أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - الخيار الثوري و أزمة المسار الإصلاحي في تونس















المزيد.....

الخيار الثوري و أزمة المسار الإصلاحي في تونس


رضا لاغة

الحوار المتمدن-العدد: 6249 - 2019 / 6 / 3 - 13:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كان العرف السياسي و حتى الأكاديمي يفرض علينا التمييز بين المسار الثوري والمسار الاصلاحي من حيث منطق التغيير و مستوياته و آلياته التي تطيح بالقديم قصد بناء نسق أو بينة جديدة مختلفة نوعيا عن الأولى ، فإن ذلك لا يعفينا من طرح السؤال التالي: مم يستمد هذا الطرح قوّته الحجاجية؟.
بهذا السؤال نعود إلى الجدل الذي احتدم في بدايات الحركة الشيوعية في أواخر القرن التاسع عشر حين أخذت تتجذّر في التغيير الاجتماعي و تنمو في امتداداتها الأممية ضد الاستغلال و الهيمنة الرأسمالية. في مقابل هذا النهج الجذري، ظهر داخل الحركة الثورية نفسها نهج إصلاحي يقوم على فرضية أنه من الممكن التغلّب على الفوارق الاقتصادية السائدة في ظلّ الرأسمالية، بوسائل اصلاحية و قانونية و برلمانية.إن هذا التباين هو ما يبرر طرح التساؤل التالي:هل الطريق الثوري يقوم وجوبا على نهج التغيير الجذري؟
لعلّنا بطرح هذا السؤال نقف على العديد من المعاني التي يمكن أن نستنبطها في دراسة بنية العلاقة المتوتّرة بين المعارضة والأحزاب الليبرالية الحاكمة على امتداد هذه المرحلة الانتقالية. إن نقد المعارضة لنهج الإصلاح يكمن في التركيز على مركّبات المعالجة الجزئية واغفال شمولية الطرح. وقد تجلّى ذلك مع مأسسة الحراك الثوري عبر سلطات انتقالية هي في الأصل جزءا من النظام الذي جرت الثورة عليه.
هذا الجدل اندلع بشدة و في مجالات شتّى نذكر منها قانون المصالحة الذي رأت فيه المعارضة ضرب من التحالف مع النظام القديم و شرعنة للفساد. أما على الصعيد الاقتصادي فقد اعتبرت الاصلاحات التي شملت المنوال التنموي وبالا على الاقتصاد الوطني الذي أثبتت الثورة أنه يشكو من أزمة هيكلية لا يجدي معها اي إصلاح. وعلى الصعيد السياسي اعترض المسار الاصلاحي، المسار الثوري لتطفو الانتخابات مقابل تأجيل مطلب العدالة الاجتماعية.
وبقطع النظر عن التفسير التاريخي الذي يعتبر الجهد الاصلاحي متغلغلا في بناء الدولة المركزية منذ
خير الدين باشا الذي ألف كتابه >>أقوام الممالك في معرفة أحوال المسالك<<، فإن اختزال الفعل السياسي برمّته فيما هو تقني لتنظيم الانتخابات التشريعية و الرئاسية، يمثّل خيارا يدرس بجدية.
ألا يمكن أن نعتبر هذه الخطوة، ضمن السياق الذي اتّخذت فيه،لحظة قاهرة لكفاح الشباب الثائر ضد الدكتاتورية؟ فبقدر ما شكّل الشباب محور الفعل الثوري، بقدر ما كانت مساهمته محتشمة في المسار الانتخابي. ومن هنا ثمة من يرى أن هذا الحسم الملحّ للشروع في الانتخابات يعدّ تمهيدا، لا لخلق مرحلة جديدة، و إنما لإنكار الظروف الموضوعية التي ولدت مع الخيار الثوري.أليس من الصحيح دائما القول بأن لكل ثورة، ثورة مضادة تولد معها؟ أليس انتصار الاسلام السياسي مظهر من مظاهر هذا الانتكاس؟
ربما لجأ الإسلام السياسي نفسه للعبة الحداثة ليقول لنا أنه دخل في أفق المستقبل و أن حواره مع الهوية أفضى إلى تطوير تجربته الذاتية في الشأن السياسي خلافا للتجارب الأخرى في المنطقة العربية التي اصطدمت بعائق العبور. طبعا ليس الحوار هنا مع الإسلام السياسي على مستوى الوجود، فمن حق أي مقاربة أن تسود بآليات الممارسة الديمقراطية و إنما ما يشغلنا هذا الوجه المركزي للتحديث الذي توسّله الاسلام السياسي. هل يجب علينا أن نميّز بين الممارسة الانتخابية كتقنية حداثية والتوجه الثقافي الذي ينبغي أن يتحوّل إلى حركة اجتماعية حداثية؟
عندما نستمع لشخص يقرأ نصّا ما نتناسى اعتقاداته الخاصة ولكننا في الوقت ذاته نجري تمييزا بين مختلف الدلالات الممكنة للخطاب.و بالتوازي سنحاول أن نبحث عن هذه الدلالات الممكنة للتحديث ضمن الإسلام السياسي (حركة النهضة نموذجا) بقطع النظر عما يقوله عن الحداثة.
في هذه الحالة يجب أن نميّز بين الجمهور الثوري والجمهور الانتخابي، حتى لا يكون الرصيد الانتخابي الشعبي حجة لإدماج الإسلام السياسي ضمن الحداثة ؛ بل إننا وفق طرح فتحي المسكيني للهوية التراثية يعتبر الرصيد الانتخابي حجة عكسية لرفض الحداثة وهو ما سنبيّنه لاحقا.
3. الديمقراطية و الأمل السياسي
لا يتوضّح مفهوم الأمل إلا بالقدر الذي يتوضّح فيه الفاصل بينه وبين اليأس والقنوط. وهذا مدخل لمفارقة جديدة باعتبار أننا افترضنا مع فتحي المسكيني بأن هناك وعي شبابي يكابد الطريق ويحاول أن يجدد ـــــــ بالعنف والفوضى ـــــــ لينتج واقعا يستجيب لآماله المنشودة، واقع بمنآى عن التمترس الإيديولوجي والهووي...إنه مشهد موزّع بين الأزمة و الطموح، بين الدولة واللا دولة.
إن تصوّرنا مع سبينوزا أن الفلسفة هي تأمّل في الحياة، لا في الموت فلا بدّ لنا من التساؤل عمّا يجدر بنا صنعه بحياتنا؟
إن إجابة الشباب الثائر كانت سريعة: يجب الانتقام من الدولة ــــ الأمة "التي عملت على تهميشنا وتحويلنا إلى جمهور مهمل" و"كثرة جمالية يائسة". معنى ذلك أن للأمل مرجع أبدي الحضور ألا وهو الواقع. غير أن هذا لا يعني أن العلاقة بين الواقع و الأمل هي دائما علاقة معقولة، أي أن نأمل إلا بالممكن. إذ نحن هنا ننطلق من سياق تاريخي محدد حلم فيه الشباب بعالم جديد، يقع على طرفي نقيض من الواقع القائم. كان الأمل تفتيت القبضة الحديدية للحكم المركزي. ومن هذا المنطلق هو ليس تفاؤل تنويري ؛لأنه محكوم بإرادة غامضة قد تكسر حتى رتابة التاريخ التقدمي. إرادة تستنكر من المنظور الإيديولوجي و لا تأتلف مع الانضباط. إن هذه الطبيعة المتمردة للشباب الثائر هي التي تفّسر بقائه على هامش الممارسة الحزبية الليبرالية.
وإذا كان الأمل قوة إيجابية قوّضت الدكتاتورية، أفلا يشكّل اليأس خلاصا متّسقا قوامه شباب معتصم بذاته تفضي الى النهاية والموت؟ وإلاّ كيف نفسّر قوارب الموت التي تروي لنا قصّة أمل ضد أمل؟ لنستحضر التهكّم الساخر لبنيامين فالتر حين قال" وجد الأمل لهؤلاء الذين لا أمل لهم". ولكن ألم نتعلّم من هابرماس بأن الممارسة الديمقراطية تحمل بداخلها الأمل السياسي لمواطنة عالمية؟ ولماذا جلبت قواعد التنافس الانتخابي (سواء في سنة 2011 أو سنة 2014) معها علاوة على انسحاب معمّم للشباب، تقسيما للنسيج المجتمعي وفق ما بات يعرف بدعاة الحداثة ودعاة الهوية؟
إن النماذج السياسية ضمن هاتين المحطّتين الانتخابيتين بنيت على الفزع أكثر مما توحي بالأمل. في حين أننا وفق ما انتهينا إليه عقب تحليل فلسفة هابرماس، محتاجون لنظرية عن الحرية والمسؤولية، وبالتالي عقلنة الحوار بدل التصادم الذي يفسّر لنا الاستدعاء المستفيض للمضمون الاحتجاجي الذي يظهر بقوة في شكل فوضوي يجعل المتأمل ينكر الابداعية الخاصة للثورة التي كانت موضع اعجاب الجميع في أول انطلاقتها.



#رضا_لاغة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس والوجه الآخر للديمقراطية
- ملاحظات تمهيدية : تونس بين رهان التحديث ومأزق الهوية
- عن بعض خصائص الأزمة في مفهوم الدولة الأمة كهوية وطنية
- ملامح أزمة الدولة الأمة في الفكر القومي العربي
- مفهوم الدولة الأمة في الفكر القومي العربي
- مأزق الدولة الأمة ومعالم التمييز بين الهويات
- الفكر القومي بين رهان الدمقرطة و التكيّف الانقلابي القسري
- التخطيط الاستراتيجي العربي: مهمّة تحتجب خلف مصالح الدول
- المرجع الهووي و رنين ملاعق التطبيع
- التفجير الإرهابي بشارع حبيب بورقيبة: رسالة مشفّرة تحتاج إلى ...
- المشروع الوطني لحركة الشعب و نظرية الثورة العربية
- المشروع الوطني لحركة الشعب: جدلية التفاعل بين الديمقراطية و ...
- حركة الشعب : الناصرية في تونس و أسس المشروع الوطني
- دقائق متكاسلة
- كش مات ... حكومة يوسف الشاهد و شهوة المتناقضات في فلك الاتحا ...
- المشهد السابع ، رواية ريح من داعش
- المشهد السادس ، رواية ريح من داعش
- المشهد الخامس ، رواية ريح من داعش
- المشهد الرابع، رواية ريح من داعش
- المشهد الثالث ، رواية ريح من داعش


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - الخيار الثوري و أزمة المسار الإصلاحي في تونس