أمس ، وهو الثلاثون من آذار ( مارس ) ، كان يوماً في منتهى الغرابة ، ليس لأنه اليوم العاشر من الحرب ، بل لأني استقبلتُ فيه ، بمنزلي الريفي ، قوماً عجيبين حدّ التوهم أنهم جاؤوا من كوكبٍ آخر :
كانوا فريقاً فنياً متكاملاً ، مكلّفين من " بيت الشعر " الأميركي في نيويورك ، بتصوير نهارٍ من حياتي في منتبَـذي بالريف الإنجليزي .
قرأت قصائد بالعربية والإنجليزية ( الإنجليزية أكثر ) ، وتوجهتُ برسالةٍ إلى زملائي الشعراء الأميركيين الذين يواصلون حملةً ، أكثر من الشعراء العراقيين ، ضد الحرب .
هؤلاء الشعراء الأميركيون يفتتحون اجتماعاتهم وتجمعاتهم وتظاهراتهم بقصيدتي America , America ، مرتّـلةً أو مغنّاةً مع القيثار ، بينما ينهال عليّ ، هنا ، كتَـبةُ الـC.I.A العراقيون بالشتائم. مفارقةٌ للتاريخ !
اكتملَ العملُ الفني ، ولسوف يرسَـل إلى " بيت الشعر " في نيويورك ، ليعرَضَ في التظاهرة الشعرية هناك بين العاشر والرابع عشر من شهر نيسان ( أبريل ) الجاري . تظاهرة ضد الحرب .
أردتُ أن أقول تلك القولةَ البدَهيّـةَ أكثر من اللازم ، وهي أن الشعراء ينبغي أن يسمعوا صوت الشعر ، ليؤسسوا عليه .
منذ والت ويتمان انفصلَ الشاعرُ الأميركي عن الإدارة وأولوياتها .
إن أميركا قارةٌ ، لا إدارةٌ .
المُـشْـكِـلُ في كتبة الـC.I.A من أصحابنا أنهم اختاروا الإدارةَ ، لا القارة َ ؛ الجنرال لا الشاعر !
هنيئاً لهم إذاً ...
لندن 31 / 3 / 2003