أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - L’échec de l’autonomie interne – فشل الحكم الذاتي















المزيد.....


L’échec de l’autonomie interne – فشل الحكم الذاتي


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6262 - 2019 / 6 / 16 - 20:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بالرجوع الى مجلس الوزراء المنعقد برئاسة الملك محمد السادس يومه الخميس 06 / 03 / 2019 ، سنجد ان المجلس يتنكر لمغربية الصحراء ، ويقر بعدم سيادة المغرب عليها ، حين تأكيده على ان تجديد اتفاق الصيد البحري بين المغرب وبين الاتحاد الأوربي ، ينص بشكل صريح على انه " يضم المياه الإقليمية للصحراء الغربية " .
ان هذا الموقف الذي هللت له كثيرا جبهة البوليساريو ، ومعها الجزائر ، ليس بشيء جديد ، فعدم اعتراف النظام المغربي بالسيادة المغربية على الصحراء في المجلس الوزاري المذكور، هو تأكيد وبرهان على اعتراف النظام بالجمهورية الصحراوية في سنة 2016 ، قبل دخوله كعضو في الاتحاد الافريقي
فلو لم يعترف النظام بالقانون الأساسي للاتحاد الافريقي ، الذي يجبر اية دولة من خارج الاتحاد تريد الانضمام اليه ، اعترافها بالدول التي تكونه ، واعترافها بالحدود الموروثة عن الاستعمار ، ما كان له ان يحظى بعضوية الاتحاد ، فالاعتراف هو تحصيل حاصل لما سبق .
انّ مرد هذه المواقف ، انّ النظام في معالجته لنزاع الصحراء الغربية ، فهو كان يتخذ مواقف متناقضة ومتعارضة ، وإنّ بيْن كل موقف وموقف ، هناك تعارض وتباين في المواقف غير مفهوم ، ولعل السبب في ذلك ان النظام الذي أضاع فرصا كثيرة لحسم الصراع ، وفي أوقات كانت القضية لا تزال طرية ، تاه اليوم في رمال وشعاب الصحراء ، دون أفق مضبوط ، ودون خطة محكمة ، لتجاوز التطورات السلبية التي انعكست على القضية ، بما اثر عليها بشكل خطير .
فالنظام حين كان ينظر الى الصحراء ، فذلك لاستعمالها كدرع يقيه ، ويجنبه من مغبة السقوط ، أي استعملها للدفاع عن وجوده المهزوز في السبعينات ، ولم يستعملها كتاريخ ، وجغرافية ، وقوانين ، وشعب ...لخ والاّ كيف نفهم اقتسامها كغنيمة مع موريتانية في سنة 1975 بمقتضى اتفاقية مدريد ، حيث آل وادي الذهب الى موريتانيا ، وآلت الساقية الحمراء الى المغرب ، ثم كيف حين انسحبت نواكشوط من الوادي ، بفعل ضربات جبهة البوليساريو ، واعترفت بالجمهورية الصحراوية ، عاد النظام المغربي مجددا ليدخل الى وادي الذهب ، وليصبح بشكل مفاجئ مغربيا ، وسكانه مغاربة ، بعد ان كان قبل سنة 1979 موريتانيا ، وسكانه موريتانيين .
بل كيف نفسر تلويح النظام ، ومن مؤتمر منظمة الوحدة الافريقية المنحلة من نيروبي في سنة 1981 ، برفعه لشعار الاستفتاء وتقرير المصير ، المتعارض اطلاقا مع نص القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر 1975 ، الذي يعترف بمغربية الصحراء ، من خلال اعترافه بوجود علاقات قانونية مع الدولة العلوية ، واعترافه بوجود علاقات بيعة بين بعض القبائل الصحراوية ، وبين النظام المغربي ؟
والاشكال هنا ، أنّ القرار او الرأي الاستشاري للمحكمة ، لم يحدد عدد واسم القبائل التي بايعت النظام ، ولم يحدد اسم وعدد القبائل التي لم تبايع النظام اطلاقا .
كما انّ شكل القرار هذا ، لم يحدد المجال الجغرافي الذي تتواجد به القبائل المبايعة ، والمجال الجغرافي الذي كانت تتواجد به القبائل الغير المبايعة ، حيث ان السائد بالنسبة لكل المجال الصحراوي ، كان التنقل للقبائل بحثا عن الماء والكلأ ، ولم يكن الاستقرار ، وهذا ما يسبب في ارتباك وتداخل القبائل مع نص القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في سنة 1975 .
ان اتساع المجال الجغرافي للصحراء ، وتعداد النمط القبائلي ، والترحال ، يجعل بعض القبائل التي بايعت لتواجدها بمنطقة جغرافية معينة ، تصبح في اليوم الموالي من القبائل الغير المبايعة ، والعكس صحيح حيث سنجد ان القبائل التي لم تكن مبايعة بسبب تواجدها بمنطقة معينة ، بانتقالها الى مجال جغرافي ترابي معين ، تصبح من القبائل المبايعة ، وهذه الحقيقية التي تفعل فعلتها اليوم في تأبيد الصراع ، وديمومة النزاع ، هي ما يفسر تلكئ وتباطء المجتمع الدولي ، في حسم النزاع الذي يعد اقدم نزاع بالقارة الافريقية .
ان المواقف المتضاربة والمتناقضة للنظام المغربي عند معالجته لنزاع الصحراء الغربية ، هو ما جعل المنتظم الدولي يتحفظ في مسايرة النظام ، في اطروحته الغير المفهومة ، بالنسبة لمغربية الصحراء ، وما زاد واجج المواقف ، ان سيطرة النظام على الصحراء تشمل فقط الأراضي الداخلة في الجدار ، في حين سنجد ان الأراضي الخارجة عن الجدار تقع بيد جبهة البوليساريو ، وهذه الحقيقية المزعجة للنظام ، تجعله في موقع مرتبك ، امام التطورات التي تفرضها الوقائع والتحولات المفاجئة .
ان النظام عوض الحسم في الأراضي الخارجة عن الجدار ، يكتفي بالإدانة مرة ، أي يخفي رأسه في التراب حتى تمر الحملة ، ومرة يتشكى الى مجلس الامن الذي يملك تصورا مغايرا ، لتصورات النظام لمعالجة نزاع الصحراء الغربية .
فكم هي عدد الدول التي تعترف بالجمهورية الصحراوية ، وكم هي عدد الدول التي تعترف بجهة البوليساريو كممثل للشعب الصحراوي التزاما مع القرار 34/37 الصادر سنة 1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وكم عدد الدول التي تعترف بمغربية الصحراء ؟
ان من بين الحلول التي تقدم بها النظام لحل النزاع الذي عمر لأكثر من أربعة وأربعين سنة ، كان قبوله بحل الحكم الذاتي الى جانب الاستفتاء ، الذي تضمنه اتفاق الاطار الذي اعده وزير الخارجية الأمريكية الأسبق السيد جميس بكير ، قبل ان يرفضه مجددا عندما تجلت اخطاره المؤدية في نهاية الاطار الى الانفصال . وهنا عندما قبل النظام بالحكم الذاتي في اتفاق الاطار ، يكون بمن شكك في مغربية الصحراويين ، وليس هؤلاء من شكك في مغربيتهم ، وحين قبل بالاستفتاء ، يكون هو من شكك في مغربية الصحراء ، وليس الصحراء من شككت في مغربيتها ..
بعد فشل جميع الحلول التي دفع بها النظام في قضية الصحراء للحفاظ على وجوده ، سيخرج من جديد في سنة 2007 ، بحل اعتبره اقصى ما يمكن تقديمه ، وانه آخر تنازل له في نزاع الصحراء الغربية ، وهو ما سماه في حينه بحل الحكم الذاتي .
لكن هل حضي الحكم الذاتي بقبول المعنيين به ، وعلى رأسهم جماعة البوليساريو ، والجزائر ؟ وحل حضي بقبول مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة ؟
ثم هل حضي هذا الحل بتأييد المجتمع الدولي ، الذي تعتبره بعض الدول كحل جدي يستحق المناقشة ، لكنه لا يلغي الحل الأساسي الذي هو الاستفتاء وتقرير المصر المؤدي الى الانفصال ؟
الحكم الذاتي الذي طرحه النظام في سنة 2007 ، ولد ميتا ، بل انه مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به .
ان الحكم الذاتي كان مقبولا لو تم طرحه في سبعينات القرن الماضي ، وحتى النصف الأول من ثمانينات نفس القرن ، لكن ان يصل الصراع خاصة العسكري ذروته باعتقال اكثر من أربعة آلاف اسير حرب من الجيش المغربي ، واضطرار الحسن الثاني الى طلب تدخل مجاس الامن لإيقاف الحرب في سنة 1991 ، والشروع في تنظيم الاستفتاء في سنة 1992 او في سنو 1993 ، وان تعترف اوربة ، وامريكا ، ودول أمريكا الجنوبية ، والصين ، وروسيا ....لخ ، بجبهة البوليساريو ، ومنها من يعترف بالجمهورية الصحراوية ، وان تصبح الجهورية عضوا كامل العضوية بالاتحاد الافريقي ، وان تحضر لقاءات رسمية ، وسياسية ، ودبلوماسية ، مع اتحادات وازنة كالاتحاد الأوربي الذي ابطلت محكمته الاتفاقية التجارية والفلاحية ، واتفاقية الصيد البحري بخصوص سريان الاتفاقية على المناطق الصحراوية المتنازع عليها ، والتي لا تزال الأمم المتحد تبحث لها عن حل طبقا للمشروعية الدولية .... لخ ، فان مطلب الحكم الذاتي الذي تقدم به النظام المغربي في سنة 2007 ، اصبح عديم الجدوى ، خاصة وان الطرف المعني به يرفضه ، وخاصة وان كل قرارات مجلس الامن منذ 1975 ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 1960 ، لا تشير بالأصبع الى حل الحكم الذاتي ، ويركزان كل قراراتهما على فقط على حل الاستفتاء وتقرير المصير .
إذن لماذا فشل حل الحكم الذاتي رغم مرور اثنتا عشر سنة من اتخاذه ؟
أولا ان مفهوم النظام المغربي لحل الحكم الذاتي ، يختلف جذريا عن مفهوم القانون الدولي لهذا الحل الذي يجري تطبيقه طبقا للمساطر الأممية ، ودائما تحت اشراف مجلس الامن ، والأمم المتحدة . لذا فان مفهوم النظام للحكم الذاتي يبقى فريدا من نوعه ، مثلما ان الاستفتاء الذي طالب به في سنة 1981 من نيروبي ، كان مفاجئا وفريدا من نوعه ، عندما سمع القانونيون الدوليون لأول مرة بشيء يسمى ب " الاستفتاء التأكيدي " الغير موجود في القانون الدولي .
ان هذه الضبابية في تحديد مفهوم الاستفتاء ، ترجع الى ان هذا المفهوم ، رغم انه كثير التداول في اللغة القانونية والسياسية ، الاّ انه قليل الوضوح والتحديد على الصعيد النظري والقانوني ، وهو الامر الذي يجعل من الاتفاق على تعريف بعض جوانبه ، والاجماع حول بعض عناصره ، مشكلة حقيقية يقر بها تقريبا معظم الباحثين .
ان هذا التباين في الفهم ، ترتبت عنه عددا من النتائج الخاصة بهذا المفهوم ، فبداية ، ليس ثمة نموذج نظري للحكم الذاتي في الزمان والمكان ، أي يتلاءم وتطبيقاته في اطر مختلفة ، وسياقات متباينة ، كما ان غياب الاتفاق حول تعريف مستقر للمفهوم ، يجعل منه عرضة لتفسيرات شتى ،وقراءات متباينة ، للمشكلات التي يُطرح المفهوم لمعالجتها من قبل الأطراف المعنية بتطبيقه .
ان هذه التفسيرات ، تسند دائما الى علاقات القوى في الموقف الراهن ، الذي تطرح في اطاره صيغة الحكم الذاتي لمعالجة المشكلات القائمة ، وحقائق القوة والضعف في مواقف الفرقاء المتنازعين . ومن البديهي ان ذلك يجعل من هذه التفسيرات والرؤى منفذا للاجتهادات الشخصية ، والمصالح الترابية ، والسياسية ، والأيديولوجية ، حيث تختفي الضوابط النظرية ، والقانونية المتفق عليها في العلاقات الدولية ، وكافة الاشكال التنظيمية والقانونية المستقرة لمعالجة الخلافات وتنوع التفسيرات .
إذن ماهي ابعاد تصور النظام للحكم الذاتي الذي اقترحه في سنة 2007 ؟ :
أولا – الحكم الذاتي للسكان وليس للأرض او الأقاليم المتنازع عليها :
قلنا في بداية دراستنا ، انّ مفهوم الحكم الذاتي في سياسة النظام المغربي ، هو مفهوم خاص ، لا علاقة له بمفهوم القانون الدولي ، ولا بالعلاقات الدولية له . انه مفهوم يبني كل تكتيكاته على المناورة الهادفة الى السيطرة ، واستمرارية سلطة النظام على الصحراء ، بسبب ثرواتها من فوسفاط ، واسماك ، ومعادن مختلفة ، وموقع استراتيجي يشكل اكبر امتداد ترابي وبشري للقارة الافريقية .. وليس بسبب السكان الذين يشكلون ضائقة للنظام ، بسبب رفضهم للدكتاتورية وللاستبداد . فالصحراويون يعرفون مسبقا ان النظام عند حسم نزاع الصحراء ، سيجري عليهم ما جرى على أعضاء المقاومة وجيش التحرير ، وسيسري عليهم ما يسري اليوم على الشعب المغربي المحروم من ثروته ، من فسفاط ، وذهب ، واسماك ، وفضة .... لخ .
لذا فالحكم الذاتي يمنح وفقا لتصور النظام الاستبدادي ، الدكتاتوري ، البطريركي الابوي للسكان ، وليس للأراضي التي يقيمون عليها ، حيث يعتبر القصر الملكي ان هذه الأراضي هي جزء من الدولة العلوية ، بل هي مناطق محررة من القبضة الاستعمارية الاسبانية التي كانت تخطط لتنظيم استفتاء مصطنع ، ومتحكم فيه ، لإنشاء دُويْلة تكون تابعة لإسبانية ، بيافطة تحررية مشوهة .
لذا فمفهوم النظام للحكم الذاتي هنا ، ينصب على السكان الذين لا يثق فيهم ، ولا ينصب على الأرض وثرواتها التي تبقى ملكا له ، ما دام التحكم في المصادر والمخارج ، يحفظ وجود النظام ، ويحميه من السقوط ، وخاصة وان الصحراء برمالها وكثبانها المتموجة ، كانت سببا في سقوط امبراطوريات ، كما كانت سببا في مجيئ أخرى ...
ثانيا – الحكم الذاتي له صلاحيات إدارية وليست تشريعية ،او سياسية :
رغم ان النظام يتفادى التكلم عن مفهومه للحكم الذاتي ، ويواصل التضبيب والتعتيم ، حتى لا ينكشف حقيقية مخططه ، وحقيقة نوع الحكم الذاتي الذي يخطط لبنائه في الصحراء ، والذي يتعارض مع ديمقراطية الحكم الذاتي الحقيقية ، وهو المخطط الغير المفهوم ، والمتعارض مع المفهوم الاممي للحكم الذاتي ، كما يحدد ذلك القانون الدولي ، والعلاقات الدولية ، وميثاق الأمم المتحدة الذي يتجاوز هذا المفهوم الى حل الاستفتاء وتقرير المصير ، فان الصلاحيات التي ينبغي لسطلة الحكم الذاتي ممارستها ، تقتصر وفقا لتصور النظام البطريركي ، على الصلاحيات الإدارية فقط ، للحيلولة دون تطور سلطة الحكم الذاتي ، فيما لو مارست صلاحيات تشريعية حقيقية ، وسياسية مستقلة عن المركز بالعاصمة الرباط .
وبالرجوع الى مختلف الخراجات البهلوانية التي طرحها النظام الاستبدادي المغربي ، للتسويق بضبابية لنوع حله للحكم الذاتي ، فبالرغم من تفويضه إدارة الحكم الذاتي المقبلة ، الاختصاص الاقتصادي ، وفرض الضرائب المختلفة ، فانه حضر عليها اصدار العملة ، والنقود ، والطوابع ، او انشاء بنك مركزي ، او تجديد رسوم الجمارك ، وسياسة الصادرات والواردات ، والتحكم في ثروة الفوسفاط ، والاسماك ، والتمثيل الدبلوماسي بين سلطة الحكم الذاتي وبين غيرها من الدول ، إضافة الى الحرمان من انشاء وزارة للخارجية ، وإصدار جوازات السفر ، إضافة الى السلطة الدينية التي ستتحكم فيها " امارة امير المؤمنين " ، فكل ما يخص السلطة الدينية ، من صلاة ، وصوم ، ومذهب مالكي .... يعود الاختصاص والتحكم فيه الى الملك ، وليس الى سلطة الحكم الذاتي التي سيضغط لتكون هيئتها تابعة كسكان للنظام الاوثوقراطي ، وليس الأرض التي تعتبر ملكا للنظام ، لان هذا هنا يميز بين الأرض ، وبين ساكنيها ، ولا يخلط بينهما ، وخاصة مع تدفق آلاف المغاربة لتوطين الصحراء ، وفرض الامر الواقع الذي سيربك اية محاولة قد تقود الى الانفصال ، او قد تقوم الى حكم ذاتي حقيقي يمكن الصحراويين لوحدهم دون غيرهم من ثروات الصحراء المختلفة ..
والسؤال : هل مفهوم النظام للحكم الذاتي سيسمح للصحراويين بكتابة دستورهم الذي يحدد شكل الحكم ، وشكل المؤسسات ، وشكل الاختصاصات والسلطات الممنوحة للأجهزة المختلفة التي تتكون منها منطقة الحكم الذاتي ؟ وهل من حق سلطات الحكم الذاتي اصدار دستور يربط المسؤولية بالمحاسبة ، وهو ما سيشكل احراجا ليس لدستور النظام المغربي ، بل سيشكل احراجا لكل النظام ؟
ثالثا – الحكم الذاتي يتولاه ممثلو السكان ، وليس ممثلو الجبهة :
من خلال تتبع وتحليل كل التطورات التي حصلت إمّا متعمدة ، او فرضها الامر الواقع ، او سقطت فجأة ليتفاجئ بها الجميع ، كاعتراف النظام بالجمهورية الصحراوية ، وتأكيد المجلس الوزاري الأخير بعدم مغربية الصحراء ، فان الهدف من هذا المحور الثالث ، يرتبط بجوهر سياسة النظام من خلال مواقفه المتناقضة منذ سنة 1975 ، والهدف من اللعبة هو التجاهل التام لجبهة البوليساريو ، لإسقاط اعتراف الأمم المتحدة بها بمقتضى القرار 34/37 الذي صوتت عليه في سنة 1979 الذي يعتبر الجبهة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي ،وفي نفس الوقت اسقاط الجمهورية الصحراوية ككيان تعترف به العديد من الدول ، وهي عضو كامل العضوية بالاتحاد الافريقي .
في هذا الباب ، وإذا نجح النظام في تمرير مفهومه الخاص للحكم الذاتي ، فانه سيصبح في متناوله ، وبفعل الأموال الطائلة التي سيكبها بالمنطقة المتنازع عليها لخلط الأوراق ، متحكما في جعل انتخابات هيئة إدارة الحكم الذاتي ، متحكما فيها من قبل عناصر النظام المبثوثة بمختلف المواقع ، وليس بفعل علاقة السكان بالجبهة ، التي ستجد نفسها متجاوزة ، تابعة ، لاهثة ، وراء ما يعتمل من تطورات ، دون ان تستطيع مواكبتها ، فأحرى التأثير فيها .
وبنجاح النظام في القضاء على الجبهة كممثل للصحراويين ، ستصبح إدارة الحكم الذاتي مغربية ، وجزء من النظام المغربي ، ومع استمرار بعض السنوات ، وبفعل سياسة التذويب ، وبفعل السيطرة على العقلية ، قد يقدم اقتراح يصوت عليه الصحراويون ، وسلطة الحكم الذاتي الملكية ، لإنهاء شيء كان يسمى بدولة الحكم الذاتي ، والعودة الى الاندماج المباشر مع الدولة ، كمختلف الأقاليم والعملات ، والجهات التي يتكون منها النظام السياسي المغربي .
والمخطط قد يتطلب تضافر الجهود لبعض السنين ، ومع مرور الوقت ستنتصر امارة امير المؤمنين ، حامي حمى الملة والدين ، والساهر على الذود ، والحفاظ على رعاياه المؤمنين لا المواطنين .
رابعا – الحكم الذاتي وضع نهائي للمناطق ، ولا يتطور لدولة صحراوية :
ان مفهوم النظام المغربي للحكم الذاتي ، يجعل من البعد المنطقي للمقدمات ، والعناصر ، او المحاور المعالجة أعلاه ، تطورا حسب فهمه لطبيعة نوع الحكم الذي يخطط له ، والذي اضحى مفضوحا من قبل المخاطبين الرئيسين بسلطات الحكم الذاتي ، أي الجبهة التي تتمسك بالجمهورية الصحراوية ، وفي تناقض صارخ تلوح وتتمسك بحل الاستفتاء الذي يتناقض أصلا مع الجمهورية المعلن عنها في سنة 1976 ، كما انه مرفوض من قبل النظام الجزائري عراب الجبهة ، ومؤسس الجمهورية ، ومرفوض بمقتضى القرارات التي يتخذها مجلس الامن ، وتتخذها الجمعية العامة للأمم المتحدة ، حيث ينص التقريران فقط على الاستفتاء ، دون إشارة ولو خجولة لحل الحكم الذاتي الذي طرحه النظام المغربي في سنة 2007 .
ان استمرارية وحق سيادة النظام على مناطق الحكم الذاتي ، يدعمه من ناحية نزوح آلاف المغاربة من كل المغرب لتعمير الصحراء ، وفرض كثافة سكانية تعرقل اي عملية لإضعاف سلطة النظام في الصحراء ، كما يدعمه نزع أي صلاحيات من إدارة الحكم الذاتي ذات طابع سيادي ، او امني ، او عسكري ، كما يدعمه من ناحية أخرى ، مستوى علاقات القوى بين الصحراويين كرعايا ، يخضعون لنظام البيعة من الناحية الدينية ، والدولة الممثلة للإمارة المجسدة للبيعة السنوية ، ضمن الطقوس المرعية التي تمدد سلطات ( الملك ) الأمير ، والامام ، والراعي على كل الصحراء كجزء لا يتجزأ من الدولة العلوية ..
ان اية معالجة لسلطات الحكم الذاتي من زاوية الإمامة ، كما كان الامر قبل واثناء احتلال اسبانينا للأراضي الصحراوية ، وهي السلطة الدينية التي اقرتها محكمة العدل الدولية بمقتضى القرار الاستشاري في 16 أكتوبر 1975 ، يجعل نفود السلطة المركزية من عاصمة الدولة ، تعلو على سلطات الحكم الذاتي المرتبة ضمن التراتبية التي تُكون كل المغرب ، والاصل من هكذا سلطة الهية نافدة ، هو الاحتفاظ بسلطات الحكم الذاتي المحددة والمُمْلاة من قبل النظام ، ومن ثم النجاح في الحيلولة دون وصول سلطات الحكم الذاتي الى دُويْلة في شكل كنفدرالية او فدرالية .
وفي هذا الاطار ، وللحفاظ على السيطرة التامة على كل المغرب ، وليس فقط على الصحراء ، فان مصدر كل سلطات الحكم الذاتي ، يكون النظام السياسي المغربي ، والرعايا الصحراويين المرتبطين به ، وليس جبهة البوليساريو ، او الجمهورية الصحراوية ، اللّذان سيتم القضاء عليهما بالكامل .
إذن ، في صراع الصحراء ، هناك ارادتين تتحاربان . من جهة النظام المغربي كنظام اثوقراطي يستمد سلطاته من الدين ، الذي يؤثر به ، ويكبل به كل المغاربة صحراويين او غير صحراويين ، ومن جهة جبهة البوليسرايو ، ومعها النظام الجزائري ، اللّذان بفعل مرور الوقت ، فقدا كل بوصلة تؤدي الى تحقيق وخدمة اطروحتهما .
النظام المغربي لا يزال يتشبث بحل الحكم الذاتي ، لكن طبقا لمفهومه الخاص لهذا الحل ، وهو حل مرفوض لتعارضه مع المفهوم الاممي للحكم الذاتي ، ومن ثم وبعد كل التطورات الحاصلة ، اصبح هذا الحل عديم الجدوى ومتجاوز ، كما انه مرفوض من قبل الجبهة ، ومن قبل الجزائر ، كما ان مجلس الامن والجمعية العامة ، لا يشيران اليه في قراراتهما السنوية ، كحل وحيد لفض نزاع غير مستعصي على الحل .
والجبهة والجزائر تتمسكان بالاستفتاء كحل وحيد اوحد ، وهو حل اصبح بدوره عديم الجدوى ، ومرفوض سواء من قبل النظام المغربي ، او بعد انشاء الجمهورية الصحراوية ، العضو بالاتحاد الافريقي ، والمعترف بها من قبل العديد من الدول ، من بينها النظام المغربي .
وهنا ، إذا كانت الجمهورية الصحراوية موجودة ككيان ، فما الفائدة والجدوى من الاستفتاء وتقرير المصير ؟ هل الامر يتعلق بإنشاء جمهورية جديدة ، على انقاض الجمهورية الحالية ؟ ام ان الامر يتعلق بتصحيح لوضع غير طبيعي لجمهورية انشأها الهواري بومدين ، ومعمر القدافي ، ولم ينشئها الصحراوين ، ولا استفتوا عليها ، او قرروا مصيرهم بشأنها ؟
والسؤال : ما العمل امام موت حل الحكم الذاتي ، وامام فشل الاستفتاء ، وفشل تقرير الصحراويين لمصيرهم ؟
هل سيستمر الوضع على ما هو عليه أربعة وأربعين سنة قادمة ؟
فأمام فشل جميع الحلول ، فان الحل القادم والذي لن يتعدى أكتوبر 2020 ، يبقى العودة للغة السلاح . وهو حل تتوق له كل دول مجلس الامن ، للتسبب في دمار المنطقة ، وبعدها سينزل مجلس الامن بكل ثقله لتنفيذ مخطط التقسيم المحضر ، والذي حتما سيتسبب في تغيير الأنظمة ، وتغيير الجغرافية ، وتغيير الاثنية والقبيلة ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في أسباب هزيمة يونيو 1967
- بعض ( المعارضة ) تنهش لحم الامير هشام بن بعدالله العلوي
- لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية
- La visite du conseiller principal du président Donald Trump ...
- شروط الإمام المفتي في السعودية
- عصر الشعوب / Le temps des peuples
- خلفيات استقالت هرست كوهلر المبعوث الشخصي للامين العام للامم ...
- 10 مايو 1973 / 10 مايو 2019 / تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير ال ...
- جبهة البوليساريو ومحكمة العدل الاوربية
- الرئيس دونالد ترامب -- حماس -- قطر -- تركيا : Le président D ...
- تحليل قرار مجلس الامن 2468 بخصوص نزاع الصحراء الغربية
- ضابط سلاح الجو سابقا مصطفى اديب ، والامير هشام بن عبدالله ال ...
- مسيرة الرباط الثانية
- الحركة النقابية المغربية
- الجيش
- تأكيد الاحكام في حق معتقلي حراك الريف وفي حق الصحافي حميد ال ...
- تصريح الامين العام للامم المتحدة حول نزاع الصحراء الغربية
- لماذا يجب مقاطعة الانتخابات ؟
- تقرير المصير
- هل المغرب فعلا مقبل على هزّة شعبية ؟


المزيد.....




- -يسيء لعائلتنا مقابل المال-.. رغد صدام حسين تتوعد شخصا بالحس ...
- السعودية وقطر تعلنان موقفهما من قطع إسرائيل الكهرباء عن قطاع ...
- نيسان تختبر سيارتها ذاتية القيادة في شوارع يوكوهاما باستخدام ...
- نرجس محمدي: إيران تشهد تغييرا والنظام يواجه مقاومة متواصلة
- السعودية تدين قطع الكهرباء عن غزة وتدعو لمحاسبة إسرائيل
- محكمة أمريكية تلزم وزارة DOGE بنشر تقاريرها الداخلية
- بخلاف الجزر.. خبراء يكشفون عن وجبة خفيفة ولذيذة تعزز صحة الع ...
- روبيو يعلق على لقائه مع بن سلمان في جدة
- جنود إسرائيليون يدخلون إلى بلدة في جنوب لبنان
- زاخاروفا تربط هجوم الدرونات الأوكرانية بزيارة وفد أوروبي رفي ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - L’échec de l’autonomie interne – فشل الحكم الذاتي