|
دولاند ترامب هددني، هل هددك أنت وشعبك ؟
أحمد سالم أعمر حداد
(Ameur Hadad Ahmed Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 6277 - 2019 / 7 / 1 - 05:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العالم، وعلاقاته الدولية المفترض أنها قائمة على حفظ السلم والأمن الدوليين، إنماء العلاقات الودية بين الأمم، وتحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والانسانية كما ينص على ذلك الفصل الأول الخاص بمقاصد هيئة الأمم المتحدة ومبادئها، قد يتحول الى لعبة فيديو عملاقة من النوع القائم على العنف، القتل والسلب المتبادل، في وضع مخجل للإنسانية أكاد من خلاله أن أتصور رؤساء وملوك الدول يهاتفون بعضون وهم يتصايحون، أو يبرقون بعضهم عبر تطبيق الواتساب، أو يغردون عبر تويتر، يستنجدون، ويتساءلون " ترامب هدنني، هل هددك أنت وشعبك؟
من الواضح جدا أن العلاقات الدولية أصبحت صراعية، تافهة وتنزع الى الصراع والصدام وتشكيل المحاور الصغيرة، ضيقة الأفق، وعديمة الفعالية على مستقبل الكون وساكنته من البشر، والحيوان ومكونات البيئة، أكثر من نزوعها الى التعاون والبحث عن السلمي الازدهار الكوني، في حين يظل التطور الجديد في العلاقات بين الأمم والشعوب القمين بالمتابعة، العصي على الفهم، والتفسير معا، هو تهديدات الرئيس الأمريكي التي يطلقها عبر القارات، بشكل مفرطـ، الى درجة أصبح معها التهديد، والتهديد المرفق بالحصار الاقتصادي، او الحرب، او هما معا، مؤسسة دولية كبرى لصدوره عن دولة عظمى، مثل الولايات المتحدة، المفروض أن تكون مصدرا لقيادة العالم وفق سياسات كبرى تميل الى واقع التعاون بدل الصراع، بدل الحلول محل منظمة الأمم المتحدة، ذلك لأن "مؤسسة ترامب للتهديدات العابرة للقارات "، تشير بكل بوضوح الى احتقار منظومة الأمم المتحدة وكل ترسانتها القانونية، وكل الجهود التي تبذلها الدول، المنظمات والشعوب بهدف النهوض بأوضاع الانسان على الأرض.
ترامب يهدد شعبه دائما بحالة الطوارئ واعلاق المؤسسات، وقبل شهرين هدد دولاند ترامب بأنه قد يغلق الحدود مع المكسيك أمام التجارة، إذا لم تمنع الأخيرة قوافل المهاجرين من الوصول إلى الولايات المتحدة، لافتا إلى أنه سيبقي الحدود مغلقة "لفترة طويلة". ترامب يهدد ويهين المملكة العربية السعودية بالزوال نهائيا دولة وشعبا اذا رفعت عنها الحماية الامريكية في بحر أسبوع واحد، وأكثر من ذلك يطالبها بكل صراحة بالاستمرار في الدفع بملايين الدولارات فقط، مقابل هذه الحماية حفاظا على حياتها. هكذا، بكل بساطة على نهج القراصنة القدامى، عندما يخيرون ضحاياهم برا بالتخلي، عن حمولة القافلة، أو بحرا بالتخلي عن حمولة السفينة، كفدية أو تقديم حياتهم مقابل ذلك.
ترامب يهدد الصين برسوم جمركية وبحصار اقتصادي غير مسبوق، ويقول لها بكل صراحة: الصين لن تصبحي قوة عظمى في عهدي أبدا، ويقول أنه سعيد بعقوباته على الصين، التي سوف تؤدي الى انكماش الصين اقتصاديا، تخلفها تكنولوجيا، وتعثر نموها الاقتصادي وتوقف ابتلاعها للسوق العالمي بما في ذلك السوق الأمريكي، مقابل حقيقة رغبته في حل معضلة العجز التجاري الامريكي مع الصين الذي لم يشهد له التاريخ مثيلا أبدا، والذي ارتفع شهر مارس الماضي ليصل الى إلى 50 مليار دولار، بدل الاستمرار في المفاوضات والتعاون وحل المنازعات التجارية وفق قواعد الدبلوماسية الاقتصادية. ترامب هدد تركيا بالحصار وتدمير اقتصاديا بسبب تفضيلها الطائرة الروسية اس 400، بدل المقاتلة الامريكية اف 35.
ترامب يهدد الرئيس نيكولاس مادورو في فنزويلا، بغزو بلاده عسكريا، ويهدد كوبا بحصار شامل، وعقوبات قاسية اضافية، إذا لم تتوقف عن دعمها لنظام الرئيس الفنزويلي "نيكولاس مادورو".
ترامب يهدد ويبخ عمدة لندن، صادق خان، في عقر دارة وبلده، وهدد رئيس المجلس العسكري السوداني بعقوبات اقتصادية، اذا لم يتخلى عن العنف. ترامب يهدد الجزائر بعقوبات اقتصادية قاسية بسبب صفقة اسلحة مع روسيا. وهدد حتى الشركات مثل سامسونج ويهدد دائما الصحفيين ويسخر منهم ويحتقرهم.
ترامب ومنذ اسقاط ايران لطائرة الدرون الامريكية صعد من تهديداته لإيران، ويعدها بالزوال والابادة. ترامب اذن يهدد في كل مكان ويتوعد في كل زاوية من زوايا الكرة الارضية، لكن سياساته التهديدية، لا تبرح اجراءات الحصار الاقتصادي والاستمرار في التهديدات اعلاميا. التهديدات الترامبية المؤسسية، نظرية جديدة في العلاقات الدولية، ومؤسسة كبرى تحرك العالم وترجه رجا، تجني من وراءها الولايات المتحدة الأمريكية المنافع الاقتصادية، دون أن تخسر شيئا، وتجعل رؤساء العالم وقادته، ودولهم يدفعون لصالح ماكينة الاقتصاد الامريكي، هكذا يحدث عندما يصل البزنس مان الى سدة الحكم، ويقوم بكل دقة بإعلان موت السياسة والدبلوماسية، لقد أنهى ترامب السياسة في العالم، وخلق معضلة كونية كبرى، وعلى دول العالم أن تقرر بين الاستمرار في لعبة الفيديو هذه، أو مواجهة هذا الواقع الجديد.
قديما، قبل أن تعم الفوضى العالم، وتحكم قبضتها على مستقبل الانسان والحيوان ومكونات البيئة على الارض، كانت النظريات والأفكار الكبرى تساعد كثيرا، أو على الأقل تبسط نوعا ما، على الاذهان أحداث التفاعل بين الدول، والشعوب واكراهات الصراع حول المصالح الوطنية عندما تتعارض، وعندها يتخذ صناع القرار سبلا واقعية لإيجاد طرق مبتكرة عند فض المنازعات. ومن قبيل تلك النظريات السياسية الحديث حول الحرب، التي أذكى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحديث عنها، والخوف منها عبر القارات مقولة المنظر العسكري البروسي الشهير كارن فون كلاوسفيتز الشهيرة حول الحرب : " ان الحرب هي استمرار للسياسية بطرق أخرى، وفسر أحد الشارحين لنظريات الحرب مقولة كلاوسفيتز بأن كل أمة لديها أهداف من قبيل الأمن والتقدم والازدهار، التي تسعى الى تحقيقها عبر الوسائل السياسية، لكن حين تقوم أمة ما، او قوة داخلية، بإعاقة انجازاتها عبر السياسة، تكون الحرب نتيجة طبيعة. فالحرب اذن ليست اطلاقا النصر في الميدان، أو غزو الأرض ببساطة، بل هي سعي الى هدف سياسي لا يمكن تحقيقه باي طريقة غير القوة.
خلاصة القول، وهنا أصل الى خطورة تهديدات ترامب العابرة للقارات، لقد أصبح من الواضح ان هدف ترامب من وراء ماكينة التهديدات المرعبة، هو تحقيق منافع اقتصادية واستراتيجية وتجاريا بشكل خاص، لتحريك عجلة الاقتصاد الأمريكي المتوفقة بسبب أزمته الاقتصادية الكبرى غير معلنة، ولا يريد من خلالها قصد اشعال الحروب فعلا، لكن هذه التهديدات سوف تؤدي حتما الى حرب كونية غير مقصودة لسبب قوي : ان دونالد ترامب يدير المصالح الامريكية وسياسة بلده الخارجية بمنطق الصفقة التجارية بمزاد علني، دون احتساب مخاطر صدام المصالح الوطنية للدول، وطموحات الشعوب، والمفاجئات. انتهى.
#أحمد_سالم_أعمر_حداد (هاشتاغ)
Ameur_Hadad_Ahmed_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ينعش محمد ولد الغزواني العلاقات المغربية - الموريتانية ؟
-
الولي الصالح سيدي عبد الرحمن التهالي يوحد قبائل الصحراء
-
العلاقات المغربية – الجزائرية وإعلام التحريض والفتنة
-
أوباما وروحاني متشابهان !
-
العلاقات المغربية – الجزائرية...رأي خارج السياق
-
حكومة الإسلاميين الثانية و مقولة الاستثناء المغربي؟
-
هل حلف قبيلة الرقيبات - حزب الاستقلال ضرورة سياسية ملحة؟
-
الربيع العربي يتعرى على الأرض السورية
-
الخدع السياسية تغير الشرق الأوسط إلى الأسوأ
-
الكويت في الزمن الاخواني ومستقبل الأنظمة الملكية العربية
-
ورقة بنموسى و جدار تدهور الثقة بين الصحراويين وأجهزة الدولة
-
عكاز محمد السادس...حكمة ملك يؤسس لملكية شعبية ومستقرة
-
وزير الخارجية الدكتور سعد الدين العثماني ورؤيته للعلاقات الم
...
-
كرامات - الولي الصالح - ألأممي كريستوفر روس؟
-
الأزمة السورية ومستقبل تركيا السياسي
-
تأثيرات التسلح الايراني على السياسة والأمن في الشرق الأوسط
-
الأزمة السياسية الكويتية والأمن الخليجي
-
المعارضة السياسية الكويتية وقرار المحكمة الدستورية حل مجلس ا
...
-
ضرورات اغتيال الربيع العربي...وعودة المثقف العربي إلى رشده
-
المملكة المغربية ومخاطر تدجين السلطة للصحافة الالكترونية
المزيد.....
-
بأكثر من 53 مليون دولار.. مرسيدس تعرض سيارة سباق نادرة للبيع
...
-
-مخطط لتهجير المواطنين-.. السلطة الفلسطينية تتهم إسرائيل بتو
...
-
دور الصحافة بمكافحة -التضليل الإعلامي- في سوريا.. مسؤول في م
...
-
مرتديا -ملابس الإحرام-.. أحمد الشرع يصل إلى جدة لأداء العمرة
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير مستودعات أسلحة لـ-حزب الله- في ج
...
-
هل يشهد لبنان أزمة مياه هذا العام؟
-
نتنياهو في واشنطن لعقد -اجتماع بالغ الأهمية- يبحث المرحلة ال
...
-
انفجار يستهدف مجمعا سكنيا فاخرا في موسكو ويوقع قتيلا وأربعة
...
-
هجوم من ماسك وترامب على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: -
...
-
أكثر من 200 هزة أرضية تضرب -إنستغرام-.. اليونان تغلق المدارس
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|