أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - عزيز السيد جاسم؛ مفكر رفض التأطير ودعا لمواءمة بين الروح والمادة















المزيد.....

عزيز السيد جاسم؛ مفكر رفض التأطير ودعا لمواءمة بين الروح والمادة


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 6282 - 2019 / 7 / 6 - 20:12
المحور: الادب والفن
    


وإن المرء ليحار من أين يبدأ، وهو يزمع الحديث عن الشامخ في دنيا البحث والكتابة والمبادئ، والصدق فيها فضريبتها باهظة، في دول ومجتمعات لا تحترم معنى التفرد، وتحاول بخس الناس أشياءها حسداً وضغينة، أنا الذي أزعم أني واكبته معرفياً وثقافياً، منذ أواخر الستينات الماضيات من القرن العشرين، إذ كنت أتابع ما ينشره في مجلة (الآداب) البيروتية.
لقد كان من المصادفات الجميلة أن اوفق، في قراءة الكتابات الأولى لعزيز السيد جاسم؛ كتبها سنة 1954، يوم كان طالباً في دار المعلمين الابتدائية بمدينة الناصرية، وإذ تقرأ في المخطوط هذا، الذي بذلنا جهدا مضنيا في طبعه وتصحيحه، فإني لأعجب من لغة هذا الفتى وأسلوبه الكتابي، الذي خلا من أية هفوة في النحو أو الإملاء، وحتى في المسائل النحوية العويصة مثل، الممنوع من الصرف أو التنوين وتمييز العدد، وكنت أعجب من هذه القراءات العميقة في مناحي الثقافة والفلسفة والسياسة، لا بل حتى في علم التخاطر عن بعد وهو الذين عرف بـ( الباراسايكولوجي).وهو علم ما كان معروفا على نطاق واسع في ذلك الوقت، وقد أشار السيد عزيز إلى قراءته الأولى هذه، في تقديمه لكتابه المهم الذي أثار عليه حفيظة السلطة وأمنها وعسسها ووشاتها، واعني كتابه ( علي بن أبي طالب. سلطة الحق) إذ جاء في مقدمة الكتاب قوله "في المدينة العريقة (الناصرية) ابتدأت رحلتي الدراسية، ومعها ابتدأت رحلتي في المعرفة مع ( فولتير) و( جان جاك روسو) و( روبسبير)، ثم بدأت أتعرف على ( نيتشة) و( شوبنهاور) و( ديكارت) و( كانت)، حتى وصلت إلى ضفاف الفلسفة الأوربية، حيث استطلعت فقرأت ( ماركس) و(هيجل) و( فيورباخ) و(أنجلس) والفلاسفة الإنكليز، كذلك تجولت في عوالم ( توم بين)، و(لنكولن) والسياسيين والروائيين والمفكرين، وانقطعت عن عالمي الصغير الأول".
كما اهتممت بقراءة ومراجعة الكتاب، وهو في صورته الأولى ويقع في نحو أربع مئة صفحة حجمa4، الكتاب الذي جمع فيه نجله السيد علي، منتقيات مهمة مما كتب عن المفكر السيد عزيز السيد جاسم، ولا أقول كل الذي كتب، فهو يحتاج إلى جهد مؤسسي نفتقده، للاسف.
ولعل من أروع الدراسات التي اشتمل عليها هذا الكتاب (رحلة إلى البقاء) الدراسة القيمة التي كتبها شقيقه؛ الناقد والروائي والباحث الجامعي الدكتور محسن جاسم الموسوي، الذي كان يدير أهم مفصل ثقافي وقتذاك في العراق، وأعني دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد، وما ينبؤك مثل خبير؛ يحدثنا عن توقيفهما في الأمن العام وهو مفصل مهم من مفاصل حياة السيد، الذي آثار ضغائن المتعصبين والمخبرين عند نشره لكتاب (علي بن أبي طالب. سلطة الحق) الكتاب الذي قدمه ابتداء لوزارة الثقافة لاستحصال موافقتها على طبعه، فلم تتحمل الوزارة مسؤولية الطبع، وحولته إلى وزارة الأوقاف، والى الخبير الفلاني الذي أحترم علمه وعلميته ولا سيما في مناقشاته للاطاريح والرسائل الجامعية، ولكن؟! الذي كان رأيه سلبياً، وهو ما دفع بالسيد إلى تسليمه للدكتور سهيل إدريس؛ صاحب (دار الآداب) في إحدى زياراته للعراق مشاركا في مهرجان المربد، فنشره وثارت ثائرة الوشاة والحساد وأوغروا صدر راس الدولة، الذي كان لا يرتاح لعقل السيد وقلمه، بسبب قربه من أبي دحام؛ عبد الخالق السامرائي.
السيد كان صوتاً يغرد خارج السرب، وذاك يريده صوتاً خافتاً في ضمن السرب المدجن الخائف وظلاً للظل، وغالباً ما كان المفكرون والمبدعون لا يرتضون التأطير والتبويب، ألم يغادر لويس اراكون شاعر المقاومة الفرنسية ابان الاحتلال الهتلري لفرنسة أثناء الحرب الثانية حزبه الشيوعي، والأمر ينسحب على البير كامو وبيكاسو؟
يقول الدكتور محسن، فالامل القائم في أي حزب من الأحزاب هو إيجاد مفكر له، لا مفكر حر يتجول في الفكر العالمي حسب ما يراه.
تقرأ لكثيرين، فتجد البون شاسعا بين حساب الحقل وحساب البيدر، إلاه السيد الذي كان يمثل قمة التطابق بين القول والعمل، وبين التصرف والرأي، فلم يرض أن يكتب شيئا يخالف ما اقتنع به من رأي ومسلك، فدفع ضريبة باهظة مع الدولة الراديكالية.
وما من كاتب إلا سيبلى-ويبقى ما خطت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيئ-يسرك في القيامة أن تراه
لقد نشأ السيد قومياً عروبياً، لمست ذلك من خلال قراءة أول ما خطت يداه، وأعني كتابه الفلسفي الأول الذي سماه (المقامر) ثم تحول إلى الماركسية، التي نأى بجانبه عنها، لأنه كان يرى فيها وأدا للروحانيات، ويالجفاف الحياة وشظفها حين تخلو من اليقين الروحاني.
كان السيد يدعو إلى مواءمة بين الروح والمادة كي تستقيم الحياة، وإذ منع من الكتابة، فان صحيفة (العراق) الكردية فتحت له صدرها، ولاسيما أيام رئيس تحريرها الراحل، صلاح الدين سعيد، إذ كنت أتابع مقاله الأسبوعي آخذا صفحة كاملة.
مغادرته عالم السياسة، هو المفكر البيورتاني التطهري المتصوف المثالي، ألم يطلق صرخته، والقتال نشب بين الجيش الأردني وفصائل فلسطينية في أيلول ١٩٧٠: "كيف لدولة تدعي الموقف القومي، وتعجز عن الحيلولة دون ذلك؟".
السيد لا يفقه الاعيب السياسة، هو يعرف التطابق، يعرف المبادئ، لذا أطلق سؤاله البريىء هذا.
مغادرته عوالم السياسة الميكافيلية، دفعه نحو عوالم الروحانيات. والكرامات والتصوف، هو الذي كان متقشفا في حياته، فهو ما شد ربطة عنق على رقبته ابدأ، فكتب في التصوف دارسا متصوفة بغداد، ودرس الشريف الرضي، والرصافي، وعبد الناصر، ومحمد حسنين هيكل، وجمع شعر عبد الأمير الحصيري، فضلاً عن دراسة قيمة لشعر صديقه الأثير حميد سعيد؛ الذي سأل رأس الدولة عن مصير صديقه، ومن كان يستطيع المجاهرة بهذه الصداقة؟! فكان الجواب، كلمة واحدة: اتركه، وفي هذا الجواب فصل الخطاب، لقد قضي الأمر الذي فيه تستفتيان، وذهب السيد للقاء ربه يشكو ظلم الإنسان.
حاشية
------------------------------
قرأت هذا الحديث في (يوم المغيب العراقي) استذكارا للمفكر المغيب عزيز السيد جاسم، الذي أقيم ضحى يوم الجمعة 20/من نيسان/ أبريل 2018على قاعة الجواهري بمبنى الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، واستهل الحفل الذي أداره الدكتور سعد عزيز عبد الصاحب، بكلمة ألقاها نجله الصحفي السيد علي، ثم كلمة الإتحاد ألقتها الأديبة عالية طالب، وتحدث فيه أولا شكيب كاظم والناقد علي الفواز والدكتور داود سلمان العنبكي، وقصيدة للشاعر وجيه عباس، وأخرى للشاعر كاظم عبد الله العبودي.



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ه‍ل كان سقوط طائرة الرئيس العراقي الأسبق عبد السلام عارف سنة ...
- ملحمة قلقميش
- التاريخ يتماهى مع السرد.... (قسمت) رواية العصف الذي ضرب الكر ...
- هل تأثر المعتزلة بفلسفة اليونان؟ وهل قرأ الجاحظ (فن الشعر) ل ...
- فاضل العزاوي والبحث عن المنزلة النبوئية للشعر والشاعر
- الدكتور عبد الإله الصائغ في بحثه الشاهق -الزمن عند الشعراء ا ...
- ذكريات التلمذة على يدي الطاهر
- يا لخسارتنا الفادحة برحيل فوزي كريم
- مؤسف رحيل جاسم العايف بصمت قاس
- حين تسفح أعوام العمر..غانم الدباغ في عمله الروائي الوحيد (ضج ...
- هل تأثر المعتزلة بفلسفة اليونان؟
- يوم كان العراق يتحضر ويتقدم الطبيبة العراقية سانحة أمين زكي ...
- طه حامد الشبيب في روايته الخامسة عشرة. العيش. (في اللااين) ا ...
- فوزي كريم يستقصي القصيدة المفكرة
- رشحه كوركيس عواد ولكن...
- مع مشاهير أدباء العالم في ذكرياتهم وحواراتهم
- هل أسهمت الرواية في انحسار القصة القصيرة؟
- رأي بشر بن المعتمر المعتزلي في أوقات الكتابة ومواتاتها
- من صور الماضي الجميل رصانة المترجم الفلسطيني عادل زعيتر ودقت ...
- ورحل علي الشوك الأرستقراطي اليساري في مغتربه اللندني.


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - عزيز السيد جاسم؛ مفكر رفض التأطير ودعا لمواءمة بين الروح والمادة