|
الإيمان و العلم فى بعض تظاهرات الطبيعة
رمسيس حنا
الحوار المتمدن-العدد: 6284 - 2019 / 7 / 8 - 10:22
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
عندما نرفض حجة ما بسبب التشكك فيها و عدم فهمها فهذا يعنى (عدم تصديق الحجة رغم صحتها لشكوك شخصية و عدم فهم لها من الأشخاص الذين يواجهون الحجة): (Argument from Personal Incredulity): بمعنى آخر إن التأكيد على أن حجة الخصم زائفة و غير صالحة أو غير صادقة لأننا بصفة شخصية نشك فى هذه الحجة و لا نفهمها أو لأننا لا نستطيع تتبع عناصرها أو تقنياتها أو شكلياتها و لذلك نرفضها أو ننبذهابحجة رافضة لها أو تكون عكس حجة الخصم التى ربما تكون هى الصحيحة، فإن حجة هذا النبذ أو هذا الرفض تُعد مغالطة منطقية. و تعرضنا فى مقال سابق لحجة النص القراَنى لخلق النجوم و الكواكب كمثال فكان تركيز النص على غرض تأملى نفعى حسب الإحتياجات و المتطلبات المعيشية للإنسان المتواجد فى هذه البيئة المعينة، و من ثم تجنب النص تماماً البحث عن الأسباب أو الكيفيات الحقيقية (العلمية) لتواجدها و ركز على هذا الغرض التأملى الجمالى النفعى فى بيئته و هو تزيين السماء بمصابيح. و لأننا لسنا بصدد نص علمى قابل للجدل أو النقاش فلن نأخذ على النص أنه لم يطلعنا على (المغناطيسية، أو عوامل الجذب ، أو الإحتكاك، أو الحرارة، أو الإشتعال) ... و لكن التركيز على غرض نفعى غيبى للشهاب الثاقب و النيازك كراجمات للشياطين التى تسترق السمع على أسرار السماء يعنى أن النص حول الفيزيقى المادى القابل للفحص و التجريب و الجدل الى ميتافيزيقى غير مادى و غير قابل للفحص أو التجريب أو الجدل ... و المشكلة تكمن فى أننا رغم معرفتنا بحقيقة ماهية السماء أو الفضاء و المجرات و المجموعات النجمية و الكواكب و الشهب و النيازك و السحاب و الغمام و الركام و إخضاعها للفحص و التجريب أو التجربة... الخ و عرفنا أنها توجد لأسباب و لا توجد لأغراض غيبية، ما زلنا نعتقد أن حجة النص هى الحقيقة المجردة؛ و نحاول لى (أن نلوى) عنق النص لكى يقابل هذا الهوى فى نفوسنا . (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=551688). فهل المشكلة فى الإيمان و الإعتقاد؟ أم أن المشكلة فى طريقة التفكير و عدم المقدرة على تحويل مسار التفكير؟ أم أن المشكلة تكمن فى عدم إدراكنا لماهية "الإيمان"؟ و لكى نتتبع الموقف و نفهمه ونتفهمه فلابد من تحديد وتعريف هذا المصطلح الذى يلعب دوراً خطيراً فى المجتمعات التى تتخذ من الأديان إطاراً محدداً لهويتها و قالباً تقولب فيه شخصيتها. الإيمان !!! و نقصد به الحالة التى توقر فى ذهن المؤمن فتتدفعه الى أن يسلك سلوكاً معيناً أو أن يتصرف تصرفاً محدداً. فإذا لم يكن الإيمان حقيقياً أى أنه لمجرد التظاهر به فهل تختلف المواقف و النتائج؟؟ السؤال إذاً: ما هو الإيمان؟
الإيمان هو التصديق الجازم، والإقرار الحاسم، والاعتراف التام و التسليم الكامل بأمور لا تُرى و لا تُحس بأى من الحواس المادية (كالبصر أو السمع أو التذوق أو اللمس) و لا دليل و لا برهان عليها ؛ و هذا يعنى أن حالات الإيمان بشيئ معين لا تتطلب إقامة الدليل المادى لكى يكون هذا الدليل المادى شرط الأيمان بهذا الشيئ المعين، و لا تتطلب إقامة الدليل أو الحجة الجدلية لهذا الإيمان. فالبحث عن دليل يبرز من أرضية أو خلفية عقلية شكية (أى عقل يشك فى حقيقة الأشياء ما لم يكن هناك دليل أو أدلة مادية أو براهين منطقية) و هذا يتعارض تماماَ مع الإيمان الذى يجب أن يكون خالياً من أى شك. فالشك يتم نتيجة عقل متحير و مفكر و متسائل (inquiring/investigating) و دائم البحث عن إجابات لما يستثيره من أسئلة؛ أما الإيمان فيتم فى القلب (العقل الأيمانى) الساكن الذى يكون دائماً مطمئناً و الذى يستمد إطمئنانه من إيمانه بوجود إله (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) سورةالرعد/ 28) و ذلك – كما يقول (F. W. Bourdillon) – أن "للعقل ألف عين، بينما للقلب (أو للعقل الإيمانى) عين واحدة."( The mind has a thousand eyes and the heart but one.) بمعنى أن العقل ينظر للأشياء من زوايا و مساقط مختلفة؛ فهو كيان متحرك و متنقل حول (قضية/قضايا) تقلق سكونه و إطمئنانه؛ بينما القلب (أو للعقل الإيمانى) ساكن فلا يريد أن يسأل أو يزحزح منظوره أو مسقطه الواحد و هو المنظور الإيمانى؛ فهو كيان محطى ثابت ساكن (stationary) يأخذ القضية على أنها نتيجة أو حكم نهائى لا إستئناف فيه. فيتحول الإيمان ألى إحدى مكونات الشخصية المؤمنة؛ و من ثم فأن هذه الشخصية ترى أن أى مساس بأى من هذه إيماناته هو مساس بكيان الشخصية الإيمانية ذاتها حتى و لو كان هذا الإيمان مجرد تظاهرة (pretension) أو كذبة أو تقية (lie) أو تخفى (camouflage) من أجل البقاء لأن هذا الأيمان يحفر مساره فى المخ فيصبح وجوده واقع معاش فى اللاشعور (subconscious) لا يمكن التخلى عنه إلا بإحلال بديل قوى و مقنع لكل من العقل و القلب. فإذا إدعى العقل الناشط المفكر الإقتناع بقضية ما أو تظاهر بهذا الإقتناع كنوع من التخفى أو التقية حتى يساير البيئة التى يعيش فيها و يشعر بالحماية الإجتماعية و المجتمعية و الجماعية، فانه يخلع ثوب الأيمان عندما يخلو بنفسه و يظل يبحث و يبحث عن الحقيقة. و سورة البقرة رقم 2 آية 14 تتحدث عن هذا النوع من الأيمان الظاهرى و تصور هذا البحث و التفكير على أنهما شياطين "واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزؤون." و مثل هكذا تكشف الآية رقم 76 من نفس السورة و لكن فى هذه الآية يتم هذا الإختلاء بين المتشككين (المفكرين) أنفسهم عند لقائهم ببعضهم البعض "واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلا بعضهم الى بعض قالوا اتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم افلا تعقلون."
و عندما يتغيب أو يغيب الدليل المادى فإن العقل الإيمانى قد يتجه الى الإبداع الخيالى لكى يستخرج منه الأدلة حتى يتوصل لتفسير ظاهرة ما أو قد يتجه الى الجدلية الفلسفية (دايلكتيك dialectic) التى قد تعينه على الغوص فى الإيمان أو تخرجه من حمأة التحيز و التحامل و لكى يجد تفسيراً لما يراه من ظواهر. و الـ (دايلكتيك dialectic) هو فن ممارسة النقاش و الحوار المنطقى فى تحرى صدق و منطقية نظرية أو رأى ما. فعلى سبيل المثال لا الحصر إنتقل الينا الإعتقاد فى مرحلة الطفولة لتفسير ظاهرة المطر و الرعد أن الملائكة يدحرجون براميل المياه فى السماء ليصبوها على الأرض؛ كذلك الأمر عند خسوف القمر كان الإعتقاد السائد أن بنات الحور يجذبهن جمال القمر فيجتمعن عليه يعانقنه لدرجة أنه يختنق. و هذا يعنى أن هطول المطر و خسوف القمر و هما ظاهرتان طبيعيتان تندرجان تحت المادية البحتة تتحولان الى إعتقاد أو إيمان بما وراء أو ما فوق الطبيعة (supernatural)أو ظاهرة مطلقة؛ ومن ثم فإن هذا يتطلب منا الإتجاه و التحول الى المطلق لطلب وتحقيق ظاهرة طبيعية مادية يكون الإنسان فى إحتياج اليها. و هذا يفسر لنا طقوس رقصة المطر فى المجتمعات البدائية و فى صلاة الإستسقاء فى الإسلام و طقس أوشية (صلاة) المياه فى المسيحية؛ و لكلتاهما جذورهما فى العبادات الوثنية.
ففى معظم المجتمعات البدائية (كالهنود الحمر في أمريكا و السكان الأصليين في استراليا ونيوزيلندة ومناطق الجفاف في أفريقيا) ما زال يسود الإعتقاد بأن أرواح ألأسلاف تكّون أو تصنع أو تسبب السحاب و هذه الأرواح تنزل مع ماء الأمطار لتخصب لهم أراضيهم و مزارعهم وتدر اللبن في ضروع مواشيهم. وفى سنوات الجفاف عندما لا يكون هناك أمطار و فى عدم وجود أى مصدر للمياه فيندر الزرع و يجف الضرع، فانهم يعتقدون أن أرواح الأسلاف غاضبة عليهم. و بالتالى فانهم يقدمون الرقصات والأغاني والقرابين لهذه الأرواح ليكسبوا رضاها و من ثم تنزل لهم الأمطار. و يُطلق على هذه الرقصات (رقصة المطر) ((Rain Dance. أما فى أوربا فلا نجد مثل هكذا طقوس فلا غناء أو قرابين أو رقصات مطر (rain dances) لأن المناخ في أوربا كان ومازال ممطراً أغلب السنة. وفي جزيرة العرب الصحراوية كان الناس يعتمدون على المطر كلياً، ولكن لأن الرقص لم يكن من عاداتهم، فقد استعاضوا عن رقصة المطر بدعاء الآلهة من فوق رؤوس الجبال لتنزل عليهم المطر. يقول د. جواد علي: ( وقد ذكر الاخباريون طريقة من طرق اهل الجاهلية في الاستسقاء، ذلك انهم اذا اجدبوا وانحبس المطر عنهم، عمدوا الي السلع والعُشَرْ فحزموهما وعقدوهما في أذناب أو ذيول الابقار واضرموا فيه النيران، وأصعدوها في جبل وعر قبل المغرب، ثم اتبعوها يدعون ويستسقون و يقولون لذلك المسلعة) (بلوغ الارب 2/161، نقلاً عن تاريخ العرب قبل الإسلام) وكتاب "نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب لإبن سعيد الأندلسى" و كتاب "تاريخ العرب قبل الإسلام أ. د. محمد سهيل طقوش." و "السلع" هو شجرٌ مُرٌّ من الفصيلة العِنَبيَّة ينبت في جنوب غرب شبه جزيرة العرب، و أما العُشَرْ (فهي شجرة معمرة ودائمة الخضرة، تنمو في منطقة الجزيرة العربية، وتندرج تحت الفصيلة الاسكليبياداسيا، والعشارية، أو الصقلابية، وارتفاعها يصل الى خمسة أمتار، أوراقها كبيرة، ولونها أخضر مزرقّ دون عنق، و أفرعها هشة خشبية، وذات لحاء إسفنجي).
و نبى الإسلام له رؤيته الخاصة فى الرعد الذى يصاحب البرق والمطر: فقد روى الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس قال: أقبلت يهود إلى رسول الله فقالوا: "يا أبا القاسم أنا نسألك عن خمسة أشياء، فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي واتبعناك، فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قالوا الله على ما نقول وكيل، قال: هاتوا، ......... "؛ و بعد عدة أسئلة تتعلق بعلامة النبى، و كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر، و ما حرم إسرائيل على نفسه، و قبل أن يسألوه أخيراً عن الملك الذى يأتيه بالخبر سألوه قائلين: "أخبرنا ما هذا الرعد، فكان جواب نبى الإسلام غيبياً لا لم يتناول فيه أى دليل مادى حيث قال: "ملك من ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب بيده أو في يده مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمر الله." فسألوه عن الرعد قائلين: "فما هذا الصوت الذي يسمع؟" فأجاب: "صوته." فقالوا له: "صدقت ."
أما الآن فالأمر يختلف تماماً و بالعلم إستطاع الإنسان أن يعرف كنه السحاب و المطر و كيف يحدث الرعد. و لتبسيط الأمر و بإختصار شديد فإن السحاب هو بخار الماء المتكثف فى طبقات الجو العليا و يتحول السحاب الى قطرات ماء تتساقط على الأرض عندما يتقابل مع سطح بارد و يسقط على الأرض بفعل الجاذبية الأرضية. اما البرق (أو النزق) فهو الضوء الناشئ نتيجة تصادم سحابتين إحداهما تحمل شحنة كهربائية سالبة والأخرى تحمل شحنة كهربائية موجبة وبذلك ينتج عن التصادم شرارة قوية تصدر على هيئة الضوء الذي نراه فجأة ثم يختفي. أما الرعد (أو الهزيم) فيتم نتيجة تسخين الهواء بواسطة البرق الى درجة أعلى من درجة حرارة سطح الشمس مما يؤدى الى تمدد الهواء بفرقعة و هى صوت الرعد. و يمكن ملاحظة هذه الفرقعة عند فرقعة بالونة الأطفال. و عن ظاهرتى كسوف الشمس و خسوف القمر نقرأ من كتاب (زاد المعاد لابن القيم الجوزية، ج1، ص 209) أن نبي الإسلام والأعراب من حوله كانوا يخافون من كسوف الشمس و خسوف القمر، فأوصى رسول الإسلام بصلاة الكسوف وصلاة الخسوف عندما تكسف الشمس أو يخسف القمر: " ولما كَسَفَتِ الشَّمسُ، خرجَ نبى الإسلام إلى المسجد مُسرِعاً فزِعاً يجُرُّ رداءه، وكان كسُوفُها (يقصد كسوف الشمس) في أوَّل النهار على مقدار رُمحين أو ثلاثة مِن طلوعها، فتقدَم، فصلى ركعتين، قرأ في الأولى بفاتحة الكتاب، وسورة طويلة، جهر بالقراءة، ثم ركع، فأطال الركوع، ثم رفع رأسه من الركوع، فأطال القيام وهو دون القيام الأول، وقال لما رفع رأسه: (سَمعَ اللَّه لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الحَمْد)، ثم أخذ في القراءة، ثم ركع، فأطال الركوع وهو دون الركوع الأولِ، ثم رفع رأسه من الركوع، ثم سجد سجدة طويلة فأطال السجود، ثم فعل في الركعة الأخرى مِثلَ ما فعل في الأولى، فكان في كُلِّ ركعة رُكوعان وسجودان، فاستكمل في الركعتين أربعَ ركعات وأربعَ سجدات." ويقال إن النبي بكى لما كسفت الشمس "وبكى لما مات عثمان بن مظعون، وبكى لما كَسَفت الشَّمْسُ، وصلى صلاة الكُسوف، وجعل يبكي في صلاته، وجعل ينفخ، ويقول: (رَبِّ أَلَمْ تَعِدْني أَلاَّ تُعَذِّبَهُم وَأَنَا فِيهِمْ وهُمْ يَسْتغْفِرُونَ، وَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُك) وبكى لما جلس على قبر إحدى بناته وكَانَ يَبكي أحياناً في صلاة اللَّيلِ." (زاد المعاد، ج1، ص 79). فقد حسب النبي عندما كسفت الشمس أن الله سوف ينزل عليهم عقاباً كعقاب عادٍ أو ثمود، فقال له: ( رَبِّ أَلَمْ تَعِدْني أَلاَّ تُعَذِّبَهُم وَأَنَا فِيهِمْ).
و الأمر يختلف الآن : فبالعلم إستطاع الإنسان أن يعرف أن الكسوف و الخسوف ظاهرتان طبيعيتان يمكن التنبؤ بزمن حدوثهما وكم سوف يدوم كل منهما. فكسوف الشمس يحدث عندما يأتى القمر بين الأرض و الشمس فيحجب ضوءها عن الأرض؛ و خسوف القمر يحدث عندما تأتى الأرض بين الشمس و القمر فتحجب الأرض ضوء الشمس عن القمر فلا يعكس ضؤها على الأرض. و من ثم أصبحت صلاة الكسوف أو الخسوف ما هي إلا إحدى الشعائر الوثنية، مثلها مثل رقصة الشمس و السلعة. و بالعلم أيضاً يستطيع الإنسان أن يجلب الأمطار الى بيئته و يحصل على المياه العذبة من مصادر شتى، بل توصل الى إقامة مراكز لتحلية مياه البحار. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=86535&r=0. و بالرغم من ذلك ما زال الكثيرون يعتقدون فى ماورائية (supernaturality) سقوط المطر و ما زالوا يقيمون صلاة الإستسقاء فى الإسلام، و يرددون أوشية (صلاة) المياه فى المسيحية.
و لم يتوصل أحد من مفسرى القرآن الى معرفة دورة الماء فى الطبيعة (البخر والتكثف/التكثيف و تكون السحاب ثم هطول الأمطار)؛ و لم تذكر النصوص أى إشارة الى دورة المياه فى الطبيعة و لكنها إستخدمت مفردات اللغة المتعارف عليها فى البيئة. فنجدهم يركزون على إستخدام المفردات أو الكلمات مواضع شتى و مناسبات مختلفة للتدليل على بلاغة النص و هو أمر يتعلق بميول الناقد و إتجاهاته. فعلى سبيل المثال هم يفرقون بين المطر و الغيث حيث يَخلط كثيرٌ من النّاس في الاستعمال بين كلمتي الغيث والمطر، فكلمتا الغيث والمطر كلاهما تعبّران عن نفس المعنى الذي هو الماء النّازل من السّحاب، غير أنّ النص القرآنى استخدم كلمة الغيث في مواقع، واستخدم كلمة المطر في مواقع أخرى مختلفة ، فلو تأمّلنا الآيات القرآنية الّتي جاءت بها كلمة الغيث لاحظنا أنّ لفظ الغيث يُذكر في القرآن في مواطن النّعمة والرّحمة، ويأتي مُصاحباً للخير الوفير والعطاء، والفَرج بعد الضّيق، واليُسر بعد العُسر، وهذا يتمثّل فيما نقله الثَّعالبي من أنّ المطر إذا جاء عَقيب المحل أو عند الحاجة إليه فهو الغيث؛ ففي سورة لقمان رقم 31 تنص الآية 43: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) ، وفي سورة الشورى رقم 42 آية 28 يقول النص: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ)، وفي سورة يوسف رقم 12 آية 49 يذكر النص:(ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ).
أما لفظ المطر ومشتقّاته فيُذكرعادةً في النص القرآنى حين يُذكرالعذاب والعقاب للأقوام الكافرة، كما جاء في سورة الأعراف رقم 7 آية 84 : (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) ، وجاء في سورة هود رقم 11 آية 82: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ)، و ورد في سورة الشعراء رقم 26 آية 173: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ). أمّا عند الحديث عن المؤمنين فيرد لفظ المطر في مقام الأذى و الابتلاء، كما جاء في سورة النساء رقم 4 آية 102 :( إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أو كنتم مرضى ... )
و هكذا فقد تم تعريف الإيان و تم تبيان أن النصوص الدينية تفصح عن خلفية و أرضية زمكانية بيئية تتعامل مع البشر من منطلق "هات و خذ" فهى تأخذ منهم و تعطيهم ... و لكن يظل للعقل الأيمانى مساره البيولوجى فى المخ و المحمل بهذه الإيمانات التىي يحاول تبريرها بالخيال أو بإستخدام الجدلية الفلسفية من منطلق حب الإستطلاع. و تم التدليل على ذلك بذكر أمثلة تتعلق بمعتقدات خيالية لأحداث طبيعية مثل المطر و البرق و الرعد و كسوف الشمس و خسوف القمر التى تم التوصل الى تفسيراتها العلمية. دمتم بخير رمسيس حنا
#رمسيس_حنا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخوف منكِ لا عليكِ (شِعر)
-
راعية الأغنام (قصة قصيرة)
-
الهسيس
-
الوحيد
-
رسالة الى ال-عادل- - ال-رَؤوف-
-
بارانويا
-
هدية عيد ميلاد
-
عيد ميلاد
-
رع و ايآر و تشرين
-
إهداء (شِعر الى إمرأة فى المنفى)
-
لمن تدق الأجراس؟ (شِعر)
-
حالة لغو
-
أيلول
-
هيولية (شِعر)
-
علمونا
-
الغزالة و الصياد(شِعر)
-
أحلام يقظة (شِعر)
-
عتاب وعقاب
-
إرهاصات
-
الساحرة (شِعر)
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|