|
ب ك ك في مواجهة المشروع الوطني الكردستاني
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 6284 - 2019 / 7 / 8 - 15:05
المحور:
القضية الكردية
نشأ حزب العمال الكردستاني – ب ك ك – ، وترعرع وتمدد في أحضان أجهزة الأنظمة الإقليمية المقسمة لكردستان ، وذلك بتخطيط من الأوساط العسكرية في الجمهورية التركية العميقة ، بحسب ماتضمنتها وثائق ( الأركنغون ) ، وفي مرحلة تالية برعاية مباشرة من عائلة الرئيس السوري المقبور حافظ الأسد أمام أعين الكرد السوريين بشكل مباشر ، ومن ثم بدعم واسناد أجهزة نظام صدام حسين المخلوع – المقبور ، كما كشفتها المئات من الوثائق التي نشرها اعلام ( البارتي الد يموقر اطي الكردستاني ) ، وانتهى به المطاف من خلال قيادته العسكرية المركزية بقنديل في رعاية الجنرال قاسم سليماني ، خصوصا منذ نحو عقدين حيث تم التنسيق الميداني بين أجهزة نظامي دمشق وطهران ، لاستخدام إمكانيات هذا الحزب لمصالحهما . كانت ومازالت استراتيجية الأنظمة الغاصبة لكردستان التي تديرها غالبا القوى والتيارات الشوفينية ،ليس عدم الاعتراف بحق الكرد في تقرير مصيره فحسب ، بل بتنفيذ المخططات العنصرية ، وضرب الكرد ببعضهم ، واختراق الحركات الكردية ، واختلاق أحزاب وتنظيمات موالية لها ، لتحويل النضال الكردستاني في جميع الأجزاء من كفاح عادل مشروع قومي ووطني وديموقراطي ، وصراع مع النظم الدكتاتورية والعسكريتارية والشمولية والتيوقراطية ، نحو تكريد الصراع واستنزاف الطاقات عبر موجات الاقتتال الداخلي ، الذي يطلق عليه الكرد ( حرب الاخوة ) . على أرض الواقع عندما ظهر هذا الحزب شغل جزءا متمما من التيار المغامر في الحركة الحزبية الكردستانية ، ولكنه وأمام انحسار نفوذ ( الاتحاد الوطني الكردستاني ) ، وفشله في التغلب على نهج – الكردايتي – المتمثل في قيادة البارزاني الخالد ، احتل – ب ك ك – الصدارة في التيار المغامر بعد أن استقبل الآلاف من الشباب العاطلين عن العمل والمتحمسين في معسكراته ، قدم خدمات كبرى للأنظمة الإقليمية ، التي دعمته بكل السبل ، بمافي ذلك دفع المواطنين للتطوع ضمن تنظيماته كما حصل في سوريا على سبيل المثال ، وأمنت له الملجأ والمأوى والتحرك اللوجستي والدعم المادي ، الى درجة أن حافظ الأسد كلف شقيقه الأكبر – جميل الأسد – للاشراف المباشر على وسائل تمويل هذا الحزب . من المسلم به ، بل من الضرورة بمكان حرية المنافسة بين كل التيارات والأفكار والسياسات في الساحة الوطنية الكردستانية ، فلن تتقدم الحركة ولن تتجدد ولن تحقق الأهداف ، مالم تجري ضمنها الصراع الفكري الخلاق ، بالأسلوب السلمي الحضاري ، والحوار الهادئ ، خاصة وأن الحركة الكردية تواجه الكثير من التعقيدات الاجتماعية ، والمناطقية ، والحساسيات الدينية والمذهبية ، والتحديات من جانب المنظومات الأمنية الحاكمة ، وتتلقى بشكل مستمر الضربات الغادرة ، والمؤامرات من الداخل والخارج ، كل ذلك يتطلب المزيد من الحذر ، والكثير من التروي والبحث والنقاش بين التيارات المختلفة . ولكن وفي هذالمجال ينفرد التيار المغامر بالحركة الكردستانية وفي المقدمة – ب ك ك – ، بالتصرف ( خارج السرب ) ، ويمارس العنف والقمع والتهديد ، تجاه المقابل المختلف ، بتشجيع مباشر من النظم الإقليمية ، ولايؤمن بالحوار السلمي طريقا للعمل السياسي ، بل يرى أن الأسلوب الوحيد للبقاء هو القضاء على المخالف ، وينعكس هذا السلوك في كل تعاملاته مع المحيط منذ ظهوره الملتبس كماذكرنا ، فقد مارس القتل والتصفيات تجاه أحزاب و تنظيمات في كردستان تركيا سبقته بعقود مثل : حزب عمال كردستان بقيادة الراحل عمر جتن وحركة – كوك – ، وباقي الأطراف واستخدم الأسلوب ذاته تجاه أحزاب الحركة الكردية في سوريا ، وفي ايران أيضا . والقرار الأخير لقادة – ب ك ك – في تنظيم مايسمى - إدارة للدفاع الذاتي - في مناطق كردستان العراق ، الا وسيلة للتورط أكثر في الأمور الداخلية بالاقليم ، فليس خافيا أن هذالحزب ومنذ عقود ،وضع على رأس مهامه القضاء على إنجازات شعب الإقليم التي تحققت عبر تقديم الضحايا والكفاح المستمر منذ أكثر من قرن من الزمان ، فهو قد استولى على مساحات شاسعة من أراضي الفلاحين والمواطنين في أكثر المناطق غنى ، واستقرت قيادته في قنديل ، ومناطق بهدينان بالشمال ، وفي الجنوب انتهاء بسنجار ، وحول بلدات وقرى الى ثكنات عسكرية بتحد واضح لقوانين حكومة الإقليم ، و فوق كل ذلك يمارس التدخل الفظ في أمور الإقليم الداخلية بمافي ذلك التحول طرفا ضد القيادة التاريخية ، وضد إرادة شعب كردستان في تقرير المصير تماما كما يعمل الآن في كردستان سوريا . من الملاحظ أن – ب ك ك – قد ضاعف من تدخلاته اللامشروعة والعدوانية ضد الإقليم بعد التطورات الإيجابية ، والانتقال السلمي السلس وبالطريقة الديموقراطية للسلطة ، وانتخاب شخصيتين قياديتين كفوءتين واعدتين من الجيل الشاب ، لتسلم كل من رئاسة الإقليم وحكومته ، بالتزامن مع تحركات مريبة لمجموعات ساهمت في شق الصف الكردستاني ووقفت ضد عملية الاستفتاء في سبتمبر ٢٠١٧ ، وكذلك بالتوازي مع محاولات نظام طهران ومواليه في بغداد في الإساءة الى منجزات شعب الإقليم وحبك المخططات للعودة الى الوراء . من منطلق الحرص والمصير المشترك أقول : أن المعالجة السابقة لمخاطر – ب ك ك – من جانب الأشقاء في قيادة إقليم كردستان تحتاج الى إعادة نظر وتفعيل ، ليس في داخل الإقليم فحسب ، بل في العمق المجاور أيضا الذي يشكل مصدرا للخطر المحدق ، وأقصد هنا العمق الكردي السوري ، فهناك حاجة ماسة للمراجعة بمافي ذلك التحالفات القديمة والانفتاح على الوطنيين المستقلين وممثلي الشباب والمجتمع المدني ، ولست هنا بصدد المطالبة بالمواجهة العسكرية بل بسياسة واضحة وصريحة ، وممارسة على ارض الواقع تتجسد في دعم الكرد السوريين ، من أجل إعادة بناء وتوحيد حركتهم الوطنية عبر عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ، بغالبية وطنية مستقلة ، ومشاركة ممثلي الأحزاب ، من أجل التوصل الى حركة قوية شرعية تحمل المشروع القومي والوطني وتنسق بشكل اخوي مصيري مع نهج البارزاني الخالد . كما أن المخاطر المحدقة ، تتطلب من الأشقاء في الإقليم ، وخصوصا من الرئاسة الجديدة للإقليم بذل الجهود والعمل على ترتيب البيت الكردستاني الشامل ، وذلك بعقد تحالفات تنسيقية مبنية على أسس واضحة ، على قاعدة الاحترام المتبادل ، وتقدير خصوصيات البعض الآخر ، وعلينا الاعتراف بالواقع المؤلم الذي نعيشه الآن ، وهو انعدام وجود مؤسسة منظمة بشأن العلاقات الكردستانية بل أنها تخضع بكل أسف وفي غالب الأحيان الى أمزجة شخصية ، أو عصبيات حزبوية ضيقة ، أو قرارت فردية غير مدروسة .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في - نقيق - الأحزاب الكردية السورية
-
الكرد السورييون والتحالف الدولي
-
الفاعل والمفعول في حرائق القامشلي
-
ولكن أين الخلل ؟
-
توجه أمريكي مستجد حول سوريا
-
نحو حوار عقلاني قومي ووطني
-
لقاء شامل مع صلاح بدرالدين حول سوريا وكردها
-
حفاظا على - ثوابت - الحوار الكردي – العربي
...
-
حفاظا على - ثوابت - الحوار الكردي – العربي
-
ندوة حول أزمة الحركة الكردية السورية
-
محاولة في فهم أسباب - شقاق - الأحزاب الكردية السورية
-
الثورة السورية المغدورة وثورات السودان والجزائر مح
...
-
حوار حول التطورات السورية والقضية الكردية
-
في ذكرى ميلاد الخالد مصطفى بارزاني
-
لقاء مع صلاح بدرالدين حول القضيتين الكردية والسورية
-
جولة - فيسبوكية - في دائرة الحدث
-
وفاء لذكرى القائد الراحل ادريس بارزاني
-
هل الحراك السوداني شكل متطور لثورات الربيع ؟
-
قراءة في محنة عفرين بعد عام من الاحتلال
-
تغريدات في خدمة - الفوضى الخلاقة -
المزيد.....
-
الجامعة العربية: حظر الأونروا يقوض أسس حل الدولتين
-
غدا.. اجتماع اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان في دورتها
...
-
غضب إسرائيلي من طريقة تنفيذ المقاومة لعمليات تبادل الأسرى
-
وكالة الاونروا: اجزاء كبيرة من مخيم جنين تم تدميرها بتفجيرات
...
-
وكالة الاونروا: عملية قوات الاحتلال تسببت بتهجير الالاف من م
...
-
مفكرون عرب.. جرثومة العنصرية قدر غربي لا فكاك منه
-
شهادات لا تنتهي عن جرائم التعذيب والإذلال بحق معتقلي غزة
-
انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي لحقوق الإنسان والقانون الد
...
-
أطباء بلا حدود: 8.5 مليون شخص يواجهون المجاعة في السودان
-
الاتحاد الأوروبي يدين حظر إسرائيل أنشطة -الأونروا-
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|