أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة هادي الصگبان - خيط من رماد














المزيد.....


خيط من رماد


فاطمة هادي الصگبان

الحوار المتمدن-العدد: 6290 - 2019 / 7 / 14 - 15:49
المحور: الادب والفن
    


لاحقت عيناي خطواتها المعتادة متخذة مقعدا في أقصى الزاوية اليسرى من مقهى منزوي على مشارف المدينة مرتديه تاييرا بلون عينيها عندما تتلألأ كحبتي فستق في قلب لوح الشيكولاته فاتحة اللون تلمعان في ذهبية وجهها ذو الملامح القوقازية بكل مايحمله من مزايا وحشية كأسلافها الأوائل ....لازالت مستقيمة الظهر فارعة الطول رغم إنحناءات الزمن في جبينها وملامح شكلها المستدير بدقة كرة البيسبول ... لقد كان حسنها أخاذا في وقت مضى ولازال مشعا في عمرها الذي شارفت سنواته تخطي الستينيات....
والآن سيأتي النادل وتطلب بلكنة آذرية شايا صينيا باردا بقطعتي ليمون يدوران في قدحها لعدة دقائق ..تتسابق قطع المسبحة الأنيقة في تجاعيد باطن كفها التي كانت ولاشك للاعبة محترفة في أحد الرياضات الهوائية ككرة السلة اوالتنس أو ربما فنانة تشكيلية أو حتى عازفة تشيلو كل التوقعات ممكنة قياسا لبنيتها الممشوقة ..
مرت الدقائق رتيبة متباعدة كأنها ساعات وخصوصا لعين متلصصة ومترقبة بفضول لذيذ معلقة في لحظة ارتشافها الشاي لكن افكارها لازالت خارج النافذة حتى خيل لي أنها ترسم ظلالا عميقة على الطريق البعيد ...جاء النادل ثانية بقالب من الكعكة الحمراء على شكل قلب تتوسطه شمعة صغيرة نالت ابتسامة مرتجفة من شفتيها الذابلتين كزهرتي تيوليب بلغتا خريفهما ولازالتا يتنفسان فجرا متجددا في اليتم ..
أخذ شبح الأبتسام يظلل أجواء المكان لكن أصابعها أفلتت مسبحتها برهة لتشعل شمعتها التي أبت القداحة العجوز تلبية حاجتها ...التفتت عيناها بلون حجر اليشب الصقيل تبحثان عن النادل فأسرعت نجدتي بالقداحة الأثرية التي أحتفظ بها في مكان ما من ذاكرتي ..
لم تقدحها مباشرة بل قلبتها برهة بين أصابعها الأنيقة ذات الخواتم المتعددة وسألتني:
أنت لاتدخنين ..فالمدخنون عادة لايحملون قداحات ثمينة هل هي كذلك؟
أجبت: كانت حتى أشتعل فتيل الحرب ...أصبح وجودها بحكم العادة..
العجوز: لقد أحرقت الحروب أرواح الكثير منا ...ليتها نالت ذاكرتنا لننسى شيئا ضئيلا نحتفظ به في جيب مهجور من حقيبتنا اليومية نحتفظ به بحكم العادة ليس إلا ...هل كانت قيمته أمرا مستحيلا أزاء الأمور العسيرة التي لم نحلم بها يوما .
-: كان مخالفا للنظرية ...حتى تعذر إيجاد برهانا حياديا بين الإنسانية والأنانية الحمقاء التي تدعونا الى ممارسات تتنافى وسلوكيات المجتمعات المتحضرة بدعاوى باطلة تحمل مسميات العدل الألهي والقانون القبلي ..
أجابت العجوز : الفكر الحر يستحق فضاء واسع ليس للأنا مكان فيه ..لقد كنت حاملا عندما سجنت أبان الحرب في .... ولحظة الولادة خيرت بين سجنه معي أو أطلاق سراحه بعيدا حيث الحرية تكون الخيار الأوحد أزاء من يتخذها فكرا ومنهجا ولست نادمة بذلك الأختيار غير القابل للترجيح الذي راح ضحيته الكثير من لم ترتضي أنفسهم ان يعيشوا على الهامش وبأمنيات لاتتخطى الآفاق يحققها سواء البشر فالقلب الكبير هووطن قابل للمشاركة ...التفت مستغربة لتغيير دفة الحوار وإذا بجزء كبير من الكعكة أمامي...
اعترضت بحياء لكنها نهرتني بمزاح خفيف ...لا لا فضولك لم يكن كافيا لإيجاد برهان ذو قيمة حقيقية أو أن الفرضيات ضبابية لاتستحق موضوعية الإثبات ...وإن تحققت مجموعة الخيارات فلن يكون الحل الأمثل لوجود المفاضلة وتعددية الأحتمالات في كل فرضية والآن دعك من البديهيات وشاركيني مسلمة حقيقية ...
جلست متسائلة فكانت أجابتها الهادئة كجدول ربيعي يخترق لهاث الشك والحذر
لقد وجدني فضولك الذي يترقبني منذ فترة وآن لك ان تكتبي في بعض أوراق خريفي الباقية ..
حضر النادل للمرة الأخيرة تسبقه رائحة السيجارة ودعته ضحكاتهن وهو يفكر في البخشيش الثمين بين يديه خبأه في جيبه الداخلي وبدأ يلملم فتات قلب وذكرى ...

30/06/2019



#فاطمة_هادي_الصگبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمية بين السحاب
- أمنية في قصر الرخام
- العيب مسحوقا زجاجيا
- ذات المشط العاجي
- ديانة جوركي
- عين في شباك العفن
- رحلة للذكرى
- القصاص
- القاضي والفأرة
- عامل التاي
- أطواق الوطن
- ماكنة
- تلصص
- الشال الأزرق
- ملكة الصوان
- عشتار إبتسامة النيل2
- عشتار إبتسامة النيل
- العجوز والبلبل
- التعويذة
- 7 صدفة


المزيد.....




- دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في ...
- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة هادي الصگبان - خيط من رماد