحديد في مجال السينما وفي ظل تطور أساليب التصوير ، شهدت الخمسة عشر عاماً الماضية زيادة لافتة في عملية تكرار وإعادات لأعمال سابقة أو ما يسمى في السينما (نسخة جديدة )، فاقت أية فترة سابقة في تاريخ الفن السابع، صناع السينما مُستغلين في ذالك نجاح تلك الأفلام سابقًا، ومُراهنين على ما سيُضيفونه إلى الأعمال الجديدة حتى تجتذب أكبر قدر من الجمهور وبالتالي تُحقق أعلى الإيرادات، وكم من أفلام قديمة، مُهمة ومُلهمة، شاهدنا أو سمعنا عن النجاح الهائل الذي حققته وقت عرضها. ومن الافلام التي تم إعادة إنتاجها في عام 2019 فيلم (ذا أب سايد )، وهو فيلم أمريكي درامي كوميدي ، من إخراج نيل برجر، وبطولة كل من برايان كرانستون، نيكول كيدمان، وكيفين هارت. ويُعَد هذا الفيلم إعادة إنتاج لفيلم فرنسي بعنوان " المنبوذون"، والذي صدر عام 2011، ويحكي الفيلم المقتبس عن قصة حقيقية - تناولها فيليب بوزو دي بورغو في كتابه "النفس الثاني" الذي نشره عام 2001-الذي أدى دور البطولة في الفيلم كل من "فرانسوا كلوزيه" و"عمر سي" عن قصة حقيقية، ونجح الفيلم وقتها بشكل كبير جدًا فنيًا، وترشحه لجائزة جولدن جلوب، وتصنيفه ثاني أعلى الأفلام الفرنسية من حيث الإيرادات – بفرنسا – بعد فيلم" أيميلي"، أما على مستوى العالم فيُعَد الفيلم الأعلى إيرادًا بفئة الأفلام الناطقة بلغة أجنبية بتاريخ السينما، إذ حقق 444.8 مليون دولار من أصل ميزانية 10.8 ملايين. والفيلم الفرنسي كان من إخراج المخرج /إريك توليدانو، وأوليفيه نقاش ، قصة الفيلم تتطرق الى الجانت الطبقي في المجتمع الفرنسي ، حيث يتناول النظرة السلبية تجاه المهاجرين الأفارقة والعرب والذين يعيشون فى الأحياء الفقيرة ويحاول الفيلم تغيير النظرة الأرستقراطية الأوروبية تجاه هؤلاء المهاجرين. المنبوذون" يحكى عن صداقة تجمع بين شخصين بينهما متناقضات كثيرة "فيليب" الثرى الأرستقراطي المتذوق للفن العاجز المصاب بشلل رباعي-( بسبب حادث طائرة شراعية )- ولا يحرك سوى رقبته وبين "إدريس" ذو الأصول السنغالية اللص الفقير الفاشل في حياته الذي يتقدم للوظيفة كمساعد لفيليب بهدف الحصول على توقيع من أجل إستلام الإعانة الاجتماعية، وقتها يتقابل عالمان مختلفان من الصعب ان يلتقيا دون وجود تلك الصداقة وكلا منهما يغوص في تفاصيل عالم الآخر. في هذا الفيلم (المقتبس عن قصة حقيقة) نرى فيليب المليونير الفرنسي، عاشق للفن ومتذوق للموسيقى الكلاسيكية ولكنه أصيب بالشلل بعد حادث مؤلم وفقد زوجته إلا انه لا يزال محبا للحياة. يجري فيليب مقابلات مع سكرتيرته لإختيار مرافق له، يعتني به ويقيم معه في المنزل ليتابع حالته الصحية. ادريس من الجهة الأخرى شخصية مختلفة كل الاختلاف عن فيليب، شاب فرنسي من أصول سنغالية، بلا وظيفة، اقتحم المكان وقطع الدور بكل فظاظة أثناء المقابلة فقط ليحصل على توقيع يساعده على الحصول على الإعانة الاجتماعية من الحكومة. بالرغم من هذا كله يرى فيه فيليب شيء آخر، يثق به ويعطيه الفرصة للعمل لديه بالرغم من اختلاف الطبقات والأذواق إلا أن الاثنان يتفقان ويشكلان ثنائيا مرحا. تمكن ادريس بشخصيته الفريدة أن يقلب حياة فيليب التي كانت تسير على وتيرة واحدة ، وتأثر فيليب كان واضحا عند غياب ادريس رغم أنه لم يعبر بالكلمات ولكن الحزن في عينيه كان واضحا، لم يستطع أي شخص آخر ان يأخذ مكان ادريس لأنه من الشخصيات الفريدة التي تبرع في ترك أثرها. شكل فيلم "المنبوذون" للمخرجين إريك توليدانو وأوليفيه نقاش الحدث الوطني على الصعيد الثقافي والفني لعام 2011 في فرنسا، حيث تصدر قائمة الأفلام الفرنسية والأجنبية التي عرضت في قاعات السينما، وجاء في استطلاع أن 52% من الفرنسيين يعتبرون الفيلم الذي عرضته نحو 900 قاعة وشاهده قرابة 15 مليون متفرج على مدار شهر ونصف الشهر تحفة فنية كوميدية من الطراز النادر، وبهذا الرقم يكون قد دخل تاريخ أكثر الأفلام رواجا. ليس من المستغرب أن الفيلم حقق نجاحاً باهراً في فرنسا مع أكثر من 13 مليون مشاهد في أوروبا، فالفيلم ممتع. نرى في بداية الفيلم فيليب وهو يقابل المتقدمين للوظيفة واحداً بعد الآخر لنفهم أنه لا يبحث عمن يقدم له العون والرعاية بل أكثر عن شخص يبهجه، لذلك يشعر ادريس بالدهشة عندما يمنحه فيليب الوظيفة. هذا الفيلم يطرح العديد من القضايا من بينها قضية المهاجرين التي هي من القضايا التي تؤرق فرنسا وأوروبا بشكل عام، والموضوع ليس فقط ذا صبغة اجتماعية، بل له أبعاده الاقتصادية والسياسية وحتى الأيديولوجية، كما يطرح الفيلم قضايا المهمشين أو المنبوذين إن جاز التعبير، وقضايا ذات علاقة بالمجتمع الفرنسي نفسه، من بينها التواصل الثقافي بين مكوناته المختلفة. الانطباع الأولي الذي قد يخرج فيه مشاهد الفيلم، هو أن المجتمع الفرنسي لديه شيء من العنصرية، وهو في جزء منه صحيح تجاه الأجانب، إلا أن هذا الفيلم حقق جماهيرية طاغية في فرنسا وعموم أوروبا المجتمع الفرنسي أقبل على مشاهدة الفيلم بحرارة وتحمس، وأشاد فيه النقاد والأدباء والصحافيون، بل إنه من أحد أهم الأفلام الذي تسعى فرنسا إلى ترويجها في الخارج. الفيلم يتطرق لجانب حقيقي في واقع شخصية مقدم الرعاية إدريس، فدوره لا يقتصر فقط على التحميل، والاستحمام،والإطعام، وخلع الملابس، وتناول الأدوية، فالمريض فيليب يواجه واقعاً من الصعب تقبله فهو الآن محروم من أبسط الفعاليات أو الحركات كأن يشرب كوب من الماء لوحده، أو أن يقف على الشرفة أو يتمشى في غرفة. إدريس لا يمكنه أن يقدم ذلك لكنه واثق من أن فيليب سيتحسن أذا غير من أسلوب حياته وتصرف بحرية أكبر، لذلك سيقدم له شيء أكثر قيمة، سيمنحه الرفقة. وفيليب الذي ماتت زوجته، يرى في إدريس نبض الحياة، شخص من عالم مختلف، وبحسب كلمات فيليب “رفقة إدريس لن تغير واقعه سيبقى ذلك المليونير الفرنسي المشلول المحاط بالموظفين المهتمين برواتبهم ومكانتهم الإجتماعية، لكنه اذا استطاع أن يلتقط شيء من إدريس سيصبح أسعد، سيصبح مشلول سعيد. نجاح الفيلم يرجع بسبب رئيسي إلى أداء الممثلين ففرانسوا كلوزيه الذي يمثل فقط باستخدام وجهه وصوته فاستطاع أن يوصل مشاعره بإتقان. أما عمر ساي فاستطاع أن ينقل روح التفاؤل والنشاط دون مبالغة أو تكلف. ولأن الشخصيتين تتمتعان بطيبة يصبح الإثنان محببان لدينا، ومع تركيز الفيلم على نمو وتطور العلاقة بين الإثنين، يصبح ما يشعرهما بالسعادة يشعرنا أيضاً بالسعادة. الفيلم مؤثر ومضحك وسيرسم ابتسامة على وجهك مع نهايته، وسيمنحك شعور بالسعادة وأنت ترى صداقة حقيقية بعيدة عن الشفقة، الفيلم يفند صحة الأفكار التقليدية الرائجة عن المهاجرين السود والعرب المستغلة في الخطاب السياسي الفرنسي والأوروبي بوجه عام كظاهرة تهدد الصفاء العرقي. و كما يطرح الفيلم أيضا تساؤلا من نوع الآخر، عن الفن، ما هو، وكيف نقيمه؟ وجهتا النظر كانت مختلفتان، فيليب يرى الفن متمثلا في اللوحات التجريدية وهو مستعد لأن يدفع مبالغ كبيرة من المال للوحات كهذه. بينما ادريس لا يرى فيها ما يستحق مبلغا مرتفعا. كذلك بالنسبة للموسيقى، كان لهما ذوقان مختلفان ولكنها اتفقا في النهاية. النقطة الأخرى الملفتة هي الاستمتاع بالحياة، ما الذي يمنع الانسان من ممارسة ما يحب أو خوض تجارب ومغامرات جديدة، فيليب بالرغم من عجزه مارس كل ما يحب، قراءة، كتابة موسيقى، حفلات أوبرا،والقفز بالمظلات. في الفيلم قصة عميقة وكوميديا ممزوجة بدقة بحبكة سينمائية اداء الممثلين كان عبقريا ، والموسيقى مرهفة و العلاقة الانسانية العميقة بين الاثنان إدريس و فيليب المليونير الفرنسي، عاشق للفن ومتذوق للموسيقى الكلاسيكية، هذه العوامل كلها اجتمعت لتشكل فيلما ممتعا. في مشهد معبر و له دلالات إنسانية وهو مشهد حفلة عيد ميلاد فيليب الرجل المشلول، جسد الممثل عمر ساي في شخصية ادريس تلك العلاقة الانسانية الوطيدة مع فيليب من خلال أداه المبهر وخفة دمه ورقصته على ايقاع موسيقاه الحديثة التي يرغب سماعها وليس الموسيقى الكلاسكية التي اعتاد فيليب الاستماع لها، في الحفلة الميلاد تلك إشترى إدريس قرطي إذن متشابهة له و الى فيليب أيضا ، ارتديا القرط اثناء الحفلة مع الملابس المتشابهة باللون و الشكل ليصل بالمشاهد الى قناعة مدى العلا قة والصداقة بين الاثنين والى اي مدى وصلت!. بالرغم من هذا التساؤل والصورة النمطية إلا أني أجد أن العلاقة العميقة التي نشأت بين الشخصيتين على اختلافهم كانت صادقة وحقيقية. في نسخة الفيلم الامريكية" ذا أب سايد" الهوليوودي ، هذا الفيلم تصدر شباك التذاكر عند عرضه استنادا إلى نجومية كل من كيفن هارت، والنجمة نيكول كيدمان وبريان كرانستون. وما يزيد فرص نجاحه هو وجود مخرج فذ مثل "نيل بيرجر"، فمع عناصر نجاح هذه، تتراجع أهمية الفكرة والقصة إلى الصفوف الخلفية، ويتتقدم الأداء المميز للممثلين، الذي يرتكز على مهارات كاميرا المخرج. الفيلم الامريكي ، يمثل العملية الإنتاجية الأولى لماليا أوباما وهي إبنة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والتي عملت في شركة "واينستين" أثناء العلمية الإنتاجية للفيلم، على الرغم من كونه آخر أفلام وآخر إنتاجات المنتج سيئ السمعة هارفي واينستين. إلا أن الإدارة الجديدة للشركة الإنتاجية حذفت اسمه من تترات النسخة النهائية. بلغت الميزانية الإنتاجية للنسخة الأمريكية 37 مليون دولار. تقييم النسخة الأمريكية 5.6/10، والنسخة الفرنسية 8.5/10 وفقًا لموقع ( أي. أم .دي .بي).
من المفترض الأحداث مأخوذة عن قصة حقيقية ، لذا كان من الأفضل ان يقدم المخرج الأمريكي نيل بيرجر نسخته برؤية جديدة مغايرة عن النسخة الفرنسية قد تختلف أشياء قليلة بين النسختين خصوصا النهاية لكن بنظرة عامة نجد ان التفاصيل بين الفيلمين متشابه لحد التطابق. النسخة الفرنسية الأصلية أفضل وتتفوق على كل المستويات بداية من وجود سيناريو محكم يشع ويحتفي بالحياة يقدم منظور إنساني بطرح كوميدي رشيق عكس النسخة الأمريكية الأمريكية التي افتقدت الى أبسط عناصر قوة التجربة الفرنسية وهي تفاصيل العلاقة بين "فيليب" و"إدريس" أو كما ظهرت في الفيلم الأمريكي "فيليب" و"ديل سكوت"، فقد تشابهت المواقف التي جمعت الشخصيتين في الفيلمين لكن توظيفها واستغلالها خصوصا على مستوى الحوار الكوميدي كان أفضل في الفيلم الفرنسي. في الفيلم بنسخته الامريكية ، الفيلم مبني على قصة حقيقية حول رجل فاحش الثراء يستعين بخدمات مسجل خطر لمساعدته في تخطي عوائق الحياة. قصة الفيلم مأخوذة من أحداث حقيقة، وتدور حول المليونير فيليب، الذي تعرض لحادث يصيبه بالشلل الرباعي ويجعله أسيرًا لكرسيه المتحرك طوال الوقت؛ يحاول فيليب البحث عن شخص مناسب ليعمل كمعاون له يساعده في احتياجاته اليومية ، ويقع اختياره على شاب عاطل عن العمل يدعى ديل، ويتحداه فيليب ليعمل معه لفترة تجريبية ليرى إذا كان يصلح للوظيفة، ويوافق ديل على الصفقة. ويشارك في بطولة الفيلم كل من، نيكول كيدمان، بريان كرانستون، جولشفتي فرحاني، جوليانا مارجوليس، كيفن هارت، تاتي دونفان، ﺇﺧﺮاﺝ نيل بيرجر. فيلم مبني على قصة الملياردير” فيليب” اللي بيقوم بدوره الفنان بريان كرانستون والمصاب بالشلل والذي يبحث على مساعد له يساعده في حياته والروتين اليومي الخاص بيه، على الجانب الاخر ، هناك شاب تم الحكم عليه والافراج عنه لكن افراج كان مشروط، الشاب اسمه “ديل” والذي بيقوم بدوره الفنان كيفين هارت وهو الان اصبح عاطل عن العمل وهو يبحث عن عمل وكل الوظائف ترفضه للسجل الاجرامي ولذا ترفض قبوله، بالاضافة الى ان مشاكله مع ابنه الصغير، لحد ما قدم طلبه لوظيفة مساعدة الملياردير المصاب بالشلل، في البداية “فيليب” كان رافض وبعدها وافق على امل التجربة الجديدة بعد القيام بإختباره واجتياز فترة الإختبار ، وافق “ديل” على الصفقة ، بعدها ذاك يحصل توافق وإنسجام في الصداقة بينهم، فيلب الغني ساعد ديل الشاب الفقير في أن يكشتف حياة جديدة بشكل ممتع وجميل، وتحول عمل " ديل " من مساعد له في الحركة والسير، و مساعدته في تلبية متطلباته ، الى صديق دائم ومرافق له في سفراته و جولاته. فيلم (ذا أب سايد) ، فيلم امريكي انساني درامي وكوميدي في نفس الوقت، قصة ثري أرستقراطي معوق يكسر حياته الرتيبة وعزلته الاجتماعية في قصره الفاخر بفضل " ديل" الشاب الأسود صاحب الماضي الاسود، الفيلم انساني جدا والدراما فيه ممتعة و مشوقة. فالتناقض بين الشخصيتين، لا بد أن يوفر أرضية للكوميديا، والعلاقة المباشرة بين الاثنين لا بد أن تترك آثار كل منهما في سلوك الثاني بعد أن تتعمق العلاقة بينهما وتتحول إلى صداقة، ويحاول كل منهما شد الآخر إلى عالمه، وتغيير منظوره للحياة. ذلك المسار المتوقع لحبكة الحكاية، هو بالضبط الجزء الأكبر من الفيلم، وفيه تنشغل الحكاية بالعوالم المتناقضة لكل من "فيليب" و"ديل"؛ فالأول يدفع "ديل" لدخول عوالمه الخاصة مثل حضور حفلات الأوبرا وزيارة معارض الفن الحديث، فيما يعرّفه ديل بالمقابل على موسيقى " الحديثة" ذات الايقاع السريع ويأخذه إلى مطاعم الوجبات السريعة ويشجعه على تناول الأيس كريم والطعام بعيداً عن الإتيكيت المعهود، وعلى هذا النحو نجد أن فيليب يدفع شريكه نحو عوالم الابداع الفني و الادبي ومشبعة بالجمال، فيما يدفعه ديل بدوره إلى فضاء حياتي أكثر حرية وانعتاقاً من النظام الحياتي الصارم الذي يعيش فيه، ورغم أننا في كل مرة نجد ضمن تفاصيل العلاقة بين فيليب وديل ما يميزها، عما قدم من قبل في معالجات سينمائية لعلاقة بين اثنين من عوالم متناقضة يحاول كل منهما جذب الآخر إلى عوالمه الخاصة، وكان آخرها في فيلم "الكتاب الأخضر"، إلا أن هذا التمايز لم يستثمر كما يجب. برغم التفوق الكاسح للنسخة الفرنسية لكن التعادل الوحيد الذي حققته النسخة الأمريكية كان الأداء المميز لـ"براين كرانستون" أحد أكثر الممثلين موهبة في هوليوود فأداءه لم يقل في إجادته عن "فرانسوا كلوزيه" ان كنت قصة الغني الإرستقراطي الذي يتلقي دروس في الحياة على يد فقير أسود البشرة من الضواحي، قصة تروى من حين لآخر في السينما وقد يكون أشهرها “قيادة الآنسة ديزي” من بطولة مورغان فريمان، وهنا نحن أمام النسخة الفرنسية بنفس الصيغة واختلاف الأداء، الأمريكي "كيفين هارت" الفارق في الاداء بينه وبين السنغالي "عمر سي" كبير وواسع سواء على مستوى الأداء والحضور وخفة الظل التي بالتأكيد المقارنة تصب في مصلحة السنغالي، برغم التشابه الى حد كبير بين الفيلمين الا ان النهاية في النسخة الأمريكية كانت مختلفة لكن الاختلاف لم يكن على مستوى تغيير في الأحداث لكن في ترتيبها فقد اختارت النسخة الفرنسية أن تكون النهاية مفتوحة في العلاقة الحب (بالمراسلة ) بين "فيليب" و"مارسيل" التي قدمت النهاية لها مع وداع أدريس لصديقه فيليب - رغم ان القصة الحقيقة تخبرنا ان علاقتها استمرت بالتواصل - في نهاية الفيلم الفرنسي يظهر تايتل على الشاشة نعرف من خلاله نهاية تلك الصداقة بين الاثنين " فيليب بوزو دو بورغو يعيش في المغرب الان وتزوج مرة أخرى و لديه طفلتان ، عبدول سيللو يملك شركة الان و تزوج وله ثلاث اطفال، فيليب وعبدول بقيا صديقين ، مقربين". في حين النسخة الأمريكية اختارت ان تكون النهاية مع قيام الثنائي "فيليب" إيفون مديرة اعماله بركوب المنطاد، لكن من ناحية إخرى، كلا الفيلمين، بشكل عام ، يعطيان الامل للاشخاص ذوي الاعاقة وتجربة في الاستمتاع بالحياة ومباهجها بعيدا عن الألم أو المتاعب والشكوى أو الاقتراب من حالة الاكتئاب وغير ها من الانعكاسات السلبية على الشخص المحتاج للمساعدة أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، صحيح أن كوميديا الفيلم تحاول كثيراً إبقاء حيويته حيةً في ذاكرتنا وأضافة مساحة من البهجة و الفرح لدى المشاهد ، إلا أن أفلاماً كهذه تحتاج في الواقع لما هو أعمق و أكثر تأثيراً في مشاهدتها ، كوميديا الفيلم صعبة ، ذلك النمط الذي يحاول أن يجد لنفسه مكاناً ثابتاً بين عمق النص و العاطفة التي يحاول توليدها فينا عن الأرواح التي لا تموت ، إلا أن الاخراج تمكن بالنتيجة من تجسيد صورةٍ مبهجة و منعشةٍ فعلاً للمشاهد ، خصوصاً من خلال التركيز على المشاهد النهارية التي تمنح كثرتها العمل إشراقاً بصرياً مهماً ، و حتى تلك المشاهد الليلية القليلة – كمشهد الإفتتاح مثلاً – تبقى مشاهد مبهجةً للبصر ، لكن بهجة الإخراج الحقيقية تكمن في إطلاق العنان لنجمي العمل "بريان كرانستون، نجم مسلسل "بريكينج باد"،والممثل الكوميدي " كيفن هارت"، لقيادة ذلك كله ، و من الصعب تخيل كم كان الأمر صعباً بدونهما ، كيفن هارت كتلة مندفعة من الحيوية و الفرح و البهجة تعم أرجاء المكان بطريقةٍ لا تستطيع تجاهلها أوغض الطرف عنها ، وكرانستون - ينهار بطريقةٍ مكابرة و أنيقةٍ جداً ويدخل بتدريجٍ محنك في عالم " كيفن هارت" والذي هو "ديل "الساحر ، وأيضا الكيمياء التي يصنعانها معاً تبدو أقوى و اكثر فعاليةً بكثير من قيمة كل أداءٍ بمفرده ، و هناك في أدائهما وحده يكمن الفيلم كله ، ذكاء هذا العمل أنه لا يجعلنا نرفضه مهما قدّم ، و نتقبل منه كل ما نراه ، و نتفاعل معه بالطريقة التي يريد ، لا يبحث كثيراً عن أي شيءٍ قد يمنحه ما هو أعمق أو أكثر نفاذاً ، هو يحاول فحسب أن يكون منعشاً و مبهجاً و مريحاً للمشاهد ، و قد تحقق له ما أراد.



#علي_المسعود (هاشتاغ)       Ali_Al-_Masoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة حقيقية عن مأساة الاب الروحي للحاسوب في فيلم ( لعبة التقل ...
- شاعر و قضية
- فيلم -قناص أمريكي - دعاية خطيرة تهدف إلى تبييض صورة قاتل مجر ...
- فيلم -الوعد- يعيد للأذهان مذابح الأرمن من قبل الامبراطورية ا ...
- فيلم ( دوك-فيل)..... فيلم يدين النظام الراسمالي العالمي..!!
- الفيلم الوثائقي ألامريكي-العراق في شظايا” توثيق للسيرك الدمو ...
- رسالة فيلم - الزائر - هل هي سياسية أم إنسانية ؟؟؟
- فيلم -ما أزال أليس- قصة ملهمة في مواجهة مرض الزهايمر
- المسلسل السوري - ترجمان الاشواق- رحلة البحث عن وطن مفقود؟
- آماديوس.. فيلم يقدم رؤية خاصة للنفس البشرية وصفاتها من حب وح ...
- فيلم - عراف الماء- تأكيد على أن الإنسانية أكبر من الحروب
- فيلم -كولونيا- هل هو رسالة اعتذار سياسي في صورة سينمائية؟؟
- بمناسبة عيد العمال العالمي شخصية العامل في السينما العربية.. ...
- فيلم (الطريق الايرلندي) يفضح جرائم الشركات الامنية الاجنبية ...
- قصة حقيقية غير عادية من الجنون والعبقرية في فيلم (البروفيسور ...
- فيلم - موديلياني - سمفونية .....عن الحب والابداع
- فيلم -الحب فى زمن الكولير- حكاية عن الحب الذي لا نهاية له
- فيلم (انفصال نادر وسيمين).. صرخة ينبه فيها المجتمع الإيراني ...
- مأساة أمرأة في مواجهة جريمة دينية مفزعة في فيلم ( فيلومينا) ...
- البحث عن رواية العار الوطني في الفيلم الدنماركي ( أرض الالغا ...


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - الكوميديا الفرنسية في طبعة جديدة في الفيلم الامريكي -ذا أب سايد -