أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني التهامي - مشهدية الهايكو














المزيد.....

مشهدية الهايكو


حسني التهامي

الحوار المتمدن-العدد: 6314 - 2019 / 8 / 8 - 09:44
المحور: الادب والفن
    


إن نصَ الهايكو لقطةٌ يعتمدُ الشاعرُ فيها على حواسِه بعيداً عن الوصفِ التجريديِ الغامض .وهذا النقلُ الحسيُ يتيحُ للقارئ إمكانيةَ التخيل والتأمل والتعمق فيما وراءَ المشهد ، ذلك لأن نصَ الهايكو ذو أبعادٍ فلسفية تأمليةٍ عميقة ، يبتعدُ عن المجاز الصريح الذي يذهب بالنص وجمالِ مشهديته . وهو مشهد يُصاغ بلغةٍ لا تكلفَ فيها تتسمُ بالبساطةِ والسهولة ، ولا يعتمدُ الموسيقى الخارجيةَ التي تصرفُ القارئَ عن مكامنِ الدهشة الحقيقيةِ في النصِ، ومنها سحرُ الموسيقى الداخلية . يتكونُ الهايكو من مشهدين ،أحدهما أماميٌ والآخرُ خلفيٌ، ويكونُ المشهد ُالأماميُ ليس - كما يقولُ بعضُ الباحثين - ديكورأ لزخرفةِ المشهدِ الأساسي ( الخلفي/ الحدث) بل يأتي لإكمال صورة البهاء المشهدي في النص. فنص الهايكو نص مختزل ومكثف لا حشو فيه ولا زخرفة فل كلمة لها دلالة ومغزى داخل النص. وتأتي الصورة الكاملة في اللقطة من تفاعل المشهدين. ومن أمثلة ذلك هذان النصانِ لباشو :
بحيرة قديمة ( مشهد أمامي)
"وضفدعة صغيرة
تقفز وترشرش الماء." (مشهد خلفي)
...
خريف مبكر: ( مشهد أمامي)
حقل الرز وماء المحيط
كلاها أصبحا
بلون أخضر. ( مشهد خلفي)

وليس بالضرورةِ أن يكونَ المشهدُ الخلفيُ تالياً للأمامي ، مع أن غالبيةَ النصوصِ التي كتبها شعراءُ الهايكو الياباني الذين أرسوا قواعدَ هذا الفن ،كان المشهدُ الأمامي يتصدرُ اللقطة ،و الخلفيُ قفلةً تحدث نوعاً من الدهشةُ المنبثقةُ عن المفارقة ، وإحداثُ فجوة توترٍ شعري قادرة على التأثير في المتلقي ،وهذه الفجوة هي سمةٌ شعريةٌ لا نكادُ نجدُها إلا في النصوصِ المبدعةِ القادرة على التحليق. لكنْ هناكَ نصوصٌ يكونُ المشهدُ الأمامي قفلة ً انسيابيةً سلسة :
"فتى معدم
يغادر رؤية القمر" (مشهد خلفي)
الى مطحنة الرز ( مشهد أمامي)
...
"الشعراء مع أقداحهم
ينتظرون: الثلج" مشهد خلفي
لكي يروا لألأة الضوء ( مشهد أمامي).
...
أعشاب الصيف
هي كل ما يتبقى ( مشهد خلفي)
من أحلام الجندي. ( مشهد أمامي)
وربما يحتضنُ (المشهد الخلفي/ الأساسٌ ) المشهدَ (الأماميَ/ الثانويَ) والمزخرفَ لخلفيةِ المشهدِ الخلفي ويأخذه بين ثناياه، فمثلاً يبدأُ النصُ بجزءٍ من المشهدِ الخلفي ، ثم يجعلُ الهايكست المشهدَ الأماميَ المكملَ في ثنايا المشهدِ الخلفي ، ثم يعودُ ثانية ليكملَ مشهديةَ النصِ الخلفية . ومثلُ هذه النصوصِ تحتاجُ إلى قارئٍ واعٍ يستطيعُ ربط َ خيوطِ المشهدين:
...
تنطلق "من قلب عود الصليب
الحلو"(مشهد أمامي )
نحلة ثملة. ( مشهد خلفي)
في النصِ يبدأُ المشهدُ الخلفي بالفعلِ المضارع " تنطلق" الذي ينقلُ آنيةَ المشهدِ المباشر ويبعثُ فيه الحيويةَ والحركة ، وأتى الشاعر بالجملة الاعتراضية " من قلب عود الصليب الحلو" وهو المشهد الأمامي ، بعدها استأنفَ المشهدَ الخلفيَ بقفلةَ مدهشةٍ " نحلة ثملة" . وكان بامكان الشاعر أن يصوغ المشهدُ الخلفيُ هكذا " تنطلق نحلة ثملة " والمشهدُ الأمامي " من قلب عود الصليب الحلو" لكنه آثرَ أن يُحركَ ذهنيةَ القارئ بهذه الحيلةِ الذكية.
...
هناك أيضا نصوصٌ أحادية المشهد، وهو "الخلفي" بالضرورة ، لأنه يصورُ( اللقطةَ/ الحدث) دون زخرفة أو خلفيات مساعدة ودون تضمينٍ "للكيغو /الموسمية" ، أو ذكرِ مكانِ الحدث أو تعليلِ حدوثه ، وبذلك يضعُ الهايكست قارِئَه في تفاعل مباشرٍ مع الحدث:
الأصدقاء الأبديون
هم إوز بري
ضائع في سحابه
...
شعر طويل
ووجه رقيق وأبيض
هو مطر حزيران. ( مشهد خلفي).
...
قطرات الندى
كيف ستغسل في المنتأى
غبار العالم ؟
...
ولنتأمل النصَ التالي لباشو الذي أرادَ أن يُلونَ أكثرَ بفرشاتِه الإبداعيةِ ليزيدَ النص جمالاً من خلالِ مشهدين أماميينِ " في هذا الصباح الجديد " و "داخل ردائي الجديد" ومشهد خلفي وحيد " أحسستُ أن هناك شخصاً آخر جديداً.
فى هذا الصباح ( مشهد أمامي )
"أحسست أن هناك شخصا آخر
جديدا" (مشهد خلفي)
داخل ردائي الجديد ( مشهد أمامي) .
***
البنفسج :
ياله من نفيس
في طريق الجبل .( مشهد أمامي)
***



#حسني_التهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهايكو الألماني
- هايكو الجبل
- أقدامي التي جفت أوراقها
- وطأة
- النيل
- الزورق
- هكذا كان ..... أو كأبدع .....
- خمس دقائق فقط
- الحرف العربي
- آخر الأعمام
- خطى
- تساؤل
- ليلة غير عادية
- وجه أبي
- عيد
- الألوان الأولى


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني التهامي - مشهدية الهايكو