أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جدعون ليفي - -صرخة من غزة-















المزيد.....

-صرخة من غزة-


جدعون ليفي

الحوار المتمدن-العدد: 6255 - 2019 / 6 / 9 - 11:02
المحور: القضية الفلسطينية
    



يوم الاحد 5 أيار الساعة 16:40 بعد الظهر رن الهاتف المحمول في منزل خميس زايدة وايقظه من النوم. الرقم المتصل كان مخفي، الصوت الآخر على الخط سأل: هل أتحدث مع خميس زايدة؟ أنت تتحدث مع الشباك الاسرائيلي، امام بيتك توجد مدرسة، هل يوجد أحد في المدرسة في هذه الاثناء؟ زايدة اجاب بأنه في هذا الوقت لا يوجد احد في المدرسة. وفي نفس ذاك اليوم، اليوم الاول من شهر رمضان، لم تكن دراسة في غزة بسبب القصف الاسرائيلي.

رجل الشباك واصل: "أعطيك خمس دقائق كي تبلغ ابناء عائلتك وكل الناس في المبنى الذي تعيش فيه بالخروج. يجب علينا تفجير المبنى بعد خمس دقائق". زايدة حاول الاحتجاج – لا يمكن اخلاء مبنى مكون من سبعة طوابق ولا يوجد فيه مصعد وتعيش فيه 15 عائلة تشمل مسنين واطفال في خمس دقائق. رجل الشباك قال: "هذا لا يهمني، لديكم خمس دقائق".

هكذا بدأت الدقائق الخمسة الاكثر جنونا في حياة خميس، وبعد ذلك تم تدمير منزله وحياته. منذ ذلك الحين هو يعيش في عريشة تحت قبة السماء مع زوجتيه و12 ولد، الصغير عمره 4 سنوات. قصف سلاح الجو لم يبق حجر على حجر، والمبنى السكني انهار خلال ثوان مطلق غيمة من الغبار. هذا كان اليوم الاخير لجولة القتال الاخيرة في غزة وفي غلاف غزة. والجيش اراد كالعادة انهاءها بعملية مدوية من قصف مبنى سكني. زايدة لم ينجح في انقاذ شيء. شقته كانت ملكه. ومن اجل شرائها عمل طوال سنوات في كهرباء السيارات في كراج "ايغد" في حولون. لم يبق أي شيء، ولا حتى الملابس.

هو إبن 54 سنة، يعمل في فحص السيارات من قبل السلطة الفلسطينية، وعمل في كهرباء السيارات سابقا في "ايغد". والذي يوقظ مجددا عبريته القديمة من السبات. هو قال إنه كان يقرأ كتالوجات الحافلات بالعبرية. في الاعوام 1987 – 1993 عمل في شركة ايغد في حولون. تلك كانت ايام جيدة، قال.

الى المحادثة المطولة بالسكايب التي اجريناها في الاسبوع الماضي انضمت زوجته الثانية دنيا ظاهر (42 سنة). زوجته الاولى فتحية (45 سنة) هي من اقرباء صائب عريقات، تعيش ايضا معهم مع اولادها. "الجميع يعيشون في نفس المبنى الذي قصفته الطائرات"، قال.

المنزل يوجد في حي تل الهوى في غزة. الشقة اشتراها قبل عشر سنوات بأموال توفيرات عمله. قبل سنتين انتهى من دفع الاقساط. في السنوات الثلاثة الاخيرة يكسب فقط على ألف شيكل في الشهر. بعد خفض الرواتب في غزة الى النصف. كابن لعائلة لاجئين من يافا هو يحصل على مساعدة غذائية من الاونروا.

كانت توجد خمس غرف في الشقة التي توجد في الطابق الاول. في الطابق الثاني كان مكتب لجمعية مساعدة للجهاد الاسلامي، التي بسببها فجر سلاح الجو المبنى. حسب اقواله، كل يوم بين التاسعة والثانية عشرة كانت تأتي الى هناك عائلات محتاجة وتتلقى المساعدة. في باقي ساعات اليوم لم يتواجد احد ولم تكن فيه أي نشاطات اخرى. اثناء القصف ايضا لم يكن احد، باقي شقق المبنى كانت تستخدم للسكن.

في عملية "الجرف الصامد" اصيب المبنى باضرار بعد اطلاق صاروخ تحذيري عليه. الساكنون سارعوا لاخلائه وبعد ذلك قامت طائرة مروحية برش المبنى بطلقات مدفع رشاش. بعد بضعة ايام عادوا الى المبنى. وقد انهوا اصلاح الاضرار فقط قبل سنة. ولكن يوم الاحد، 5 أيار، في الساعة 16:30 كل شيء كان يسير على ما يرام، لكن بعد ذلك "كل شيء انتهى".

في الصباح ذهب مع زوجته للتسوق قبل بداية الصوم. الساعة 15:30 عادوا وذهبوا الى القيلولة. الساعة 16:40 رن الهاتف وبعد أن اوضح له عميل الشباك بأنه ليس معه أكثر من خمس دقائق، بدأ في الصراخ على زوجتيه واولاده من اجل الاسراع والنزول الى اسفل، في الوقت الذي كان فيه ابنه عامر (20 سنة) يصعد بسرعة الى اعلى المبنى وبدأ ينتقل من طابق الى آخر ويطرق على الابواب ويطلب من السكان الاخلاء على الفور.

زوجته تضرب كفيها والزوج يواصل وصف حالة الذعر زمن الاخلاء. "الجميع بدأوا يصرخون ويبكون، واثناء ذلك صرخت في بيت الدرج على كل السكان كي ينزلوا. بعد خمس دقائق سيقصفون المبنى. امرأة (30 سنة) تجمدت ولم تنجح في التحرك من الخوف. إبني حملها على ظهره ونزل بها على الدرج. النساء اللواتي كان يجب أن يغطين رؤوسهن قبل الخروج نزلن بدون غطاء الرأس، نحن خرجنا حفاة ولم نتمكن من العثور على الاحذية. شيوخ واطفال تراكضوا، هذا ما حدث في الدقائق الخمسة التي منحتنا إياها السلطات الاسرائيلية. كانت هستيريا، حتى الآن ما زلنا في هستيريا. حتى الآن بعد شهر كل الاشخاص الذين كانوا في المبنى يعيشون في خوف مما حدث لنا في الدقائق الخمسة. هل تعرف ماذا يعني اخلاء مبنى في خمس دقائق؟

"في النهاية أنا ايضا نزلت، كان عندنا حفل زواج لعامر قبل شهر من التفجير، عندها اخذت البدلة الجديدة التي اشتريتها. خلاف ذلك لم اتمكن من اخذ شيء، لا وثائق ولا اموال ولا شيء. ايضا الاطفال لم يأخذوا أي شيء، نزلوا حفاة في الدقائق الخمسة هذه. هل تعرف ماذا فعلوا بنا؟ جنون، حتى الآن ما زال موجودا، حتى هذه اللحظة التي اتحدث فيها معك ما زلت خائفا".



مثل المتسولين



"سنوات كثيرة عملت في اسرائيل من اجل شراء هذا البيت. في ايام الاضراب في الانتفاضة الاولى كنت اذهب سيرا على الاقدام الى حاجز ايرز حتى لا أخسر يوم عمل. الساعة الثالثة فجرا كنت اخرج من البيت واعود في السادسة مساء. احرقت حياتي في اسرائيل من اجل شراء هذا البيت. والآن خسرت ليس فقط البيت بل خسرت حياتي. حياة بناتي خسرتها. في عمري كيف سأشتري بيت آخر؟ السروال والقميص اللذان ارتديهما اعطياني اياهما اشخاص آخرين. شخص اعطاني الملابس الداخلية وآخر اعطاني الحذاء. الاطفال يستيقظون في الليل ويقولون نريد العودة الى البيت، العودة الى الكتب. وأنا اقول لهم: اين ستذهبون، لا يوجد لنا بيت".

"حكومتكم وجيشكم، كيف يفعلون هذا الشيء؟ ألا يعرفون أننا مدنيين؟ ألا يعرفون؟ لا أتحدث فقط عن نفسي. هناك اشخاص لم ينهوا بعد دفع اقساط الشقة. لو قاموا بالقصف ونحن في البيت لكان اسهل علينا من الخمس دقائق هذه. لو كنا متنا لكان أكثر راحة لنا".

صوته حبس. ايضا مكالمة السكايب فصلت لبضع دقائق. هذه المحادثة استطعنا اجراءها بفضل النشاط المخلص لباحثي بيتسيلم في غزة، ألفت الكرد وخالد عزايزة. الهرب المذعور لسكان المبنى استمر بضع دقائق، طويلة مثل الأبد. كل من نزل الى الشارع سارع الى الابتعاد عن المبنى راكضا. عندها مرة اخرى اتصل عميل الشباك للتأكد من اخلاء المبنى من كل السكان. لقد وقفوا مذهولين في الشارع وشاهدوا امام ناظريهم شققهم تقصف من قبل طائرات الجيش الاخلاقي. الجيران تجمعوا معهم. "شاهدنا كيف يقصفون بيوتنا. كيف يهبط بيتنا. جمعنا انتظرنا رؤية كيف تطلق الطائرات الصواريخ على البيت وكيف سينهار البيت".

طائرة بدون طيار اطلقت عدة صواريخ تحذير على سطح البيت "اطرق على السطح". بعد ذلك بساعة، الساعة الخامسة بالضبط، اطلقت طائرة مقاتلة الصاروخ والمبنى انهار. الضجة كانت مخيفة، سحب الدخان والغبار تصاعدت الى الاعلى. لقد استغرق وقت طويل حتى تتلاشى. ايضا سكان المبنى تفرقوا في كل اتجاه، لم يكونوا قادرين على مشاهدة الدمار. لقد تفرقوا بين بيوت الجيران والاقارب من اجل قضاء الليلة الاولى بلا بيت.

"كيف يصمت الشعب الاسرائيلي على ما يحدث؟ نحن الشعبين الاكثر قربا، عملنا معا واكلنا معا ونمنا معا وعشنا معا. كنتم تأتون الينا في الاعراس، كيف يصمت الشعب الاسرائيلي عندما يرى ما الذي يحدث لنا؟ لقد استخدموا ضدنا كل انواع الصواريخ التي توجد في العالم، بما في ذلك التي يحظر استخدامها. أين هو الشعب الاسرائيلي عندما يرى حكومته تفعل ذلك؟ في غزة هناك اشخاص بلا ايدي أو أرجل، لا يوجد بيت بدون قتيل، كيف أنتم الديمقراطية تعاملوننا؟".

"هذا يجب أن يصل الى الحكومة، وأن تصل هذه المقالة الى نتنياهو والجمهور في اسرائيل. لقد بقينا بدون أي شيء. الناس هنا يتجولون وهم يحملون الامراض ولا يمكنهم الخروج. هناك من فقدوا اولادهم. هل انتم مسرورين من ذلك؟ نحن بشر بالضبط مثلما أنتم بشر. هل تريدون أن نموت؟ تسقطون المباني فوق رؤوسنا؟ اتركونا نعيش. كما تعيشون نحن نريد أن نعيش. جميعنا معاقون في غزة. أنتم تغلقون علينا السماء والبحر والبر. ماذا تريدون منا؟ أنتم تجعلونا نكره كل الاسرائيليين. نحن لا نريد ذلك. افتحوا غزة واتركونا نعيش. وعندها ربما سننسى ما فعلتموه بنا".



#جدعون_ليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيادي ملطخة بالدماء
- الباستيل سينتظر
- كيف يتجرأ اللاجئون الفلسطينيون على “الحلم بالعودة”؟!
- العالم لا يستمع إلى غزة إلا عندما يطلقون النار على إسرائيل !
- «البيت اليهودي» و«المعسكر الصهيوني».. توأمان
- أيها المحتلون الأعزاء نعتذر إذا تضررتم!
- إعلان نتالي بورتمان خطوة على الطريق الصحيح
- هذا ليس نتنياهو بل هو الشعب!
- جيش الذبح الإسرائيلي
- الإرهاب الذي في الشوارع والذي لا نسمع عنه
- أمريكا وأسرائيل ضدّ كل العالم
- فجأة ينادون بالمساواة
- مُعْجزةٌ تحدث في نابلس: حكاية مستشفى النجاح تحطّم كلّ القوال ...
- إسرائيليّون يقتلون إسرائيليين
- 15 رصاصة على ابن 15 سنة
- تخيّلوا أن نتنياهو اعْتُقِل في لندن
- أقتلوهم ، دمهم مهدور
- مُتْعةٌ أن تكون عربيًا
- لا يوجد شريك
- مات عربي. حسنا


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جدعون ليفي - -صرخة من غزة-