|
رواية-كرنفال المدينة- وواقع القدس
رفيقة عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 6307 - 2019 / 8 / 1 - 15:04
المحور:
الادب والفن
رفيقة عثمان رواية"كرنفال المدينة" وواقع القدس قراءة في رواية" كرنڤال المدينة" للكاتبة نزهة الرملاوي، دار الجندي للنشر، 2019 احتوت الرواية على مئتين وثلاثين صفحة، من القطع المتوسط، استلهمت الكاتبة أحداث الرواية ووقائعها من الواقع الفلسطيني، من أحداث اجتماعيّة وسياسيّة واقتصاديّة معا. حيث كانت القدس سيّدة المكان والزمان، حاضرة على طول الخط القصصي، وخاضت الكاتبة في تفاصيل دقيقة، لا يعرفها سوى المقدسيين أنفسهم؛ على قول المثل: "أهل مكة أدرى بشعابها"، كذلك كما ذكر الأديب سلحوت مرارا؛ " بأن الكاتب هو ابن بيئته". من حسن الحظ بأن الكاتبة هنا مقدسيّة الأصل، نجحت بتعريفنا على أحداث عديدة مفصّلة، وأماكن كثيرة داخل القدس، بأسماء حاراتها وأزقّتها وزواياها، وأسوارها وحجارتها العتيقة بعبقها وتاريخها، وكل ما عجزت عن عرضه وسائل الإعلام. سردت الكاتبة روايتها، باستخدام شخصيّات بطوليّة، تتمثّل في الشاب تامر، يتيم الأبوين، يعيش مع زوج أمّه القاسي، يعيشان في مخيم شعفاط. حرَّكت الكاتبة الشخصيّة الرئيسّة، لتحريك الأحداث من خلال، دخول البطل تامر المعبر بالقفز عن الجدار، وتسلّله الى المدينة المقدّسة، وتجوّله بأنحائها هاربا من الجنود، وعلى لسانه عرضت الكاتبة عددا من الأحداث، وعواقبها الوخيمة. استطاعت الكاتبة أن تغوص في أعماق المشاكل السياسيّة التي يعاني منها المقدسيّون بشكل خاص، تزاحمت الأحداث بداخل النصوص الأدبيّة، بصورة مكتظة، بلغة عربيّة فصحى، وزينة وجزلة؛ ناهيك عن الاستخدام المفرط بالمحسنات البديعيّة والصنعة اللغويّة، التي تميّزت بها الكاتبة، كذلك كما نهجت في كتابها الأوّل؛ ممّا حمّل عبئا على نصوص السرد. من خلال السرد يبدو أنّ الكاتبة ضليعة ولديها قدرة فائقة بالتعبير الكتابي، والأفكار المتسلسلة . لم تغفل الكاتبة عن سرد المعاناة اليوميّة التي يواجهها المقدسيّون، وخاصّة الذين يعبرون المعبر يوميّا، من خلال الجدار الفاصل بين القدس والضفّة الغربيّة، وما يواجهونه من اغلاقات المعابر المفاجئة والتفتيشات المحرجة، ومنع الدخول، وإصدار التصاريح وما الى ذلك. على الرغم من المعاناة اليوميّة، إلا أنّ الكاتبة أظهرت بطولة المواطنين الفلسطينيين الذين يتكيّفون مع الإوضاع، ويواجهون ذلك بصمودهم وعدم إظهار غضبهم، بل يفتعلون الفرح؛ كما الكرنڤال الذي ابتدأ أمام الحاجز بالمعبر؛ كما ورد صفحة 63 " انطلق كرنڤال المدينة طارت البالونات الملوّنة، فوق الجدار الطويل، حملتها الطيور وجنحت للبعيد". لم تنسَ الكاتبة موضوع تسريب البيوت، واقتحام المستوطنين للبيوت المقدسيّة ومحاولات تهويدها؛ بل تطرقّت الى يهوديّة الدولة أيضا. لفت انتباهي موضوع التعاون والتآخي بين المواطنين الفلسطينيين من المسلمين والمسيحيين؛ ممّا يبرز الوعي القائم لدى المقدسيين وعدم وجود العنصريّة بين الديانتين، هذا انعكاس للواقع الحقيقي الذي يميّز المقدسيين بكل فئاتهم. كما ورد صفحة 289, "أهلّة وصلبان يُصَلُّون جنبا إلى جنب تحت شمس الحب والإيمان". تطرّقت الكاتبة لمبادرة حمل وقراءة كتاب بحلقة دائريّة بشرية، رمزا للبقاء والصمود. استخدمت الكاتبة نزهة، وسائل التواصل الإلكترونيّة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ هذا دليل على دراية الكاتبة ومواكبتها للتقدم التكنولوجي الحديث، ومن الجدير بأنّ الكتّاب استخدموا قديما الرسائل البريدية الجويّة، والشفهيّة، إن الاستخدام الحديث يدل على حداثة الوقائع، فهذا يُحسب للكاتبة. كما ورد صفحة 76 "تؤرخ الزمان والمكان وترسلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي". بالنسبة لزمن الرواية لم تحدده الكاتبة، ربما بقصد بأن الأحداث مستمرة كانت وما زالت، كما هي. تخلّل السرد المونولوج ( الحوار الذاتي)، كما ورد صفحة 49 ״ قال في نفسه: كنت أتمنّى أن أخذكم، أنام وأصحو فلا أجد لك أثرا". تمثّلت العاطفة بالامتزاج ما بين الحزن والفرح، وفقًا للأحداث. وهنالك أمثلة عديدة، كما وبرز والحوار الخارجي أيضا. بالنسبة لاختيار الكاتبة للعنوان، لفت انتباهي كلمة الكرنڤال، فبحثت القاموس عن أصل الكلمة؛ وفق ويكبيديا " الكرنڤال - تعني " استعراض شعبي يجمع ما بين السيرك والاحتفالات التي تجوب الشوارع Carnival أصل الكلمة ايطاليّة ( Carnem ). و ( levara) بمعنى الابتعاد عن اللحوم، ويعتبر الكرنڤال تقليدا كاثوليكيّا، ثم انتشرت الكرنڤالات بالعالم الغربي". يبدو العنوا جذّابا للوهلة الأولى، كلمة أجنبية ذات لحن موسيقي جميل، ربما قصدت الكاتبة بهذا الكرنڤال بعرض العلاقات المسيحيّة والإسلاميّة السمحة التي يتحلى بها الفلسطينيون بشكل عام. برأيي لو اختارت الكاتبة عنوانا آخر، لمنح الرواية أهميّة، خاصّة لو كان له علاقة بالتراث، والأوضاع الاجتماعيّة، لا يصعب على الكاتبة ذلك، نظرا بضلوعها باللغة والحضارة . نظرا لمكانة القدس العالية في نفس الكاتبة، اختتمت روايتها بقولها: "ثمّة مواسم لأعياد آتية ... لا تليق أفراحها بعيدا عن المدينة". أرادت أن تضع القاريء في موقع تفاؤل وأمل، بما يتعلق بمدينة القدس، التي لا يليق بها إلا الأفراح، وبدونها لا يوجد فرح في قلوب الفلسطينيين. بودّي أن أنوّه، ليس من الضروري أن تنشر دار النشر، مقدّمة عن الكتاب والكاتبة، سيعتبر ذلك دعاية لدار النشر، وأنا أحمّلها كل المسؤوليّة على الأخطاء العديدة الواردة بالنص. حبّذا لو تتم رقابة جريئة، على دور النشر العربيّة التجاريّة والمستهترة في عقول القرّاء، ومنعها من النشر غير المسؤول، إلا بعد التحقّق من صلاحية الرواية لأيّ كاتب كان.
#رفيقة_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية عند باب السماء والأخوة بين الشعوب العربيّة
-
قراءة في قصّة أطفال: -دقدوق لا تُزعج أبوك-
-
رواية ليت ما لها وما عليها
-
قراءة في قصص-عين الحب كفيفة-
-
قراءة في كتاب قضيّة في المدينة المقدسة
-
قراءة في شبابيك زينب
-
ميلاء سعاد المحتسب ومعاناة النساء
-
رواية السيق وحب القدس
-
قصة الأطفال -الشجرة الباكية- في اليوم السابع
-
قراءة في قصة الأطفال-الشجرة الباكية-
-
سموّ الفكر في رواية وميض تحت الرّماد
-
قراءة في رواية هذا الرجل لا أعرفه
-
قراءة سريعة في سيرة طفولة الأديب السلحوت
-
قراءة في رواية حرب وأشواق
-
قراءة في رواية: - فيتا- أنا عدوَّة أنا-
-
-طلال بن أديبة- وأدب السيرة
-
رواية الرقص الوثني واكتمال الشروط الفنية
-
قراءة في كتاب: -شهرزاد ما زالت تروي-
-
كتاب -ثقافة الهبل بين الدراسة العلمية والأدب
-
سردية اللفتاوية والأسلوب التقريري
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|