أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أيهم أسد - التعليم العالي أزمة سورية القادمة














المزيد.....

التعليم العالي أزمة سورية القادمة


أيهم أسد

الحوار المتمدن-العدد: 1544 - 2006 / 5 / 8 - 10:15
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


يتأسس التعليم في أي مجتمع بناء على منطق الحاجة إليه ووفق ما تقتضيه ضرورات التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وانطلاقاً من ذلك على التعليم أن لا يتناقض مع البنية الإنتاجية للاقتصاد، وأن يواكب الحراك الاقتصادي العام. وعدم التناقض ذلك يعبر عنه بوجود "سياسة تعليمية" تقرأ الوضع الاقتصادي المتغير والمتبدل وتستنتج حاجاته، وتلبي الطلب عليه بمخرجات تعليم مناسبة. ومن وجهة نظر اقتصادية بحتة، يقع على عاتق السياسة التعليمية الموازنة بين الطلب والعرض على التعليم وتقليل الاختلالات بينهما إلى الحدود الدنيا، وهذا ما يعبر عنه في أدبيات اقتصاد التعليم بمواءمة مخرجات العملية التعليمية لمتطلبات سوق العمل، دون أن تُهمل تلك الأدبيات الأخذ بعين الاعتبار كلفة التعليم والعوائد المتوقعة منه، إضافة إلى الأبعاد الاجتماعية والنفسية للعملية التعليمية.
إن أنواع التعليم العالي التي فرّخت في سورية الأعوام الماضية من تعليم مفتوح وموازٍ وخاص وافتراضي بالإضافة للتعليم العالي العام ستزيد من حيث المبدأ حجم الكتلة المعرفية المتداولة اجتماعياً، وتنتج أفراداً ذوي وعي عالٍ نسبياً لهم طموحاتهم وأهدافهم المستقبلية، وهؤلاء قد قبلوا بالتضحية المادية والزمنية لسنوات الدراسة على أمل أن يتم تعويضها لاحقاً من خلال دخولهم حلقات الإنتاج الاقتصادي المختلفة،كما ستنتج أنواع التعليم تلك أفراداً مراكمين لقدرات وطاقات عقلية ومعرفية وهم بحاجة إلى تفريغها في المجالات العملية والنظرية في عملية من إثبات الذات المعنوية والمادية. وبلغة أرقام شهر نيسان من هذا العام نقول إن عدد الطلاب المسجلين في التعليم المفتوح حتى الآن وصل إلى 87114 طالب، وأن عدد الطلاب المسجلين في التعليم الخاص وصل إلى 7 آلاف طالب وبالمجموع فإننا أمام 94117 طالب في نظامين جديدين من أنظمة التعليم التي لم يتجاوز عمرها أربع سنوات وهؤلاء يشكلون ما نسبته 38% من طلاب التعليم العالي العام البالغ عددهم 245 ألف طالب، كما أننا أمام عدد متوقع من الجامعات الخاصة قد يصل مجموعها إلى 43 جامعة في حال تم الموافقة على كل الطلبات المقدمة لإحداثها ( 8 جامعات محدثة ومفتتحة، 2 جامعة محدثة وغير مفتتحة، 18 حصلت على موافقة الإحداث، 15 تقدمت بطلب للإحداث ). هذا عدا عن أعداد الطلاب المسجلين في التعليم الموازي والافتراضي.
وباختصار ستنتج أنظمة التعليم الجديدة عشرات الآلاف من البشر المؤهلين نظرياً، لكن في الوقت نفسه لا يملك الاقتصاد السوري ببنيته الحالية وجهازه الإنتاجي الراهن قدرة على استيعاب تلك الأعداد الهائلة من "المتعلمين الجدد" والوافدين إلى سوق العمل، كما لا يملك بالوقت نفسه إستراتيجية مستقبلية تسمح بامتصاص أولئك الخريجين بسبب افتقاده إلى نموذج تنموي شامل، الأمر الذي يرشح بقاء القسم الأكبر من تلك النُّخب مقذوفة على هامش العملية الإنتاجية الفعلية ومقصّية عنها تماماً، وهنا يبدأ التناقض الاجتماعي، وتظهر المشكلة بين أشخاص تكلفوا مادياً وزمنياً لإعادة إنتاج ذواتهم وتطويرها وبين اقتصاد متخلف امتصهم مادياً من خلال تكاليف رسوم وأقساط التسجيل وثمن المناهج، وعجزَ عن استيعابهم في الدورة الاقتصادية. وسينظر هؤلاء الخريجون لعلاقتهم مع الاقتصاد على أنها علاقة حقوقية بالدرجة الأولى، فالاقتصاد الذي أجاز لنفسه حق سحب كتلة نقدية كبيرة منهم إزاء تعليمهم سيتهرّب من منحهم حق استرداد تلك الكتل المدفوعة عبر حرمانهم من حق العمل الناتج أساساً عن تخلفه وضعف هياكله الإنتاجية.
من حيث المبدأ لا يجوز حرمان أي شخص من حق التعليم مهما كان نوع ذلك التعليم، وبالتالي لابد من أن ينصب الإصلاح على الاقتصاد أولاً، وعلى السياسة التعليمية ثانياً، إذ لا يجب أن يُنظر للجامعات على أنها أكياس نقود تُفرغ في خزينة الدولة فقط، فالعمل يجب أن ينصب على جبهة الإنتاج من حيث إعادة بناء وتطوير الجهاز الإنتاجي ليستوعب الخريجين الجدد سنوياً، ويؤمن لهم فرص عمل حقيقية تحقق لهم توازناً مادياً واجتماعياً ونفسياً، فالحل ليس في منع الناس من حق التعليم بل في إصلاح الاقتصاد وتعميق تقسيم العمل فيه، والأزمة المؤسسة سلفاً بشكل عنق زجاجة بين مخرجات نظام التعليم وحاجة الاقتصاد ستصبح في المستقبل أكثر عمقاً وتجذراً بسبب الآلاف من الخريجين الجدد، وعلى المدى الطويل وإذا لم يُحل ذلك التناقض فإن هذه العملية تهدد بانهيار المنظومة الاجتماعية في سورية، فالسياستان الاقتصادية والتعليمية الآن وبهذه العقلية هما خطوط إنتاج راهنة في مصنع أزمة مستقبلية حيث النظام التعليمي نفسه الذي تعتبره الحكومة إنجازا قد ينقلب إلى مشكلة وعقدة سياسية واقتصادية كونه لا يشكل أكثر من فقاعة في جوف الاقتصاد قد تنفجر فيه ذات يوم.

مجلة المجتمع الاقتصادي. العدد الخامس. نيسان 2006



#أيهم_أسد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأخرت وتجاهلت جرح الاقتصاد النازف الخطة الخمسية العاشرة والف ...
- الإصلاح الاقتصادي... أو 340 ألف جامعي على قارعة الطريق
- التنمية بالتهميش الاجتماعي/ سوريا


المزيد.....




- انتعاش صناعة الفخار في غزة لتعويض نقص الأواني جراء حرب إسرائ ...
- مصر.. ارتفاع أرصدة الذهب بالبنك المركزي
- مصر.. توجيهات من السيسي بشأن محطة الضبعة النووية
- الموازنة المالية تخضع لتعديلات سياسية واقتصادية في جلسة البر ...
- شبح ترامب يهدد الاقتصاد الألماني ويعرضه لمخاطر تجارية
- فايننشال تايمز: الدولار القوي يضغط على ديون الأسواق الناشئة ...
- وزير الاقتصاد الايراني يشارك في مؤتمر الاستثمار العالمي بالس ...
- بلومبيرغ: ماليزيا تقدم نموذجا للصين لتحقيق نمو مستدام بنسبة ...
- توقف بطاقات مصرف -غازبروم بنك- عن العمل في الإمارات وتركيا و ...
- السعر كام النهاردة؟؟؟ تعرف على سعر الذهب فى العراق اليوم


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أيهم أسد - التعليم العالي أزمة سورية القادمة