سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1542 - 2006 / 5 / 6 - 09:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من كثرة الحديث عن »الخصخصة«، ومن فرط الترويج لها وتبوئها لدي البعض مكانة »العقيدة« تصور الكثيرون ان مصطلح »التأميم« قد اصبح في ذمة التاريخ، او بات في عداد »الحفريات« او الديناصورات المنقرضة.
لكن الرئيس البوليفي ايفو موراليس فاجأ العالم بالسباحة ضد التيار والتغريد خارج السرب، واعادة الحياة الي سياسة التأميم، حيث اصدر - في عيد العمال - قرارا بتأميم قطاع البترول والغاز قائلا :ان الوقت قد حان.. انه اليوم المنتظر.. يوم تاريخي تسترد فيه بوليفيا السيطرة المطلقة علي مصادرها الطبيعية«.
ومنح الرئيس موراليس شركات البترول الاجنبية العاملة في البلاد مهلة مدتها ستة اشهر لتسوية اوضاعها عبر عقود استغلال جديدة تحت شعار »المساواة والعدل« اما الشركات التي ستخفق في توفيق اوضاعها فانها ستجرد من امتيازات العمل في بوليفيا.
ومن المعروف ان حوالي 26 شركة اجنبية تعمل في بوليفيا، بينها ريبسول الاسبانية وتوتال الفرنسية واكسون الامريكية وبريتش جاز البريطانية وبتروبراس البرازيلية.
ومن المعروف ايضا ان بوليفيا تملك ثاني احتياطي من الغاز بأمريكا الجنوبية بعد فنزويلا.
ورغم ان العالم الخارجي، وبالذات الولايات المتحدة، ابدت دهشتها من قرار تأميم البترول البوليفي، فانه لم يكن قرارا مفاجئا لان موراليس قد تم انتخابه رئيسا للبلاد في ديسمبر الماضي علي اساس برنامج تعهد فيه بتأميم البترول وتخصيص حصة كبيرة من عائدات بوليفيا من موارد وطاقة لمكافحة الفقر.
وليس تأميم البترول هو خاتمة المطاف، لان نفس البرنامج الانتخابي لموراليس تضمن تعهدا بتأميم قطاعات المناجم والغابات.
إذن.. المفاجأة غير واردة، فالرجل قد صدق وعده، ويقوم بتنفيذ برنامجه الانتخابي بأمانة.
اما التحديات وردود الافعال التي سيفجرها هذا القرار اقليميا ودوليا.. وقدرة موراليس، هذا الهندي الاحمر المتمرد، علي مواجهتها.. فهي ما ستتكفل الايام بالحكم عليه.. كما ستتكفل بالحكم علي مدي فاعلية »البديل البولايفاري للامريكتين« الذي هو تحالف يضم بوليفيا وكوبا وفنزويلا.
وهذا »البديل«، الذي يستهلم اسمه من اسم الزعيم الاسطوري سيمون بوليفار محرر امريكا اللاتينية التاريخي، يستند الي اتفاقية للتكامل السياسي والاجتماعي والاقتصادي تمثل بديلا لمساعي واشنطن لاقامة منطقة تجارة حرة بالامريكتين.
وبهذا المعني فان قرار الهندي الاحمر المتمرد موراليس يتعدي الحدود الوطنية ويصل الي افاق مناطحة امريكا ابلرأس.. في عصر تصور فيه البعض ان امريكا لها حقوق السمع والطاعة من العالم بأسره.. ففوجئت بالتمرد يأتيها من فنائها الخلفي.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟