أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادر عازر - مجموعة بيلدربيرغ: حكومة خفية تدير العالم أم منتدى للنخبة؟















المزيد.....


مجموعة بيلدربيرغ: حكومة خفية تدير العالم أم منتدى للنخبة؟


نادر عازر
(Nader Azar)


الحوار المتمدن-العدد: 6313 - 2019 / 8 / 7 - 03:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يجتمع، سنوياً، منذ عام ١٩٥٤، ما يقارب ١٣٠ شخصاً من القادة السياسيين والمسؤولين الأمنيين والخبراء من مختلف المجالات الصناعية والمالية والأكاديمية والفكرية، في فنادق فارهة بعيدة عن الضجيج، لمدة ثلاثة أيام. يُحجز فيها الفندق كاملاً تحت حراسة أمنية مشددة. لا تدعى الصحافة للاجتماعات، ويمنع دخولها وتغطيتها للحدث، ولا يسرَّب تفاصيل لها. كما لا يتم إصدار قرارات ولا بيانات ختامية بعد الاجتماعات.
ضمن هذا الأسلوب من التجمع، وعلى مر السنين، تحولت اجتماعات بيلدربيرغ إلى هدف لعدد هائل جداً من نظريات المؤامرة التي تتهمها بحكم العالم من وراء الكواليس، والتخطيط لأحداث كبرى في العالم، وتعيين رؤساء أحزاب وحكومات ودول في مناصبهم. حتى أن الرئيس الكوبي الراحل فيديل كاسترو اعتبرها حكومة خفية تدير العالم، مُبدياً اهتماماً بها!
في المقابل، لا يرى العديد من الناس خطورة في هذا الاجتماع. الفيلسوف والكاتب الكندي مارشال ماكلوهان، مثلاً، حضر هذا المؤتمر سنة ١٩٦٩، ووصفه بأنه اجتماع لـ "عقول من القرن التاسع عشر تتظاهر بانتمائها إلى القرن العشرين"، قائلاً بإن "المواضيع المتناولة كانت تافهة".
تسمى اجتماعات بيلدربيرغ Bilderberg بذلك لأنها عقدت أول مرة في فندق يحمل اسم Hotel De Bilderberg بقرية Oosterbeek الهولندية، في الفترة بين ٢٩ إلى ٣١ أيار/مايو ١٩٥٤ في. ومن أبرز من شارك في تأسيسها الأمير الهولندي برنارد، إلى جانب السياسي البولندي جوزيف ريتنجر. حينها دعي ممثلين عن مجالات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية من دول أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية (دول حلف الناتو) إلى مناقشات، غير رسمية، لمواجهة تحديات تؤثر على دولهم الخارجة من الحرب العالمية الثانية، إلى جانب مقاربة خلافاتهم وتعزيز التعاون، ومواجهة توسّع الشيوعية السوفييتية.
كان الأمير الهولندي برنارد أساساً ضابط مخابرات في قوات الأمن الخاصة المرتبط بالنظام النازي، وكان عضواً في الحزب النازي، لكنه استقال من الحزب عام ١٩٣٤، وساهم في مقاومة هجوم النازيين على هولندا في الحرب العالمية الثانية، ووصف هتلر بالطاغية الألماني.
أما جوزيف ريتنجر أنشأ في منفاه أثناء الحرب العالمية الثانية علاقات مكثفة مع كبار المسؤولين مثل وينستون تشرشل. وأسس الحركة الأوروبية التي حصلت على دعم مالي أميركي، عبر المخابرات المركزية واللجنة الأميركية من أجل أوروبا موحدة، واستقال سنة ١٩٥٢ ليؤسس التجمع الذي سمي بيلدربيرغ.
أصبح الاجتماع منتدى سنوي لمناقشة مجموعة واسعة من المواضيع، مثل التهديدات السوفييتية وما سمي بالخطر الشيوعي، والاستثمار والوظائف والتجارة والسياسة النقدية والتكنولوجيا، وتداعيات الحروب في العراق وأفغانستان وسوريا، والتحديات البيئية وتعزيز الأمن الدولي، إلى جانب مناقشة التطورات في روسيا والصين وإيران.
يأتي حوالي ثلثي المشاركين من أوروبا والباقي من أمريكا الشمالية. ثلث الشخصيات سياسية وحكومية، أما الباقي من مجالات أخرى متنوعة. ويتم تنظيم الاجتماعات من خلال لجنة توجيهية من مهامها إعداد برنامج الاجتماع واختيار المشاركين وتوجيه الدعوات. ويتم تغطية النفقات عبر الاشتراكات التي تديرها أمانة صغيرة، وتقع مسؤولية تكاليف الضيافة في الاجتماع السنوي على عاتق عضو (أعضاء) اللجنة التوجيهية للبلد المضيف.
تتغير قائمة المشاركين من عام إلى آخر ويتم نشرها على الموقع الرسمي للمجموعة قبل أيام قليلة من كل اجتماع سنوي، إلى جانب قائمة بالموضوعات الرئيسية. كان يتم عقد مؤتمر صحفي سنوي عشية الاجتماع لعدة عقود حتى تسعينيات القرن العشرين، لكن تم إلغائه بسبب قلة الاهتمام.
وتعتبر اجتماعات بيلدربيرغ منتدى للمناقشات، غير الرسمية، أي أن الضيوف يشاركون بصفتهم الفردية وليست الرسمية، ولا يمثلون الجهة التي يعملون لديها أو يملكونها. لكنهم ملزمين بالاجتماع وفق قاعدة تشاثام هاوس Chatham House والتي تنص على أنه يحق للمشاركين استخدام المعلومات الواردة، ولكن لا يجوز الكشف عن هوية المتحدثين أو انتسابهم أو اقتباس بعضهم البعض.
وبحكم الاعتبارات السياسية وانتماء المشاركين لمواقع حساسة وخلفيات مختلفة، تم وضع صرامة حول ما يخرج من الاجتماع وحول التغطية الصحفية، لكي يتمتع المشاركون بحرية مناقشة الأفكار والتعبير عن آرائهم دون أخذ مراكزهم بعين الاعتبار وفي جو من الثقة، بعيد عن التفسيرات واللغط.
كما أن بعض المشاركين لديهم حاجات أمنية ثابتة، أينما تحركوا، وبسبب حصول تدخلات أمنية من قبل متظاهرين يمثلون متطرفين من اليمين واليسار وآخرون مولعون بنظريات المؤامرة، أدى إلى وضع مستوى عالٍ من الأمن حول المشاركين والاجتماع.
يترأس حالياً اللجنة التنظيمية لمجموعة بيلدربيرغ الكونت الفرنسي هنري دي كاستري، وعقد اجتماع بيلدربيرغ السابع والستين في الفترة من ٣٠ أيار/مايو إلى ٢ حزيران/يونيو ٢٠١٩ في مونترو، سويسرا، ودعي إليها ١٣٠ مشاركاً، ومن الحاضرين في هذا المؤتمر جاريد كوشنر مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر، ومدير غوغل للأفكار جاريد كوهين، والرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا، ووزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين، ووزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير، والرئيس السابق للمفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو.
فيما أثيرت شكوك كبيرة حول مشاركة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الذي لم يرد اسمه في اللائحة، لكنه برر وجوده في سويسرا خلال فترة المؤتمر، بقوله إنه "من كبار محبي الشوكولا والجبنة".
ومن المواضيع الرئيسية التي نوقشت كان مستقبل الرأسمالية، والوضع الأوروبي، وبريكسيت، وتغير المناخ، والصين وروسيا، وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والتهديدات الإلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي.
أما أبرز المشاركين في الاجتماعات السابقة، وزير الخارجية التركي السابق علي باباجان، ووزير المالية التركي السابق محمد شيمشك، وطوني بلير وديفيد كاميرون ومارغريت تاتشر، وهيلاري كلينتون، والأميرين تشارلز وفيليب من بريطانيا، إلى جانب ملوك من النرويج وإسبانيا وبلجيكا وهولندا، ورؤساء حكومات وسفراء من دول مختلفة، حتى السياسية والدبلوماسية الصينية فو ينغ.
إن النظر إلى هذه المنتديات والتجمعات بشكل مؤامراتي بعيد عن الواقع الحقيقي يؤدي إلى إهمال البحث والمعرفة والتحليل المنطقي، كما يشوه الحقائق ويفسح المجال للمغالطات، ويدخل الناس في متاهات لا نهاية لها، في الوقت الذي يجب فيه فهم آليات عمل النظام الاقتصادي-الاجتماعي (الرأسمالي) المسيطر، وأين تكمن القوة الحقيقية المهيمنة على العالم وكيفية صنع القرار السياسي، واستيعاب التوازنات الدولية من أجل فهم السياق الذي ظهرت به هذه التجمعات، كما هي تماماً، وبدقة شديدة، لمعرفة التعامل معها وتنظيم الناس لمواجهتها بطرق فعالة.
ليس من الغرابة أبداً، في نظام اقتصادي-اجتماعي متطور ومعقد كالرأسمالية، أن توجد هكذا تجمعات نخبوية من أجل مناقشة المشاكل التي تهدد النظام الرأسمالي الذي تتمثل مصالحهم فيه وأصبحوا نخبة من خلاله، وبالتالي فإن دفاعهم عنه أمر طبيعي تماماً. إن ما كان سيثير الدهشة هو عدم وجود هكذا تجمعات.
مجموعة بيلدربيرغ شبيهة، إلى حد ما، بمجموعات وأندية، شكلت هوساً للعديد من الناس، وخاصة في بلداننا العربية، كالماسونية والمتنورين، أخذت شهرة أكبر بكثير من حجمها الفعلي، وتشبعت بالنظرات المؤامراتية وأدخلت الناس في تفاصيل من الصور والرموز والأرقام والمثلثات والعيون وكيفية أداء التحية، أبعدتهم عن أسباب بؤسهم الحقيقي، الواضحة لكن غير المفهومة، التي يعيشونها ويمارسونها يومياً، في ظل فساد واستبداد في بلادنا، وتبعيَّة اقتصادية وسياسية للدول الغربية، التي تحكم بقوة السلاح وهيمنة الدولار، وتفرض نظاماً تنافسياً ظالماً مبنياً على تراكم رأس المال وزيادة الثروات. تُنهب عبره الدول الفقيرة وتُركَّع، ويُغرّب الناس في الشرق والغرب عن ذواتهم، ويخرج منهم أسوأ ما فيهم، ويضعهم في غابة ينهش فيها قويهم ضعيفهم، وسط هوس استهلاكي مُدمِّر للبيئة ومُستنفِذ للثروات الباطنية والأرض التي ليس لدينا غيرها.
إن بعضاً من الجهود الموضوعة في البحث عن الخطط السرية المؤامراتية وفك الرموز الخيالية، لو وضعت في نشر المعلومات الصحيحة وتوعية وتنظيم الناس لكانت أنظمة الاستبداد والفساد في بلداننا أكثر خوفاً، ولكان جدول أعمال مجموعة بيلدربيرغ أكثر قلقاً لهذه النخبة من أجندتها الحالية.



#نادر_عازر (هاشتاغ)       Nader_Azar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب: دين وثقافة أم بنية اجتماعية-اقتصادية؟


المزيد.....




- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادر عازر - مجموعة بيلدربيرغ: حكومة خفية تدير العالم أم منتدى للنخبة؟