أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فرست مرعي - جدل التوحيد بين الاسلام والنصرانية















المزيد.....

جدل التوحيد بين الاسلام والنصرانية


فرست مرعي
كاتب

(Farsat Marie)


الحوار المتمدن-العدد: 6279 - 2019 / 7 / 3 - 17:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جدل التوحيد والتثليث بين الاسلام والنصرانية
القسم الاول
أ.د. فرست مرعي

لقد ثار جدل كبير بين علماء المسلمين والنصارى حول حقيقة التوحيد والتثليث، وكتب الجانبين مملوءة بتاريخ هذا الجدل، ولكن الغريب أن التثليث الذي أنكره الإسلام غير التثليث الذي يعتقده النصارى، وذلك لأن العقيدة التي يعتنقها النصارى - على اختلاف مذاهبهم- هي عقيدة أن الله تعالى كيان ذو ثلاثة أقانيم كل اقنوم منهم اله تام: الأب، والابن، والروح القدس.
وتتمايز هذه الاقانيم فيما بينها، فالآب ليس هو الابن، والروح القدس ليس هو الآب ولا الابن، وكذلك تتميز في الافعال، فالى الآب ينتمي الخلق بواسطة الابن، والى الابن الفداء، والى الروح القدس التطهير؛ غير أن الثلاثة واحد لا يتجزأ وكل لا يتبعض يتمتع بكل خصائص الالوهية الممنوحة للاقانيم على حدة.
وكان (منصور بن سرجون بن منصور) الملقب ب ( يوحنا الدمشقي، 700- 754م/81-137هـ) أحد أكبر علماء اللاهوت في الكنيسة الملكانية الخلقدونية (= الأرثوذكسية) أيام الدولة البيزنطية، والكاتب في عهد الخليفتين الامويين يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان؛ دور كبير في تأليف الكتب الخاصة بالجدل النصراني – الاسلامي وتبرير عقيدة التثليث، فألف رسالتين على شكل محاورة بين مسيحي و مسلم في شأن ألوهية المسيح و حرية الإرادة الإنسانية؛ الغرض منها تبرير النصرانية والاستناد إلى أفكارها في مواجهة مفهوم التوحيد. و قد طعن في عقيدة المسلمين و ألف الكتب في الرد عليهم و جادل علماءهم في أمور كثيرة، و كان قد برع في المنطق و الفلسفة اليونانية و اتخذ من هذا المنطق سلاحا يدافع به عن الكنيسة ، وقد فلسف المعارف الإغريقية الوثنية وأخضعها لمفاهيم النصرانية، وجادل المسلمين حول طبيعة المسيح، ووضع للنصارى خطة للبحث و المناظرة في كتابه (الايمان الارثوذكسي) استهلها بقوله :" إذا سألك العربي(= المسلم) ماذا تقول في المسيح فقل إنه كلمة الله ، ثم ليسأل النصراني المسلم بعد ذلك ، بم سمي المسيح في القرآن و ليرفض أن يتكلم بشيء حتى يجد المسلم فإنه سيضطر إلى أن يقول : كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه ، فإن أجاب بذلك فاسأله هل كلمة الله و روحه مخلوقة أم غير مخلوقة، فإن قال مخلوقة فليرد عليه بأن الله إذا كان ولم يكن له كلمة و لا روح فإن قلت لك فسيفحم العربي لأن من يرى هذا الرأي زنديق في نظر المسلمين".
ومضى على سلف (يوحنا الدمشقي) تلميذه ثيودور أبو قرة (المتوفى سنة211هـ/826م) اسقف مدينة حران الذي كان يناظر علماء الجدل المسلمين في حضرة الخليفة العباسي المأمون(198-218هـ/814-833م).
وعلى أية حال فقد اختلف علماء النصارى في تفسير هذه الاقانيم على عدة أوجه:
1- فذهب بعضهم الى أنها صفات.
2- وذهب أخرون الى أنها أشخاص.
3- وذهبت طائفة الى أنها مجموعة الجوهر والصفة.
4- وذهبت أخرى الى أنها غير الصفة والعًرًض.
ورأت خامسة أنها ما ليس بكيان عام ولا عرض.
كما اختلف علماؤهم في الافكار التي طرحوها لبيان ماهية التثليث، وعلاقة أفراده بعضهم ببعض، وكيفية التقائهم وصورة اجتماعهم:
1- فالقديس يوحنا الدمشقي يقدم الثالوث أو التثليث باعتباره: ( الجود والحكمة والقدرة).
2- ويتصور تلميذه ثيودور أبو قرة التثليث على أنه: ( الذات والنطق والحياة).
3- أما يحيى بن عدي فيعرفه بأنه: (الجود والحكمة والقدرة)، ثم تتطور نظريته في التثليث حتى يصل الى أطروحته الشهيرة (العقل والعاقل والمعقول).
4- وجمع تلميذه عيسى بن اسحاق بن زرعة بين الاطروحتين.
5- ورأى إيليا مطران نصيبين انه: ( الذات والحياة والحكمة).
6- وطرحه بولس الانطاكي بوصفه: ( الذات والنطق والحياة).
7- وصوره ابن العسال على أنه: ( الحياة والعلم والقدرة).
وكذلك اختلفوا في تمثيل صورة التثليث:
1- فمنهم من يراه: كالشمس وضوئها وحرارتها.
2- ومنهم من يمثله: بالانسان ونطقه وروحه.
في اعتقادي أن أفضل من دحض فكرة التثليث هو فخر الاسلام الرازي (المتوفى سنة606هـ/1210م)، وشيخ الاسلام ابن تيمية (المتوفى سنة728هـ/1328م)؛ ولكن هذا لا يقلل من جهود العلماء الاخرين كالجاحظ المتوفى سنة255هـ/869م، وابوبكر الباقلاني المتوفى سنة403هـ/1012م، وحجة الاسلام الغزالي المتوفى سنة505هـ/1111م، والقرافي المتوفى 684هـ/1285م، وابن القيم الجوزية المتوفى سنة851هـ/1447م وغيرهم.
وكانت مناقشات الإمام فخر الدين الرازي للنصارى تدور في ثلاثة محاور، ومن خلال دراسة تفسيره للآيات المتعلقة بالتثليث، فإنه كان يميز بين هذه الاعتقادات الثلاثة، وكان للفخر الرازي فيها رأي مميز، ورد على عقيدة النصارى، ومن هذه الآيات نجد ما يلي:
أولاً: قوله تعالى: {وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السموات والأرض كل له قانتون بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون}، [البقرة: 116-177]، فمن هذه الآية يتوجه الرازي إلى نقض بنوة المسيح عليه السلام لله تعالى، وإثبات عبوديته مثل بقية المخلوقات التي ذكرتها الآية، فهو يستعمل الدليل العقلي للبرهان على استحالة أن يكون عيسى ابنا لله تعالى، وذلك من أوجه:
1- دليل الوجوب والإمكان: وذلك " أن كل ما سوى الموجود الواجب بذاته ممكن لذاته، وكل ممكن لذاته محدث، وكل محدث فهو مخلوق لواجب الوجود، والمخلوق لا يكون ولداً ". ولتحديد هذا المفهوم أكثر فإن الرازي ذهب إلى الحديث عن استحالة اجتماع موجودين واجبين لذاتهما، فهذا يؤدي إلى اشتراكهما في وجوب الوجود، وهذا يؤدي إلى التركيب، لكن التركيب بينهما يؤدي إلى نقض وجوب الوجود والتحول إلى إمكانية الوجود، وهذا خلف، فالمصير إلى أن كل ما يحتاج إلى غيره فهو ممكن لذاته، وكل ممكن لذاته فهو محتاج إلى المؤثر، وهذا يقود إلى القول بأن ممكن الوجود محدث، فهو مخلوق.
2- دليل القدم والحدوث: فالولد المضاف إما أن يكون أزليا وإما محدثا، فإن كان أزليا " لم يكن حكمنا يجعل أحدهما ولداً والآخر والداً أولى من العكس، فيكون ذلك الحكم حكما مجرداً من غير دليل" ، والحكم من غير دليل هو محض الهوى والتقول، ولا يعتد به. وإن كان الولد محدثا "كان مخلوقا لذلك القديم وعبداً له فلا يكون ولداً له". وبهذا فإن عيسى محدث باعتراف النصارى أنفسهم، من خلال قولهم بميلاده وموته، فهو مخلوق ولا أزلية له، وبطلت مقولة البنوة لله كما يزعمون.
3- دليل المجانسة: ومضمون هذا الدليل أن " الولد لا بد وأن يكون من جنس الوالد"، فلو كان لله ولد، لكان مشاركاً له من بعض الوجوه، وممتازا عنه من وجوه أخرى، وهذا يقود إلى القول بأن كل واحد منهما مركب ومحدث وذلك محال، لأن الله غير محدث، والنصارى لا تقول بذلك، بينما عيسى محدث من خلال ميلاده، إذ لم يكن فكان، ومن هنا فإن المجانسة ممتنعة، إذن فالولدية ممتنعة بالتبع.
4- دليل الكمال وعدم العجز: ومعناه " أن الولد إنما يتخذ للحاجة إليه، ورجاء الانتفاع به، فعلى هذا كان إيجاد الولد إنما يصح على من يصح عليه الفقر والعجز والحاجة "، غير أن العجز والحاجة والفقر محال في حق الله تعالى، فهو المستغني عن العالمين، والمتصف بصفات الجلال والكمال، ولهذا يورد الرازي الآيات التي احتج به الله سبحانه وتعالى على استغنائه عن الولد، وذلك في قوله تعالى: {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون}،[مريم:34]، وقوله تعالى: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا، لقد جئتم شيئا إداًّ تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداًّ، أن دعوا للرحمن ولداً، وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً، إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً} ،[مريم:88-93]. فالله سبحانه وتعالى يشنع على الذين نسبوا له الولد، ويحاججهم بأنه مستغن عن الولد، وأن ذلك محال، ولا ينبغي في حقه جل جلاله، لأنه مالك السموات والأرض وما بينهما، وكل من فيهما وكل ما فيهما ملك له سبحانه، فما حاجته للولد، فالأمر أمر ملك وأمر خلق، ولله القدرة على أن يخلق ما يشاء وكيف يشاء، بأن يقول له كن فيكون.( بتصرف من مقالة بدران بن الحسن في مقاله: آراء المفسرين في عقيدة التثليث).



#فرست_مرعي (هاشتاغ)       Farsat_Marie#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرق الباطنية في التاريخ الاسلاكي- 10- القاديانية - القسم ا ...
- الفرق الباطنية في التاريخ الاسلامي 10- القاديانية - القسم ال ...
- الفرق الباطنية في التاريخ الاسلامي 9- البهائية - القسم الثان ...
- الفرق الباطنية في التاريخ الاسلامي 9- البهائية - القسم الاول
- الفرق الباطنية في التاريخ الاسلامي 8- البابية - القسم الثاني
- الفرق الباطنية في التاريخ الاسلامي 8-البابية القسم الاول
- الفرق الباطنية في التاريخ الاسلامي 7- الركنية
- الفرق الباطنية في التاريخ الاسلامي 6- الكشفية
- الفرق الباطنية في التاريخ الاسلامي 5- الشيخية
- الفرق الباطنية في التاريخ الاسلامي 4- البكتاشية - القسم الثا ...
- الفرق الباطنية في التاريخ الاسلامي 4- البكتاشية - القسم الاو ...
- الحركات الباطنية في التاريخ الاسلامي 2- البابائية
- الفرق الباطنية في التاريخ الاسلامي 3- القلندرية
- الحركات الباطنية في التاريخ الاسلامي 2- البابائية
- الفرق الباطنية في التاريخ الاسلامي 1- الحروفية
- موقف اليهود والانجيليين من حائط البراق (حائط المبكى)
- الآغوات الكرد واليهود في كتاب يهود كردستان ورؤسائهم القبليون
- الاصول التاريخة للنوروز عند الكُرد
- كيف انتقلت الماسونية من بريطانيا الى العراق
- الاحتفال بالعيد اليهودي الحانوكاه في البيت الابيض


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فرست مرعي - جدل التوحيد بين الاسلام والنصرانية