|
شظية في مكان حساس
عصام عباس أمين
الحوار المتمدن-العدد: 6291 - 2019 / 7 / 15 - 14:57
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
شظية في مكان حساس قراءة في كتاب عصام عباس أمين اختار وارد بدر السالم عنوانا رئيسيا غريبا لروايته الجديدة (شظية في مكان حساس) وعنوانا ثانويا (انفجار آخر مفخخة في بغداد). ورغم ان العنوان الثاني يبدو اكثر ملائمة لهكذا رواية بنيت اساسا على فكرة ما تفعله الحروب بالناس وتحديدا النساء... الا ان قوة الجذب الكبيرة لعنوان بدلالة جنسية قد غير من ترتيب العنوانين. فتقدم الجنس على الحرب... وهذا يبدو مفهوما في مجتمع سئم الحروب، ويشكل لديه الجنس مشكلة مزمنة. نجح الروائي في اختيار مادة مشوقة للسرد... ومصدر هذا التشويق اجتمع في نقطتين... الاولى طبيعة المشكلة التي تعاني منها الزوجة... بعد ان استقرت شظية في بظرها جعلت منها امرأة شبقية لا تعرف الارتواء.... والثانية اللغة البسيطة والمباشرة في الوصف وفي الحوار... فما ان تبدأ بالقراءة حتى ترغب بالاستمرار للوصول الى النهاية لمعرفة كيف سينتهي كل هذا... فنحن امام شخصيتين رئيسيتين في الرواية الزوجة (نور) وهي تمثل انثى خرجت من مأتم الشظايا لآخر مفخخة انفجرت في بغداد، والزوج الذي ادمن جميع انواع المقويات الجنسية للمساعدة في تخفيف محنة زوجته وهي تتوسل اليه ان يريحها... (اخرج الشظية فإنها تقتلني... جسدي يؤلمني... سأموت... ص 206). الملاحظ في هذه الرواية ان السرد فيها جاء على لسان الزوج فقط... مما ضيق على المؤلف المناورة بين الشخصيات وبيان تفاصيل اكثر... خاصة وان الثيمة الاساسية فيها كانت معقدة... واسلوب التنوع في السرد كان ضروريا للغاية... ونحن كقراء كنا بحاجة لسماع الزوجة وحواراتها الداخلية او يتم اخبارنا بذلك عن طريق الراوي العليم مثلا... اما الاكتفاء بسارد واحد... فقد حرمنا من معرفة ما كانت تشعر به الزوجة قبل واثناء وبعد كل تجربة حميمية للتنفيس عن التوتر والضغط الهائل في ذلك المكان الحساس من جسدها... خاصة عند الغياب الاختياري او القسري للزوج عنها خلال ساعات النهار الطويلة... ونفس هذا النوع من الحرمان تحقق عند اخفاء المؤلف عمدا او سهوا ما دار بين الطبيبة النفسية والزوجة في العيادة... وماهية وطبيعة الاسئلة التي طرحتها الدكتورة ونوع الاجابات... لتتكرر الحالة حول طبيعة علاقة الزوجة مع الكلب... على غرار كيف اهتدت الى اللجوء اليه كوسيلة بديلة لإشباع رغبتها الملتهبة دوما... وهل كان الكلب هنا اكثر كفاءة؟ وماهية المشاعر المتخلفة بعد تلك التجربة.... وكل هذه الامور تتعلق بدون شك بالبعد النفسي والتي كانت ستغني الرواية وتجعلها اكثر تخصصية... كنا نطمح ان نرى غوصا اعمق في نفسيات الشخصيات المطروحة... خاصة والرواية ضمت شخصيتين محوريتين (الزوج والزوجة) لنفهم اكثر ولنرى بشكل اعمق... لهذا فان الرواية جاءت بسيطة في معالجتها لقضية الاضطراب الجنسي والسلوكي ليس فقط للزوجة المصابة بشظية في مكان حساس بل لفهم حالة زوجة رئيس القسم الستينية التي انطفأت لديها الرغبة الجنسية، والتي طرحت كنقيض تام للزوجة الاخرى... لتبقى المعالجة ناقصة في الحالتين. وكأي عمل روائي فان الرواية ضمت شخصيات ثانوية بعضها لم تخدم كثيرا الثيمة الاساسية للرواية مثل (ساجدة) الموظفة في قسم التدقيق... التي كانت تلبس على الدوام بنطلونات ضيقة بالوان مختلفة وتطارد الزوج بعينيها وتلميحاتها! لكن كل محاولاتها لم تسفر في النهاية سوى الى المزيد من ابتعاد الزوج عنها (دخلت موظفة التدقيق ساجدة الى غرفتي فلم اراها.. ص 235) في حين كان يمكن ان تكون ساجدة وجها لحياة اخرى للزوج كأن تكون صديقة يشتكي عندها الزوج بدلا من الشكوى امام رئيس القسم في قضية حساسة تتعلق بالشهوة المستعرة لزوجته. وهنا اليس من حقنا ان نسأل عن المغزى والهدف من اقحام شخصية ساجدة بهذه الصورة التي لم تخدم كثيرا لا ثيمة الرواية الاصلية ولا الزوج. فالثيمة الاساسية في هذه الرواية كانت من بعدين... الاول البعد النفسي وتمت معالجته بطريقة مبسطة للغاية... بقصد الحفاظ على متعة القراءة لدى القارئ... وهذا تحقق الى حد كبير.... والثاني الحرب... حيث نجح المؤلف في اظهار مساوئ الحرب وتأثيراتها على الناس بحالات وعبارات محددة ومنتقاة بدقة... وما المشهد الذي جاء في عيادة الطبيبة النفسية الا تجسيدا لشكل الخراب النفسي للناجين من الحرب... فهذه البنت لم تنم منذ اربعة عشر عاما... وتلك الاخرى تضحك كلما سمعت صوت انفجار... وصاحبتنا المصابة بتلك الشظية التي لا تساوي فلسا واحد ، لكنها باتت تهدد حياة اسرة كاملة. (الحرب... ليوقفوا الحرب وستختفي الامراض والشظايا... ص 208). او (الحرب.. انها المرض الكبير فينا. لا تنفع الجراحة ولا علم النفس... ص 209)... لتختتم الرواية بعبارة جاءت منسجمة مع العنوان الثاني قبل الاول (هذه هي الحرب حبيبتي نور... تقص فينا أعز ما نملك... فاستعدي لختانك... ص 244).
#عصام_عباس_أمين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرجع البعيد قراءة اخرى لاستحالة العودة
-
محاضرة الدكتور فالح عبد الجبار بناء أو تفكك العراق في إطار ن
...
-
قراءة أولية في كتاب عالم داعش لهشام الهاشمي
المزيد.....
-
-حالة تدمير شامل-.. مشتبه به -يحوّل مركبته إلى سلاح- في محاو
...
-
الداخلية الإماراتية: القبض على الجناة في حادثة مقتل المواطن
...
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: نتنياهو يعقد مشاورات بشأن وقف إطلاق ال
...
-
مشاهد توثق قصف -حزب الله- الضخم لإسرائيل.. هجوم صاروخي غير م
...
-
مصر.. الإعلان عن حصيلة كبرى للمخالفات المرورية في يوم واحد
-
هنغاريا.. مسيرة ضد تصعيد النزاع بأوكرانيا
-
مصر والكويت يطالبان بالوقف الفوري للنار في غزة ولبنان
-
بوشكوف يستنكر تصريحات وزير خارجية فرنسا بشأن دعم باريس المطل
...
-
-التايمز-: الفساد المستشري في أوكرانيا يحول دون بناء تحصينات
...
-
القوات الروسية تلقي القبض على مرتزق بريطاني في كورسك (فيديو)
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|