أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عامر - عن كيف يغدو الألمُ نشوةً.













المزيد.....

عن كيف يغدو الألمُ نشوةً.


علي عامر

الحوار المتمدن-العدد: 6291 - 2019 / 7 / 15 - 11:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عن كيف يغدو الألمُ نشوةً.

استشعر الفلاسفة منذ القدم، تلك العلاقة العجيبة بين اللذة والألم، أو كيف يكون الألم وسيلة لغاية اللذة، أو التلذذ بالألم.

وهي من أكثر العلاقات ابهاماً وغرابة، من حيث هي علاقة بين نقيضين، بين الألم الذي ينفر منه الانسان ويتحاشاه، وبين اللذه التي تعتبر هدفاً بيولوجياً وسيكولوجيّاً أصيلاً عند كل جسد سويّ.
الغريب هنا، أنّ اللذة لا تتأتى إلّا من خلال الألم، وهذه قاعدة صحيحة دائماً وتختلف فقط في المستوى والدرجة.

ديالكتيك اللذة والألم، يبدأ عند نمو حاجة الانسان للذة، فيسعى نحو الألم (الألم المحمود: مثل ألم العملية الجنسية)، كطريق للذة، يبدأ هذا الألم بالتصاعد (التراكم الكمي) إلى حين ينقلب كليّاً إلى لذة كاملة، حيث يختفي الألم تماماً تحت هيجان الشعور باللذة والنشوة، وبعد انتهاء الممارسة، تختفي اللذة ويبقى فقط آثار ألم الممارسة الجنسية على الجسد.
نلاحظ أيضاً عدم وجود مرحلة نقيّة من الألم الصافي أو اللذة الصافية، إذ تنقسم المراحل بحسب سيادة أحدهما وليس بحسب اختفاء الآخر.
إذن فهي عملية جدليّة معقدة من عدّة مستويات!


في مثل هذه القضايا، تصل الفلسفة في كثير من الأحيان إلى درجة عالية من الاقتراب من حقيقة الأمر، إلّا أنّها مهما اقتربت تبقى آراؤها مفتقدة للبرهان الملموس والذي لا يظهر إلا بالعلم والعمل المخبري.
من الجميل، أنّ علم النيورولوجي، وعلم الهرمونات والأنزيمات، أو بشكل عام علم الجسد البشري، اهتم بدراسة تلك الظاهرة الأصيلة في العلاقات البشرية، ووصل لنتائج مبهرة، إذ نجح في تحديد مناطق الدماغ والهرمونات المسؤولة عن {ديالكتيك اللذة والألم} أي المسؤولة عن تحويل الألم إلى لذة.

والجميل أنه استخدم مصطلاحات مجازية للتسمية: مثل "النعمة الكيماوية", "الألم المحمود" وغيرها.

أرفق هنا اقتباساً مقتضباً من أحد المقالات العلمية المنشورة على موقع BBC.
والترجمة والتعريب لصاحب هذا المقال.

" تتفاعل منطقة (الحصين)، الشبيهة بفرس البحر، مع الإشارات المُستقبَلة بخصوص آلام تعاني منها مناطق في الجسم، عبر إصدار أوامر بإفراز تلك المواد المخدّرة الخاصة بجسم الإنسان، ألا وهي "الأندروفينات".
وتتفاعل هذه المواد البروتينية مع مُستقبِلات المستحضرات الأفيونية في المخ، وتحول دون أن تُطلق هذه المُستقبِلات المواد الكيمياوية التي تشارك في نقل الإشارات الكهربائية التي تُشْعِرُ المرء بأنّه يحسّ بألم ما، وهذا يساعد على الحيلولة دون الشعور بالألم.
لكن الأندروفينات تمضي إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ تستحثّ منطقتي الفص الجبهي والناحية الحُوفيّة في المخ، وهما المنطقتين التين تنشطان عند إقامة المرء علاقة حب متقدّة أو سماعه للموسيقى.
وتشابه مشاعر النشوة التالية للإحساس بالألم هذه، تلك الحالة من الانتشاء والثمالة التي تنتاب من يتعاطى المورفين أو الهيروين، وهما مادتين تتفاعلان كذلك مع المستقبلات الأفيونية.
في السياق نفسه، تسبب الآلام التي تنتاب المرء جراء ممارسته تدريبات رياضيّة شاقة ومكثفة تزايداً حاداً في إفراز مادة "الأنانداميد"، وهي مادة أخرى مسكنة للألم يفرزها الجسم.
وتتفاعل هذه المادة، التي تُعرف باسم "النعمة الكيمياوية"، مع مُستقبِلات القنّب في المخ، وذلك لمنع صدور الإشارات الخاصة بالشعور بالألم، واستثارة شعور متقد وغامض بالمتعة مشابه لذلك الذي يثيره تعاطي الماريوانا، وهي المادة التي تتفاعل مع ذات المُستقبِلات المخية.
أما الأدرينالين، الذي يفرزه الجسم جرّاء شعوره بالألم كذلك، فيضفي قدراً أكبر من الإثارة لأنه يتسبب في زيادة ضربات قلب من يمارس تلك التدريبات والأنشطة الرياضية.
ومن المعتقد أنّ شعور المرء بالتهاب عضلات ساقيه يثبّطه عن بذل مجهود مفرط، بينما قد يكون شعور أجدادنا بما يُمكن أن نسميه "نشوة العداء" هو ما مَكَّنَهُم من تحمل آلام المطاردات الماراثونية التي ربما كانوا طرفا فيها قديما.
وبشكل أكثر عمومية، يُعتقد أنّ فورة المشاعر ذات الطابع الممتع التي تعقب الشعور بالألم، ربما تكون قد تطورت على نحو يساعد من يصابون بجروح على تحمل آلامهم والتغلب عليها في الفترة التي تتلو الإصابة مباشرة."
انتهى الاقتباس

بعد كل هذا، امنح نفسك كل يوم عدّة دقائق لتتقدم بأسمى معاني الامتنان والشكر والعرفان لمنطقة الحصين وملحقاتها من هرمونات وغيره، فلولاها لكانت بيولوجيا جسد الانسان المتدفقة والمعقدة والممتعة والجميلة أقرب لبيولوجيا الأخشاب.



#علي_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمل السعيد والأمل العارف
- دعه يعمل دعه يمرّ، ولكن!
- هل للكون مشاعر؟
- من أين ظهر الآخر!؟
- نظريّة ستفين هوكنج الأخيرة
- الماديّة سلاح نظري ضروري للفلسطينيين
- الوقت العربي: نظرة استشراقيّة
- عن رجعيّة حل الدولة الواحدة ثنائيّة القوميّة
- جوهر وخلاصة البيان الشيوعي
- الاستعمار والعنف والتراكم الرأسمالي البدائي
- بصدد مقدمّات ماركسيّة لعلم النفس
- بصدد مفهوم الحتميّة
- حول نظريّة العوامل
- القوّة الزعومة للرأسمالية ليست إلّا انعكاس لضعف مناهضيها
- الطليعة الثورية والحدث
- موجز نظري عن التأميم
- عن سذاجة المادية المبتذلة!
- هل تعكس الرياضيات الواقع؟ - الجزء الرابع: حساب التفاضل والتك ...
- سلاح النظرية
- هيجل عن التعليم- (1)


المزيد.....




- السعودية.. مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في تصادم 20 مركبة والمرو ...
- شاهد.. مروحية عسكرية تشتعل بعد هبوط اضطراري في كاليفورنيا
- هل الطقوس التي نتشاركها سر العلاقات الدائمة؟
- السعودية: حذرنا ألمانيا من المشتبه به في هجوم ماغديبورغ
- مصر.. البرادعي يعلق على زيارة الوفد الأمريكي لسوريا
- اعتراض ثلاث طائرات أوكرانية مسيرة فوق شبه جزيرة القرم
- RT تعلن نتائج -جائزة خالد الخطيب- الدولية لعام 2024
- الدفاع الصينية: الولايات المتحدة تشجع على الثورات الملونة وت ...
- البابا بعد انتقادات وزير إسرائيلي: الغارات الجوية على غزة وح ...
- -اشتكي لوالدك جو-.. مستخدمو منصة -إكس- يهاجمون زيلينسكي بعد ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عامر - عن كيف يغدو الألمُ نشوةً.