أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعيم إيليا - في حقيقة أن الأشياء تتغير ولا تتغير














المزيد.....

في حقيقة أن الأشياء تتغير ولا تتغير


نعيم إيليا

الحوار المتمدن-العدد: 6297 - 2019 / 7 / 21 - 15:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أليس من السخف أن نزعم أن الأشياء لا تتغير، ونحن نراها تتغير باستمرار دون أن تتوقف لحظة واحدة؟
يبدو هذا التساؤل الاستنكاري التوبيخي منطقياً في الوهلة الأولى، ولكن هل سيبدو كذلك بعد انقضاء الوهلة الأولى، وابتداء اشتغال الذهن في حقيقته بتأن ورصانة؟
كلا! لأن القول بأن الأشياء لا تتغير، لا ينفي حقيقة أنها تتغير. ولا تناقض! فإن الأشياء حين تتغير، فإنها إنما تتغير بالإضافة، بالنسبة، بالقياس إلى ما ليس يتغير. فلا يحصل معنى للتغير في الذهن ألبتة، إلا إذا استحضر الذهن ما يضاد التغير وهو الثبات. فههنا ضدان أو نقيضان (التغير، الثبات) يجتمعان في شيء واحد، وهما يكونان متحدين في هذا الشيء الواحد على الدوام من غير انفصال.
فلنتأمل مثال (هيركليت) المعبر بدقة عن فكرة التغير: " لا يستحم المرء في النهر مرتين" أي إن الماء في النهر متدفق جار، والتدفق تغير تلحظه حواسنا. هل سنجد فيه عند تأمله أن الماء متغير وحسب؟
إنّنا إن وجدنا الماء متغيراً وحسب، فقد أرسينا بذلك فكرة أن التغير وحسب، ثابت للماء ثبوتاً مطلقاً. ولكن أمن الحق أن نرسي فكرة أن التغير وحسب ثابت للماء؟
إن يكن ذلك من الحق، فلماذا ندعي أن لا وجود لما هو مطلق ثابت في الطبيعة، وفي حياة الإنسان المادية والفكرية؟ ألسنا حين نرسي فكرة أن الماء متغير بإطلاق، ننقض ادعاءنا بعدم وجود ما هو مطلق في الطبيعة أو ثابت؟
ولقائل هنا أن يقول في محاولة منه للنجاة من هذا التناقض: "كل شيء يتغير ما عدا التغير" ولن يكون لقوله هذا أن ينجو به من التناقض؛ فما يتغير ويثبت، هو الشيء بما هو شيء مادي، لا الشيء بما هو معنى في الذهن مجرد. فالماء في مثال النهر هو الشيء الذي يتغير، والماء شيء مادي؛ ولذلك فلا يصح أن يقال بصدده: إن الماء يتغير، أما التغير الذي أصاب الماء فلا يتغير.
فإن عاند وتشبث بقوله، أفحمه السؤال التالي: فما هو التغير الذي تزعم أنه لا يتغير؟ أي وجود خاص له؟ ولا مناص له حينئذ من أن يمعن ويقرّ بالحقيقة، وهي أن الماء يتغير ولا يتغير، أو أن الماء - بتعبير آخر - يتغير ولكنه يبقى رغم تغيره هو هو، مثل الإنسان يتغير في أطوار حياته المتعددة، ولكن إنيته تبقى هي هي ثابتة لا تتغير. وهكذا كل الأشياء، فإن فيها الضدين معاً: الثبات، والتغير. ولا يمكن تصور أحدهما من دون الآخر.
ومن الناس من لا يمد بصره إلى الأشياء لينفذ به إلى عمقها، بل يكتفي بالتلبث بسطحها، فيخال لذلك أن الماء لا يحتوي مبدأ الثبات؛ لأنه قد يجفّ، ولأنه لم يكن وكان. فنقول: المعول عليه في هذا المسألة هو الشيء في حال وجوده بجوهره القائم به الذي يميزه عن سائر الأشياء حيناً، والمعول عليه أيضاً في هذه المسألة حيناً، هو الشيء في حال اندثاره أو استحالته، فإن الشيء في الحالين يجتمع فيه الضدان.
فإذا جفّ الماء مثلاً، انتقل الحديث عن الماء إلى الشيء الذي استحال إليه الماء بالجفاف. فإن صار الماء بالجفاف بخاراً، قيل في البخار ما كان قد قيل في الماء إنه يجتمع فيه الثبات والتغير. وهكذا في جميع الأشياء.
وإنما يريد قوم بنفيهم أن الشيء يتحد فيه التغير والثبات، أن الحقائق (نسبية) متغيرة؛ أي لا توجد حقيقة ثابتة صادقة لا في الطبيعة، ولا في حياة الإنسان أبداً على الإطلاق؛ فينشأ مما أرادوه لا ذلك التناقض الذي بيناه وحسب، بل ينشأ من ذلك أيضاً أنّ كل شيء في الطبيعة باطل ليس يصدق، وليس يثبت على حال.
فليت شعري! كيف يكون كل شيء باطلاً ، والعلم ما برح يستكشف في الطبيعة من الحقائق الثابتة الصادقة، ما لو كذّب بها مكذّب، لكذّب بالعلم ذاته مدعياً أنه يبحث في الأباطيل والأوهام.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=467270



#نعيم_إيليا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاورة النرجسي
- وقول النصارى إله يضام
- الردُّ على ابن حزم في مسألة تحريف الكتاب المقدس
- مأزق العلمانية
- ما بين الدين والأفيون من ضروب التشابه
- حقيقة ما جرى في قرية الفردوس
- مشكلة المعرفة لدى ايدن حسين. (دحض المثالية)
- ياء ميم، ياء ميم الست مريم وصاحبها كريم
- خالق الموجودات
- مارس وفينوس
- حَدُّ المادة وأصلها
- صلوات حب على مدار العام 2
- صلوات على مدار العام 1
- في البدء كان الكلمة 2
- في البدء كان الكلمة
- رجع الكلام على ما تقدم من القول في المعنى
- لاهوت التنزيه
- مناظرة المسيحي والمسلم
- قصة التحولات الفجائية 7
- قصة التحولات الفجائية 6


المزيد.....




- في روما.. يختبر السيّاح تجربة جديدة أمام نافورة -تريفي-
- لغز مرض تسمم الحمل الذي حير العلماء
- -بايدن قد يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته- - ...
- قلق على مصير الكاتب صنصال إثر -اختفائه- بالجزائر بظروف غامضة ...
- هل نحن وحدنا في الكون؟ ماذا يقول الكونغرس؟
- مشاهد لآثار سقوط صواريخ لبنانية في مستوطنة كريات أتا (صور + ...
- -حزب الله-: إيقاع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح
- مشاهد لـRT من موقع الضربة الإسرائيلية لمنطقة البسطة الفوقا ف ...
- مجموعة السبع ستناقش مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدول ...
- لماذا يضاف الفلورايد لمياه الصنبور وما الكمية الآمنة؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعيم إيليا - في حقيقة أن الأشياء تتغير ولا تتغير