رامز صبحي
الحوار المتمدن-العدد: 6292 - 2019 / 7 / 16 - 03:54
المحور:
الادب والفن
نظر في مرآة سيارته منتظرها، أن تخرج من رحم الفوضى التي يعج بها الطريق خلفه، تلك الفوضى التي أسس لها المهمشون في الأرض مثله، أثناء عودتهم من العمل أو ذهابهم إليه أو بحثًا عن نسمة هواء تشق أمعاء الجحيم.
التكاتك أعطت المشهد ضجيج، يفوق ضجيج موسيقى الميتال المتمردة، فهم أيضا متمردين مثلهم، ولكن على طريقتهم الخاصة، فكل اتجاهات الطريق ملكهم غير مكترثين بخط سير أو قانون، مؤسسين لفوضى ستظهر هي من قلبها.
على الجانب الأيمن للطريق، تهرول فتيات لا تتخطى أعمارهن العشرة أعوام، تحملن جراكن المياه الفارغة بجوار الهموم، تركضن ليس لمطاردة السراب فلا رفاهية تمنحهن الحق في ذلك، ولا الفوضى تمنعهن من الوصول إلى حقهن في الحصول على ماء نظيف لملئ الجراكن قبل أن تبتلعهن الفوضى مع
الماء من جديد.
على الجانب الأخر يجلس الفواعلية على الرصيف، يربون الأمل في مجيء سيارة فارهة يطلب صاحبها عمال لبناء فيلته الجديدة.
مضت ساعات النهار وحل الليل وهو منتظرها، حتى قاطعه "افيونه" تاجر المخدرات، بالاقتراب من سيارته وسؤاله:
-" أخضر ولا بني؟"
-لا هذا ولا ذاك شكرًا
فمضى أفيونه وعلى خطاه جاءت فتاة ليل
-عربية ولا شقة؟
-لا هذا ولا ذاك شكرًا
فمضت فتاة الليل وعلى خطاها جاء رجل الدعوة
-صلاة العشاء وجبت يا بني فهل ستصليها في المسجد أم في المنزل
-لا هذا ولا ذاك أنا مسيحي شكرًا
فمضى الشيخ وعلى خطاه جاء القسيس
-هل ستصلي صلاة الساعة التاسعة في الكنيسة أم المنزل؟
-لا هذا ولا ذاك أنا مسلم شكرًا
فمضى القسيس وعلى خطاه جاء من أرسلهم جميعًا
-أين بطاقة هويتك؟
بعد أن أعطاه إياها ونظر فيها عاود السؤال مجددًا
-منذ 7 ساعات وأنت تقف هنا ماذا تنتظر؟
فأجاب بهدوء وبراءة " أنتظرها"
-من هي؟
-الثورة
فضحك الضابط حتى دمعت عيناه واسترعى انتباه المارة، ثم مضى يخبط الكف على الكف وهو يضحك قائلًا :
-قال ثورة قال
ولم تقطع ضحكاته المتواصلة ألا هتاف قادم من نهاية الشارع يدوي حتى آخره صائحًا
- الشعب أتهان الشعب أتذل والاشتراكية هي الحل
#رامز_صبحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟