|
رأس المال: 4) شكل القيمة البسيط منظوراً إليه ككل
كارل ماركس
(Karl Marx)
الحوار المتمدن-العدد: 6310 - 2019 / 8 / 4 - 11:40
المحور:
الارشيف الماركسي
إن الشكل البسيط لقيمة سلعة من السلع مُتضمَّن في المعادلة التي تعبر عن علاقة القيمة بين هذه السلعة وسلعة أخرى مختلفة النوع، أو في علاقة التبادل بين الاثنتين. ويتم التعبير عن قيمة السلعة (آ) من ناحية نوعية بواقع أن السلعة (ب) قابلة للتبادل معها مباشرة، كما يتم التعبير عن قيمتها من ناحية كمية بواقع أن كمية محددة من (ب) قابلة للتبادل مع كمية معينة من (آ) بتعبير آخر: إن قيمة السلعة تكتسب تعبيراً محدداً، مستقلاً حين تتمثل بشكل “قيمة تبادلية”. وحين قلنا في بداية هذا الفصل، انسياقاً مع العرف الدارج إن السلعة هي قيمة استعمالية وقيمة تبادلية معاً، فقد كان قولنا خاطئاً، إن توخينا الدقة. إن السلعة هي قيمة استعمالية أو مادة نافعة و”قيمة”. وهي تبرز على أنها هذا الشيء المزدوج حالما تنال قيمتها شكلاً خاصاً لتجلي الظاهرة مختلفاً عن شكلها الطبيعي، هو شكلها كقيمة تبادلية. بيد أنها لا تكتسي هذا الشكل حين تكون معزولة بمفردها، بل حين توضع في علاقة قيمة أو علاقة تبادل مع سلعة أخرى من نوع مختلف. وما إن نعرف هذا حتى يزول الضرر من قولنا الخاطئ ذاك، ويخدم للإيجاز. لقد بيّن تحليلنا أن شكل القيمة أو التعبير القيمي عن السلعة ينبثق من طبيعة قيمة السلعة، وليس العكس، إذ إن القيمة ومقدار القيمة لا ينبثقان من أسلوب التعبير عنهما كقيمة تبادلية. وبالمناسبة فإن هذا الأخير هو الوهم الشائع عند اشباع المركنتلية وأنصارها الجدد الذين أحبوها مؤخراً من أمثال فرييه وغانيل (1)، وكذلك خصومهم من الباعة المتجولين المعاصرين أنصار التجارة الحرة من طراز باستيا. يركز المركنتليون بشكل خاص على الجانب النوعي من التعبير عن القيمة، وبالتالي فإنهم يركزون على الشكل المُعادِل للسلعة الذي يبلغ تعبيره الكامل في النقد. أما باعة التجارة الحرة المعاصرون الساعون إلى التخلص من سلعهم بأي ثمن، فيركزون أشد التركيز على الجانب الكمّي من شكل القيمة النسبي. وبالنسبة لهم لا توجد قيمة ولا أي مقدار من القيمة للسلعة إلا ضمن التعبير عنها بواسطة العلاقة التبادلية بين السلع، أي إلا ضمن القائمة اليومية للأسعار الجارية. وقد جاء الاسكتلندي ماكليود ليضفي على الأفكار الاقتصادية المشوشة في لومبارد ستريت(*) حلّة علمية زاهية قدر الإمكان، نشغل بذلك توليفة موفقة بين أنصار المركنتيلية المؤمنين بالخرافة، والباعة المتنورين من أنصار التجارة الحرة. إن التمعن الدقيق في التعبير عن قيمة السلعة (آ) بواسطة السلعة (ب)، هذا التعبير القائم في المعادلة المعبرة عن علاقة القيمة بين (آ) و (ب)، قد أظهر لنا، في حدود هذه العلاقة، أن الشكل الطبيعي لـ (آ) لا يُعدّ سوى مظهر قيمة استعمالية، والشكل الطبيعي لـ (ب) ليس سوى مظهر أو شكل القيمة. وإن ما تنطوي عليه كل سلعة من تضاد جوّاني بين القيمة الاستعمالية والقيمة، يتجلى للعيان في تضاد براني، أي بوضع سلعتين في علاقة كهذه، بحيث أن السلعة التي يُراد التعبير عن قيمتها هي تبرز مباشرة كقيمة استعمالية فقط، في حين أن السلعة التي يتم بواسطتها التعبير عن تلك القيمة، تبرز مباشرة كقيمة تبادلية فقط. لذا فإن الشكل البسيط لقيمة السلعة، هو أول شكل بسيط لتجلّي ظاهرة التضاد الكامن في السلعة بين القيمة الاستعمالية والقيمة. إن كل منتوج للعمل يؤلّف قيمة استعمالية في كل أطوار المجتمع، ولا يتحول هذا المنتوج إلى سلعة إلا عند بزوغ حقبة تاريخية معيّنة من تطور المجتمع، حقبة يُصبح فيها العمل المبذول في إنتاج مادة نافعة واحدة من الخصائص «الشيئية، لهذه المادة، وهذه الخاصية هي قيمتها. ينتج عن هذا أن الشكل البسيط لقيمة السلعة هو أيضاً في الوقت عينه الشكل الأولي البسيط الذي يُظهر منتوج العمل، تاريخياً، على أنه سلعة، وأن تحوّل هذه المنتوجات، تدريجياً، إلى سلع يسير جنباً إلى جنب مع تطور شكل القيمة. بيد أننا نرى، بنظرة واحدة، قُصور الشكل البسيط للقيمة، فهو شكل نطفة بتعين أن تمر بسلسلة من الاستحالات قبل أن تنضج وتبلغ شكل السعر. والواقع إن التعبير عن قيمة السلعة (آ) بواسطة أي سلعة أخرى مثل (ب)، لا يفعل شيئاً سوى تمييز قيمة السلعة (آ) عن قيمتها الاستعمالية الخاصة، وبالتالي فإنه يضعها في علاقة تبادل مع سلعة أخرى مفردة ومختلفة عنها هي (ب)، ولكنه لا يزال بعد قاصراً عن التعبير عن المساواة النوعية بين السلعة (آ) وجميع السلع الأخرى، وعن التناسب الكمّي بين هذه السلعة (آ) وبقية السلع الأخرى. إن شكل القيمة النسبي البسيط للسلعة يتطابق مع شكل مُعادِل واحد لسلعة أخرى. وهكذا، عند التعبير النسبي عن قيمة القماش، لا يتلبّس المعطف شكل المُعادِل ولا يكتسب شكل قابلية المبادلة المباشرة، إلا في إطار علاقته بهذه السلعة المفردة، وهي القماش في مثالنا. مع ذلك فإن الشكل البسيط للقيمة يتحول تلقائياً إلى شكل أكثر كمالاً. صحيح أن الشكل البسيط يعبّر عن قيمة السلعة (آ) بواسطة سلعة أخرى واحدة من نوع آخر، ولكن سيان إن كانت هذه السلعة الواحدة الأخرى من أي نوع، كالمعطف والحديد والقمح، وهلمجرا. وعليه حين نضع (آ) في علاقة قيمة مع هذا النوع من السلع أو ذاك، تحصل السلعة الواحدة ذاتها، على تعبيرات بسيطة متباينة عن القيمة (2). ويتحدد عدد هذه التعبيرات الممكنة بعدد أنواع السلع المتميزة عن (آ). لذلك فإن التعبير المنفرد عن قيمة (آ) يمكن أن يتحول إلى سلسلة من مختلف التعبيرات البسيطة عن تلك القيمة، سلسلة قابلة للامتداد قدر ما نشاء.
________________________________
(1)- [حاشية للطلبة الثانية[: ف. ل. ا. فريبه (مساعد مفتش الجماركSous-inspecteur des douanes)، نظرة إلى الحكومة في علاقتها بالتجارة، باريس، 1805. وشارل غانيل، مذاهب الاقتصاد السياسي، الطبعة الثانية ، باريس، 1821. (*)- شارع لومبارد ستريت في مركز مدينة لندن وتقع فيه أهم البنوك والشركات التجارية في إنكلترا .]ن. برلين[. (2)- حاشية للطبعة الثانية: عند هوميروس، يجري التعبير عن قيمة شيء ما بسلسلة من اشياء مختلفة، (الإلياذة، الكتاب الثاني، الجزء السابع، ص 472 475 475-472 . ن. ع)
#كارل_ماركس (هاشتاغ)
Karl_Marx#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رأس المال: 3) شكل القيمة المُعادِل
-
رأس المال: 2- شكل القيمة النسبي
-
رأس المال: ثالثاً شكل القيمة أو القيمة التبادلية
-
رأس المال: ثانياً الطابع المزدوج للعمل المتجسد في السلعة
-
رأس المال: الجزء الأول
-
رأس المال: مقدمة الطبعة الألمانية الأولى (1)
-
رأس المال: تعقيب على الطبعة الألمانية الثانية(1)
-
رأس المال: مقدمة وتعقيب للطبعة الفرنسية
-
مقالات عن سورية ولبنان، ١٨٦٠
-
رسائل ماركس-انجلز: الرسالة 13،
-
مفهوم الاغتراب الإنساني
-
العمل المغترب في ظل الراسمالية
-
خطاب الجمعية الأممية للعمال إلى أبراهام لينكولن رئيس الولايا
...
-
- ثورة البروليتاريا - صراع أو موت . هكذا يجب أن تكون المسألة
-
خطاب الجمعية الأممية للعمال إلى أبراهام لينكولن رئيس الولايا
...
-
فائض القيمة المطلق ،وفائض القيمة النسبي
-
الصلة الجوانية بين فائض القيمة والربح
-
ماهي سياسة البرجوازية الصغيرة ؟
-
العمل المنتج والعمل غير المنتج
-
النظام الداخلي لمؤقت لجمعية الشغيلة الأممية كارل ماركس 1864
...
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس
/ حسين علوان حسين
-
العصبوية والوسطية والأممية الرابعة
/ ليون تروتسكي
-
تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)*
/ رشيد غويلب
-
مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق
...
/ علي أسعد وطفة
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين
/ عبدالرحيم قروي
-
علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري
...
/ علي أسعد وطفة
-
إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك
...
/ دلير زنكنة
-
عاشت غرّة ماي
/ جوزيف ستالين
-
ثلاثة مفاهيم للثورة
/ ليون تروتسكي
-
النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج
/ محمد عادل زكى
المزيد.....
|