أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راتب شعبو - نفوس مفخخة














المزيد.....

نفوس مفخخة


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6280 - 2019 / 7 / 4 - 18:54
المحور: الادب والفن
    


مدرس فيزياء حديث التخرج، يتعين في المدرسة التي لا يكاد يصلها المدرس حتى يهرب منها مفضلاً ترك سلك التدريس على العودة إليها. وحين تسأل أحدهم عن السبب يكتفي بالقول: "إن أهل تلك القرية وحوش لا يمكن العيش بينهم."
في طريقه إلى المدرسة توصل يوسف إلى أن السر وراء ذلك يكمن في العلاقة مع نساء القرية. تلك قرية محافظة ولا شيء آخر يمكن أن يفسر "وحشيتهم".
احتفل الطلاب بالمدرس الجديد: قامة تميل إلى القصر مع قليل من البدانة، رأس خال تقريباً من الشعر وعينان صغيرتان وديعتان مع فك سفلي متقدم قليلاً يعطي ابتسامته الدائمة مفعولاً بالغ الود، لا يوجد طيبة أكثر من ذلك، حتى لتبدو نظرته للآخر شبيهة بنظرة الجدة للحفيد.
انتهى اليوم التدريسي الأول له، ولم يكد يرتدي البيجاما في الغرفة المخصصة له والتابعة لأحد بيوت القرية، حتى سمع طرقاً على الباب. اضطرب قلبه. "في كل الأحوال، المشكلة تحتاج إلى طرفين، ولن أكون طرفاً في مشكلة." قال في نفسه وهو يتجه إلى الباب.
كان على الباب إحدى طالبات الصف الثالث الثانوي وفي يدها كتاب الفيزياء، همّت بالدخول قائلة: "لم افهم الدرس اليوم يا استاذ، أريدك أن تعيد شرحه لي." ردّ يوسف وهو يهرب بنظره عنها: "سوف اشرح لك الدرس كما تشائين، ولكن أرجو أن يكون معك أخوك أو أبوك." صمتت الطالبة قليلاً ثم ذهبت ولم تعد.
بعد قليل سمع من جديد طرقاً على الباب، كانت صاحبة البيت تريده أن يشاركهم الغداء، فاعتذر بكل ما في العالم من أدب وتهذيب. وحين استفسرت منه إن كان يحتاج شيئاً، فهو غريب وهذا يومه الأول في القرية، شكرها بأدب وقال إذا كان يحتاج شيئاً فإنه يفضل التحدث إلى زوجها.
يتعب يوسف في تحضير دروسه كي لا يفتح ثغرة يمكن أن تدخل منها مشكلة مع أحد، يعيد شرح الدروس لمن يشاء بحضور أحد من الأهل، يسير في الشارع فلا يستعمل عينيه لأكثر مما يتطلبه السير في الشارع. وبالفعل قارب العام الدراسي على النهاية دون أن يتعرض لأي مشكلة. على العكس، صار محبوباً من أهل القرية.
في تفسير نجاحه هناك قال يوسف لموجّه المادة: "إن السر يكمن في العلاقة مع النساء، ليس لأن الأهالي محافظون بل لأن نساء هذه القرية عاهرات."
***
لم يجد السجين الذي يعاني من آلام في الظهر أفضل من حسان في كل المهجع. يجلس بجواره معظم الوقت، ينوب عنه في الأشغال التي لا يستطيعها، دون أن تفارقه الابتسامة الطيبة أو يبدو عليه أدنى ضيق، يذكّره بمواعيد تناول الدواء كأم حنون ويحرص على إعطائه شيئاً من الطعام قبل الدواء لحماية المعدة، يدلك له ظهره بالمرهم دون ملل، وبكل رضا، مكرراً للمريض أن لا يهتم لتعبه، فالمهم هو أن يتراجع المرض.
في المساء يتبرّم حسان أمام سجين آخر ويقول، إنه لا يجد من هو أكثر سفالة من هذا السجين الذي يدعي وجع الظهر.
***
جاء حسن يطلب الزيت من مصطفى وفي يده كأس صغيرة. نهض مصطفى مرحباً وقال: "بهذه الكأس تريد أن تأخذ الزيت، لماذا لم تأت بكشتبان يا رجل!" وضحك من كل قلبه، ثم تناول من تحت سريره نصف ليتر من الزيت وأعطاه لحسن. لم يفاجئ هذا السلوك الكريم من مصطفى أحداً في المهجع.
في باحة التنفس كان مصطفى يشكو من وقاحة حسن التي لا توصف، فهو يصرف نقوده على الدخان ويشحد الزيت من هنا وهناك.


اذار 2018



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستبداد بوصفه نزوعاً شخصياً
- اتفاق داريا، الأرض مقابل الحياة
- حوار، عن الذات وعن الثورة
- هموم لغوية
- سلطات منزاحة
- إلى اختي الصغيرة
- الربيع العربي على خارطة العالم
- الإعلام المزدوج للنظام السوري
- عبد اللع هوشة، الهامش الثري
- عبد العزيز الخير، تجارب متنوعة ومصير واحد
- خصوصيات معلنة
- تسرب المعاني
- الأصل السياسي لمجزرة السويداء
- تواطؤ الثقافة
- كابوس دانيال
- عين واحدة تكفي (إلى منير شعبو)
- عن كتاب -حكم العنف- لسلوى اسماعيل، مركزية الذاكرة في تكوين ا ...
- ادلب، من المستبد إلى المستعمر
- بلا اسماء
- شباب من سورية في باريس


المزيد.....




- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...
- 3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راتب شعبو - نفوس مفخخة