وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6304 - 2019 / 7 / 28 - 17:31
المحور:
الادب والفن
وديع العبيدي
مقامات ألجيريا.. (2)
(1)
ماذا تفعَلُ..
حَمامَةٌ سَودَاءُ
تخترقُ اللّيلَ
من أوّلِهِ.. لِلآخِر.
ماذا تفعَلُ..
رِصَاصَةٌ عَمياءُ
تخترقُ الجَسَدَ
وَتُخطِيءُ القلْبَ.
ماذا تفعَلُ
أنّثى....
خَارجَ الزّمانِ
والمَكانِ.
أنا لسْتُ أنا..
أنا الذين قتلُوني
واستباحُوا روحي..
قبلَ البَدْء.
لا يغرّكُمْ هَذا الجَسَد
لا تغرّكُمْ هَذِهِ السُّحْنَةُ
ولا.. هَذِهِ الكلِمَاتُ
كلُّ شيءٍ قابلٌ لِلتزوير.
أنا شخصيّاً...
تركتُ جَسَدي في مكانٍ ما..
مُنذُ زَمَنٍ طويل
وتخذتُ لي إسْماً..
.بمثابَةِ قِناع
لا شيء يخصّني من هَذا العَالَم
لا ينتسبُ لي شيء
ولستُ مسؤولاً عن شيء
وكلّ ما عدا ذلِكَ محضُ ادّعاء.
(2)
يبدو أنّهُم شرِبُوا كثيراً..
انّ ضجيجَهُم يمزِّقُ الليلَ..
هَؤلاءِ الذين
يَحتلّون جَسَدي.
أشعُرُ بِالصّداع..
كثيرُون..
لَهُمْ حصَّةٌ في دمي..
لِذلِكَ تركْتُهُ لَهُم..
عَلى قارِعَةِ الطريق.
(3)
اخدَعيني بأيِّ كلام..
ارسِميني كما تشائين
خونيني في كلِّ مُناسبة..
فلستُ غيرَ وَهْمٍ مِنْ أوهامِك.
يا أيّتها الطفولة
لو كنتِ جَميلةً حقا..
لماذا يترُكُكِ الجميع
لِتتحوَّلي إلى كلِمَات تأبين.
(4)
ينقسِمُ النّهارُ إلى عدَّةِ أقسَام
صبيحة وظهيرة ومساء
أمّا اللّيل
فمَحِضُ ليلٍ.. بلا تقاسيم.
وَحدَها الانثى
أو الكوابيس..
تمنَحُ اللّيلَ
ملامحَ طازجَة.
وحدَها الذاكِرة
تجعلُ الحياةَ أثقلَ نَوءا
فنُجَرجِرُ الذكرَيات
مثلَ هزائِمِ حروبٍ وهميّة.
حتّى ذاكَ اللقاءُ المُريبُ
لم يكُنْ صُدفةً
ولا بإرادتِنا
دلّيني عَلى شيءٍ كانَ بِإرادتِنا حقا.
لو أنّني متّ
مثلَ الآخرين
لكانَتْ ذكراي
أكثرَ عبقاً منْ حَياتي.
(5)
الاحتلالُ جُرْعَةٌ مُهَدّئَة
لِتبريرِ الأخْطاء
وَمنحِ الاستقلال
فرصةً أطولَ لِلانتِظار.
هُمْ..
رَسَمُوا المَكانَ، وَالزمانَ، وَالرّائحةً
وَمدّوا عُيونَهُمْ من النّافذة
لِيتّهمُونا بِالغواية.
(6)
مِنْ غيرِ جَسَد
أوْ دَمٍ...
أوْ لُغَة...
أنا حرّ تمَاماً ومستقلّ.
وَمرّةً بعدَ مرّة
سوفَ أطعَنُ نفسي
لِكي تتجدّد..
كلّ ذرّةٍ في جَسَدي!
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟