|
تفكيك العنف وأدواته.. (36)
وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6291 - 2019 / 7 / 15 - 14:57
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
وديع العبيدي تفكيك العنف وأدواته.. (36) في الحداد على العائلة الملكية العراقية في الذكرى الواحدة والسبعين للمجزرة..
(المقبرة/ المجزرة/ المزبلة: هي أبسط تعريف للحضارة)..
تَأرْجَحِي.. تَأرْجَحِي يَا مُومِساً عَمْيَاء بَيْنَ سَرِيرِ الْمَلِكِ وَالرَّايَةِ الْحَمْرَاء وَالسَّوْدَاء مَاذَا يَضِيرُ لَوْنُهَا، فَمُبْتَغَاكِ الجَّاه خَرِيبَةٌ أمْ تَلَّةٌ .. فَكُلّهَا سَوَاء لَيْسَتْ لَكِ بِضَاعَةٌ جَدِيدَةٌ وَكُلّ مَا كانَ لَكِ مَضَتْ بِهِ الْأهْوَاء أحْرَى بِكِ شَيْخُوخَةٌ تَصْخَبُ بِالْضَوْضَاء وَتَقْفِزُ – تَصَابِيَاً- فِي مَحْفَلِ الْأسْوَاء الْعُهْرُ صَارَ مُوْضَةً عَادِيَّةً وَلَيْسَ فِيهَا دَاء وَحَقّ أنْ – تُتَوَّجِي- مَلِيكَةَ (الْنِسَاء) شَاعِرَةً، نَاثِرَةً، نَاقِدَةً، فِي صُحُفِ الْغَوْغَاء زَعِيمَةً، وَاعِظَةً، رَاقِصَةً، تَمِيلُ بِاسْتِرْخَاء هَذَا رَئِيسُ دَوْلَةٍ يَدْعُوكِ لِلْمَسَاء وَذَا زَعِيمُ الْحِزْبِ قَدْ خَصَّكِ بِالْنِدَاء صَوْتُكِ فِي الْمُظَاهَرَة يَشِيدُ بِالْمُؤَامَرَة وَفِطْنَةِ الْمُنَاوَرَة وَصَفْقَةِ الْأنْصَارِ وَالْأعْدَاء.. عَوْرَاءَ فِي شَبَابِكِ كُنْتِ – عَلَى اسْتِحْيَاء وَالْيَوْمَ فُزْتِ بِالْعَمَى وَتُقْتِ لِلأضْوَاء أحْرَى بِكِ مَجْدٌ خَلَا مِنْ مَجْدِهِ.. أْحْرَى بِكِ جَائِزَةٌ لَا لَوْنَ أوْ طَعْمَ لَهَا. يَا مُومِسَاً عَمْيَاء طُوبَى لَكِ فِي زَمَنٍ لَا مَاءَ أوِ أمْنَ لَهُ لَا شَيْءَ لَا يُفْتَقَدُ فِيهِ وَفِي أوَّلِهَا رِبَاطُ الْكَهْرَبَاء.. تَمَايَلِي.. تَذَلّلِي تَأرْجَحِي.. تَمَرْجَحِي.. تَخَايَلِي.. تَخَيّلِي.. تَيْهَاً وَخُيَلاء.. هَذَا إذَنْ زَمَانُكِ.. يَا مُومِسَاً عَمْيَاء! هَذَا إذَنْ زَمَانِكِ.. يَا مُومِسَاً عَمْيَاء!
(2) السّفّاحَ أنْشَا دَوْلَةً.. مِنْ جُثَثِ النّاسِ سَيّجَهَا مَدِينَةً مِنْ غَيْرِ حُرّاسِ حُرّاسُها الرُّؤُوس أبْرَاجُها مَغَاوِرُ الْعُيُونِ ألْسِنَةٌ مَقطُوعَةٌ وَالنّمْلُ فِي جُحُورِهَا يَجُوس مَمْلَكَةٌ تَحْكُمُهَا كَوَاعِبُ الْمَجُوس يَمْلُكُهَا الْمَمْلُوكُ – شَهْرَيَار- رَسُّ سَلِيلِ الْعَار.. وَقَبْلَ أنْ يَفِيقَ يَدْعُو خِلّهُ الْنَوّاس سَاعِدْنِي كَيْ أنْسَى.. خَلّصْنِي مِنْ أشْبَاحِ قَتْلايَ نَسِّينِي كُلّ النَّاس يَا شَاعِرِي النّوَّاس إسْقِنِي خَمْرَ شِعْرِكَ.. دَثّرْنِي بِالْنِسَاء سَكّرْنِي يَا سَكْرَان فَأنّ فِي الْيَقْظَةِ مَا يُعَذّبُ النّفُوس اجْمَعْ جَمِيعَ الْجَانّ.. إسْقِ جَمِيعَ النّاسِ مِنْ خَمْرَتِي بِالْمَجَّان نَادِي وَزِيرَ دَوْلَتِي أنْ لَا يَعِيفَ قَرْيَةً خَالِيَةً مِنْ حَان.. "الْخَمْرُ بِالْمَجَّان!" إجْعَلْ لَهُمْ جَائِزَةً مِنْ يَشْرَبُ أكْثَر.. وَاضْرِبْ بِسَيْفِ الْحَقِّ مَنْ يَرْفِضُ أنْ يَسْكَر.. قَابِيلُ أنْشَا دَوْلَةً كَانَ اسْمُهَا "حَنُوك" حَاضِرَةَ الْعُمْرَانِ وَالْعِرْفَانِ وَالْحُتُوف يَقْصُدُهَا الْتُجَّارُ وَالْمُلُوك وَالْشَدْوُ فِي أنْحَائِهَا يَطُوف تُوْبَالُ فِي مَنْجَمِهِ يَضْرِبُ بِالْحَدِيدِ وَالْنُحَاس يَصْنَعُ الْسُيُوف.. وَالْبُوقَ وَالْمِزْمَارَ وَالْكُؤُوس فَلْتَفْرَحِ الْنِفُوس.. وَتَقْفِزِ الْجُسُومُ وَالْأثْدَاءُ وَالْرُؤوس فِي نَخْبِ شَهْرَيَار زَعِيمِنَا الْسِمْسَار نَخْبِ أبِي الْكُؤوس.. نَخْبِ أبِي نُؤَاس مَمْلَكَتِي "بَغْدَادُ" لَيْسَ مِثْلُهَا مَصْنُوعَةٌ مِنْ جُثَثِ النَّاس.. حُرّاسُهَا رُؤوس وَالْدُودُ فِي أقْحَافِهَا يَجُوس فَلْيَسْكَرِ الْمَجُوس!..
(3) الْعَقْلُ قَدْ تَمَوْمَسَ وَالْجِسْمُ قَدْ تَسَوَّسَ وَالْبَيْتُ -كُلُّ الْبَيْتِ- قَدْ تَنَجَّسَ وَفَاحَتِ الْعُطُور.. فِي أيِّ شَهْرٍ نَحْنُ هَذَا الْيَوِمَ يَا سَيّدَ الْشُهُور تِمُّوزُ لَمْ يَفِقْ مِنْ مَوْتِهِ وَلَيْسَ فِي الْقُدُور مَا يُطْعِمُ الْطُيُور إسْألْ لَدَى الْجِيرَانِ.. عَلَّ عِنْدَهُمْ فِتَات يَسُدُّ جُوْعَ الْطِفْلِ أوْ يَحْمِي مِنَ الْآفَات أوْ يُنْقِذُ الْأبَ الْمَسْكِينَ أنْ يَطُوفَ فِي الشَّتَات رَدَّ عَلَيَّ الْصَوْتُ: جِيرَانُنَا نُسُور! جِيرَانُنا كَوَاسِرُ الْطُيُور جِيرَانُنا الْذِئَابُ وَالْنُمُور نَادِ بِبَابِ الدَّرْبِ عَلَّ مِنْ مَحِيص فَاللهُ لَا يَترُكُنَا لِلْمَوتِ فِي مَخِيص لَا تَفْرَغُ الْأرْضُ مِنَ الْضَمِيرِ وَالخُصُوص.. فَاجْتَمَعَ فِي بَيْتِنَا الزُّنَاةُ وَاللُّصُوص وَاشْتَعَلَتْ مِنْ حَوْلِنَا الْنِيرَان. وَاخْتَلَفَ الْأخْوَان وَانْفَصَلَ الْآبَاءُ وَالرّفَاقُ وَالْخِلَّان وَكُلّ ابْنِ أنْثَى حَوْلَ نَفْسِهِ يَحُوص.. أسُومَرٌ وَبَابلُ تَلْهُو بِهَا الْسُيُوفُ وَالقَنَابِلُ وَرَأسُها مُنَافِقٌ أوْ قَاتِلُ أمْ هَذِهِ أشّور مَمْلَكَةُ دَانَتْ لَهَا الْأرْضُونَ - فِي زَمَانِهَا- وَاسمُهَا مِنْ نُور كَانَتْ يَمِينَ اللهِ فِي دَوّامَةِ الْعُصُور وَالْيَوْمَ لَا خَيْرٌ وَلَا مَطَر.. نَهَارُهَا ظَلَامٌ دَامِسٌ وَلَا قَمَر لَيْسَ مَنْ يَشُدّ جُرْحَهَا الْمَفْتُوحَ أوْ يَرْفَعُهَا مِنَ الْعَثَر أهْلُهَا مُهَاجِرُونَ، وَافِدُونَ، هَارِبُونَ، أوْ غَجَر حُكَّامُهَا دُمَى زَانِيَات.. وَفِكْرُهَا الْعَقِيمُ سِرُّ مَوْتِهَا الْلَئِيم مَشْدُودَةُ الْشُعُورِ لِلْغَرِيبِ وَالْزَنِيم ضِدُّهَا فِي نَفْسِهَا وَلَيْسَ تَسْتَقِيم.. عَلَّ لَهَا مَنْ يَفْتَحُ الْصُدُور بِكِلْمَةٍ يُجَمِّعُ الْمَنْثُور وَيَلْحَمُ الْمَكْسُور وَيَرْفَعُ الْأدْرَانَ وَالْقُشُور فَتَرْجِعُ لِذَاتِهَا وَتَتْرُكُ الْغَرِيب تَلْتَحِمُ عَائِلَةً وَاحِدَةً وَتَعْرِفُ مَا الْحُبُّ؟.. مَا الْحَبِيب وَيَرْجِعُ ابْنُهَا لَهَا.. وَأمُّهُ تَتُوب! وَيُصْلِحُونَ الْبَيْتَ مِنْ بَرَاثِنِ الْنُدُوب لِيَرْجِعَ الْمَطَر!. * ملاحظة: المومس العمياء: شخصية صاغها الشاعر بدر شاكر السيّاب في خمسينيات القرن الماضي- في قصيدة بنفس العنوان، وهي شخصية مركبة اجتماعية سياسية تتداخل فيها رموز الأرملة وام اليتيم والمرأة العجوز. وقد اكتسبت أهمية وصدى متصلا في الحياة والشعر الحديث. (انتهى القسم الأول) وديع العبيدي
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفكيك العنف وأدواته.. (35)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (34)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (33)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (32)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (31)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (30)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (29)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (28)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (27)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (26)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (25)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (24)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (23)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (22)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (21)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (20)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (19)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (18)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (17)
-
تفكيك العنف وأدواته.. (16)
المزيد.....
-
السيسي وولي عهد الأردن: ضرورة البدء الفوري بإعمار غزة دون ته
...
-
نداء عاجل لإنهاء الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف والإف
...
-
-الضمانات الأمنية أولاً-..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادر
...
-
السلطات النمساوية: هجوم الطعن في فيلاخ دوافعه -إسلاموية-
-
نتنياهو: انهيار نظام الأسد جاء بعد إضعاف إسرائيل لمحور إيران
...
-
نتنياهو: ستفتح -أبواب الجحيم- في غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب
...
-
كيلوغ المسكين.. نذير الفشل
-
تونس تستضيف الدورة 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب (صور)
-
-مصيركم لن يكون مختلفا-.. رسالة نارية من الإماراتي خلف الحبت
...
-
مصر تعلن بدء إرسال 2000 طبيب إلى غزة
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|